إيران تتراجع خطوة أخرى وتطلب إعادة النظر في «الاتفاق النووي».. وتفضل شراء الوقود

متقي دعا لتشكيل لجنة فنية * سلطانية لـالشرق الأوسط»: موقفنا الجديد ليس مناورة ولم نتوقف دقيقة في تخصيب اليورانيوم

متقي خلال مؤتمر صحافي في كوالالمبور بماليزيا أمس (إ.ف.ب)
TT

في خطوة تراجعية أخرى أعلنت إيران أمس أنها تريد مزيدا من المفاوضات، حول مشروع «الاتفاق النووي الدولي» الذي عرضته الوكالة الدولية للطاقة الذرية لتخصيب اليورانيوم الإيراني في الخارج، ورأت أن الاتفاق يحتاج إلى إعادة صياغة، تتطلب مناقشات إضافية، مشيرة إلى أن لديها ملاحظات فنية واقتصادية حول مشروع الاتفاق. كما أعلنت أنها تفضل شراء الوقود النووي لمفاعلها البحثي في طهران. وطلبت بريطانيا وروسي، أمس من طهران بـ«رد سريع» حول مشروع الاتفاق، الذي يقضي بأن تقوم إيران بإرسال 70% من مخزونها من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى روسيا وفرنسا لإجراء مزيد من التخصيب وتحويله إلى وقود، ويعاد بعد ذلك للاستخدام السلمي في مفاعل نووي للأغراض الطبية في طهران في ظل مراقبة دائمة من جانب الوكالة الدولية للطاقة الذرية.

وقال وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي للصحافيين خلال زيارة إلى العاصمة الماليزية: «لقد درسنا الاقتراح ولدينا بعض الاعتبارات الفنية والاقتصادية على ذلك». وأضاف «قبل يومين نقلنا وجهات نظرنا وملاحظاتنا إلى الوكالة الدولية للطاقة الذرية لذلك من المحتمل جدا تشكيل لجنة فنية لإعادة النظر في كل تلك المسائل». وأعلنت الوكالة الذرية الخميس انها تسلمت «ردا أوليا» من طهران حول مشروع الاتفاق، ولكنه لم يكن كافيا، حسب تأكيدات مدير عام الوكالة محمد البرادعي. وأضاف متقي أنه أمام إيران ثلاثة خيارات للحصول على الوقود لمفاعلها، إما شراء الوقود من الخارج وإما تخصيب اليورانيوم في إيران وإما قيام دولة أخرى بمعالجة الوقود. وقال إن إيران ستواصل «تخصيب اليورانيوم» لتأمين الطاقة لمحطاتها النووية المدنية. بدوره قال مبعوث إيران لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية إن بلاده مستعدة لجولة جديدة من المحادثات بشأن مشروع الاتفاق النووي الدولي الذي أُعِدّ الشهر الماضي في فيينا، وشارك في صياغته إلى جانب الوكالة الذرية ممثلون عن البلدان المتفاوضة وهي إيران والولايات المتحدة وروسيا وفرنسا. وقال علي أصغر سلطانية لـ«رويترز»: «نحن مستعدون للجولة الثانية من المناقشات التقنية في فيينا بمقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية». وذكر أن الأمر متروك للوكالة للاتفاق على موعد مناسب.

وقال سلطانية في تصريحات أخرى في فيينا إن بلاده تفضل شراء الوقود النووي لمفاعلها البحثي في طهران بمساعدة الوكالة الدولية للطاقة الذرية، كما فعلت قبل عشرين عاما عبر الأرجنتين. ولم يفصح عما إذا كانت تلك الرغبة تمثل الرد الإيراني النهائي على مشروع الاتفاق النووي. ورفض سلطانية بشدة أن تكون إيران تتعمد التطويل أو المناورة باللجوء لسياسة الـ«خطوة خطوة» كسبا للوقت. مؤكدا أن إيران تحتاج الوقود في أسرع وقت. متسائلا: «كيف لنا أن نماطل ونتأنى والوقود من أجل توفير العلاج والدواء؟». وردا على سؤال حول ما إذا كانت إيران في هذه الأثناء ستواصل عمليات تخصيب اليورانيوم، أجاب سلطانية: «إننا لم نتوقف دقيقة واحدة عن تخصيب اليورانيوم، ودون انقطاع». لافتا النظر إلى أن تلك العمليات تتم تحت مراقبة كاملة من الوكالة الدولية، طوال اليوم، ولـ24 ساعة».

وحول توقعاته بأن تبادر إيران بتوقيع الاتفاق النووي قبل انتهاء المهلة، كرر سلطانية القول بأن طهران مستعدة للتوقيع في حال حصولها على ضمانات وتعهدات بدرجة 100%، مضيفا أن إيران تحتاج إلى الوقود الذي من مسؤولية الوكالة وفقا للبندين 1 و2 من ميثاقها.

وقال إن « الوکالة الدولية وبناء على المادتين 1 و2 من نظامها الأساسي يجب أن تلبي مطلبنا بتوفير الوقود» مؤكدا أن «النقطة الأساسية هي ضمان توفير الوقود. ونظرا إلى انعدام الثقة لدينا في الماضي حيث دفعنا المال ولم نتسلم الوقود، فإن الوقت الحاضر يشكل حقبة مهمة وفرصة تاريخية بأن تعمل الوکالة بواجبها ودورها المنصوص عليه في النظام الأساسي وأن يقوم منتجو الوقود بإثبات عزمهم السياسي وحسن نياتهم للتعاون الفني تحت إشراف الوکاله من أجل مشروع إنساني کهذا».

من جهته كشف نائب رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية محمد كنادي أن إيران قادرة على تخصيب اليورانيوم بنسبة 20% المطلوبة، وقد بدأت هذا الإجراء بالفعل. وقال كنادي: «من الممكن بالنسبة إلينا التخصيب بتلك النسبة، وقد بدأنا في العمل»، لكنه أضاف لوكالة الأنباء الطلابية «إسنا» أنه لا يعلم كم من الوقت يلزم لإنجاز المهمة. وشدد أيضا على أنه ليس المهم من يكون المورد للوقود المخصب لمفاعل طهران، مشيرا إلى أن «جميع البلدان مسموح لها بتوريد الوقود النووي، ولكن إذا لم يفعلوا ذلك فإن إيران ستنتج وقودا بنفسها». وينص مشروع الوكالة الدولية للطاقة الذرية على أن تقوم إيران من الآن وحتى نهاية عام 2009 بنقل 1200 كلغ من أصل 1500 كلغ من اليورانيوم المنخفض التخصيب لديها (دون 5%) لتخصيبه في روسيا بنسبة 19.75% قبل أن تصنع منه فرنسا «قضبانا نووية» لمفاعل طهران للأبحاث الذي يعمل تحت مراقبة الوكالة.

ودعت الولايات المتحدة وفرنسا إيران إلى توضيح موقفها إزاء الاتفاق، مع تهديد واشنطن بجولات جديدة من العقوبات إذا لم تتبنَّ طهران موقفا أكثر شفافية بشأن أنشطتها الخاصة بالتخصيب النووي. وكان مبعوث روسيا إلى طهران ألكسندر سادوفنيكوف حث إيران أول من أمس على توقيع مشروع الاتفاق في محاولة لوقف الجدل المتعلق ببرنامجها النووي. وتؤكد إيران أنها تخصب اليورانيوم فقط لمفاعلات الطاقة، بيد أن التكنولوجيا يمكن أن تُستخدم أيضا في تصنيع مواد أسلحة نووية. وفي موسكو أعلن وزير الخارجية البريطاني ديفيد ميليباند الذي يزور العاصمة الروسية أن بريطانيا وروسيا تطالبان إيران بـ«رد سريع» في شأن الاتفاق النووي. وقال ميليباند في مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الروسي سيرغي لافروف: «يريد الجانبان (الروسي والبريطاني) تلقي رد سريع من جانب النظام الإيراني». من جانبه قال لافروف إن «موسكو تتوقع ردا إيجابيا من إيران». وقال: «لقد انتهى اللقاء باتفاق، ونحن نعول على جميع المشاركين بلا استثناء، بمن فيهم إيران، في التصديق عليه». وأضاف: «يجب أن لا يكون ذلك الاجتماع الأحدث لمناقشة المسائل الإجرائية، بل يتعين إجراء اجتماع يجري فيه حوار جيد بشأن هذه المقترحات التي قدمتها مجموعة 3 + 3 (القوى العالمية) لإيران وأن يأخذ في الاعتبار الأفكار التي أوردتها إيران بشأن هذه المقترحات».