مخاوف من انهيار شبكة الإنترنت في حالة تحول إنفلونزاالخنازير إلى وباء

كميات اللقاح المتوفرة أقل من المتوقع بسبب بطء الإنتاج في شركات الأدوية

TT

في الوقت الذي يؤدي فيه انتشار فيروس إنفلونزا الخنازير (إتش1 إن 1) إلى تغيب المزيد من الأميركيين عن العمل والدراسة، حذر تقرير فيدرالي من أن ازدياد أعداد الداخلين على شبكات الإنترنت من المنازل يمكن أن يثقل شبكات الإنترنت.

يذكر أن مكتب المحاسبة الحكومية كان قد حذر في بداية الأسبوع الجاري في تقرير له من أنه إذا وصل فيروس الإنفلونزا إلى مستوى الوباء فإن ارتفاع معدلات التواصل عبر الإنترنت، ودخول الأطفال على ملفات الفيديو والألعاب، قد يؤدي إلى انهيار الشبكات الحكومية.

ونقلت «نيويورك تايمز» عن مكتب المحاسبة الحكومية أنه إذا ما حدث ذلك فليس معروفا إذا ما كانت الحكومة الفيدرالية سوف تكون مستعدة لمواجهة تلك الأزمة أم لا.

وتخضع مسؤولية شبكات الاتصالات خلال فترات الطوارئ القومية لوزارة الأمن الداخلي، التي ليس لديها استراتيجية حتى الآن للتعامل مع شبكات الإنترنت المثقلة، والتي تعد مصدرا رئيسيا للحفاظ على نشاط الاقتصاد، ولإبقاء المواطنين مطلعين على الأحداث ومتواصلين خلال حدوث وباء، وفقا لمكتب المحاسبة الحكومية.

بالإضافة إلى أن وزارة الأمن القومي لم تتعاون مع الهيئات مثل لجنة الاتصالات الفيدرالية من أجل وضع دليل لشركات الاتصالات والمحطات التليفزيونية والأقمار الصناعية يحدد لهم كيفية تقليل الاكتظاظ. ووفقا لمكتب المحاسبة الحكومية فإن مثل ذلك الارتباك «قد يساعد على زيادة المخاطر، وقد لا تتمكن الحكومة الفيدرالية من الاستجابة بسرعة وفعالية إذا ما انتشر الوباء بسرعة».

ولا توجد الكثير من الخيارات أمام شركات مثل «كومكاست»، و«إيه تي و تي»، و«كوكس»، و«فيرزون»، فهم يستطيعون زيادة معدل نقل البيانات وقصر الخطوط الخاصة على العاملين الأساسيين ولكن ذلك مكلف، كما أنه سوف يستغرق وقتا طويلا. كما يمكن أن يتسبب إغلاق مواقع إلكترونية معينة أو وضع الأولوية لدخول البعض على شبكة الإنترنت دون غيرهم في حدوث مشكلات فنية وتنظيمية. ومن جهة أخرى تستطيع إحدى شركة الإنترنت أن تبطئ كافة الاتصالات في منطقة معينة، ولكن تلك الشركة سوف تكون قد خرقت بنود عقدها مع العملاء.

ويذكر التقرير كذلك أن «قدرة شركات الإنترنت على وضع أولوية للدخول على شبكة الإنترنت أو اتخاذ أي إجراءات أخرى لمساعدة العاملين من خلال شبكة الإنترنت ليست سوى قدرة محدودة. كما أن بعض الإجراءات مثل تقليل سرعة نقل البيانات أو إغلاق بعض المواقع الإلكترونية الشعبية قد يؤثر بشكل سلبي على التجارة الإلكترونية، كما أنه يحتاج إلى صلاحيات الحكومة».

يذكر أن أعضاء لجنة الطاقة والتجارة هم الذين كانوا قد طالبوا بإعداد ذلك التقرير، حيث طلبوا من مكتب المحاسبة الحكومية أن يفحص استجابة الأسواق المالية لمثل ذلك السيناريو على نحو خاص.

وقالت وزارة الأمن الداخلي في ردها على مكتب المحاسبة الحكومية إنها لا تستطيع أن تحدد الهيئات التي لديها سلطة واضحة بالسماح لشركات الاتصالات والمحطات التليفزيونية والأقمار الصناعية بإغلاق بعض المواقع أو إبطاء سرعة نقل البيانات للتعامل مع أزمة اكتظاظ الشبكة. ومن جهة أخرى، أكدت لجنة الطاقة والتجارة أنها تستطيع السماح باستثناءات فيما يتعلق بقواعد الدخول على شبكات الإنترنت، حيث يمكنها السماح بوضع أولويات للدخول على شبكة الإنترنت في بعض الحالات التي يمس فيها الأمر الأمن العام.

من جهة أخرى بدأت تظهر مشكلة أخرى، وهي عدم قدرة شركات الأدوية على إنتاج اللقاحات للوقاية من فيروس إنفلونزا الخنازير.

وفي وقت سابق خلال الشهر الجاري، اضطرت الحكومة أن تعلن أنها لن يكون لديها سوى 28 مليون جرعة فقط بنهاية الشهر الجاري، أي أقل بنسبة 30% من عدد الـ40 مليون جرعة التي كان من المفترض أن توفرها. ولن يكون ذلك كافيا لإرضاء الجماهير المذعورة المصطفة للحصول على اللقاح في جميع أنحاء البلاد أو الذين يتصلون بيأس بأطبائهم وبأقسام الصحة العامة. ولم يكن العجز في أكتوبر (تشرين الأول) هو الأول من نوعه، بل إنه ومنذ ظهور فيروس «إتش1 إن1» في أبريل (نيسان) الماضي، كانت التوقعات الفيدرالية دائما متفائلة أكثر من اللازم، وكانت تتقلص إلى حد كبير في الكثير من الأحيان. ففي أواخر يوليو (تموز) تقريبا كانت الحكومة تتوقع أن تحصل على 160 مليون جرعة بحلول الشهر الجاري. ويعود السبب في تراجع التقديرات إلى حقيقة أن فيروس «إتش1 إن1» والمعروف بإنفلونزا الخنازير لا ينمو في البيض المستخدم لإنتاج اللقاح بالسرعة المتوقعة. بالإضافة إلى أن بعض المصانع لم تكن تدرك أن إنتاجها لم يصل إلى المعدلات المطلوبة حتى أصبح اختبار فعالية اللقاح متاحا في أغسطس (آب)، وفقا لمسؤولين فيدراليين.

وقد تجاوزت بعض الشركات الأزمة وبدأت بالفعل تعبئة اللقاح في قوارير وحقن. وأعطت شركة «سي إس إل» الأسترالية الأولوية لسد احتياجات السوق المحلية. فيقول المسؤولون الفيدراليون ـ وبعض الخبراء يوافقون على ذلك ـ إن الحكومة قد أحسنت بالإسراع في توفير إمدادات لقاح وباء الإنفلونزا. وقد تم توزيع الجرعات الأولى في بداية الشهر الجاري، أسرع مما حدث في أي دولة أخرى بخلاف الصين وأستراليا. وقد بدأ إعطاء الناس اللقاح بعد خمسة أشهر فقط من ظهور فيروس إنفلونزا الخنازير في المكسيك، أي أسرع من توزيع لقاح الإنفلونزا العادي سابق الإعداد.

ولكن هؤلاء الخبراء يقولون إن إنجازات الحكومة ومصداقيتها قوضتهما التوقعات المتفائلة التي كانت قد أعلنت عنها والتي لم تضع في اعتبارها التغيرات غير المتوقعة لإنتاج اللقاح، مما جعل الأمر يبدو وكأن جهود اللقاح تواجه أزمة.

وحسب تقرير «نيويورك تايمز» فإنه في أبريل (نيسان) توقع مسؤول بوكالة أبحاث الطب الإحيائي والتنمية (باردا) أن يتم طرح نحو 600 مليون جرعة بحلول شهر يناير (كانون الثاني)، إذا سارت الأمور بشكلها الطبيعي. وفي الفترة من مايو (أيار) إلى سبتمبر (أيلول)، وقعت «باردا» عقودا بقيمة 1.5 مليار دولار لنحو 250 مليون جرعة من اللقاح تنتجها خمس شركات. وتعتمد بنود العقد على ما أكدت كل شركة أنها تستطيع تقديمه. وهذه هي نفس الشركات التي تنتج لقاح الإنفلونزا الموسمي للولايات المتحدة مما يجعل إنتاج لقاح إنفلونزا الخنازير بشكل منتظم أمرا أكثر سهولة. فيقول دكتور توماس فريدين مدير مراكز الوقاية من الأمراض والسيطرة عليها: «نعتقد أن وجود خمسة مصانع يمنحنا بعض الضمانات، ولكنه لن يحل كافة المشكلات».