نابوليتانو: قرار إغلاق غوانتانامو في يناير ما زال ساريا .. والاستراتيجية في أفغانستان متصلة بأمننا

وزيرة الأمن الداخلي الأميركي: «القاعدة» فيروس منتشر يحارب بشكل جماعي وتبادل الاستخبارات.. والخيال

TT

قالت وزيرة الأمن الداخلي الأميركي جانيت نابوليتانو إن الأمر التنفيذي الذي أصدره الرئيس الأميركي باراك أوباما لإغلاق معتقل غوانتانامو بحلول يناير (كانون الثاني) 2010 ما زال ساريا، موضحة أن «وزارة الخارجية الأميركية تجري مناقشات ثنائية مع دول أخرى كي يرسل إليها عدد من معتقلي غوانتانامو. تم مراجعة حالات كل المعتقلين بشكل فردي حول أي بلد ينبغي أن يذهب إليه كل معتقل أم يبقى في الولايات المتحدة لمحاكمته. هذه العملية متواصلة.. وهى عملية معقدة لكن المهلة الزمنية لإغلاق غوانتانامو تبقى سارية».

وأكدت نابوليتانو في دائرة مستديرة مع عدد محدود من الصحافيين البريطانيين و«الشرق الأوسط» في لندن أمس أن خطر تنظيم القاعدة ما زال عاليا وأن مواجهته «مسؤولية جماعية»، موضحة أن الاستراتيجية الأميركية حيال أفغانستان متصلة بتلك الرؤية والمخاطر الأمنية الجسيمة التي يمكن أن تترتب على ترك أفغانستان ساحة فارغة كي يعود إليها قادة وعناصر القاعدة يواصلون من خلالها التجنيد وتدريب المتطرفين والتخطيط لعمليات إرهابية حول العالم كما كان عليه الحال قبل هجمات 11 سبتمبر (أيلول). وأوضحت الوزيرة الأميركية أن «الوضع الأمني في الولايات المتحدة تحسن منذ هجمات 11 سبتمبر، إلا انه من الصعب القول إننا آمنون 100%». وتابعت «اعتقد أننا أكثر أمنا منذ 11 سبتمبر. لكن لسنا آمنين بمعنى أننا آمنون 100%. احد الأشياء التي أكررها كثيرا في أميركا هي أن الأمن مسؤولية جماعية، يتم على مستويات وطبقات مختلفة. حتى إذا فعلنا كل شيء فإنه ليست هناك ضمانة أننا في حالة أمن 100%. القاعدة والجماعات المرتبطة بها ما زالت موجودة في مناطق كثيرة من العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة نفسها، فالأحداث الأخيرة في أميركا أظهرت وجود أشخاص على الأراضي الأميركية يخططون لأعمال إرهابية ويعملون بالقرب من القاعدة.. وبالتالي حاجتنا للتعاون في مجال مكافحة الإرهاب أكثر إلحاحا. وحاجتنا لإعمال مبدأ أن الأمن مسؤولية مشتركة أكثر أهمية». وشددت الوزيرة الأميركية على أن حقيقة أن القاعدة وعناصرها والمرتبطين بها ليسوا في باكستان وأفغانستان فقط، بل في أماكن أخرى من العالم من بينها أميركا «لا يجب أن يدفعنا للارتجاف خوفا». وتابعت: «يجب أن نركز. يجب أن نكون أذكياء. يجب أن نتبادل المعلومات ولا نترك الأمر لحكومة أو دولة بعينها لاحتواء المخاطر والتقليل منها.. هناك فرق بين الانكماش خوفا وبين التعامل مع الخطر والحد منه وتطويقه». وردا على سؤال حول تأثير محاولة الاغتيال الفاشلة للأمير محمد بن نايف نائب وزير الداخلية السعودي عبر زرع أحد عناصر القاعدة قنبلة في جسده، والمخاوف من استغلال ذلك الأسلوب في هجمات على رحلات الطيران قالت نابوليتانو إن القضية تشير لأهمية متابعة البيئة المتغيرة من حولنا والتقنيات الجديدة التي يمكن أن يستخدمها المتطرفون، موضحة: «أنا لا أريد معالجة حالة بعينها، لكنني أعتقد أن علينا في عالم الأمن، أن نكون مدركين للبيئة دائمة التغير من حولنا. التغييرات المستمرة في التكنولوجيات والتقنيات التي يمكن استخدامها. واحدة من بين الانتقادات الموجهة للجنة التحقيق في هجمات 11 سبتمبر كانت أنه كان هناك فشل في الخيال أو قصور في الخيال، وهذا الفشل في الخيال قاد إلى الفشل في ربط النقاط على النحو المناسب للوصول إلى صورة أشمل. وزارة الأمن الداخلي تم إنشاؤها انطلاقا من إدراكنا لهذه الحقيقة. أحد الأشياء التي تحدت وزارة الأمن الداخلي القيام بها، والأجهزة الأمنية برمتها، هي أن لا يعانوا من فشل الخيال، وان يعترفوا أننا لا نعيش في بيئة ثابتة أو جامدة». وركزت نابوليتانو على العلاقة بين الأوضاع في أفغانستان والأمن الداخلي الأميركي، موضحة: «أعتقد أن العلاقة بين أفغانستان والأمن الداخلي الأميركي أحد العوامل الأساسية في قرارات الرئيس باراك أوباما حول ما الذي نفعله في أفغانستان وما هي الخطوة التالية. وجود القاعدة في أفغانستان من العوامل الأساسية التي يأخذها الرئيس في اعتباره». وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول ما إذا كانت تتفق مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون التي قالت إنها لا تصدق أن قادة باكستان لا يعرفون أين يوجد قادة القاعدة؟ قالت نابوليتانو «القاعدة طاعون وفيروس عالمي. وتمركز قياداته وعناصره في المناطق الحدودية بين أفغانستان وباكستان أمر معروف. وبالتالي الحاجة للعمل مع باكستان على هذا الموضوع تحديدا واضح وجلي للعيان. فكلما استهدفنا مصادر القاعدة الأساسية كلما كان العالم أكثر أمنا وأفضل حالا». وتابعت: «ما نريد فعله هو مواصلة حصار القاعدة وذلك يتم بالتعاون مع باكستان ومواصلة القيام بالتزاماتنا في أفغانستان. مستوى ذلك الالتزام وفترته الزمنية من المبكر جدا إطلاق أحكام حوله الآن». وحول إذا ما كان مقتل 5 جنود بريطانيين في أفغانستان يصعب مهمة أميركا في إقناع حلفائها والرأي العام بنجاح العملية في أفغانستان والمدى الزمني الذي يمكن أن تستغرقه، قالت نابوليتانو: «إن أميركا تعترف بالتضحيات التي تبذلها بريطانيا وشعبها في أفغانستان والولايات المتحدة نفسها ضحت في أفغانستان، لكن أفغانستان مهمة لأمن البريطانيين ولأمن الأميركيين في الداخل». وأضافت: «إذا خرجنا من أفغانستان فإن احتمال عودة عناصر القاعدة من باكستان وإعادة تمركزهم في أفغانستان بالطريقة التي كانوا عليها قبل 11 سبتمبر، بحيث كانت مركزا للتدريب والتجمع والأنشطة قوي جدا، هذا الاحتمال هو أحد العوامل التي يضعها الرئيس باراك أوباما في اعتباره عند التفكير فيما ينبغي عمله في أفغانستان». وشددت الوزيرة الأميركية على أن الرئيس الأميركي يضع الأمن الداخلي الأميركي في حساباته عند وضعه للاستراتيجية في أفغانستان. وأوضحت ردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» حول إذا ما كانت فكرة دفع أموال لعناصر من طالبان من أفغانستان لاقناعها بترك العنف قد يؤدي إلى نتائج عكسية إذا استغلت تلك العناصر هذه الاموال في التخطيط لهجمات داخل أميركا قالت: «نعرف أن القاعدة موجودة في أفغانستان وباكستان ونعرف أن لها موالين في أماكن عديدة حول العالم بما في ذلك الولايات المتحدة. ونحتاج إلى تطوير الطرق التي نواجه بها طبيعة ذلك الخطر المتغيرة. الرئيس عندما يفكر في الاستراتيجية في أفغانستان يفكر فيما يحدث هنا في أميركا».

وشددت وزيرة الأمن الداخلي الأميركي على أن الطريقة التي تنظر بها إلى قضايا الإرهاب والتطرف لا تقوم على المدخل العسكري، موضحا أن الكثير من الجهد والتركيز ينصب على التصدي للتطرف الداخلي في أميركا والوقاية ومد اليد والتواصل مع الفئات التي ربما تكون أكثر عرضة للتأثر بالخطاب المتشدد، موضحة أن أحد القضايا التي ستناقشها مع نظيرها البريطاني خلال زيارتها للمملكة المتحدة هي منع التطرف في بدايته والوقاية منه ومتابعة الأسباب التي تؤدي لظهور متطرفين من قلب المجتمعات الغربية. وحول حالة التعاون بين أميركا وبريطانيا، في ضوء قرار محكمة بريطانية كشف معلومات حساسة تتعلق بالأمن الأميركي في قضية تعذيب بنيام محمد، مما قد يؤثر على حجم أو طبيعة التبادل الاستخباراتي بين لندن وواشنطن، قالت نابوليتانو: «جزء من القدرة للوقاية من الأنشطة الإرهابية، القدرة على تبادل المعلومات، وبعض هذه المعلومات تكون ذات طبيعة سرية. وبالتالي لن أعلق على قضية معينة لكن هناك حالات رفعت فيها المحاكم الأميركية السرية عن معلومات حساسة، وبالتالي هذه حالات تحدث. السؤال هو ما هي المعلومات السرية التي يكشف عنها. اتخاذ قرارات حول هذه النقطة مسألة صعبة، لأننا نحترم المحاكم ودورها من مجتمعنا من ناحية، ومن ناحية أخرى نريد مواصلة تبادل المعلومات الاستخباراتية. إذن الموازنة بين هذين الأمرين دائما ما تكون مسألة صعبة وحساسة». وتابعت: «هناك عدة أنواع من المعلومات يتم تبادلها مع حلفائنا منذ 11 سبتمبر وما نحاول أن نفعله الآن أن نجعل تبادل المعلومات «منتظما أكثر من الناحية اللوجستية». أي يتم تبادل المعلومات في الوقت نفسه وبشكل متساو. كذلك من يتحصل على هذه المعلومات، بمعني آخر كيف يتم تبادل المعلومات مع الآخرين، في نفس الوقت الذي تريد فيه حماية الحقوق الفردية والمعلومات الحساسة وتوسيع دائرة تبادل المعلومات لخارج دول الاتحاد الأوروبي». ورفضت نابوليتانو فكرة أن تكون الولايات المتحدة أعطت اهتماما خاصة للباكستانيين في بريطانيا بسبب الهجمات في باكستان أو بريطانيا التي ثبت تورط بريطانيين من أصول باكستانية فيها، موضحة: هناك اهتمام أميركي بحالات بعينها من البريطانيين من أصل باكستاني، إلا انه ليس هناك تركيز أميركي على الباكستانيين في بريطانيا كجماعة.