سولانا لـ«الشرق الأوسط» : نأمل أن يكون الرد الإيراني على مسودة الاتفاق إيجابيا

كوشنير: طهران «تهدر الوقت» في ملفها النووي

TT

قال خافيير سولانا المنسق الأعلى للسياسات الخارجية بالاتحاد الأوروبي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» حول الملف النووي الإيراني إنه يأمل في أن ترد إيران إيجابيا على مسودة الاتفاق التي قدمتها وكالة الطاقة الذرية ووافقت عليها أميركا وروسيا وفرنسا، موضحا أنه ليس لديه الجديد لقوله «خاصة أن هناك فريقا للتفتيش حاليا يقوم بدوره في إيران وسننتظر حتى نهاية الأسبوع لنعرف نتائج التفتيش على المنشأة النووية في مدينة قم». وأضاف سولانا أن «طهران لم ترد بعد على العرض الذي قدمته مجموعة (خمسة زائد واحد)، بشأن الملف النووي الإيراني»، مشيرا في تصريحات من لوكسمبورغ على هامش أعمال اليوم الثاني والأخير لمجلس وزراء الخارجية الأوروبي: «لم يصلنا بعد أي رد». ورفض سولانا التعليق على إمكانية فرض عقوبات في حال جاء الرد من طهران سلبيا، وأضاف: «يحدونا الأمل بأن يكون ردهم إيجابيا».

أما وزير الخارجية الفرنسي برنارد كوشنير فقال في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إنه لا يفهم بالضبط استراتيجية إيران في تأخير الرد على مسودة الاتفاق، موضحا خلال مشاركته في أعمال مجلس وزراء الخارجية الأوروبي: «أشعر باليأس من الانتظار، لأننا ننتظر الرد الإيراني على ما جرى طرحه في فيينا، وما جرى تقديمه في جنيف من مقترحات، وسبق أن صدر ثلاثة قرارات من مجلس الأمن بشأن العقوبات ضد طهران لكن كل هذه الأمور لم تسفر عن شيء، وهذا شيء محبط للغاية، ولا أفهم بالضبط ما هي استراتيجية إيران». كما أعلن كوشنير أن إيران «تهدر الوقت» من خلال عدم إعطاء رد على مطالب الأسرة الدولية المتعلقة ببرنامجها لتخصيب اليورانيوم. وقال كوشنير في تصريحات صحافية إن «إيران تهدر الوقت لأنه علينا التحدث الآن. وسيكون الأوان قد فات في يوم من الأيام». وأضاف أن «الأميركيين بفضل إرادة (باراك) أوباما أعطوا دفعا لضرورة الحوار، لكن هذا الأمر لن يستمر إلى الأبد. نحتاج إلى أجوبة. لقد أظهرنا جميعا صبرا كبيرا».

وكان وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي قال الاثنين إن طهران ستعطي قريبا ردا على اقتراح الوكالة الدولية للطاقة الذرية القاضي بإرسال اليورانيوم الإيراني المخصب بأقل من 5% إلى روسيا لتخصيبه بـ20%. وقال كوشنير إن «متقي يدلي بتصريحات وغالبا لا تكون حماسية ونادرا ما تكون إيجابية». وأضاف: «نتوقع أن نرى النور في نهاية النفق منذ ثلاث سنوات. سننتظر إلى أن نقرر أنه كفانا (انتظار) وأن العملية انتهت».

من جهته، قال دبلوماسي أوروبي لوكالة الصحافة الفرنسية «حتى وإن كان من الواضح أنه لا يمكن الاستمرار في المفاوضات إلى ما لا نهاية، لا أحد يرغب في إعطاء إيران مهلة زمنية محددة لأن طهران قد تتلاعب بها». ومسألة التخصيب أساسية لأنه إذا كان اليورانيوم القليل التخصيب يستخدم في المحطات النووية فإن اليورانيوم العالي التخصيب يمكن أن يستخدم في إنتاج أسلحة. وتتهم بعض العواصم الغربية إيران بالسعي إلى امتلاك السلاح النووي، وهو ما تنفيه طهران على الدوام. وترفض إيران تجميد أنشطتها للتخصيب على الرغم من إصدار مجلس الأمن الدولي خمسة قرارات بينها ثلاثة مرفقة بعقوبات.

من جانبه، قال جان اسيلبورن وزير خارجية لوكسمبورغ إن المناقشات بشأن الملف النووي الإيراني كانت هامة للغاية. وتابع: «أتمنى أن تقبل طهران وبسرعة المقترحات التي قدمتها الأطراف الدولية، لأن قبول تلك المقترحات خطوة هامة للأمام، وإذا لم يحدث تطور في هذا الملف ستكون الأمور متأزمة وسنضطر للبحث عن مواقف جديدة».

وقالت مصادر فرنسية معنية على قرب من الملف النووي الإيراني إنه «لا أحد كان يتوقع قبولا إيرانيا نهائيا وقطعيا لمسودة البرادعي بالنظر لتاريخ المفاوضين الإيرانيين في التهرب من الأجوبة المباشرة والمماحكة والمراوغة وكسب الوقت وطرح الأفكار المضادة». وتضيف هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن الردود المتناقضة التي تتراوح بين القبول والرفض والقبول المشروط والصادرة عن مسؤولين إيرانيين بخصوص مقترح إخراج 1200 كلغ من اليورانيوم الإيراني ضعيف التخصيب وإعادتها في شكل سبائك تستخدم لأغراض البحث وإنتاج النظائر الطبية في مفاعل طهران خير دليل على «الطريقة الإيرانية» في التفاوض والكر والفر.

وتعكس تصريحات كوشنير أمس الضيق الغربي من المماطلة الإيرانية. وسبق للرئيس ساركوزي أن أعلن، مثل الرئيس الأميركي باراك أوباما، أن ثمة «مهلة» معطاة لإيران حتى نهاية العام الحالي لتظهر ما إذا كانت راغبة في الحوار الجدي وتنفيذ ما يطلبه منها مجلس الأمن الدولي والوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل فرض عقوبات اقتصادية وتجارية ومالية «قاسية» عليها. وكان كوشنير حذر السلطات الإيرانية، في حديث مع مراسل صحيفة «ديلي تلغراف» البريطانية نهاية الأسبوع الماضي من ردة الفعل الإسرائيلية إذا تبين أن طهران مستمرة في المراوغة وكسب الوقت، ما تفسره إسرائيل والدول الغربية بشكل عام بأنه كسب للوقت ومحاولة لفرض «إيران قوة نووية» كأمر واقع. وترى باريس أن ثمة رابطا بين الاتفاق مع إيران على موضوع تخصيب جانب من وقودها النووي في الخارج وبين الملف النووي الإيراني بكليته. وفي رأيها أن الفشل في التفاهم حول الموضوع الجزئي يعني أن «لا أمل في الاتفاق على الملف بكليته، ما يعد مؤشرا سيئا» لما سيؤول عليه الوضع في المستقبل. وتريد باريس أن تبدأ المفاوضات مع الجانب الإيراني، عندما تستأنف في جنيف استكمالا لاجتماع الأول من الشهر الحالي، عند نقطة «التجميد المزدوج»، أي أن تتوقف الدول الست عن السعي لفرض عقوبات جديدة على طهران مقابل أن توقف إيران نصب طاردات مركزية جديدة .وينظر إلى هذا الاقتراح على أنه «مخرج» من الطريق المسدود الذي وصل إليه الجانبان، حيث تطالب الدول الست بوقف التخصيب شرطا للتفاوض، فيما ترفض طهران الطلب وتريد مفاوضات بلا شروط. وبحسب مصادر فرنسية عالية المستوى تحدثت إليها «الشرق الأوسط»، فإن قبول إيران لمشروع البرادعي «سيوفر دينامية جديدة لا بد أن تنعكس إيجابا على التفاوض بخصوص كامل الملف النووي الإيراني» كما أنها «ستريح الأسرة الدولية التي ستكون قد استفادت من مهلة إضافية ربما تصل إلى السنتين» بسبب نزع الجزء الأكبر من اليورانيوم الإيراني ضعيف التخصيب شرط ألا تكون لإيران مواقع نووية إضافية مخفية على غرار موقع قم الذي لم يكشف النقاب عن وجوده إلا الشهر الماضي.