إسرائيل: القبض على إرهابي يهودي من أصول أميركية اعترف بارتكاب 13 عملية ضد فلسطينيين ويهود

المخابرات الإسرائيلية تكشف عن خطر وجود إرهابيين يهود يعملون في خلايا نائمة

TT

في أعقاب إلقاء القبض على إرهابي يهودي من أصول أميركية اعترف بارتكاب 13 عملية ضد فلسطينيين ويهود، اعترف مسؤول في «الشاباك» (جهاز المخابرات العامة في إسرائيل)، بأن هناك احتمالا قويا لوجود إرهابيين يهود آخرين يتحينون الفرص لتنفيذ عمليات إرهاب كبيرة في المستقبل.

وقد أثار هذا التصريح مخاوف جدية في إسرائيل وكذلك لدى الفلسطينيين، حيث إنه يشير إلى خطر وقوع عمليات إرهاب تؤدي إلى تدهور أمني خطير، بين إسرائيل والفلسطينيين أو في داخل إسرائيل نفسها. وراح الفلسطينيون يحذرون من أن ينجح إرهابي كهذا في تفجير المسجد الأقصى المبارك أو منطقة فلسطينية أخرى آهلة بالسكان.

وكانت المخابرات الإسرائيلية قد اعتقلت المدعو يعقوب طايطل، 37 عاما، من بيته في مستعمرة «شيبات راحيل» في ضواحي نابلس المحتلة، في السابع من الشهر الماضي، ولكنها استصدرت أمرا من المحكمة يمنع نشر أي معلومات عن الموضوع. وفقط في يوم أمس أزيح اللثام عن القضية، وذلك بعد أن اعترف طايطل بارتكاب 13 عملية إرهاب خلال 12 سنة ماضية. وتبين من ملف التحقيق أن هذا الإرهابي من مواليد فلوريدا الأميركية، حيث ولد لأبوين يهوديين متشددين دينيا. زار إسرائيل في سنة 1997، وأقام في إحدى المستوطنات. ومن هناك أقدم على جريمته الأولى، إذ قتل راعي مواش فلسطينيا، عيسى مسعف، من دون أي ذنب. «نادى عليه ليقترب منه، نظر في وجهه وأطلق النار فخر صريعا»، هكذا وصف ابنه أحمد، أمس، ما جرى لوالده قبل 12 سنة. ويبدو أن طايطل خاف بعض الشيء، فقرر العودة إلى الولايات المتحدة. ولكن المخابرات الإسرائيلية وصلت إليه قبل أن يغادر. واعتقلته على ذمة التحقيق. فأنكر التهم. وأطلق سراحه بسهولة، أثارت دهشته. وغادر إلى فلوريدا ليعود إلى إسرائيل، وهذه المرة مهاجرا، هو ووالداه. واستقر في مستعمرة «شيبات راحيل»، فيما استقر والداه في مستعمرة «بيتار عليت» الدينية. ويتضح أنه حسب حساب الاستمرار في عملياته الإرهابية وهو في الولايات المتحدة. فقد جمع هناك كمية كبيرة من الأسلحة، من ضمنها عشر بنادق إحداها بندقية قناص من طراز «روجر» وبنادق «إم ـ 16» وهربها بوساطة سفينة نقل مع أثاث بيته، ومسدس هربه بالطائرة بعد أن فككه إلى قطع، خلال رحلة الهجرة عبر شركة الطيران البريطانية «بريتش ايرويز».

واستطاع طايطل أن يبني لنفسه شخصية فريدة تجعله يعمل بعيدا عن الشبهات. فقد امتنع عن المشاركة في النشاطات السياسية لليمين المتطرف، لدرجة أن اليمين أثار الشكوك من حوله فحسبوه عميلا للمخابرات. وامتنع عن الخدمة في الجيش الإسرائيلي. وحافظ على بعد عن كل المحيطين به ولم يختلط مع الناس. وأقام عائلة، حيث تزوج من إحدى المستوطنات وأنجب أربعة أطفال. ولم يكن يعمل في شيء، مما أثار الاستغراب من أي مصدر يعيش. وعمل على تعلم طريقة إعداد العبوات الناسفة بقواه الذاتية عبر الإنترنت. وأعد كراسة خاصة حول الموضوع وقام بتوزيعها سرا، من دون أن يشعر به أحد.

ومن عمليات الإرهاب التي نفذها: قتل سائق التاكسي الفلسطيني، سمير بلبيسي، في القدس، وتفجير عبوة ناسفة أمام بيت البروفسور زئيف شترنهال، أحد قادة حركة «سلام الآن»، وتسليم طرد ملغوم لطفل يهودي في الخامسة عشرة من العمر في مستعمرة أرئيل المجاورة لمستوطنته، كونه من عائلة يهودية تؤمن بالتبشير المسيحي الصهيوني، وإطلاق النار على ناد للمثليين اليهود، وزرع عبوة نافسة قرب مقر للشرطة الإسرائيلية في أعقاب إخلاء بؤرة استيطانية. ومن زيارة لبيته يعتقد أنه كان يعد لعمليات إرهاب أخرى، بينها ضد فلسطينيين في أعقاب قتل مستوطن يهودي بأيدي فلسطينيين.

وأثار الكشف عن هذا الإرهابي ردود فعل غاضبة على المخابرات الإسرائيلية، حيث اعتبر ذلك إهمالا مقصودا للإرهاب اليهودي. وحذرت حتى النائبة تسيبي لفني، وزيرة الخارجية السابقة ورئيسة حزب «كديما» المعارض من الاستخفاف بالموضوع أو اعتبار الإرهابي المذكور «معتوها» أو «مريضا نفسيا»، كما يحاول محامي الدفاع عنه، وقالت إنه يجب إنزال أشد العقوبات به. لكن قادة المخابرات السابقين راحوا يدافعون عن جهازهم ويعتبرون إلقاء القبض عليه «أعجوبة»، كما زعم نائب رئيس الجهاز الأسبق، يسرائيل حسون، وأضاف: «من الصعب جدا إلقاء القبض على إرهابي يعمل بهذا الذكاء وهذا الحذر».

وزاد هذا المنطق في القلق من أن يقدم إرهابيون آخرون مثل طايطل على عمليات إرهاب أكثر خطورة، مثل تفجير الأقصى أو تفجير عبوات ناسفة في تجمعات سكانية كبيرة للفلسطينيين أو مظاهرة لحركة «سلام الآن» أو لدى المواطنين العرب في إسرائيل (فلسطينيي 48). وقال خبير أمني إسرائيلي، إن هؤلاء الإرهابيين يعملون مثل الخلايا النائمة التي تستخدمها الحركات الأصولية الإسلامية المتطرفة، لا أحد يعرف متى تفيق وأين تضرب.