عشرات الشباب العراقيين يستكشفون وطنهم بعد سنوات من الغربة

وزارة الرياضة أعدت برنامجا لـ56 مغتربا لتقوية الروابط مع نظرائهم في الداخل

شابات عراقيات مغتربات يغادرن فندقا في مدينة النجف لزيارة أحد المراقد الدينية («الشرق الأوسط»)
TT

نظمت وزارة الرياضة والشباب برنامجا منوعا لـ56 مغتربا ومغتربة من الشباب القادمين من دول عدة بهدف تقوية الروابط بين شباب العراق في الداخل والخارج وخلق فرص عمل للنهوض بواقع الشباب فضلا عن إطلاع المغتربين على ما يجري في العراق.

وتضمن البرنامج زيارة مواقع آثارية ومراقد دينية وقصور الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، كما نظمت دائرة العلاقات والتعاون الدولي العائدة للوزارة زيارات للمنشآت الرياضية في بغداد مثل ملعب الشعب، الذي يشهد حملة تأهيل، كما زاروا قاعة الشعب الرياضية المغلقة، فضلا عن مشروع المدينة الشبابية التي يجري تنفيذها في شارع فلسطين، شرقي العاصمة. ويبدو البرنامج كأنه رحلة استكشافية لهؤلاء المغتربين الذين يزور بعضهم العراق للمرة الأولى.

ويقول علي جبار (17 عاما، أحد المشاركين في البرنامج) إنه صحا في ليلته الأولى مفزوعا على صوت انفجار، الأمر الذي لم يكن يتوقعه بسبب تحسن الوضع الأمني في البلاد.

ويقول علي، الذي هرب والده من العراق إلى بريطانيا بعد ملاحقته من قبل رجال الأمن قبل 26 سنة، إنه «بعد قضاء أكثر من 40 ساعة في الطائرة وصلنا العاصمة بغداد وانتظرنا في المطار ساعتين بعدها ذهبنا إلى أحد فنادق العاصمة وقد خلدنا إلى النوم أنا وصديقي»، وتابع يقول لـ«الشرق الأوسط» إن «الفترة الطويلة التي قضيناها في الطائرة ومتاعب السفر جعلتنا نخلد إلى النوم بعمق حتى سماعنا صوت انفجار هز الفندق، فناديت زميلي النائم معي في الغرفة، فاستلقينا على الأرض وسط خوف لا يوصف، وبعدها حدث انفجار ثان، عندها زاد خوفنا كثيرا، وبعد فترة طرق أحد الأشخاص باب الغرفة تصورنا أنهم يريدون خطفنا أو قتلنا، فأعطيت أشارة إلى زميلي بعدم فتح الباب أو أظهار أي حركة خوفا من أن يجدونا».

وقال علي: «بعد فترة من الوقت خرجنا من الغرفة وكان منظر الشارع مؤلما جدا؛ شباب ونساء وشيوخ يصرخون ويبكون، إنه منظر لن أنساه طوال حياتي»، مضيفا أن «العراقيين لديهم شجاعة وصبر كبير ولا يستطيع إنسان تحمل ما يجري في العراق».

وقال علي: «مضت أكثر من 6 ساعات لم أستطع خلالها الاتصال بأهلي في لندن لأطمئنهم، وعندما اتصلت كانوا باردين جدا وقالوا لي: لماذا أنت خائف؟ هذه الانفجارات طبيعية في العراق، عليك أن تكون قويا مع إخوانك في العراق». وكان العراق قد شهد الأسبوع الماضي انفجارين ضخمين استهدفا مباني حكومية وراح ضحيتهما مئات القتلى والجرحى.

أما وجد جعفر (22 سنة) المغتربة في كندا، فقد حولت حنينها إلى بلدها العراق في الغربة علما عراقيا تضعه على صدرها أينما ذهبت، وتضع الأعلام العراقية على كل ممتلكاتها حتى مفتاح سيارتها الخاصة. وتقول وجد لـ«الشرق الأوسط» إن «والدي غادر العراق منذ أكثر 29 سنة بسبب سياسيات النظام السابق وكان يسكن في مدينة البصرة، لقد وُلدت في لندن لكن حنيني إلى العراق لا يوصف، فأنا أجده في كل مكان أذهب إليه، ولا يفارق تفكيري حتى قررت الرجوع إليه بعد إكمال دراستي في لندن».

وتضيف وجد: «هذه زيارتي الثانية للعراق، وقد زرته مع عائلتي بعد سقوط النظام السابق، لكننا لم نستطع التجوال فيه بسبب الأوضاع الأمنية المنفلتة في وقتها»، مشيرة إلى أن «الأوضاع الأمنية حاليا جيدة في العراق حيث استطعنا زيارة أماكن في بغداد وآثار بابل إضافة إلى زيارة قصور صدام في مدينة بابل إضافة إلى زيارة الأماكن المقدسة في مدينتَي النجف وكربلاء».

إلى ذلك قالت تقى العسكري، وهي أحدى عضوات منظمة «عراق الغد» في لندن، وقد زارت العراق عدة مرات وجاءت ضمن مخيم الشباب لكي تتعرف على الشباب العراقي وعقد صفقات عمل: «زرت العراق عدة مرات، لكن الحنين ينبض إليه عند سماعي كلمة العراق الذي ولدت خارج أراضيه لكن عشت وسط عائلة سياسية خرجت مرات كثيرة مظاهرات ضد صدام حسين الذي شرّدنا من وطننا العزيز»، وتضيف أن «برنامج اليوم الأول تَضمّن سهرة مشتركة بين الشباب المغتربين والشباب العراقي، وقد حضرنا وغادرنا بسرعة تضامنا مع ذوي الشهداء الذين سقطوا في انفجارات الأحد».