محاضر استجواب عام 2004: تشيني نفى تورطه بفضح هوية جاسوسة أميركية

بوش ومسؤولو إدارته تبرأوا من التهمة التي تعتبر خيانة وطنية

TT

كشف في واشنطن أمس، استجواب أجراه مكتب التحقيق الفدرالي (إف.بي. آي) سنة 2004 مع ديك تشيني، نائب الرئيس في ذلك الوقت، نفى فيه أنه كشف، في السنة السابقة، اسم فاليري بليم، جاسوسة وكالة الاستخبارات المركزية (سي.آي.إيه)، انتقاما من زوجها، السفير جوزيف ويلسون، الذي كتب في جريدة «نيويورك تايمز» معارضا غزو العراق.

ويزيد هذا الكشف حملة المعارضين لتشيني، ليس فقط بسبب دوره في غزو العراق، لكن أيضا، بسبب النقد القاسي الذي ظل يوجهه للرئيس أوباما عن حرب العراق وحرب أفغانستان. وتظل تهمة ارتكاب جريمة تدور حول تشيني، لأن القانون الأميركي يعاقب كشف اسم جاسوسة أميركية ويعتبر ذلك خيانة. وفي استجواب في عام 2004، اعترف تشيني أن جورج تينيت، مدير الاستخبارات المركزية، كشف له أن الزوجة جاسوسة في الوكالة، لكن تشيني قال إنه لا يتذكر أنه كشف السر إلى الرئيس السابق بوش الابن، وكونداليزا رايس، مستشارة بوش للأمن الوطني، وآخرين في البيت الأبيض. وفي الاستجواب أيضا، قال تشيني إنه لا يتذكر أنه طلب مع لويس ليبي، كبير موظفيه، كشف اسم الجاسوسة لصحافيين. وإنه لا يعرف أن ليبي، بعد ذلك بأسبوع، قابل جوديث ميلار، صحافية في جريدة «نيويورك تايمز». ويعتقد أن المقابلة كانت بهدف كشف اسم الجاسوسة. وفي سنة 2003، بعد ثلاث أشهر من غزو العراق، كشف روبرت نوفاك، كاتب تعليقات، اسم الجاسوسة في جريدة «واشنطن بوست».

وأثار في ذلك الوقت نشر الاسم ضجة كبيرة، وتبرأ الرئيس بوش وآخرون من مسؤولية كشف اسم الجاسوسة، وهو عمل يعتبر في قائمة الخيانة للوطن. وفي سنة 2004، بدأ باتريك فتزجيرالد، محقق خاص، التحقيق في الموضوع، بالتعاون مع مكتب التحقيق الفدرالي (إف. بي. آي). وكان تشيني من الذين حقق معهم. وفي سنة 2007، حكمت محكمة في واشنطن على ليبي بالسجن ثلاثين شهرا وغرامة ربع مليون دولار، وخدمة اجتماعية لأربعمائة ساعة، ومراقبة قانونية لسنتين، لكن بعد ذلك بشهر، ألغى الرئيس بوش حكم السجن. لكنه لم يلغ باقي العقوبات، ولم يعف عن ليبي، مما جعل اسم ليبي ثابتا في قائمة المجرمين المدانين. وفي آخر يوم لبوش في البيت الأبيض، أعلن كما جرت العادة، قائمة أشخاص أعفى عنهم، لكن لم تشمل القائمة ليبي، كما كان تشيني وآخرون طلبوا منه. وظل تشيني ينفي أي صلة له بالموضوع. وظل يعارض كشف الاستجواب الذي أجري معه سنة 2004. لكن، ظلت جمعيات قانونية أميركية تسعى لكشف الاستجواب. وظلت ترفع قضايا ضد وزارة العدل، و «إف.بي. آي»، حسب قانون حرية المعلومات. ويوم الجمعة، أعلنت ميلاني سلون، مديرة جمعية «ريسبونسبيليتي اند اثيكس» (المسؤولية والأخلاق) في واشنطن نجاحها في كشف الاستجواب، وموافقة قاض فدرالي على أن الاستجواب يجب ألا يكون سرا، ما دام لا يؤذي الأمن الوطني. وقالت سلون إن أجزءا من الاستجواب، الذي يتكون من 28 صفحة، حذفت. لكنها قالت: «هذه أول خطوة لكشف الحقيقة. يظل تشيني ينسى دوره في هذه الفضيحة الكبيرة، وهو الرجل المشهور بالذكاء». وأضافت: «لسنوات، ظل الشعب الأميركي يتساءل عن دور نائب الرئيس تشيني في موضوع يرقى إلى درجة الخيانة العظمى، وهو كشف اسم جاسوسة».

ويتوقع أن يزيد كشف الاستجواب مشاكل تشيني، ويزيد حملة المعارضين ضده، وهي حملة لها صلة بانتقادات شديدة ظل تشيني يوجهها للرئيس أوباما. وبينما لم ينتقد الرئيس السابق بوش أوباما منذ أن خرج بوش من البيت الأبيض، نصب تشيني نفسه معارضا قاسيا ضد أوباما. وأمس قالت فاليري بليم وزوجها جوزيف ويلسون في بيان من منزلهما في سانتا في (ولاية نيومكسيكو)، إنهما سعيدان «لأن الشعب الأميركي بدأ يعرف الحقيقة عن هذا الموضوع». وقالا إنهما يواصلان سلسلة قضايا رفعاها ضد تشيني وآخرين في إدارة الرئيس السابق بوش.

وفي العام المقبل، سيصدر فيلم سينمائي اعتمادا على كتاب مذكرات بليم: «لعبة عادلة: حياتي كجاسوسة وخيانة البيت الأبيض لي». ويتوقع أن يكون اسم الفيلم «الجاسوسة الشقراء»، وذلك لأن بليم، وهي شقراء ذات شعر ذهبي وعينين زرقاوين، وضعت صورة كبيرة لها على غلاف كتابها.

ويتوقع أن يركز الفيلم على شخصيات نسائية كثيرة في الكتاب، بداية بالمؤلفة نفسها، ثم جوديث ميلار، صحافية جريدة «نيويورك تايمز»، التي قابلت ليبي وحصلت منه على اسم الجاسوسة. ورغم أن ميلار لم تكن أول من يكشف الاسم، نفت أن ليبي هو الذي أعطاها الاسم. وأيضا، نفت ذلك عندما حقق معها فتزجيرالد، المحقق الخاص. وعندما رفضت الحديث عن ما قال لها ليبي، أمر فتزجيرالد بسجنها، حيث قضت ثلاثة أشهر تقريبا. ولم يفرج عنها فتزجيرالد إلا بعد أن وافقت على التعاون معه. ويعتقد أن المعلومات التي قدمتها ساعدت فتزجيرالد في إدانة ليبي. وبعد ذلك استقالت من جريدة «نيويورك تايمز» التي اعتذرت بأن تغطيتها لأخبار غزو العراق كانت منحازة إلى جانب المسؤولين في الحكومة. وفي الكتاب شخصية نسائية أخرى: كونداليزا رايس، مستشارة الرئيس بوش الابن في ذلك الوقت. ورغم أن رايس نفت أنها وراء كشف اسم الجاسوسة، أو أنها كانت تعلم بذلك، كتبت بليم أن ذلك لم يكن صحيحا. وهناك ميلاني سلون، مديرة مركز «المسؤولية والأخلاق» في واشنطن، التي قادت الحملة لكشف محضر استجواب تشيني. وفي الكتاب أشارات إلى مغامرات تجسس قامت بها بليم، من دون ذكر تفاصيل. وفي الكتاب أيضا نفي قاطع بأن الجنس كان واحدا من الوسائل التي جمعت بها معلوماتها، لكنها قالت إنها استفادت من إجادتها لثلاث لغات غير الإنجليزية: الفرنسية والألمانية والإغريقية. ويعتقد أنها قضت سنوات كثيرة في اليونان كجاسوسة. وقالت إنها قابلت زوجها سنة 1998 في حفل في سفارة تركيا بواشنطن. أولا، قالت له إنها تعمل في شركة تجارية لها فروع في اليونان وفرنسا وألمانيا. ولم تكشف سرها إلا قبل شهور من الزواج، عندما صارت علاقتهما «وثيقة».