الكويت: المحكمة الدستورية ترفض إلزام النائبات والوزيرات ارتداء الحجاب

المعارضة تهدد باستجواب وزيري الداخلية والأشغال وإسقاط عضوية نائب بالبرلمان

عضوا البرلمان الكويتي رولا دشتي (يمين) واسيل العوضي في إحدى جلسات البرلمان وذلك قبل صدور حكم المحكمة العليا بالكويت بعدم إلزام نواب البرلمان النساء بارتداء الحجاب (إ. ب. أ)
TT

شهدت الكويت أمس نشاطا سياسيا محموما في أكثر من موقع، إذ شهد البرلمان تصعيدا نيابيا على الحكومة، وصل إلى حد التهديد باستجواب وزيري الداخلية والأشغال، كما أسقطت المحكمة الدستورية العضوية عن بادي الدوسري لتسمي خالد العدوة نائبا بالبرلمان بدلا عنه، ورفضت إلزام المرأة ارتداء الحجاب خلال ممارستها للعمل السياسي.

وجاءت أحكام المحكمة الدستورية، وهي أعلى جهة قضائية في الكويت، بعد جلسة خُصصت أمس للفصل في 12 طعنا قدمت بعد الانتخابات النيابية الأخيرة التي أجريت في مايو (أيار) الماضي.

وكان أبرز الطعون أمس ما تعلق بإلزام المرأة ارتداء الحجاب خلال توليها النيابة أو الوزارة، وممارستها للعمل السياسي، وهي مسألة بقيت عالقة منذ 2005 حينما أقرت الحقوق السياسية للمرأة، نظرا إلى أن القانون تضمن، بعد ضغوط من نواب إسلاميين، ما من شأنه ضرورة تقيد المرأة بالزي الشرعي خلال ممارستها للعمل السياسي، إلا أن دخول الوزيرتين نورية الصبيح وموضي الحمود والنائبتين أسيل العوضي ورولا دشتي، غير محجبات للبرلمان أعاد طرح الموضوع مجددا ليكون محل خلاف بين نواب التيارين الليبرالي والديني.

وسبق لإدارة الإفتاء التابعة لوزارة الشؤون الإسلامية أن أصدرت فتوى قبل أسبوعين تلزم المرأة ارتداء الزي الشرعي خلال ممارستها للعمل السياسي، وذلك في معرض إجابة وزير الأوقاف على سؤال برلماني موجه من النائب محمد هايف المطيري، حول ذات المسألة، وأحدثت الفتوى وقتها جدلا بين التيارين الليبرالي والإسلامي، نظرا إلى كون المحكمة الدستورية هي الوحيدة المعنية بتقييم أداء السلطتين وأعضائهما. ومن جانبها، اعتبرت النائبة الدكتورة أسيل العوضي أن «حكم المحكمة الدستورية وضع حدا للغط الذي أضاع وقت المجلس حول حجاب النائبات، وهو انتصار للدستور ومحل اعتزاز لدينا، وأمام البرلمان اليوم دور انعقاد جديد وتحديات كبيرة وكثير من الأولويات المتعلقة بهموم الوطن والمواطنين، وإن الحجاب ليس من ضمنها، لأنه لن يحل مشكلة من مشكلات الكويت»، وتمنت من النواب «عدم إضاعة وقت المجلس بالدخول في قضايا ومهاترات جانبية، فالنائبات وصلن بإرادة شعبية ونتمنى أن تحترم هذه الإرادة، وكذلك حكم المحكمة الدستورية الذي حسم هذه المسألة».

ورد النائب محمد هايف المطيري على زميلته الدكتورة أسيل العوضي بالقول إن «حكم الله أعظم من المحكمة الدستورية، وما المشكلة في ارتداء الحجاب؟ وما هذا التمرد على شرع الله؟ ولماذا هذا العناد والتبرج؟»، داعيا النائبتين والوزيرة غير المحجبات في البرلمان إلى الالتزام بشرع الله وبالقانون لطي هذه الصفحة والإثارة التي أدخلت البلاد في أزمة المخالفة لشرع الله.

ورأى أن «الحكومة تعمدت التأخير في الإجابة على سؤاله الخاص بفرض الحجاب حتى يغلق باب المرافعة في المحكمة الدستورية، ونحن لن نقف عند هذا الحد، وسنطلب إحالة هذا الموضوع مرة أخرى إلى المحكمة الدستورية لتحكم على ضوء هذه تقرير صادر من اللجنة التشريعية في البرلمان، والذي يقضي بوجوب ارتداء الوزيرة والنائبة الحجاب».

يشار إلى أن المحكمة الدستورية قضت أمس برفض 11 طعنا انتخابيا من أصل 12 طعنا قُدّمت إليها، كما حكمت بقبول الطعن المقدم من المرشح خالد العدوة وسمته نائبا في البرلمان، بعد أن أبطلت عضوية بادي الدوسري الذي أُعلنَ فوزه نائبا عن الدائرة الانتخابية الخامسة في مايو الماضي. إلا أن رئيس البرلمان جاسم الخرافي أكد أمس عدم تلقيه رسميا حكم المحكمة الدستورية بشأن إبطال عضوية بادي الدوسري وأحقية خالد العدوة بالعضوية، ثم عاد وبيّن أنه من المفترض دعوة خالد العدوة لحضور جلسة الأسبوع المقبل، في حال وصول الحكم إلى المجلس بشكل رسمي، متمنيا من النائب خالد العدوة، وهو نائب سابق في البرلمان، أن يكون عونا في الاستقرار والتهدئة ومعالجة الموضوعات بحكمة، وأن تكون بدايته باتجاه الإصلاح وأن يكون إضافة جيدة إلى البرلمان.

وفي أول تصريح له، قال النائب خالد العدوة إنه سيقف في صف المعارضة معتبرا الحكومة الحالية فاشلة وهناك من يسعى إلى إسقاط كل من يقف معارضا لها، وطالب باستقالة وزيري الداخلية الشيخ جابر الخالد والأشغال والبلدية فاضل صفر، مؤكدا أنه سيستخدم أدواته الدستورية في حال استمرارهم في الحكومة.

وسياسيا، أمهل النائب المعارض أحمد السعدون رئيس الوزراء الشيخ ناصر المحمد فرصة ثلاثة أسابيع ليقيل وزير الداخلية الشيخ جابر الخالد أو يقدم الوزير استقالته، وإلا فسيتم استجواب الوزير الخالد مجددا بعد أن كان تعرض لاستجواب من قبل النائب مسلم البراك في يونيو (حزيران) الماضي. وبين السعدون أن الاستجواب المزمع تقديمه سيتضمن محورا واحدا يتعلق بإخفاء الوزير معلومات عن نواب البرلمان، مشيرا إلى أن الاستجواب كان من المفترض أن يقدَّم أول من أمس مع بدء دور الانعقاد الثاني، لكن كان هناك رأي بتأجيله حتى 17 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري حتى لا يتعارض مع موعد جلسة إسقاط القروض المقررة في نفس اليوم.

ويأتي تهديد السعدون بعد اتهام المعارضة للوزير الخالد بأنه أخفى معلومات وردت إليه ضمن رد النيابة العامة على خطاب أرسله إليها بإحالة قضية تجاوز مالي في وزارة الداخلية بقيمة 5 ملايين دينار كويتي ارتكبت في عهده، وكانت أحد ثلاثة محاور من الاستجواب المقدم بحقه يونيو الماضي. كما أعلن النائب مبارك الوعلان اعتزامه استجواب وزير الأشغال والبلدية فاضل صفر، بعد أن حصل على أدلة سيحتويها استجوابه المكون من ثمانية محاور تتناول العديد من التجاوزات والمخالفات التي وقعت في وزارة الأشغال والبلدية في أثناء تولي الوزير مهامه.

واعتبر النائب الوعلان الوزير صفر بأنه تجاوز حدود اللياقة السياسية واستغل الفرصة التي منحناها له للعمل واستغل منصبه لتمرير تجاوزات ومخالفات أضرت بالمال العام وخلقت فرصا كبيرة لوجود الطبقية والعنصرية الوظيفية في مرحلة من أخطر مراحل التنمية والبناء. يُذكر أن البرلمان الكويتي افتتح أعماله يوم الثلاثاء الأول من أمس على توصيات من أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد للنواب بضرورة التعامل بإيجابية مع الحكومة، وتعاون السلطتين وترتيب الأولويات لمعالجة هموم المواطنين وتحسين استخدام الأدوات الدستورية.