جنود أميركيون يحزمون حقائبهم استعدادا لمغادرة العراق بعد انتخابات يناير

المهمة تتطلب حصر أكثر من 3 ملايين قطعة عسكرية قيمتها 36.4 مليار دولار

TT

بدأ الجنود الأميركيون في العراق جمع متعلقات بينها أدوات للرقص ولحوم معلبة فاسدة عمرها ست سنوات وشاحنة جديدة تماما لم تُستخدم بينما يستعد الجيش للانسحاب من البلاد.

وبينما ميزت مأساة الغارات الجوية والاشتباكات التي بثتها القنوات التلفزيونية على الهواء الغزو الأميركي للعراق عام 2003 فإن حزم الأمتعة للعودة إلى الوطن هو عملية أكثر رتابة وإثارة للضجر بالنسبة إلى آخر مجموعة من الجنود تغادر البلاد. وحسب تقرير لوكالة «رويترز»، يجب حصر أكثر من ثلاثة ملايين قطعة من المعدات العسكرية المنتشرة في شتى أنحاء العراق وتبلغ قيمتها 36.4 مليار دولار قبل انسحاب القوات الأميركية المقرر عام 2011.

وقالت جوين ساندرز السارجنت بسلاح المدفعية في مركز نقل عسكري أميركي في معسكر عريفجان بالكويت وهي في سبيل العودة إلى العراق لإعداد فهرس بالمعدات: «لا أصدق كمية القطع عديمة الفائدة التي جُمعت. لم ينتبه أحد حقا لتلك المسؤولية حتى وقت الانسحاب. الكثير من الجنود يتساءلون: لماذا علي أن أنظف المكان خلف الجميع لمجرد أنني آخر المغادرين؟!». ويستعد الجيش الثالث الأميركي المسؤول عن نقل المعدات والأفراد للقيام بنشاط كبير.

وتراجعت وتيرة العنف في العراق بشكل كبير منذ أحداث العنف الطائفي الأسوأ التي سببها الغزو الأميركي وكبر حجم الجيش العراقي وازدادت ثقته، كما يحرص قادة البلاد على تأكيد سيادة العراق واستقلاله. ولكن الكثير يتوقف على نتيجة انتخابات عامة ستجرى في يناير (كانون الثاني) في تطور مهم لديمقراطية العراق الهشة وكذلك على قدرة العراق على حماية نفسه مع انسحاب القوات الأميركية.

وألقى التفجير الانتحاري المزدوج الأحد الماضي بظلال من الشك على قدرات قوات الأمن العراقية. ويحجم قادة الجيش الأميركي عن المخاطرة بالتسرع في نقل معدات الجيش من العراق إذ قد تظهر الحاجة إليها مجددا. وقال البريغادير جنرال مارك ماكارلي، وهو مسؤول لوجيستي عسكري كبير بمعسكر عريفجان مقر الجيش الثالث في الكويت: «نحن نستعد لزيادة كبيرة في عمليات سحب المعدات حال نجاح الانتخابات ومرورها بسلام».

لكن بعض العمل تم إنجازه رغم حالة عدم اليقين، فقد تضاعف عدد المركبات العسكرية الأميركية التي تُنقل إلى خارج العراق في الفترة الأخيرة إلى نحو ثلاثة آلاف مركبة شهريا وخُصصت وحدات لتعقب المعدات الأميركية وتسجيلها قبل أن تعاد إلى الولايات المتحدة أو يعاد نشرها أو بيعها أو منحها للعراق مجانا. وبدأ توسيع القدرة الاستيعابية للجمارك مثل إتاحة صالات واسعة لتفتيش القوات المغادرة وحقائبهم وورش عمل لتنظيف المركبات قبل إعادتها إلى الولايات المتحدة. وتعهد ماكارلي «بأفضل تخطيط وأفضل تنفيذ» لعملية نقل الأفراد والمعدات في تاريخ العسكرية الحديثة، وبدا عازما على تجنب الأخطاء التي وقعت في حملة عاصفة الصحراء التي قادتها الولايات المتحدة عام 1991 لتحرير الكويت من الاحتلال العراقي. وقال: «مُنينا بخسائر كبيرة في المعدات. عُثر على بعضها بعد سنوات وفُقد بعضها إلى الأبد. لن نسمح بتكرار ذلك».

وتمر معظم المعدات الأميركية والأفراد الذين يغادرون العراق، عبر الكويت، البوابة الرئيسية للعمليات الأميركية في الشرق الأوسط، ومركز القوات المنتشرة في أفغانستان.

ويستعد المسؤولون في مدينة خيام مترامية الأطراف أقيمت للأفراد الأميركيين المارين بالكويت لرحيل أكثر من 100 ألف جندي أميركي من العراق. وقال اللفتنانت كولونيل سيسيل وارين مدير النقل بالمعسكر: «الأمر أشبه برعاية القطط. يمر عدد كبير جدا من الأفراد».

ويستقبل المعسكر من 2000 إلى 3000 فرد يوميا. وخُصص نصف مساحة إحدى الخيام لإعداد جنود معظمهم متجهم الوجه لنشرهم في مناطق أخرى، أما النصف الآخر ـ الجانب السعيد ـ فقد خُصص للجنود العائدين إلى الوطن.