تنامي العلاقات التركية الإيرانية هل يدفع أنقرة لنهج أكثر تشددا؟

الحكومة التركية تدعم برنامج إيران النووي السلمي لكنها لن تقبل بإيران نووية

رئيس الوزراء التركي يمر بجوار صورة لمؤسس تركيا مصطفى كمال أتاتورك في السفارة التركية في طهران خلال استعداده لعقد مؤتمر صحافي أمس (أ.ف.ب)
TT

الزيارة التي بدأها رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان لطهران أول من أمس تعد بمثابة مؤشر آخر على مدى التحسن السريع في العلاقات بين الجارتين الإقليميتين تركيا وإيران.

فعلى مدى السنوات العديدة الماضية عملت الدولتان على تعميق علاقاتهما التجارية وكذلك التعاون في مجالي الأمن والطاقة. لكن المحللين يشيرون إلى أن تنامي العلاقات بين تركيا وإيران قد يضع التوقعات الغربية بانتهاج تركيا خطاً متشدداً إزاء البرنامج النووي الإيراني المثير للجدل تحت الاختبار.

وفي هذا الصدد يقول مصطفى كبارأوغلو، وهو خبير الشؤون المتعلقة بمنع الانتشار النووي بجامعة بيلكنت في أنقرة لوكالة الأنباء الألمانية «أكاد ألمس تصورا في الولايات المتحدة وأوروبا بأن تركيا صارت تنتهج موقفا أكثر اتساما باللين تجاه إيران وهما يودان أن تنتهج تركيا موقفا أكثر تشددا مع إيران».

في الأعوام الأخيرة طرأ تحسن هائل على العلاقات بين تركيا، العضو بحلف شمال الأطلسي، وإيران، ولا سيما منذ وصول حزب العدالة والتنمية الإسلامي الليبرالي إلى سدة الحكم في 2001 حيث تعهد باتباع سياسة خارجية إقليمية تقوم على مبدأ «صفر من المشكلات» مع دول الجوار.

وكمثال على ذلك بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 10 مليارات دولار في 2008 مقابل مليار دولار فقط في 2000. كما أن إمدادات الغاز الإيراني لتركيا تقترب من ثلث احتياجات الأخيرة من هذه السلعة. في الوقت نفسه كان المسؤولون الأتراك من ضمن المسؤولين الذين هنأوا الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد بمناسبة إعادة انتخابه المثير للجدل أخيرا.

وتشترك تركيا وإيران في خط حدودي بطول 499 كيلومترا ويحلو للدبلوماسيين الأتراك والإيرانيين على حد سواء التنويه بأنه العلاقة بين الجارتين المسلمتين يسودها السلام طيلة قرون.

بيد أن المحللين الأتراك يرون أن هذا السلام الذي حافظت عليه أنقرة وطهران طيلة كل هذا الزمن إنما يعود إلى وجود توازن دقيق للقوة العسكرية بين البلدين وهو توازن سيختل تماما في حال حيازة إيران للسلاح النووي. ويقول كبارأوغلو «المسألة المهمة هنا هي أن تركيا لا يمكنها أن تقبل بإيران نووية. فإيران قادرة على صنع الأسلحة النووية أو إيران مسلحة نوويا، ليس في مصلحة تركيا».

أردوغان نفسه أعلن في عام 2006 أن «مواصلة البرنامج النووي الإيراني للأغراض السلمية يعتبر حقا طبيعيا لكن من المستحيل تأييده إذا كان يتعلق (بتطوير) أسلحة الدمار الشامل».

ورغم ذلك بدأ أردوغان خلال الشهور الأخيرة في انتهاج ما ينتقده المراقبون بوصفه موقفا «أكثر اتساما باللين» إزاء البرنامج النووي الإيراني. ففي حديث نشر في «الغارديان» في السادس والعشرين من الشهر الحالي رفض أردوغان المزاعم القائلة بأن إيران تسعى لامتلاك أسلحة نووية بوصف ذلك من قبيل «القيل والقال».

كما وصف انتقاد البرنامج النووي الإيراني من قبل دول هي نفسها تملك أسلحة نووية بأنه «ليس من قبيل الإنصاف» قاصدا بذلك إسرائيل على وجه الخصوص. وقال أردوغان لـ«الغارديان» «الأعضاء الدائمون في مجلس الأمن الدولي كلهم يملكون ترسانات نووية وهناك دول ليست أعضاء بالوكالة الدولية للطاقة الذرية تملك أيضا أسلحة نووية. ولذا فإنه على الرغم من إيران لا تمتلك سلاحا (نوويا) فإن أولئك الذين يقولون إنه يجب على طهران ألا تمتلك هذا السلاح هي تلك الدول التي تمتلك (أسلحة نووية)».