البرلمان السوداني يؤجل النقاش في قانون الأمن

لإتاحة الفرصة للمساعي الحميدة

TT

أجّل البرلمان السوداني مناقشة مشروع قانون جهاز الأمن المثير للخلاف بين شريكي الحكم في السودان: حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية، إلى اليوم بدلا من يوم أمس، وبرر الخطوة بأنها لاستكمال النقاش حوله عبر اللجان المتخصصة، ولكن مصادر رجحت في حديث لـ «الشرق الأوسط» أن التأجيل جاء «لإعطاء الفرصة للشريكين لتجاوز خلافاتهما حول القانون»، ووصفت المصادر الخطوة بأنها بمثابة تهدئة من قبل حزب المؤتمر الوطني للاتجاه التصعيدي بين الطرفين.

وقال نائب رئيس البرلمان، محمد الحسن الأمين، في جلسة البرلمان أمس، إن تأجيل النقاش في مشروع قانون جهاز الأمن جاء لأن لجنتي الأمن والتشريع لم تكملا تقريرهما حول المشروع. وفي تصريحات صحافية، دافع الأمين عن تهديدات رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر بسحب مخصصات أعضاء «الحركة الشعبية» في حال الاستمرار في المقاطعة، وقال إن أي غياب دون إذن من البرلمان يلحقه إجراء إداري من قبل الأمانة العامة والتي في نيتها إيقاف المرتبات لحين توضيح أسباب الغياب، وقال إنه حتى الآن لم تبرر الحركة أسباب غيابها مما يعني أنه موقف سياسي. ودعا الأمين، الحركة للانخراط في البرلمان حتى لا ينظر البرلمان في إسقاط عضوية النواب الذين طلبت الحركة إسقاط عضويتهم في غيابها، وأوضح أن العملية ستتم بالتصويت عبر الأغلبية ومن الأفضل للحركة أن تكون موجودة.

فيما كشف رئيس كتلة الحركة الشعبية في البرلمان، ياسر سعيد عرمان، للصحافيين أمس في سياق الأزمة بين الطرفين أن رئيس البرلمان أحمد إبراهيم الطاهر أبلغ نوابا في الحركة الشعبية بقرار بوقف صرف حصصهم من الوقود لسياراتهم، كرد فعل منه لانسحاب نواب الحركة الشعبية من البرلمان بسبب ما تسميه الحركة رفضها لشرطه بضرورة الاتفاق على أجندة مشتركة للقضايا المعروضة للنقاش في البرلمان في الفترة المقبلة، واعتراضها على قانون جهاز الأمن المطروح للنقاش. وقال عرمان إن هذه الإجراء خاطئ «لأن نواب البرلمان حصلوا على استحقاقاتهم عبر الدستور، وعليه فليس من حق رئيس البرلمان سحبها منهم»، وأضاف أن الإجراء «خاطي وغير دستوري وفيه ابتزاز للنواب في البرلمان».

وكشف أن كتلة نواب «التجمع الوطني» طالبته بإرجاء النقاش حول قانون الأمن، وذكر بأنه وعدهم بالنظر في الأمر، وأكد أنهم طالبوا الكتلة بتسليم اللجان المختصة لآرائهم حول القانون، وقطع الحسن بمشاركة كتلة التجمع في مناقشة الميزانية، وأكد وجود مساع واتصالات لإلحاق الحركة الشعبية بالمجلس.

فيما كشف ياسر عرمان عن رسالة بعث بها نائب رئيس الحركة الشعبية الدكتور رياك مشار إلى علي عثمان محمد طه، نائب الرئيس السوداني ورئيس اللجنة العليا للمؤتمر الوطني في المباحثات المشتركة بين الشريكين حول تنفيذ اتفاق السلام، يطلب فيها تأجيل مناقشة الميزانية في البرلمان قبل إيجاد الحلول للقضايا العالقة بين الطرفين والتي أدت إلى انسحاب الحركة الشعبية من البرلمان ومن مجلس الوزراء، وكان مجلس الوزراء أجاز أول من أمس ميزانية العام المقبل بدون مشاركة وزراء الحركة الشعبية في الاجتماع. وقال عرمان «نحن ننتظر طلب مشار لأنه طلب جيد وربما قاد إلى اتفاق بين الطرفين حول جملة القضايا المطروحة». وكذّب عرمان رئيس البرلمان الذي قال في تصريحات سابقة إن الميزانية ستجاز حتى لو لم يشارك نواب الحركة الشعبية في البرلمان، وقال «هذا غير ممكن»، وأشار إلى أن الحركة الشعبية وجدت مؤازرة من نواب «جبهة الشرق» الموقعة على اتفاق السلام مع الحكومة، والذي أنهى الحرب في شرق السودان في عام 2007.

من جانبه قال القيادي في كتلة نواب «التجمع الوطني»، النائب عثمان عمر الشريف، إن وفد كتلة المؤتمر الوطني أبلغهم خلال الاجتماع بإدخال جملة من التعديلات على قانون الأمن الوطني تتصل بالمواد الخاصة بسلطات جهاز الأمن.

القضايا العالقة سبب الأزمة بين شريكي الحكم

* قانون الاستفتاء: يرى حزب المؤتمر الوطني أن الانفصال يجب أن يحسم بأغلبية كبيرة، واقترح في وقت ما 90% من المقترعين، ثم طرح 70%، فيما ترى الحركة الشعبية أن الاستفتاء يجب أن يحسم بالأغلبية البسيطة 50+1 من جملة المصوتين. ويرى حزب المؤتمر الوطني أن من شروط حسم الاستفتاء مشاركة ثلثي الناخبين المسجلين في العملية، وتعتبر الحركة الشعبية أن هذا الشرط تعجيزي.

* قانون جهاز الأمن: يرى جهاز الأمن الوطني ضرورة أن تكون له سلطة الاعتقال. واقترح الجهاز في المشروع الخلافي أن يكون للجهاز قوة مسلحة، غير أن الحركة الشعبية تقول إن جهاز الأمن يجب أن يكون فقط جهازا لجمع المعلومات وتحليلها ورفعها للسلطة التنفيذية، وترى أن امتلاك جهاز الأمن للسلاح يحوله إلى جيش موازٍ.

* قانون المشورة الشعبية لمنطقتي «جبال النوبة والنيل الأزرق»، وذلك لتحديد مصير المنطقتين إداريا في الشمال، حيث يرى حزب المؤتمر الوطني أن قانون المشورة الشعبية للمنطقتين اللتين خصص لهما اتفاق السلام بروتوكول سلام منفصلا، غير منصوص عليه في الدستور، وبالتالي ليس من حلق الحركة الشعبية مطالبة الحكومة المركزية به، ولكن الحركة الشعبية تقول إن القانون منصوص عليه في اتفاق السلام.

* ترسيم حدود «أبيي»: ترى الحركة الشعبية إن عملية ترسيم حدود منطقة «أبيي» المتنازع عليها بين الشمال والجنوب، بعد أن صدر التحكيم الدولي بشأن المشكلة، تواجه بالعراقيل من قبل حزب المؤتمر الوطني.

* خلافات حول ترسيم الحدود بين الشمال والجنوب، وتتهم الحركة الشعبية حزب المؤتمر الوطني بعدم رغبته في إجراء العملية، والأخير يقول إن التأخير سببه فني، والتأخير من جانب الحركة الشعبية في اللجان المشتركة لإنجاز هذه المهمة.

* النفط: حتى الآن يدور الجدل حول أرقام عائدات النفط، وتتشكك الحركة الشعبية في الأرقام المعلنة وفي الحجم الكلي المنتج.

* التعداد السكاني: رفضت الحركة الشعبية نتائج التعداد الذي أجري مؤخرا، ولكن المؤتمر الوطني يشدد على أن هذا الرفض هو نوع من التهرب من الانتخابات المقبلة. صرح الطرفان عن معالجات ستتم ولكن حتى الآن لم تعلن فحواها.