قذائف «آر بي جي» حوثية عشوائية تقتل 4 سيدات من عائلة واحدة وتصيب 10 داخل السعودية

مسؤولون سعوديون يؤكدون قصف المتمردين جوا وأن الموقف لم يعد يحتمل التسامح * إجلاء بين 400 و500 عائلة ونصب مدفعية ثقيلة في الحرث

رجال من الدفاع المدني ومسعفون يغطون إحدى الضحايا التي توفيت اليوم نتيجة للمواجهات («الشرق الأوسط»)
TT

قال مسؤولون سعوديون إن سلاح الجو السعودي، دك في قصف قامت به طائرات من طراز «تورنادو» و«إف 15»، مواقع للحوثيين، وذلك في رد فعل على قيام عناصر التمرد باستهداف موقع لحرس الحدود السعودي، بهجوم أسفر عن مقتل عسكري سعودي، وإصابة 11 من زملائه.

وحسب هؤلاء المسؤولين قام الطيران السعودي، بشن هجمات على معاقل الحوثيين، وسط أنباء عن مقتل بعض عناصر التمرد نتيجة لتلك الضربات الجوية، فيما استمر الحوثيون بإطلاق قذائف الـ«آر بي جي»، صوب الأراضي السعودية، على نحو عشوائي بما أدى إلى قتل 5 أشخاص من بينهم 4 سيدات من عائلة واحدة حسب مصادر طبية تحدثت إلى «الشرق الأوسط»، وإصيب عدد اخر , وجميعهم من المدنيين العزل. وأكد مسؤولون سعوديون في تصريحات نقلتها كل من وكالة الصحافة الفرنسية، و«رويترز»، أن الموقف لم يعد يحتمل التسامح مع العناصر الحوثية، وذلك بعد أن قاموا بانتهاك سيادة الأراضي السعودية، بالتسلل إلى جبل دخان، واستهداف عناصر من حرس الحدود السعودي.

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن مصدر سعودي فضّل عدم الكشف عن اسمه أن «مقاتلات إف 15، وتورنادو تقوم منذ الثلاثاء بقصف مواقع الحوثيين بالقرب من حدود محافظة جازان».

وأضاف المصدر أن «القصف مستمر وتلقى الحوثيون ضربات موجعة». وذكر أيضا أن القوات السعودية يمكن أن تتحرك برا ضد الحوثيين.

وقال المصدر في هذا السياق «إنها ليست عملية على طريقة (اضرب واهرب) بل عملية مستمرة» قد تشمل التحرك برا «لتطهير» معاقل الحوثيين في شمال اليمن بالتنسيق مع السلطات اليمنية.

وأشار المصدر إلى أن القوات السعودية «أعادت السيطرة على موقع صغير (كان يحتله الحوثيون على الأراضي السعودية) وضربت معسكراتهم في منطقة صعدة» شمال غربي اليمن.

ولم تصدر السعودية أي بيانات رسمية يوم أمس، حول التطورات القائمة على الأرض في مسرح الأحداث، خلاف البيان الذي أعلنت عنه أول من أمس وبينت فيه عملية التسلل ومقتل عسكري وإصابة 11 آخرين.

وجاء ذلك بعد الهجوم الذي نفذه مسلحون حوثيون على موقع لحرس الحدود السعودي داخل المملكة، وسط معلومات تفيد بزحف آليات عسكرية لمسرح الأحداث، ونصب مدفعيات في تلك المنطقة.

وقال مستشار سعودي لـ«رويترز» إنه لم يتم اتخاذ قرار بعد بإرسال قوات عبر الحدود لكنه أوضح أن الرياض لم تعد مستعدة للتسامح مع المتمردين اليمنيين.

وأضاف «بعد ما حدث أمس من الواضح أنهم فقدوا إدراكهم للواقع وبلغ الوضع مرحلة حيث لا توجد سبيل أخرى. يجب القضاء عليهم». وتشير معلومات أوردتها وكالة «رويترز»، إلى أن 40 متمردا قتلوا في عمليات الأمس لاستعادة جبل دخان، فيما أفادت مصادر محلية لـ«الشرق الأوسط» أن القذائف التي أطلقتها عناصر التمرد قتلت 5 مدنيين عزل على الجانب السعودي، 4 منهم سيدات من عائلة واحدة، وأصابت 10 آخرين بجروح. ونقلت جميع الحالات إلى مستشفى صامطة العام فيما تم تحويل حالتين إلى مستشفى الملك فهد العام. وأوضحت مصادر طبية مطلعة لـ«الشرق الأوسط» أن المتوفين هن زوجتان لرجل واحد وابنتاه، والزوجتان هما مريم الشاكر وفاطمة سليماني، أما البنتان فهما فاطم وسهام هزازي. كما تسببت القذيفة في تدمير المنزل الذي تم استهدافه في قرية القرن ومصرع عدد من المواشي تعود إلى صاحب المنزل وأثارت حالة رعب في القرى المجاورة.

وتزامنت هذه الحادثة مع اشتباكات متفرقة خاضتها القوات السعودية مع المتمردين الحوثيين في الشريط الحدودي، إذ أكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط»، أن القوات السعودية قصفت مواقع الحوثيين بكثافة منذ التاسعة من صباح أول من أمس (الأربعاء)، واستخدمت الطيران في عمليات القصف، واستمرت العمليات العسكرية حتى مساء أمس، حيث قصف الحوثيون قرى حدودية عشوائيا باستخدام قذائف «آر بي جي»، ولا تزال الأوضاع متوترة في منطقة الأحداث. وفي السياق نفسه، كثفت وحدات عسكرية من الجيش السعودي مدعومة بقوات حرس الحدود وجودها في المنطقة الحدودية الفاصلة بين السعودية واليمن لصدّ أي محاولات للتسلل من قبل الحوثيين. وبدأت المدفعية الثقيلة التي تم نصبها في الحرث بحسب معلومات حصلت عليها «الشرق الأوسط» عمليات إطلاق للنار باتجاه مواقع الحوثيين مع مغرب يوم أمس إضافة إلى تجدد التحليق الجوي للطيران بعد توقف دام لساعات.

ورغم العمليات المتبادلة فإنه لم يتضح ما إذا كانت هناك إصابات أو وفايات في جانب الحوثيين، حيث المواجهة أشبه ما تكون بحرب عصابات. وذكر الشيخ عبد الله هزازي شيخ قبائل الهزازي (أكبر قبائل الحرث) في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن اجتماعا تم عقده عصر يوم أمس بين محافظ الحرث وممثلين للجهات الأمنية والعسكرية لتنظيم العمليات وبحث آخر التطورات. وذكر هزازي أن النازحين استمروا في ترك قراهم في الغاوية ومجدعة والشانق والمزبرة والعقم وغيرها، مضيفا أن قرى لم تتلق الأوامر بالإخلاء قد غادرها سكانها بحثا عن الأمان.

وترددت أنباء عن تعرض قوات حرس الحدود السعودية إلى 15 إصابة خلال الاشتباكات الأخيرة، ونقل المصابون إلى مستشفى «صامطة» الذي يشهد وجودا أمنيا كثيفا، كما فرضت قوات الأمن طوقا أمنيا واسعا يمتد حتى منتصف محافظة الخوبة. وأكدت مصادر رسمية في إدارة الدفاع المدني بمنطقة جازان، تجهيز مخيم عاجل بعد الأحداث يضم 35 خيمة، لإيواء المواطنين الذين تم إخلاؤهم من منازلهم الواقعة في ست قرى تنتشر في المنطقة الحدودية، ويقع هذا المخيم بالقرب من مستشفى الخوبة. كما تم أمس إنشاء مخيم آخر جديد في محافظة أحد المسارحة البعيدة نسبيا عن موقع الأحداث.

وقدّرت مصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط» عدد العائلات التي تم إجلاؤها ما بين 400 و500 عائلة، متوسط كل عائلة بنحو 5 أفراد. وأوضحت المصادر أنه تتوافر في المخيمات جميع الخدمات الضرورية من مياه وكهرباء، إضافة إلى الرعاية الصحية وخدمات الإعاشة، مشيرة إلى أن الجهات الحكومية المعنية عقدت اجتماعا عاجلا مساء أول من أمس وتقرر فيه أن تتولى وزارة المالية تمويل إنشاء المخيمات وتوفير التجهيزات والخدمات الضرورية، فيما تتولى مديرية الدفاع المدني الإشراف الميداني عليها. وقال محافظ أحد المسارحة الدكتور متعب الشلهوب في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إن محافظته بدأت بنصب 400 خيمة وسط المحافظة والتي تقع غرب الخوبة وتبعد عنها حوالي 15 كيلومترا وذلك لاستقبال النازحين. وذكر أن العمل بدأ منذ ساعات الفجر على تجهيز مخيم يحوي 400 خيمة تتنوع ما بين خيام للأفراد وأخرى للعائلات وتزويدها بالماء والكهرباء. مشيرا إلى أن المخيم يحوي منطقة خدمات تضم مطابخ ومسجدا ومركزا للتوجيه والإرشاد. وأضاف الشلهوب أن المحافظة قامت بإنشاء غرفة طوارئ للعمليات المشتركة بين مختلف أجهزة المحافظة تعمل على مدار الساعة على التأكد من استقبال النازحين وإيوائهم وتقديم الخدمات الطبية للمصابين من خلال مستشفى أحد المسارحة العام. إضافة إلى توجيه الشرطة بتولي عملية تسهيل مرور الآليات العسكرية للجيش عبر طرق المحافظة.

كما أضاف الشلهوب بأن المحافظة قامت بحصر الشقق المفروشة في المحافظة وإعطاء أولوية النزول فيها للنازحين.

وقررت مديرية الشؤون الصحية تشغيل مركز الرعاية الصحية الأولية القريبة من المنطقة الحدودية على مدار الساعة، وتكوين فريق صحي متكامل من الأطباء والممرضين للعمل كفريق طوارئ لتقديم الرعاية عند الضرورة.

فيما عاد مطار الملك عبد الله بن عبد العزيز الإقليمي إلى العمل في ساعة متأخرة من مساء أول من أمس الأربعاء، بعد إغلاقه لساعات لاستقبال طائرات عسكرية نقلت تعزيزات إضافية إلى المنطقة.

إلى ذلك أدت تطورات الأوضاع في الجنوب السعودي إلى استمرار سكان القرى الحدودية، خاصة قرى الغاوية والشانق والعقم، في ترك منازلهم واللجوء إلى المناطق الداخلية بحثا عن الأمان. وبدا المشهد على الطريق المؤدي إلى الخوبة أشبه ما يكون بحالة استنفار؛ حيث انتشرت قوافل النازحين على الطريق حاملين معهم مواشيهم وأغنامهم التي تعد مصدر الرزق الأول لكثير من سكان تلك القرى. كما شوهدت آليات عسكرية تابعة للجيش السعودي على طول الطريق. وتسبب الأوضاع الأمنية في توقف النشاط التجاري في سوق الخوبة الشعبي والذي يعقد كل خميس ويعد أحد خصائص المحافظة. حيث يعد ملتقى لبيع المواشي والمنتجات الزراعية والمشغولات اليدوية التي تتميز بها المنطقة.