العاهل المغربي: ندعم أبو مازن.. ورؤية «الرباعية» تتطابق في جوهرها مع مبادرة السلام العربية

عباس: الوضع في القدس خطير جدا * موسى: إسرائيل تتمتع بحصانة غير مسبوقة في التاريخ

الرئيس الفلسطيني محمود عباس لدى وصوله أمس إلى مكان انعقاد الملتقى الدولي حول القدس بالرباط حيث وجد في استقباله وزير الخارجية المغربي الطيب الفاسي الفهري ومدير عام وكالة «بيت مال القدس الشريف» عبد الكبير العلوي المدغري (تصوير: مصطفى حبيس)
TT

دعا العاهل المغربي الملك محمد السادس، رئيس لجنة القدس، المجتمع الدولي وفي طليعته اللجنة الرباعية الدولية والاتحاد الأوروبي للضغط على إسرائيل للتخلي عن ممارساتها العدوانية ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، وحملها على العودة الفورية إلى طاولة المفاوضات، والالتزام بالمقررات الأممية والاتفاقات المبرمة بين الأطراف المعنية، والعمل الصادق على إيجاد حل عادل ودائم ونهائي لهذا النزاع.

وقال العاهل المغربي، في رسالة وجهها إلى المشاركين في ملتقى القدس الدولي، الذي انطلقت أشغاله أمس بالرباط، تلاها الطيب الفاسي الفهري، وزير الخارجية والتعاون، إنه «بموازاة مع مواقفنا الثابتة لنصرة الحق الفلسطيني ومساعينا الدبلوماسية الحثيثة، اعتمدنا مقاربة عملية بإشراف وكالة بيت مال القدس الشريف، من خلال إنجاز مشاريع ومنشآت سكنية واجتماعية وتربوية، للإسهام في تحسين أحوال عيش إخواننا المقدسيين، ودعم صمودهم والحفاظ على المعالم الحضارية والروحية لهذه المدينة السليبة». وأكد ملك المغرب عزمه الوطيد على مواصلة تقديم المغرب دعمه التضامني المطلق لأهالي القدس، وتنفيذ برامج عمل وكالة بيت مال القدس الشريف بهذه المدينة المباركة، على حد تعبيره.

وناشد الملك محمد السادس منظمة «اليونسكو» ولجنة التراث العالمي، تحمل مسؤولية صون وحماية المعالم الدينية والأثرية والتاريخية للقدس.

وحذر العاهل المغربي إسرائيل من مخاطر تسخير موروثها الثقافي والروحي، كعامل لتأجيج مشاعر العداء والتطرف، وضرب قيم المحبة والتسامح بين أتباع الديانات السماوية، وهي القيم المثلى التي حافظ عليها الحكم الإسلامي عبر قرون في بيت المقدس.

ووجه ملك المغرب نداء إلى كل الإرادات الحسنة من أجل التحرك العاجل قصد خلق تحالف عالمي بين كل القوى الملتزمة بالسلام والضمائر المؤمنة بقيم التسامح والتعايش لإنقاذ مدينة السلام ومهد الأديان السماوية. وأضاف أنه «من منطلق الأمانة التي نتقلدها، بصفتنا رئيسا للجنة القدس، ما فتئنا نبذل المساعي الدبلوماسية، لدى رؤساء الدول الفاعلة، وقداسة البابا، والهيئات الدولية المعنية، من أجل الحفاظ على الطابع الخاص للقدس، وفقا للقرارات الصادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، ومجلس الأمن، والالتزامات المتبادلة بين الأطراف المعنية».

وزاد قائلا «كما خاطبنا المجتمع الدولي، كلما دعت الضرورة والظروف إلى ذلك، للتدخل الحازم قصد وقف الانتهاكات الآثمة، والحفريات المشبوهة في مواقع متعددة بالحرم القدسي الشريف، معربين عن شجبنا القوي للتطاول الاستفزازي على مقدساتنا الإسلامية، كما حدث، في الآونة الأخيرة، مع اقتحام باحات المسجد الأقصى المبارك، خاصة باب المغاربة». وأكد ملك المغرب وجاهة الرؤية التي تبنتها اللجنة الرباعية الدولية، في نطاق «خارطة الطريق»، القائمة على حل دولتين تعيشان جنبا إلى جنب في أمن ووئام كمقاربة واقعية لإنهاء هذا النزاع المرير، الذي خلف آلاف الضحايا، وأبشع ويلات الدمار والتهجير والمعاناة، وذلك انطلاقا «من اقتناعنا الراسخ بأن اعتماد منطق القوة، ومحاولة فرض سياسة الأمر الواقع، وطرح الشروط التعجيزية، مآله الفشل».

وقال الملك محمد السادس إن رؤية اللجنة الرباعية الدولية تتطابق في جوهرها مع مبادرة السلام العربية «التي لا تعكس إرادة عربية فحسب، وإنما إرادة العالم الإسلامي برمته، مجسدة في تبني هذه المبادرة الشجاعة على أعلى مستوى، في قمة مكة المكرمة الاستثنائية، برعاية كريمة من أخي الأعز الأكرم، خادم الحرمين الشريفين، الملك عبد الله بن عبد العزيز، وكذا في مؤتمر القمة الإسلامي بدكار».

وأعلن العاهل المغربي أنه سيواصل في هذا الإطار اتصالاته، مع كل أصدقائه وشركائه، لإخراج عملية السلام من حالة الاحتقان التي تواجهها، جراء العراقيل التي تثيرها إسرائيل، أمام إطلاق مفاوضات بناءة، تؤسس فعليا لحل دائم وشامل، تتبوأ فيه قضايا الوضع النهائي، ولا سيما القدس، مكانة محورية وحاسمة، مؤكدا رفضه أي تسوية جزئية، ذات طابع إجرائي محدود.

وعبر العاهل المغربي عن دعمه للرئيس محمود عباس، وللسلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية. وشدد على القول إن الوحدة الوطنية، واستقلالية القرار الفلسطيني، هما السبيل الوحيد لضمان القدرة التفاوضية اللازمة، من أجل إحقاق الحقوق الفلسطينية.

ومن جهته، أكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس أن الوضع في القدس الشريف خطير جدا جراء ممارسات وانتهاكات المتطرفين، التي تتم تحت غطاء رسمي إسرائيلي.

وقال الرئيس الفلسطيني، في كلمة خلال الجلسة الافتتاحية للملتقى، الذي تنظمه وكالة بيت مال القدس تحت رعاية ملك المغرب، رئيس لجنة القدس، وبتعاون مع مؤسسة ياسر عرفات، إن «الوضع في القدس الشريف خطير جدا بعد أن مهد لذلك غلاة التطرف والاستيطان وبغطاء رسمي، وأصبحت القدس عنوان المواجهة وموضوعها ومضمونها».

وأبرز عباس أن هذه الانتهاكات والاعتداءات التي تطال الإنسان والتاريخ والتراث الحضاري والإنساني والمقدسات والشجر والحجر تهدد الاستقرار في المنطقة والعالم، مسجلا أن هذه الانتهاكات يواجهها الشعب الفلسطيني بإمكاناته المحدودة وتصميم وعزيمة للتشبث بأرضه ومقدساته.