الجيش يعثر على 4 صواريخ معدة للإطلاق في الجنوب .. وسليمان يلمح إلى تورط إسرائيل في الحادث

إسرائيل تشتكي لبنان لمجلس الأمن غداة إطلاق صاروخ على كريات شمونة.. وحزب الله يرفض تحمل أي مسؤولية

عناصر من الجيش اللبناني يتفقدون صاروخاً كان معدا للتفجير في باحة منزل رئيس بلدية حولا (أ.ف.ب)
TT

بعد يوم من إطلاق صاروخ مساء أول من أمس من منطقة حولا في جنوب لبنان إلى شمال إسرائيل، عثر الجيش، فجر أمس، على أربعة صواريخ من نوع «كاتيوشا» عيار 107 ملم، معدة للإطلاق في اتجاه إسرائيل في حديقة منزل قيد الإنشاء في خراج بلدة حولا. وأعلنت مصادر عسكرية أن خبراء من الجيش، تمكنوا، بمؤازرة القوات الدولية، من تفكيك الصواعق والبطاريات الموصولة بالصواريخ الأربعة. وبوشر التحقيق في الموضوع بالتعاون مع وحدات القوات الدولية (اليونيفيل) في لبنان.

وأفادت «الوكالة الوطنية للإعلام» الرسمية اللبنانية، أن الصواريخ الثلاثة كانت معدة للإطلاق من لوحات خشبية وموضوعة في حديقة المنزل، والصاروخ الرابع كان موضوعا في شرفته. وأضافت أن القوى الأمنية عثرت على كاميرا تصوير فيديو موضوعة قرب الصواريخ الثلاثة في الحديقة. كما عثرت على المنصة الخشبية الخاصة بالصاروخ الذي أطلق في المكان نفسه. وفي وقت قدمت فيه إسرائيل شكوى إلى مجلس الأمن الدولي حول حادث إطلاق صاروخ «الكاتيوشا»، لمح الرئيس اللبناني، ميشال سليمان، أمس، إلى أن تكون إسرائيل هي من أطلق الصاروخ أول من أمس على أراضيها. وقال سليمان أمام وفد من رجال الأعمال في لبنان والسعودية، بحسب بيان رئاسي: «لست أدري ما إذا كان الإسرائيليون وراء الصاروخ المشبوه الذي أطلق أمس، وخصوصا أنهم أعلنوا بوقاحة منذ يومين أنهم لن يوقفوا أعمال التجسس في لبنان».

وفور إطلاق الصاروخ، أول من أمس، كثفت طائرات حربية إسرائيلية طلعاتها في الأجواء اللبنانية، وقامت بغارات وهمية على ارتفاع متوسط، في أجواء مناطق النبطية، ومرجعيون، والخيام، وصيدا، ومنطقة إقليم التفاح، وكذلك في أجواء القطاع الشرقي، لا سيما فوق العرقوب، وحاصبيا، ومرجعيون، وصولا إلى أجواء مزارع شبعا المحتلة.

ولم يعلن أي طرف في لبنان مسؤوليته عن إطلاق الصاروخ أول من أمس، أو عن تنصيب الصواريخ الأربعة التي كانت معدة للإطلاق. إلا أن حزب الله قال إنه لا يتحمل مسؤولية في ما يجري في الجنوب، علما بأن المنطقة واقعة تحت سيطرة «اليونيفيل» والجيش. وقال النائب في كتلة التحرير والتنمية، قاسم هاشم، إن «المقاومة على استعداد كامل لمواجهة العدو الإسرائيلي، ولكن السيطرة على المنطقة التي أطلق منها الصاروخ ليست من عملها، بل من عمل (اليونيفيل) والجيش اللبناني».

وخيم التوتر على الطرق المحاذية للحدود الجنوبية منذ مساء أول من أمس، بعدما سيرت القوات الإسرائيلية دورياتها المؤللة على مقربة من السياج الشائك عند الحدود الدولية، وشددت مراقبتها للجانب اللبناني، كما عمد الجيش اللبناني والقوات الدولية إلى تكثيف دورياتهما في المنطقة.

وتفقد قائد الجيش، العماد جان قهوجي، الوحدات العسكرية في قطاعي جنوب الليطاني في مرجعيون، والبقاع الغربي. وجال على المراكز واطلع على التدابير الميدانية المتخذة. وأكد أن «إطلاق الصواريخ من حين إلى آخر من داخل الأراضي اللبنانية باتجاه فلسطين المحتلة هو عمل يقع ضمن دائرة الشبهة والعمالة. ولن نسمح لمن يقف وراءه بدفعنا إلى معركة مع العدو خارج التوقيت والمكان اللذين يحددهما الوطن». وشدد على «تمسك الجيش بحقه الثابت في التصدي للخروقات الإسرائيلية البرية والجوية والبحرية بكل الإمكانات المتاحة، كونها تشكل اعتداء سافرا على سيادة لبنان وخرقا فاضحا للقرار 1701».

من جهتها، قدمت إسرائيل شكوى إلى رئيس مجلس الأمن الدولي وإلى الأمين العام للأمم المتحدة حول حادث إطلاق صاروخ «الكاتيوشا» على شمال إسرائيل مساء أول من أمس. وأكدت المندوبة الإسرائيلية الدائمة لدى الأمم المتحدة، غابريلا شاليف، في رسالة الشكوى أن إسرائيل تعتبر الحكومة اللبنانية المسؤولة عن أي نشاطات عدائية تنطلق من الأراضي اللبنانية ضد إسرائيل. وأشارت إلى أن «الأشهر الأخيرة شهدت ارتفاعا ملموسا في عدد الحوادث الإرهابية في المنطقة الواقعة إلى الجنوب من نهر الليطاني، في جنوب لبنان، بما في ذلك إطلاق صواريخ (كاتيوشا) على إسرائيل، ووقوع انفجارات في مستودعات أسلحة تابعة لمنظمة حزب الله».

وأضافت أن «إسرائيل حذرت مرارا خلال السنوات الثلاث الأخيرة من إعادة إقامة البنى التحتية العسكرية لحزب الله في جنوب لبنان». وشددت على أن «إسرائيل تتوقع من الأمم المتحدة التطرق إلى الأحداث الخطيرة الأخيرة في تقريرها السنوي حول تطبيق القرار الدولي رقم 1701، الذي سينشر في نهاية هذا الأسبوع، وكذلك خلال النقاش الذي سيجريه مجلس الأمن حول هذا الموضوع في الشهر المقبل».

ودخلت السفيرة الأميركية لدى لبنان، ميشال سيسون، على الخط، وذلك بعد اجتماعها برئيس البرلمان نبيه بري، فدانت بشدة الحوادث التي تحصل في الجنوب واعتبرت أنها تمثل خرقا واضحا للقرار 1701. وقالت: «إننا نستنكر بشدة عملية إطلاق الصواريخ، التي تشكل انتهاكا واضحا لقرار مجلس الأمن رقم 1701. إن سلسلة الحوادث الأخيرة، بما في ذلك الانفجار الذي وقع في مستودع أسلحة لحزب الله في 14 يوليو (تموز) الماضي، وهجوم صاروخي مماثل في 11 سبتمبر (أيلول)، والحادث الذي وقع في بلدة طير فلسيه في الـ12 من الشهر الحالي، وكذلك الحادث الذي وقع الليلة الماضية (أول من أمس)، تسلط الضوء على الحاجة الملحة إلى بسط سلطة الدولة على كل الأراضي اللبنانية، ونزع سلاح جميع الميليشيات، وحاجة المجتمع الدولي إلى مواصلة دعم قوات (اليونيفيل) في مهمتها». كما أعلنت أن مسلسل الأحداث الأخيرة يشكل حاجة ملحة لوجود حكومة في لبنان وجيش يفرض سيطرته على كامل الأراضي اللبنانية ونزع سلاح الميليشيات.

إلا أن مصادر بري ردت على تصريح سيسون، فأوضحت في بيان أن «بعض ما كان في التصريح جاء مبتورا لأن النقاش الأساسي لم يدر حول بعض الحوادث المزعومة. ومن المؤكد أن لا علاقة للمقاومة اللبنانية بها، كحادث أول من أمس، إنما كان البحث المتفق عليه هو الخرق الإسرائيلي الدائم ليل نهار وبشتى الأساليب بما فيها الفخاخ الاستخباراتية والطائرات التي تخترق الأجواء اللبنانية في الجنوب وتصل إلى بيروت. ولكن كالعادة ترى (سيسون) الجزئيات عندنا وتغض النظر عن الرئيسيات في كل الاعتداءات».

من جهة أخرى، دعا الناطق باسم وزارة الخارجية الفرنسية، برنار فاليرو، إلى «الالتزام التام بوقف الأعمال الحربية» على الحدود بين لبنان وإسرائيل، وذلك بعد إطلاق صاروخ من جنوب لبنان على شمال إسرائيل، الذي ردت إسرائيل عليه بقصف مدفعي لجنوب لبنان. وقال: «إن باريس تدين إطلاق الصاروخ الذي يشكل انتهاكا للقرار 1701». وأكد «وجوب بذل كل المساعي لتفادي أي تصعيد جديد للعنف قد يهدد استقرار المنطقة». وأضاف: «ندعو إلى الاحترام التام للخط الأزرق ووقف الأعمال الحربية. كما نطالب بأن تتمكن القوة الدولية المنتشرة في جنوب لبنان (اليونيفيل) التي بدأت تحقيقا في ملابسات الحادث، من القيام بعملها دون معوقات».