ضابطان سابقان في الجيش الفرنسي يزوران الجزائر للكشف عن مراكز تعذيب خلال ثورة الاستقلال

مصدر جزائري: تفاؤل فرنسي.. وجهود لطي صفحة الاستعمار وبناء علاقات جديدة

TT

أعلن رئيس منظمة فاعلة في الأوساط الحاكمة بالجزائر، أن ضابطين سابقين بالجيش الفرنسي يوجدان في الجزائر حاليا للكشف عن مراكز تعذيب فتحتها فرنسا أثناء ثورة التحرير (1954 ـ 1962). وقال إن جمعية تضم أشخاصا من البلدين تسعى لإزالة التوتر بينهما على خلفية ملف «الاعتذار عن جرائم الاستعمار».

ذكر السعيد عبادو أمين عام «منظمة المجاهدين» التي تمارس تأثيرا قويا في علاقات الجزائر بفرنسا، للإذاعة الحكومية أمس، أن «ضابطين في الجيش الاستعماري الفرنسي سابقا»، وصلا إلى الجزائر قبل أيام في إطار مهمة طلبتها السلطات الجزائرية تتمثل في الكشف عن مراكز سرية كانت الإدارة الاستعمارية الفرنسية تستخدمها، لتعذيب المجاهدين المنخرطين في ثورة الاستقلال (1954 ـ 1962). ولم يعط عبادو الذي كان وزيرا للمجاهدين منتصف تسعينات القرن الماضي، تفاصيل أخرى عن مهمة الضابطين السابقين اللذين يرجح أن عمر كل واحد منهما يتجاوز الـ70. ورجح مصدر مطلع أن مراكز التعذيب توجد بالعاصمة وبعض المدن والقرى التي شهدت ضغطا كبيرا أثناء فترة الاستعمار، بسبب نشاط المجاهدين والفدائيين وشبكات دعم الثورة بها.

وأوضح عبادو (75 سنة) أن «تفاؤلا يسود المجتمع الفرنسي حاليا بخصوص طي صفحة الاستعمار، لبناء علاقات جديدة يسودها الاحترام والثقة». مشيرا إلى أن جمعيات فرنسية «تنشط في هذا الاتجاه، وقد نشأت جمعية أخرى تتكون من فرنسيين وجزائريين، يحاولون التقريب بين البلدين». وتمر العلاقات الثنائية في شقها السياسي، بأسوأ حالاتها منذ الإعلان عن فشل مسعى التوقيع على «معاهدة صداقة» عام 2006. فقد تم إلغاء زيارة كانت ستقود الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى باريس في يونيو (حزيران) الماضي، بسبب رفض الفرنسيين التعاطي إيجابيا مع مطلب يضعه الجزائريون في مقدمة الأولويات في علاقتهم مع فرنسا، يتصل بالاعتراف بـ«جرائم الاستعمار» رسميا ودفع تعويضات لضحايا الاستعمار الذين لا يزالون أحياء، وللدولة الجزائرية أيضا.

وقد نشأت في الجزائر جماعة ضاغطة مختصة بالتعاطي مع العلاقات بين البلدين، تحول دون أي تقارب مع فرنسا ما لم يضع المسؤولون الجزائريون في أولوياتهم «شرط الاعتذار». ويعتبر عبادو رأس هذه الجماعة ومعه عبد العزيز بلخادم وزير الدولة الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، وشخصيات كثيرة في منظمات الشهداء وأبناء المجاهدين، وأساتذة جامعات وبرلمانيون. وتستفيد هذه الجماعة من دعم غير مباشر من الرئيس بوتفليقة.

وعبر عبادو عن استيائه من تصريحات وردت على لسان الرئيس نيكولا ساركوزي، جاء فيها: «لا يمكن أن نطلب من الأبناء أن يعتذروا عن أفعال آبائهم». وعلق عبادو على ذلك قائلا: «لا معنى لهذا الكلام.. نحن نتعامل مع دولة، ومطلب تقديم الاعتذار موجه إلى هذه الدولة، لذلك لا ينبغي أن نهون من الأمر بهذه الطريقة.. إن ذلك يدل على أن مستويات الساسة الفرنسيين لا ترقى إلى هذا الملف». وتابع وزير المجاهدين سابقا: «لقد أصبح الاعتذار والتعويض ضرورة، خاصة بعد أن أصدر البرلمان الفرنسي قانونا في 23 فبراير (شباط) 2005 يتحدث عن مزايا الاستعمار، ولا نفهم صراحة لماذا يتمسك الفرنسيون بمحاسبة الأتراك على ما يسمونه الجرائم المرتكبة ضد الأرمن، بينما هم يتبجحون بجرائمهم ضد الجزائريين».