مسؤولون وبرلمانيون لـ «الشرق الأوسط»: أمن العراق ضحية لبيع المناصب.. وصراعات أحزاب السلطة

مسؤول أمني كبير: أمن بغداد يجب أن تتكفله الدفاع والداخلية وليس قيادة العمليات المرتبطة بالمالكي

TT

فيما شكك بعض القادة الأمنيين في أن يكون الفساد الأمني السبب في الخروقات الأمنية الكبيرة في الشارع العراقي، أكد آخرون أن أمن البلاد أصبح ضحية للفساد الإداري والمالي، فيما عد برلمانيون الصراعات الحزبية والطائفية بين الكتل المشاركة في الحكومة أحد أسباب التدهور الأمني.

ويؤكد حسين كمال، وكيل وزارة الداخلية، أن الفساد المالي أو الإداري شيء مدمر في أي بلد سواء كان مستشريا في الأجهزة الأمنية أو غيرها من أجهزة المؤسسات الحكومية، موضحا لـ«الشرق الأوسط» أن «ما يتردد من كلام في الصحافة أو من بعض الجهات (لم يسمها) بأن الفساد المالي والإداري كان أحد الأسباب وراء تردي الوضع الأمني في البلاد، كلام مبالغ فيه، يراد منه الانتقاص من أداء الأجهزة الأمنية في البلاد»، لافتا إلى أن «الصراع بين الجهات والأحزاب السياسية كان أحد الأسباب لإلقاء التهم على القوى الأمنية التي تقوم بواجبها في حفظ الأمن واستقراره». وأشار إلى أن «الأجهزة الأمنية أحالت المئات من العناصر غير الأكفاء أو المقصرين إلى القضاء، وتم ذلك بشكل قانوني ووفقا للضوابط». وحول المعلومات التي تشير إلى إطلاق سراح بعض المعتقلين لقاء أموال أكد الوكيل في وزارة الداخلية «هذا الشيء غير صحيح، حيث أرأس اللجنة الأمنية للموقوفين، ونقوم بشكل مستمر بتدقيق ملفات كل المعتقلين، فإذا وجدنا أن هناك تهما ضد أحدهم يستمر اعتقاله، أو أن يتم إطلاق سراحه بعد ثبوت براءته، والذي يكون عبر القضاء حصرا، وبذلك تكون الجهة الأمنية بعيدة عن اتخاذ أي قرار بالإفراج أو أن تؤثر في القضية، على اعتبار أن ملفه تحول إلى القضاء الذي يبت بأمره».

من جانبه، أكد مسؤول أمني كبير (رفض الكشف عن اسمه) أن الفساد الإداري والمالي كان له التأثير الكبير على الوضع الأمني في البلاد، موضحا لـ«الشرق الأوسط»: «هناك بعض المناصب في المؤسسات الأمنية يتم شراؤها، وتحديدا من منصب آمر فوج وقائد فرقة بعشرات الألوف من الدولارات، وهو ما أكده أحد الضباط الكبار المسؤولين في الاستخبارات»، مضيفا «قد يصل سعر منصب آمر فوج إلى 900 مليون دينار عراقي، وهو مبلغ كبير». وتابع «إضافة لما سبق، فإن عملية اختيار بعض الضباط لا تتم وفق أسس وطنية وإنما وفق أسس مادية وحزبية، فضلا عن أن بعض المناصب تشغل مباشرة من قبل مكتب رئيس الوزراء من دون تدخل من وزارتي الدفاع أو الداخلية». وفيما إذا توجد حالات لرشوة بعض الأجهزة الأمنية أدت إلى تدهور الوضع الأمني قال «استبعد مثل هذه الأمور، ولكن إن حصلت فإنها تتم بسرية تامة» لكنه عاد وأضاف «إن أحد أسباب تدهور الوضع الأمني هو ضعف المعلومات الاستخبارية، لا سيما أننا لا نمتلك أجهزة تستطيع أن تتحقق من المعلومة أو أن تجمعها، الأمر الذي نجد معه أن الحدث يقع وبعدها يتم اكتشاف الفاعل، على عكس ما يفترض أن يكون، بالإضافة إلى وجود عناصر تعمل لأجندات غير مرتبطة بالوطن، والتي تكون عادة غير مخلصة للدولة الجديدة». وقال «يجب أن يكون الملف الأمني لمدينة بغداد من صلاحية وزارتي الدفاع والداخلية، وليس لقيادة عمليات بغداد التي ترتبط بمكتب برئيس الوزراء، الأمر الذي أحدث وضعا معقدا، وعليه يجب إعادة النظر في السياقات الأمنية وإعطاء مجال أكبر للوزارات الأمنية».

إلى ذلك، يرى عادل البرواري، النائب عن التحالف الكردستاني، وعضو لجنة الأمن والدفاع في البرلمان، أن الفساد المالي والإداري هو أحد الأسباب في تدهور الوضع الأمني، ولكنه ليس من الأسباب الرئيسية، مؤكدا لـ«الشرق الأوسط» أن «من أهم أسباب تدهور الأمن الصراعات الحزبية والطائفية بين الكتل السياسية والأحزاب المشاركة في الدولة، فضلا عن وجود المئات من عناصر النظام السابق في الأجهزة الأمنية (الدفاع والداخلية) والذين لهم اتصال مع تنظيم القاعدة الذي يمول من جهات إقليمية ساهمت بشكل كبير في تخلخل الأمن في البلاد». وأضاف «كذلك فإن المنظومة الاستخباراتية من حيث الاختصاص هي جديدة النشأة، وعليه يراد أن نركز على هذا الجانب وكذلك تحري المعلومات والدقة في استحصالها، لا سيما أن هناك تدخلات لدول مجاورة في البلاد سواء على المستوى المخابراتي أو المجاميع الإرهابية التي تعيث بالبلاد الدمار».

إلى ذلك، تظاهر العشرات في ساحة الفردوس وسط بغداد أمس منددين بمطالبة مجلس المحافظة بإقالة وزير الداخلية العراقي جواد البولاني من منصبه إثر التفجيرات التي حدثت مطلع الأسبوع الماضي والتي راح ضحيتها المئات من العراقيين بين قتيل وجريح.

وطالب المتظاهرون بمحاسبة الأجهزة المسؤولة عن أمن بغداد وإعطاء صلاحيات أكبر لوزارة الداخلية لحفظ الأمن في العاصمة بغداد وبقية المدن العراقية.