توقعات بولادة الحكومة اللبنانية خلال أيام.. وسياسيون أبدوا تشاؤمهم حيالها لأن «العقدة إيرانية»

بري يبدأ حراكا سياسيا واسعا لضمان تأليف الحكومة خلال 10 أيام

عناصر من القوات البحرية في الجيش اللبناني في عملية تدريب بالقرب من مرفأ الناقورة في جنوب لبنان (رويترز)
TT

يشير أكثر من قطب سياسي لبناني إلى احتمال إنجاز تأليف الحكومة قبل انتهاء الشهر الحالي، وذلك بعد تذليل عقبة توزيع الحقائب العالقة بين الرئيس المكلف سعد الحريري، ورئيس تكتل التغيير والإصلاح النائب ميشال عون. وتقول مصادر الحريري إن الأمور ستتبلور قبل نهاية الشهر الحالي، مع التأكيد على أن وزارة الاتصالات لن تكون من حصة عون. كذلك تحدثت مصادر رئيس مجلس النواب، نبيه بري، عن قرب ولادة الحكومة من دون الخوض في التفاصيل، لا سيما بعد تسريبات عن زيارة لسورية قام بها قبل أيام قليلة معاونه السياسي النائب علي حسن خليل، يرافقه المعاون السياسي للامين العام لحزب الله، حسين الخليل، الذي كان قد اجتمع ليل أول من أمس بالحريري، كما ذكرت قناة «المنار» التابعة لحزب الله، التي أشارت أيضا إلى حركة قد يقوم بها بري في اليومين المقبلين لتسهيل ولادة الحكومة.

وكان رئيس الجمهورية، ميشال سليمان، قد أبدى أمام زواره تفاؤلا بقرب انتهاء مفاوضات تشكيل الحكومة، خصوصا أنها عالقة على عقدة أخيرة هي الاتصالات. واعتبر أن «عقدة التشكيل ليست خارجية، بل داخلية، تحل بتضحيات متبادلة، خصوصا أن البلد في حاجة إلى استقرار سياسي مع حكومة وحدة وطنية يجب أن يعمل الجميع على تشكيلها».

وتصب حركة رئيس تيار المردة المقرب من سورية، النائب سليمان فرنجية، في هذا الإطار. وقد اجتمع، أمس، بالرئيس سليمان، وذلك في إطار تسهيل ولادة الحكومة، وتقريب وجهات النظر بين عون والحريري. وشدد بعد الاجتماع على «عدم قبول أن يبدو الحريري مكسورا أو مهزوما في تشكيل الحكومة»، وأضاف: «لا نقبل أيضا أن يتم تشكيل الحكومة على حساب العماد ميشال عون». وأكد: «وجوب أن يتنازل الجميع كي تسير الأمور بشكل صحيح»، ورفض الإفصاح عن فحوى الاتصالات بشأن تأليف الحكومة.

وأعلن النائب ميشال المر أن تأليف الحكومة «وصل إلى المرحلة الأخيرة والنهائية، أي مرحلة أيام معدودة وليست شهرا أو شهورا. وبعد بضعة أيام سيكون لدينا حكومة». إلا أن عددا من السياسيين وفي «دردشة» مع «الشرق الأوسط» أشاروا إلى «تشاؤمهم حيال احتمال نجاح الحريري في إنجاز التأليف خلال فترة قريبة»، ودعوا إلى قراءة «الواقع الإيراني الحالي والمواقف الإيرانية المتشددة تجاه المملكة العربية السعودية، إضافة إلى مواقف حركة حماس التصعيدية، للتمكن من فهم عمق الأزمة التي تتجاوز عون بكثير». واستبعد هؤلاء ما تردد عن «احتمال موافقة الحريري في نهاية الأمر على إبقاء الأمور على ما كانت عليه في التشكيلة الحكومية السابقة، أي إعطاء عون وزارتي الاتصالات والطاقة مع إبقاء الاتصالات مع صهر عون، الوزير الحالي جبران باسيل. ما يعني أن حل الأزمة كان ممكنا منذ البداية، لأن عون لم يخفِ تمسكه بالاتصالات وبصهره». واعتبروا أن «احتمال الوصول إلى أزمة حكومية مفتوحة قائم حتى يتضح الموقف الإيراني».

وطالبت كتلة نواب المستقبل في بيان لها بعد اجتماعها الأسبوعي بالإفساح في المجال أمام الحريري «ليتمكن من إنجاز تأليف الحكومة في أسرع وقت ممكن، وذلك في ظل ما يواجهه لبنان والمنطقة من أخطار داهمة، وبما يمكّن اللبنانيين بالتالي من مواجهة القضايا الحياتية والمعيشية والاقتصادية والاجتماعية بشكل فاعل».

ولفت القيادي في تيار المستقبل، النائب السابق مصطفى علوش، إلى أنه «لا توجد معلومات موثقة من جهة الحريري عن تشكيل الحكومة». واعتبر أنه «إذا أبقينا القديم على قدمه في الحكومة المقبلة تكون الحكومة قامت وفق نتائج 7 مايو (أيار) (مواجهات بيروت) وليس 7 يونيو (حزيران) (الانتخابات البرلمانية)». وأكد أن «الرئيس المكلف لن يضحي بحلفائه في أي موضوع». وأشار إلى أن «إصرار حزب الله على وزارة الاتصالات عبر تسليمها إلى باسيل هو لأسباب أمنية، ولم يتراجع حتى الآن عن هذا المطلب».

من جهته، اعتبر باسيل، في مؤتمر صحافي عقده أمس، أنه «لن تكون حكومة لا تؤمن فيها مطالب التيار الوطني الحر وحقوق من يمثل من اللبنانيين. وكل شيء يقربنا من تسهيل تأليف الحكومة يعني تحقيق هذه المطالب. وطالما كل الوزارات مثل بعضها، فليعطوا لنا المال والتربية وليأخذوا الوزارات الأخرى. وعندما يعمم هذا المنطق على الجميع، تحل المشكلة».

إلى ذلك أرجأ رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري جلسة انتخاب أعضاء اللجان النيابية للمرة الثانية إلى الخميس، الخامس من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، علما أن القانون اللبناني يمنع انتخاب وزراء لترؤّس اللجان.. وقالت مصادر نيابية مواكبة للاتصالات الجارية إن بري سعى لإعطاء هذا الحيز الجديد من الوقت (10 أيام) كمهلة كافية لتأليف الحكومة بعدما دخل مباشرة على خط الاتصالات والمساعي، لا سيما عقب تلويحه بفك الصيام عن الكلام السياسي المباح.

وكشفت أوساط بري أنه بدأ حراكه السياسي منذ ثلاثة أيام على أكثر من جهة سياسية، تسهيلا لتأليف الحكومة. وأملَت تحقق ذلك قبل موعد الجلسة الانتخابية المقبلة. إلا أن مصادر نيابية في المعارضة وصفت المشهد أمس في المجلس النيابي بأنه يشبه أزمة جلسات انتخاب رئاسة الجمهورية والتي أدخلت البلاد في فراغ رئاسي استمر سبعة أشهر. وتمنت هذه المصادر عدم تكرار هذا المشهد على صعيدي تأليف الحكومة انتخاب أعضاء اللجان النيابية.