أوباما حسن صورة أميركا بالخارج.. لكنه يكافح لتحويل شعبيته إلى نفوذ

المحافظون يرون أنه يقوض نفوذ واشنطن حتى مع حلفائها والرئيس يستخدم أدواته عندما كان ناشطاً بشيكاغو في السياسة الخارجية

الرئيس باراك اوباما خلال حديثه إلى فريقه للإصلاح الاقتصادي في البيت الأبيض أمس (ا.ب)
TT

يستخدم الرئيس الأميركي باراك أوباما في سياسته الدبلوماسية مع العالم أدوات كتلك التي كان يستخدمها عندما كان ناشطا مجتمعيا في ساوث سايد بشيكاغو، حيث يروج للمصالح المشتركة ويسعى إلى جعل ما تقوم به الحكومة الأميركية متماشيا مع مُثُلها وقيمها. وقد ساعدت نظرة أوباما إلى العالم كمجتمع دولا عديدة، وأوجه التشابه بين مصالحها ومستقبلها أكثر أوجه الاختلاف، على تحسين مكانة الولايات المتحدة في الخارج وساعدته شخصيا على الفوز بجائزة نوبل للسلام. لكن، بالنسبة للتحديات الخارجية التي تواجه الولايات المتحدة، نجد أنه يكافح من أجل تحويل شعبيته إلى نفوذ أميركي حتى مع الحلفاء الذين رحبوا بتحوله عما كانت تقوم به إدارة بوش من تأكيد على القوة العسكرية واتخاذ إجراءات أحادية الجانب. ويرى المحافظون أن أوباما يقوض النفوذ الأميركي في الخارج حيث انه يعجز معرفة إلى أي مدى تشعر الدول الأخرى، سواء الحلفاء أو المناوئين، بالقلق إزاء الدعوات الأميركية للمصالح المشتركة. ويقول منتقدون من كافة الأطياف السياسية إن أوباما قلل كثيرا من دعمه العلني للمُثل الأميركية ـ وبالأساس حقوق الإنسان والديمقراطية ـ في سعيه وراء تحقيق أهداف مشتركة. وتظهر حدود نهج أوباما الذي يعتمد على المصالح المشتركة في أفغانستان، حيث يستمر الحلفاء الأوروبيون في معارضتهم لإرسال قوات قتالية إضافية للمشاركة في حرب لا تحظى بشعبية، وتظهر أيضا في محاولاته لتشكيل جبهة مشتركة ضد برنامج الأسلحة النووية الإيراني المشتبه فيه. وفي أفغانستان، نجد أن محاولاته لبعث الحياة في العلاقات التي أهملتها الإدارة السابقة كانت لها نتائج قليلة على أرض الواقع وداخل ساحة القتال. وفي إيران، قوبلت أشهر من الدبلوماسية الحريصة والحساسة ثقافيا بتمرد يرى المحافظون الأميركيون أنه لن يتغير في يوم من الأيام. ويقول وليام كوهين، السيناتور الجمهوري السابق من ولاية مين الذي شغل منصب وزير الدفاع إبان إدارة كلينتون: «إنه منذ البداية سوف نعمل على تغيير النظر إلى الولايات المتحدة كدولة متغطرسة وتتخذ إجراءات أحادية، وأنها لا تريد مساعدة أي شخص آخر. وقال للآخرين، نريد مساعدتكم ـ ماذا نستطيع القيام به في الوقت الحالي؟ـ والآن لنرَ ما سوف يحدث».

ويمثل التزام أوباما بالعمل في إطار مجموعة من المعاهدات والمؤسسات الدولية صدى لما كان يقوم به آخر رئيس أميركي يحصل على جائزة نوبل للسلام خلال ولايته وهو الرئيس وودرو ويلسون، لكن في عالم أوباما نجد أن الولايات المتحدة تميل إلى أن تكون شريكا متساويا مع الدول الأخرى، وتبعد عن كونها زعيماً لا يُسأل.

وعندما كان أوباما ناشطا مجتمعيا، كان يعمل من أجل تحديد المصالح المشتركة للمناطق التي تعاني خلال الأوضاع الاقتصادية الصعبة في أعقاب إغلاق المصانع والمصالح المشتركة للساسة المنتخبين. ويتطلب هذا الدور التحلي بالصبر ـ وهي الكلمة التي يستخدمها مستشاروها باستمرار فيما يتعلق بإحياء محادثات السلام في الشرق الأوسط أو التواصل مع إيران. وقال أوباما في حديث أمام حشد متحمس في براغ في إبريل (نيسان) عندما كان يدعو إلى عالم خال من الأسلحة النووية: «هناك هؤلاء الذين يشككون فيما إذا كان التعاون الدولي الحق ممكنا على ضوء الاختلافات الحتمية بين الدول. لكن بالتأكيد نحن نعرف إلى أين يقود هذا الطريق، وعندما تسمح الدول والشعوب لأنفسهم أن تحددهم الخلافات، فإن الهوة بينهم ستزداد».

وكانت هذه الكلمة هي الأولى ضمن أربعة خطابات كانت السبب في حصوله على جائزة نوبل للسلام الشهر الماضي لأنه ساعد على خلق ما سماه أعضاء اللجنة «مناخ جديد في الساحة السياسية الدولية». وفي كلمة أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، قال أوباما للزعماء والقادة المجتمعين: «مثلكم جميعا، مسؤوليتي هي أن أتصرف لصالح بلدي ومواطني، ولن أعتذر يوما عن الدفاع عن هذه المصالح. لكن في عقيدتي الراسخة هو أنه في عام 2009 هناك مصالح مشتركة بين الدول والشعوب أكثر من أي وقت مضى».

ومن بين القضايا الأكثر تحديا على صعيد السياسة الخارجية التي يواجهها أوباما هو دعوته إلى الأهداف المشتركة فيما يتعلق بتحقيق الرخاء الاقتصادي وأمن قومي وبيئة سلمية حيث تغلبت المصالح القومية. وكان ذلك واقعا في صفقاته مع الحلفاء والأعداء على السواء. وخلال رحلته في أبريل (نيسان) إلى أوروبا، قال أوباما أمام قمة لمجموعة العشرين انه «جاء هنا كي يسمع وليس ليلقي محاضرات» في وقت يعاني فيه العالم من أزمة اقتصادية. لكنه لم يكن قادرا على ضمان تعهدات بالمزيد من النفقات من أجل تحفيز الاقتصاد من جانب قوى اقتصادية مثل فرنسا وألمانيا. وخلال قمة الناتو التي تلت، لم يتمكن أوباما من الحصول على التزام من جانب الحلفاء بإرسال أعداد كبيرة من القوات القتالية الإضافية إلى أفغانستان، وهناك معارضة بين القادة الأوروبيين المنتخبين في الوقت الذي يدرس فيه أوباما إرسال ما يصل إلى 44.000 جندي أميركي إضافي إلى هناك. وعلى مدى شهور، اتبع أوباما منهجه في التعامل مع العالم كمجتمع واحد. وتضمنت الوعود بالتواصل فرنسا، وهي حليف تقليدي، وروسيا، وهي شريك غريب الأطوار، بينما يقوم بأول جهد دبلوماسي مع إيران منذ الثورة قبل ثلاثة عقود. وبدأ هذا الجهد عندما بعث أوباما بعد مرور شهرين على توليه مهام منصبه رسالة مفاجئة إلى الشعب والقيادة الإيرانية بمناسبة عيد النيروز. وقال، إن الولايات المتحدة تسعى إلى «مستقبل يتم فيه تجاوز الخلافات الماضية».

وفي كلمة للعالم الإسلامي من جامعة القاهرة بعد ذلك بأقل من ثلاثة أشهر، قال أوباما انه «لا يمكن لدولة وحدها أن تختار الدول التي تحوز أسلحة نووية»، وأعلن أن إيران لها الحق في «الحصول على طاقة نووية للأغراض السلمية» إذا ما وفت بالتزاماتها في إطار معاهدة الحد من انتشار الأسلحة النووية. وذهب الإيرانيون إلى صناديق الاقتراع بعد ذلك بأسابيع ليدلوا بأصواتهم في انتخابات يعتقد على نطاق واسع أنه تم تزويرها لصالح الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد. وأدان أوباما الإجراءات الصارمة التي اتخذتها الحكومة ضد الاحتجاجات في الشوارع، لكنه رفض الدعوة إلى الإطاحة بالحكومة على الرغم من الضغوط داخل الولايات المتحدة من أجل القيام بذلك. وفي نفس الوقت، سعى أوباما للحصول على مساعدة من روسيا، التي لديها مصالح مالية كبيرة في إيران وعارضت عقوبات أشد ضد الحكومة الإيرانية. وتحدثت الإدارة عن المصالح الإيرانية في منع إيران من الحصول على سلاح نووي، وقالت، إن السماح بذلك سوف يعمل على زعزعة الاستقرار داخل الشرق الأوسط ويرفع الأسعار العالمية للنفط وربما يعزز من الوجود العسكري الإسلامي داخل منطقة القوقاز. وقال لي هاميلتون، مدير مركز وودرو ويلسون الدولي للمفكرين، الذي شغل سنوات طويلة رئاسة لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب: «إنه يثق كثيرا في قدراته الإقناعية، وجعل التواضع عنصرا جديدا للسياسة الخارجية الأميركية على خلاف رغبة الكثير من الأميركيين. لكن هل سيمكنك ذلك حمل الدول على العمل بالصورة التي ترغبها. لا زلنا ننتظر مشاهدة كم النجاح الذي يمكن أن تحققه تلك السياسة. في سبتمبر (ايلول) الماضي اتخذ أوباما خطوة ملموسة في تحسين علاقته بروسيا عندما تخلى عن خطة بوش بنشر صواريخ باليستية في جمهوريتي التشيك وبولندا، التي تهدف إلى حماية الولايات المتحدة من الترسانة الإيرانية. وكانت روسيا قد شكت على مدى سنوات من هذه المنظومة الدفاعية تشكل تهديدا على أمنها، ومن ثم حاولت تضييق توسع الناتو في المنطقة التي طالما اعتبرتها محيط نفوذها. وأعلن أوباما تراجعه عن تنفيذ الخطة بالقول، إنها ستكون بمثابة حماية أفضل لأوروبا الشرقية من الهجوم. وقد قبلت حكومة التشيك وبولندا الخطط الجديدة الشهر الماضي، لكن المحافظين قالوا، إن التغيير لم يخدم سوى حكومة روسيا العدائية، لنيل عونها ضد إيران.

وقال نيل غاردينر، مدير مركز مارغريت ثاتشر للحرية في مؤسسة هيرتدج المحافظة: «كانت تلك إشارة واضحة على أن واشنطن تميل إلى استرضاء منافسيها الاستراتيجيين، أكثر من بناء أو حتى الحفاظ على تحالفاتها مع الحلفاء التقليديين. ولا توجد مؤشرات على إتيان نهج أوباما بنتائجه المرجوة، بل على العكس بات ينظر إلى الولايات المتحدة من قبل حلفائه التقليديين على أنها ضعيفة وغير جديرة بالاعتماد عليها.

وقد عقد المسؤولون الأميركيون والإيرانيون محادثات رفيعة المستوى للمرة الأولى منذ ثلاثة عقود في مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وتم الاتفاق على خطة بدا أنها انتصار لنهج أوباما. وبموجب مسودة الاتفاق ستقوم إيران بشحن غالبية اليورانيوم منخفض التخصيب الذي تملكه إلى روسيا لمزيد من التخصيب حتى يمكن أن يعاد فيما بعد إلى إيران للاستخدام كنظائر مشعة طبية. وسيترك الاتفاق الذي وقعته إدارة أوباما القليل من اليورانيوم لإيران لا يكفي لإنتاج قنبلة نووية على المدى القريب.

لكن الحكومة الإيرانية عدلت من مسارها الأسبوع الماضي في إشارة إلى أن حساباتها الداخلية لا تزال تشكل نفوذا أكبر عليها من تأثير دبلوماسية أوباما.

وقال بن رودس، نائب مستشار الأمن القومي لشؤون الاتصالات والذي ساعد أوباما في كتابة العديد من خطاباته التي تتعلق بالسياسة الخارجية: «الرئيس ليس بساذج فهو يعلم أن الدول لا تلتزم على الدوام بتعهداتها، وإلا لكان الأمر سهلا. لكن إذا ما تخلينا عن المبدأ الأساسي بأن لكل دولة حقوقا ومسؤوليات، فستضعف قدرتك على حشد تعاون لحل تلك القضايا أيضا».

على جانب آخر كانت حقوق ومسؤوليات الدول والثقافات لب خطاب أوباما في القاهرة، والذي كان الأبرز بين أربعة خطابات رئيسة له. كما أنه أعاد إلى الأذهان مبدأ المساومة التي نادى بها في شيكاغو: بان الحق في أحياء صحية يأتي من مسؤولية العناية بها. وقد صبغت براغماتية النقاش العناصر الأخرى من خطابه, فقد دافع أوباما لمستمعيه من الطلبة والسياسيين ورجال الدين والأكاديميين، عن الديمقراطية على أساس عملي قائلا: «الحكومات التي تحمي هذه الحقوق لا بد وأن تكون في النهاية أكثر استقرارا ونجاحا وأمنا». لكن منتقدي الرئيس سواء من اليسار أو اليمين اتهموا الرئيس بالتضحية بمبادئ الولايات المتحدة التي أشاد بها تأييدا لدبلوماسية غالبا ما يصفها مسؤولو الإدارة بالقادرة على قبول التقدم وإن لم تستطع تحقيق النتيجة المثلى. وأطلق عليه رام إيمانويل الذي كان يمثل شيكاغو في البرلمان قبل أن يعمل كرئيس لموظفي البيت الأبيض «رجل واقعي يحمل مجموعة من الأفكار».

وقال توم مالينوويسكي مدير مكتب هيومان رايتس ووتش في واشنطن: «إنه يحمل كراهية شديدة لأي شيء يبدو وكأنه يقدم موعظة للآخرين من موقف الأفضلية الأخلاقية، وهو الأمر الذي يتسبب في تراجع الإدارة عن توجيه انتقادات مباشرة للدول الشمولية وانتهاكاتها».

وقال مالينوويسكي: «هناك رد فعل مناسب لتلك الحملة الأخلاقية لإدارة بوش، لكنه أحيانا ما يتمادى في الأمل بان الإقناع الهادئ والعقلاني سيؤثر في الحكومات الشمولية التي تسعى وراء مصالحها الشخصية بتغيير نهجها».

كما أوضح أوباما عبر وزيرة خارجيته هيلاري كلينتون أنه لا ينوي تقريع الصين، أكبر ممول للدين الأميركي واللاعب الأساسي في الاتفاق حول التغير المناخي، بشأن حقوق الإنسان. ومن المنتظر أن يسافر إلى الصين هذا الشهر ـ ويؤجل اجتماعا مع الدلاي لاما حتى يعود إلى واشنطن ـ للحصول على دعم الصين في المحادثات مع إيران وفي أفغانستان.

وقد أعلنت إدارة أوباما الشهر الماضي سياسة جديدة تجاه السودان جاءت مزيجا من الحوافز والعقوبات المحتملة لحمل الحكومة السودانية على وقف العنف في دارفور والحفاظ على السلام في الجنوب. وخلال حملته الرئاسية طالب أوباما بمنطقة حظر للطيران فوق دارفور يمكن أن يسهم فيها الجيش الأميركي لكن تلك الفكرة غابت عن الاستراتيجية الجديدة.

وقال بيير فيمونت، السفير الفرنسي في واشنطن: «في فرنسا والولايات المتحدة لدينا فهم محدد لمفهوم الديمقراطية لكننا لا يمكننا فرضه. لكن ذلك لا يعني أن علينا التخلي عن حقوق الإنسان، بل على العكس يجب أن نصر عليها حيثما كان ذلك ضروريا. لكن علينا القيام بذلك بصورة تضع في حسابها عادات ومصالح الشعوب. ولقد كانت فرنسا تؤمن على الدوام بذلك. ونحن نتفق مع الرئيس أوباما فيما يقول. تلك نقطة يجب على الرئيس أوباما أن يبينها للشعب الأميركي». لقد أصبح الخط الذي يفصل بين السياسة المحلية والخارجية في إدارة الرئيس أوباما غائما للغاية. فيقول المسؤولون بالإدارة إن أوباما يعتقد بأن قوة أميركا تنبع من قوتها الاقتصادية وقدرتها العسكرية وقيمها الديمقراطية ـ ولكن ذلك فقط إلى الحد الذي تمارس فيه الدولة ذلك. فقد كان أوباما يحمل دائما في أسفاره حول العالم قصته معه كدليل على الأخطاء الأميركية وعلى التطور. وكناشط مجتمعي، كان أوباما ينصح المقيمين بالحي الذي يسكن فيه أن يعاملوا المسؤولين بمجلس المدينة باحترام كي يبادلوهم الاحترام.

وقد انتقد العديد من الشرق أوسطيين مطالبة إدارة بوش بتعزيز الحقوق الديمقراطية في العالم العربي عندما كانت تمارس ما وصفته اللجنة الدولية للصليب الأحمر بالتعذيب واحتجاز المسلمين المشتبه في كونهم إرهابيين من دون محاكمة بسجن عسكري في غوانتانامو بكوبا. وقد ألغى أوباما استخدام التعذيب خلال الاستجواب ووعد بإغلاق المعتقل في 22 يناير (كانون الثاني) 2010 وهو يبذل حاليا محاولات مضنية للوفاء بذلك التاريخ؛ حيث لم يوافق سوى عدد قليل من الدول على استقبال المحتجزين الذي يتجاوز عددهم 200 مشتبه به.

يقول رودز مستشار أوباما: «هناك القدرة التقليدية على إبراز القوة ولكن هناك شيئا أضافه الرئيس لذلك وهو قيمنا وقيادتنا؛ فعلى سبيل المثال فإن قدرتنا على تطبيق الحقوق المدنية بالداخل هي أحد أدواتنا للسياسة الخارجية وجزء من قوتنا التي يمكن أن تحقق ما يتجاوز الكلمات التي يمكن أن نقولها حول تعزيز التغيير الديمقراطي».

ولكن في مقاربته صوب الأعداء، أزعج أوباما حلفاءه خاصة في بعض المناطق من العالم التي تحظى فيها الولايات المتحدة بعدد قليل من الأصدقاء؛ فقد خفف أوباما من القيود التي كانت موضوعة على حركة السفر إلى كوبا كما خفف من القيود المفروضة على عمل الشركات الأميركية هناك ودعا حكومة راؤول كاسترو إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان في مقابل ذلك. ولكنه من جهة أخرى، لم يدفع الكونغرس لتمرير اتفاقية التجارة الهزيلة مع كولومبيا وهي الاتفاقية التي تمثل أولوية قصوى بالنسبة للرئيس الكولومبي ألفارو أوريبي الذي وافق مؤخرا على السماح للجيش الأميركي باستخدام القواعد الكولومبية لإجراء عملياته. وهو القرار الذي أثار غضب الرئيس الفنزويلي هوغو شافيز والحكومات الأكثر اعتدالا منه في المنطقة مكلفا كولومبيا المليارات من الدولارات على المستوى التجاري.

ومن جهة أخرى، تحدث أوباما مع الحكومة الإسرائيلية بصراحة؛ ناعتا الاستيطان في الضفة الغربية بأنه «غير شرعي»، بينما طالب الدول العربية بأن تقوم بإجراء سلسلة من الإيماءات الدبلوماسية والاقتصادية تجاه الدولة اليهودية. وحتى الآن تم تجاهل المطالب التي وجهها لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو بتجميد بناء المستوطنات ـ شرط فلسطيني للمشاركة في محادثات السلام.

وبالرغم من أن أوباما قال إن تأييده لإسرائيل لن يفتر أبدا، فإن العلاقة التي عملت الإدارة السابقة على تعزيزها ـ حيث كانت صورة لبوش ورئيس الوزراء الإسرائيلي في ذلك الوقت إيهود أولمرت تتصدر الجناح الغربي ـ أصبحت ما وصفه دبلوماسي أجنبي بأنها علاقة «لم تعد حميمية». وقد أظهر استفتاء أجرته «الجيروزليم بوست» أن حوالي 4% فقط من الإسرائيليين يعتبرون أوباما مناصرا لإسرائيل.

ويقول رودز: «إن مصالحنا لا تتغير سواء مع حلفائنا أو مع أعدائنا. فنحن نقول الأشياء نفسها للجميع. ومصالحنا ثابتة بغض النظر عن الدولة التي نخاطبها».

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»