الرئيس اللبناني يرى أن عقدة تأليف الحكومة «إدارية».. والحريري يطمْئن: ستولد في النهاية

مصادر نيابية لـ«الشرق الأوسط»: نخشى وقوع حدث أمني يشغل اللبنانيين

TT

مع دخول أزمة تشكيل الحكومة اللبنانية شهرها الخامس، لا تزال الخلافات على توزيع بضعة حقائب تشكل عقبة أمام الرئيس المكلف سعد الحريري. وفي وقت لا يزال فيه طرفا الموالاة والمعارضة متمسكين بمطالبهما ويرفض كل منهما التنازل للآخر، وصف رئيس الجمهورية ميشال سليمان الأزمة أمس بأنها «إدارية» لا سياسية.

وقال سليمان خلال استقباله المشاركين في الملتقى السعودي ـ اللبناني الخامس، إن «هناك أزمات سياسية تحصل في معظم دول العالم ولكنها لا تعطل النظام الديمقراطي»، وأشار إلى أن «المسألة الحكومية الراهنة في لبنان بات يصح تسميتها أزمة إدارية أكثر منها سياسية خصوصا أن الجميع توافقوا على شكلها وعدد الحقائب الأساسية فيها، وبات النقاش حول حقيبة أو اثنتين والبدائل الموازية لها». وأضاف أن «الوطن لا يُبنى إلا بإرادة أبنائه ويجب إبقاء إرادة البناء بعيدة عن الخصام السياسي خصوصا أن لدينا عدوا مشتركا لا يريد لنا العيش المشترك».

وقال الحريري من جهته خلال عشاء تكريمي أقامه مساء أول من أمس على شرف المشاركين في الملتقى، إنه «رغم أن هذا الأمر يأخذ وقتا، سنتوصل في النهاية إلى تأليف الحكومة، وهذا ما يميز لبنان». ويتابع الحريري مشاوراته مع المعارضة وحلفائه في محاولة لإعلان تشكيلة نهائية في الأيام العشرة القادمة، قبل انعقاد جلسة نيابية جديدة لانتخاب رؤساء اللجان، بعد أن أجل رئيس المجلس النيابي نبيه بري انتخاب رؤساء اللجان مرتين بسبب عدم تشكيل الحكومة، لأن القانون يمنع انتخاب وزراء رؤساء لجان. وعين بري قبل يومين جلسة جديدة خلال عشرة أيام، ونقلت أوساطه أنه بدأ حراكا موسعا لضمان إعلان تشكيل الحكومة قبل تلك المهلة. ورجّحت أوساط سياسية في بيروت أن يلتقي الحريري عون اليوم، للمرة الثانية في أسبوع واحد، على أمل التوصل إلى صيغة نهائية والاتفاق حول الحقيبة المختلَف عليها، وهي حقيبة الاتصالات التي يتمسك بها عون.

وباستثناء الكلام التطميني لسليمان والحريري، لا شيء يدعو إلى التفاؤل بقرب عملية التأليف أو وصول حركة الاتصالات مرحلة جديدة. وفي غضون ذلك، تضاربت المعلومات أمس بين التفاؤل والتشاؤم. فقد أكدت مصادر نيابية حيادية لـ«الشرق الأوسط» أن «حركة الاتصالات استكملت والتوافق على النماذج النهائية وصل إلى وضع اللمسات الأخيرة بعد حل عقد الحقائب»، وأن «العمل يجري على حل العقد المعنوية لتفادي أي انتكاسة لأي من طرفي الموالاة والمعارضة»، وأن «المساعي والاتصالات أخذت مداها الإيجابي». وكشفت لـ«الشرق الأوسط» أن «من المخارج الممكنة والمقبولة إبقاء القديم على قِدَمه على صعيد توزيع الحقائب الوزارية».

في المقابل، أبدى مصدر نيابي آخر رأيا مخالفا وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «رغم ارتفاع منسوب التفاؤل فإن الحذر لا يزال سيد الموقف». وقال: «كلما زادت كمية التفاؤل ارتفع منسوب الحذر».

وسأل: «ما دام الجميع يتحدثون عن إيجابيات وحلول باتت جاهزة، لماذا هذا التأخير في تأليف حكومة الوحدة الوطنية؟»، مضيفا: «لو كان هناك حقا إيجابية واحدة لكانت ولدت هذه الحكومة!». وأبدى خشيته من «حصول حدث أمني ما يشغل اللبنانيين وبالتالي يحول الأنظار عن الكلام عن تأليف الحكومة».

وقد حذر أيضا النائب عقاب صقر، المقرب من الحريري، من تفجر الوضع الأمني في لبنان، وقال إن الأكثرية تقدم تنازلات كبيرة للمعارضة، وقال: «نحن بكل فخر نقول نعم سنقدم تنازلات من أجل المصلحة الوطنية، ومن أجل تشكيل الحكومة وإخراج البلاد من الأزمة، لأن الخسارة الكبيرة إذا لم نتنازل». وأضاف أن «المعلومات التي لم تعلن خطيرة جدا»، مشيرا إلى «رسائل نُقلت من فرنسا وبريطانيا ومن بعض الأقنية الأميركية، عن النيات الإسرائيلية التي هي أكثر من خطيرة، بالإضافة إلى الحديث عن تحركات لشبكات إرهابية داخل لبنان، وصولا إلى المخيمات (الفلسطينية)». وأشار أيضا إلى أن «التقارير الأمنية التي تصل لا تبشر بالخير». ولكن صقر أضاف يقول: «نحن أمام أيام فاصلة، فهذه المرحلة هي للتدبر وإيجاد المخرج، وللوصول إلى صيغة لا غالب ولا مغلوب فيها».

وأشار إلى أن إعطاء حقائب للتيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون تؤدي إلى خلل في توزيع الحقائب بين «8 و14» آذار «ليس واردا»، وقال إن «نيل المعارضة حقيبة الأشغال والعدل بالإضافة إلى الخارجية والصحة، فهذا يعني أن خللا قد حصل وعندها، يمكن القول لفريق (8 آذار): لقد أصبحتم أكثرية ونحن أصبحنا معارضة». وأضاف أن «الأكثرية قدمت كل التنازلات الممكنة بما فيها أنها لم تعد أكثرية، يعني أنها لم تحصل على الأكثرية داخل الحكومة، هذا أولا، وبالتالي ساوت نفسها بالمعارضة وهذا خلافا للمنطق ثانيا».

في المقابل، قال وزير الشؤون الاجتماعية في حكومة تصريف الأعمال ماريو عون، وهو ينتمي إلى التيار الوطني الحر (برئاسة ميشال عون)، إن «الموضوع الحكومي أصبح محصورا بحقيبتين وبات الأمر قريبا من التفاهم عليه»، مضيفا أن «ما يجري بين النائب ميشال عون والرئيس المكلف سعد الحريري يحصل بين الرجلين ولا أحد يعرف الحقائب التي يتم طرحها».

وقال في حديث لإحدى القنوات التلفزيونية المحلية أمس، إنه «إذا كان لا بد من الاستبدال بوزارة الاتصالات فيجب أن يكون من أجل وزارة أفضل». وأضاف: «بالنسبة إلينا المالية أو الداخلية تشكلان البديل الذي نقبل به»، كاشفا أن «وزارة الأشغال قد تكون إحدى الوزارات التي يتم العمل عليها وقد تكون من البدائل التي يمكن أن يقبل بها التيار». إلا أن وزارة المالية محسوبة تقليديا على الحريري، بينما وزارة الداخلية تُعتبر من حصة رئيس الجمهورية.