كوشنير: لن نقبل المماطلة الإيرانية.. ونريد من طهران قبول اقتراح وكالة الطاقة

باريس: الملف النووي الإيراني لن يغلق مع إخراج 70% من مخزونها من اليورانيوم

TT

تنظر باريس بكثير من القلق لتردد طهران في إعلان موقف واضح، رسمي ونهائي من الاقتراح الذي تقدم به المدير العام للوكالة الدولية للطاقة النووية محمد البرادعي والقاضي بإخراج 1200 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب لتتم معالجته في روسيا ومنها ينقل إلى فرنسا ليتحول إلى قضبان تستخدم في المفاعل النووي في طهران بغرض تصنيع النظائر الطبية.

ومنذ أن طرح هذا الموضوع على بساط البحث رسميا في جنيف بداية الشهر الماضي ثم في الثامن عشر من أكتوبر (تشرين الأول) في فيينا، حرصت باريس على التركيز على نقطتين اثنتين: الأولى، المطالبة بأن يتم الإسراع في تنفيذ عملية إخراج اليورانيوم من أجل تخصيبه وتحديدا قبل نهاية العام الجاري، والثانية أن تخرج هذه الكمية دفعة واحدة لأسباب وصفتها مصادر فرنسية واسعة الاطلاع بـ«صناعية». وتقول هذه المصادر إن زيادة تخصيب اليورانيوم وخصوصا عملية تحويل الكميات عالية التخصيب إلى قضبان صالحة للاستعمال في قلب المفاعل الإيراني «عملية معقدة وتأخذ كثيرا من الوقت» وبالتالي إذا كانت طهران صادقة في القول إن مخزونها من قضبان اليورانيوم سينضب مع نهاية العام القادم فيتعين إذن الإسراع في هذه العملية التي يمكن أن تدوم عاما كاملا.

والحال، كما تقول المصادر الفرنسية، أن التكتيك التفاوضي الإيراني يقوم من جهة على «التمهل لا بل المماطلة» في الإجابة على مقترح الوكالة الدولية من جهة والثاني على إدخال مطالب إضافية على ورقة البرادعي، منها المطالبة بإخراج تدريجي لليورانيوم بدل إخراجه دفعة واحدة، والتلويح بأن إيران قد تتخلى عن العرض وتعمد لشراء اليورانيوم والاحتفاظ بمخزونها من اليورانيوم ضعيف التخصيب، لا بل المطالبة بتسليمها قضبان اليورانيوم المصنعة قبل أن تقبل إخراج كمية الـ 1200 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب.

وأمس قال وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير، في مؤتمره الصحافي عقب اجتماعه بنظيره الألماني غيدو ويسترويل في باريس عن موقف فرنسا إزاء المطالبات الإيرانية الجديدة ومنها تشكيل لجنة لدرس مسودة الاتفاق والنظر في مطالب طهران، إنه «إذا كان الجواب الإيراني (على مقترح البرادعي) يستهدف المماطلة، وهو ما يبدو لي، فإننا لن نقبل بذلك». وأضاف الوزير الفرنسي أن موقف الدول الست (الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن وألمانيا) هو أننا «ننتظر من إيران أن تقبل رسميا اقتراح الوكالة الدولية» للطاقة النووية. ورد كوشنير على رغبة طهران بمعالجة مسائل عادية ومختلفة قبل الوصول إلى الموضوع النووي بأن الدول الست «تريد أن تتحدث أولا حول البرنامج النووي الإيراني ولا مانع لديها بعد ذلك من تناول المسائل الأخرى». وفي النهاية، حذر كوشنير المسؤولين الإيرانيين من «إضاعة الوقت» وهو ما يضر أولا، وفق ما قاله، بالجانب الإيراني.

وسبق للوزير الفرنسي قبل أيام أن لجأ إلى حجة أخرى لحث طهران على الإسراع، في إشارته إلى إمكانية أن تدخل إسرائيل على الخط إذا ما استمرت إيران في لعبة كسب الوقت. وتتخوف باريس، كما تقول مصادرها، من أن تكون إيران مستمرة في لعبة المماطلة والإكثار من الشروط والشروط المضادة. وقد عمد الرئيس ساركوزي إلى تحديد مهلة زمنية لإيران تنتهي مع نهاية العام الجاري لمعرفة ما إذا كانت فعلا تريد حلا متفاوضا عليه لبرنامجها النووي أم أن الخيار الآخر سيكون تشديد العقوبات الاقتصادية والتجارية والمالية والمساس بالقطاع النفطي الإيراني عن طريق قرار جديد في مجلس الأمن الدولي.

وتبدو باريس مستعدة لعقوبات من خارج مجلس الأمن إذا ما كانت روسيا أو الصين أو كلتاهما تعارض العقوبات الجديدة. وقالت المصادر الفرنسية إن قبول إيران مقترح الوكالة الدولية من شأنه إيجاد «دينامية تفاوضية جديدة». غير أنها في الوقت عينه تحذر من أن الملف النووي الإيراني «لن يغلق» مع إخراج 70 في المائة من مخزون طهران من هذه المادة بل يتعين التوصل إلى اتفاق توقف معه إيران تخصيب اليورانيوم. وبحسب باريس، فإن طهران قادرة على إنتاج 80 كلغ من اليورانيوم ضعيف التخصيب في الشهر. ولذا فإنها قادرة على تعويض ما ستقبل بإخراجه من مخزونها خلال 16 شهرا. غير أن هذا الموضوع ليس مطروحا في فيينا التي تعالج فقط مسألة «فنية» هي إخراج اليورانيوم الذي سيخصب في الخارج، بل هي من اختصاص مجموعة الست في اجتماعات جنيف بحضور ومشاركة الولايات المتحدة الأميركية. ولكن حتى تاريخه، لم يتم التوصل إلى الاتفاق على موعد جديد في جنيف ولن يحصل ذلك قبل أن يحسم الموضوع «التقني» الذي يبدو أنه ما زال مرشحا لكثير من الأخذ والرد.