مؤتمر «جي ستريت» يحظى باهتمام بالغ في واشنطن.. واليمين اليهودي يتهمهم بالخيانة وخدمة النازية

توحد التيار الليبرالي واليساري لليهود الأميركيين يهدد مكانة «إيباك»

شبان فلسطينيون يساعدون عجوزا اصيبت خلال اشتباكات مع مستوطنين حاولوا منع الفلسطينيين من قطف زيتونهم في بلدة قريط قرب نابلس، امس (إ ب أ)
TT

أدى توحد القوى الليبرالية واليسارية في صفوف اليهود الأميركيين بتنظيم واحد باسم «جيه ستريت»، برعاية من عناصر عديدة في البيت الأبيض، إلى توتر عصبي بارز لدى اللجنة الأميركية الإسرائيلية للشؤون العامة «إيباك»، صاحبة النفوذ الكبير، فأرسلت عناصر من قوى اليمين للتظاهر ضدها واتهامها بالعداء لإسرائيل وخيانة مصالحها. بل إن أحد المتظاهرين اليمينيين رفع شعارا أمام المؤتمر يتهم هذه القوى بالنازية.

يذكر أن «جيه ستريت»، هو تنظيم جديد يوحد في صفوفه 20 تنظيما يهوديا ليبراليا ويساريا، تأسس قبل سنة ونصف السنة بعد أن يئس من الانضواء تحت لواء «إيباك». وقال مؤسسه، جيرمي بن عامي، إن «ايباك» تتخذ مواقف يمينية متطرفة لا تلائم مصالح اليهود وإسرائيل وأن كل محاولات التأثير عليه من الداخل قد فشلت. ولذلك، نشأت الحاجة إلى تشكيل تنظيم آخر لليهود يمثل القوى المعتدلة التي تحاكي التطورات العالمية الجديدة وتعطي لليهود دورا إيجابيا فيها وفي الولايات المتحدة.

وعشية مؤتمر هذا التنظيم، الذي افتتح الليلة قبل الماضية في واشنطن، نجح في التوحد مع تنظيم ليبرالي آخر لليهود الأميركيين، اسمه «تحالف العدل والسلام»، الذي يضم في صفوفه 50 ألف عضو نشيط، يتوزعون على 40 فرعا في شتى أنحاء الولايات المتحدة يؤيدون الرئيس باراك أوباما في سياسته لتنشيط العملية السلمية في الشرق الأوسط.

وتمكن التنظيمان من تجنيد عدد كبير من الشخصيات الإسرائيلية البارزة في نشاطه، في مقدمتهم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق، أمنون لفكين شاحك، ورئيس جهاز المخابرات العامة «الشاباك» وقائد سلاح البحرية الأسبق، عامي أيلون، والوزير السابق مئير شطريت من حزب «كديما» ووزير الخارجية الأسبق، شلومو بن عامي، ووزير الدفاع السابق، عمير بيرتس، ووزيرة التعليم السابقة، يولي تمير، ورئيس جهاز المخابرات العسكرية الأسبق، شلومو غزيت، واثنين من قادة جهاز المخابرات الخارجية «الموساد»، هما رئيس الجهاز داني ياتوم ونائب الرئيس ومدير عام وزارة الخارجية سابقا، دافيد قمحي، والمستشار القضائي السابق للحكومة، ميخا حريش، وغيرهم. ونجح هذا التنظيم أيضا في استقطاب تأييد الإدارة الأميركية الجديدة، التي أرسلت إلى مؤتمره الجنرال جيمس جونز، مستشار الأمن القومي، ليلقي الكلمة الرئيسية.

ويقول بن عامي، وهو رجل أعمال يهودي أميركي ينحدر من عائلة يمينية متطرفة في إسرائيل (والده كان عضوا في تنظيم «ايتسل»، التنظيم العسكري الإرهابي الذي نفذ مجزرة دير ياسين في سنة 1948)، إنه أقدم على تشكيل هذا التنظيم لأن اليهود المعتدلين واليساريين الأميركيين، لم يعودوا يحتملون أسلوب «إيباك»، الذي يجمع كل التنظيمات اليهودية التي تؤيد إسرائيل. ويضيف أن «إيباك» تؤيد إسرائيل في السراء والضراء، سواء كانت مصيبة أو مخطئة، وبهذا تلحق ضررا كبيرا بالقضية اليهودية وفي الدعم لإسرائيل. وأن «إيباك» كما يقول باتت أكثر يمينية من حكومة نتنياهو. وأن نشاطها بات يؤدي إلى نفور في تأييد المواطنين الأميركيين لإسرائيل. ويتسبب في عداء متزايد لها في الشارع الأميركي. لذلك، فلا بد من إظهار صوت يهودي آخر، يساند إسرائيل بشكل معتدل وينتقد حكومة إسرائيل في حالة اتخاذها مواقف خاطئة. وأضاف: «علينا أن نحمي إسرائيل من نفسها».

وعن أهداف هذا التنظيم يقول بن عامي: «هناك فرصة تاريخية تلوح في الأفق لتحقيق السلام الآمن لإسرائيل، وينبغي أن لا تضيع. ونحن نعتقد أن الزمن لا يعمل لصالح إسرائيل، حيث إن المزيد والمزيد من الأميركيين باتوا يتخلون عنها ويرون فيها عقبة أمام المصالح الأميركية في العالم. والسياسة الإسرائيلية الحالية، لا يمكن أن تحظى إلى الأبد بدعم الأميركيين، خصوصا أن هناك من يتهم إسرائيل بأنها العنصر الذي دفع الولايات المتحدة إلى الحرب الفاشلة في العراق وأنها تدفع الولايات المتحدة اليوم إلى محاربة إيران». ويضيف بن عامي أن هذه السياسة لا تؤثر على الأميركيين فحسب، بل على المواطنين اليهود منهم، الذين يشهدون ظاهرة ترك اليهودية. ويقول إن آخر استطلاعات الرأي تشير إلى أن 40% من الشباب اليهودي الأميركي لا يدخل إلى الكنس اليهودية. ويعتبر ذلك إشارة خطيرة تحتاج إلى علاج. والعلاج حسب رأيه يكمن في تجانس تام بين إسرائيل وبين الإدارة الأميركية الجديدة، التي تضع في رأس اهتمامها تسوية الصراع في الشرق الأوسط.

وترد «إيباك» عليه بالقول إن إسرائيل تتعرض لانتقادات زائدة عن الحد ولضغوط من الإدارة الأميركية. وتدعي أن نشاط اليسار اليهودي يساعد الحملة ضد إسرائيل. وأعلنت «إيباك» الحرب على «جيه ستريت» ومنعت الحكومة الإسرائيلية من إرسال مندوب عنها إلى المؤتمر، وحتى سفير إسرائيل في الولايات المتحدة، مايكل أورن، الذي وعد بالحضور أُلغي حضوره بضغط من «إيباك».

بيد أن المؤتمر، الذي افتتح يوم الأحد واختتم أعماله أمس، كان كبيرا وحضره حوالي 150 عضوا في الكونغرس الأميركي وحظي بتغطية إعلامية كبيرة جدا.

وسترد إيباك عليه بمؤتمر يجمع التنظيمات الأميركية الأخرى، في 8 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، يحضره الرئيس باراك أوباما ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.