المدفعية السعودية تقصف مواقع الحوثيين.. والسلطات ترصد متسللين بأزياء نسائية

مصدر سعودي مسؤول: العمليات مستمرة لحين اكتمال التطهير

الأمير محمد بن ناصر أمير منطقة جازان يقف على الوضع الميداني للأحداث (تصوير: خالد الخميس)
TT

ذكرت مصادر مطلعة أن اشتباكات وقعت بين أفراد من الجيش السعودي وعناصر حوثية تسللت إلى داخل القرى السعودية عصر يوم أمس. وكانت العناصر الحوثية قد تسللت إلى داخل قريتي الدفينية والقرن السعودية (غربي الخوبة)، التي تتمركز فيها قوات الجيش السعودي، مرتدين زيا نسائيا، ومتخفين ضمن النازحين اليمنيين، الذين أجبرهم القصف الجوي على مغادرة مواقعهم على الشريط الحدودي.

وذكرت المصادر أن اشتباكات أخرى وقعت شمال مدينة الخوبة بين عناصر حوثية وأفراد من سلاح الحدود، وذلك عند الساعة الثالثة والنصف من عصر يوم أمس، مضيفة أن قوات الجيش السعودي حاصرت المتسللين وقتلت بعضهم، بينما لاذ الباقون بالفرار.

وكانت المدفعية السعودية باشرت قرابة الساعة 12 من ظهر أمس الجمعة قصف مواقع الحوثيين في محيط جبل دخان والمنطقة الحدودية، بعد أن سبقتها طائرات حربية سعودية من طراز (إف 15) في تنفيذ عمليات استطلاعية مكثفة منذ ساعات الصباح الأولى، حيث وقعت اشتباكات متقطعة بين الوحدات العسكرية السعودية والمتمردين الحوثيين خلال الأيام الأربعة الماضية.

وكانت وكالة الأنباء السعودية قد نقلت على لسان مصدر سعودي مسؤول قوله «إلحاقا لما سبق التنويه عنه بشأن رصد وجود لمسلحين قاموا بالتسلل إلى موقع جبل دخان داخل الأراضي السعودية بالقرب من مركز خلد الحدودي في قطاع الخوبة بمنطقة جازان، وذلك في يوم الثلاثاء الموافق (15/11/1430هـ)، حيث قام هؤلاء المتسللون بإطلاق النار وتنفيذ عمليات قنص على دوريات حرس الحدود نتج عنها استشهاد الجندي أول تركي بن سالم القحطاني وإصابة أحد عشر آخر وإحراق ست سيارات تابعة لحرس الحدود مع محاولة التسلل عبر القرى الحدودية المشتركة، وحيث أكدت المملكة العربية السعودية أنها سوف تقوم بما يقتضيه واجب الحفاظ على أمن الوطن وحماية حدوده وردع المتسللين من أي جهة كانوا، فقد صرح مصدر مسؤول بأنه تم اتخاذ الآتي:

فور بدء عمليات التسلل قامت الجهات المختصة بمباشرة إخلاء القرى الحدودية المجاورة لموقع الحدث إلى مناطق آمنة، وذلك حفاظا على سلامة المواطنين والمقيمين. وقد باشرت القوات المسلحة المهام التالية:

ـ دعم حرس الحدود ببعض الوحدات من القوات المسلحة.

ـ تنفيذ ضربات جوية مركزة على أماكن وجود المتسللين في جبل دخان والأهداف الأخرى ضمن نطاق العمليات داخل الأراضي السعودية.

ـ إسكات مصادر إطلاق النار من قبل المتسللين.

ـ إحكام السيطرة على مواقع أخرى حاول المتسللون الوجود فيها».

وأشار المصدر إلى أن «دخول هؤلاء المسلحين إلى الأراضي السعودية، والاعتداء على دوريات حرس الحدود وقتل وجرح عدد منهم، والوجود على أرض سعودية هو انتهاك سيادي يعطي للمملكة كامل الحق في اتخاذ كل الإجراءات لإنهاء هذا الوجود غير المشروع، وعليه فإن العمليات سوف تستمر لحين اكتمال تطهير جميع المواقع داخل الأراضي السعودية من أي عنصر معاد مع اتخاذ التدابير اللازمة للحد من تكرار ذلك مستقبلا».

وقال شاهد عيان في مدينة الخوبة إنه شاهد أفرادا يرتدون زيا نسائيا ويحملون أغراضهم على أبقار كانت بصحبتهم في مشهد يتطابق مع بقية النازحين في تلك القرى قبل أن تداهمهم فرقة من أفراد الجيش السعودي حيث دارت اشتباكات.

وذكرت مصادر طبية لـ«الشرق الأوسط» أن عدد المصابين من أفراد الجيش السعودي وصل إلى 20 حالة إصابة معظمها من النوع الطفيف، مؤكدة استقرار وضع جميع الحالات ما عدا حالة واحدة ذكرت المصادر أنها في وضع حرج. وكان مستشفى صامطة العام قد استقبل في وقت سابق حالتين لمصابين من الجيش السعودي تعرض أحدهما لعضة ثعبان بينما أصيب آخر في ارتداد عيار ناري كان يستخدمه إلى جسده.

وكان سلاح الجو السعودي واصل أمس قصف مواقع للحوثيين، وشوهدت طائرات حربية تحلق فوق الشريط الحدودي شاركت المدفعية الثقيلة التي جرى نصبها في مواقع عدة في محافظة الحرث في قصف مواقع جبلية على الشريط الحدودي. وكان بيان صادر عن المكتب الإعلامي للحوثيين قد أكد أن طائرات حربية قصفت مواقع جبلية في صعدة من ضمنها مديرية الملاحيظ على الحدود السعودية. فيما واصل الجيش السعودي عملياته في جبل دخان.

وعلى الجانب الإنساني، ذكر محافظ أحد المسارحة الدكتور متعب الشلهوب لـ«الشرق الأوسط» أن المخيم الذي يجري إعداده في المحافظة سوف يكون جاهزا لاستقبال النازحين مع نهاية هذا اليوم (أمس)، حيث أكد أن العمل جار على إنهاء كل المتطلبات التي يحتاجها المخيم، مشيرا إلى أنه تم تزويد المخيم بعيادتين طبيتين للإسعافات الأولية.

وأضاف الشلهوب أنه تم إيواء 59 عائلة باستخدام الشقق المفروشة الموجودة في المحافظة، وكذلك مرافق النادي الاجتماعي بالمسارحة. كما أكد الشلهوب أن حالة الطوارئ في مستشفى المسارحة العام قد تم رفعها إلى المستوى الأصفر. وكان الأمير محمد بن ناصر أمير منطقة جازان قد اطلع يوم أمس على سير العمل في المخيم الذي يتولى الدفاع المدني إقامته وبتعاون مع وزارة المالية.

وذكر عبد الله هزازي شيخ قبائل الهزازي في محافظة الحرث لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الاشتباكات أدت مباشرة إلى عمليات نزوح أكبر من سكان الخوبة والقرى المجاورة، حيث انتشرت قوافل النازحين على طول الطريق المؤدي من الخوبة إلى أحد المسارحة حيث تقيم السلطات السعودية مخيما للنازحين يحتوي على 400 خيمة. وقال هزازي «الأمر أشبه ما يكون بالنفرة إلى مزدلفة، فالناس غادروا منازلهم وقراهم سواء بسياراتهم أو على أرجلهم بعد هذه الاشتباكات»، مشيرا إلى أنه وعلى الرغم من عدم صدور أوامر بإخلاء مدينة الخوبة (حاضرة محافظة الحرث) فإن معظم سكانها غادروها.

ورصدت «الشرق الأوسط» انتشار وحدات عسكرية تابعة للقوات البرية الملكية السعودية على طول الطريق المتجهة إلى بلدة الخوبة، مركز محافظة الحرث، تساندها آليات عسكرية تابعة لمشاة القوات البحرية الملكية السعودية وأخرى تابعة لقوات الطوارئ الخاصة، وحرس الحدود، والمجاهدين، والدوريات الأمنية والمرور.

وأحكمت الأجهزة الأمنية السعودية رقابتها على محيط المنطقة الحدودية والطرق المؤدية إليها، بعد أن نشرت نقاط تفتيش أمنية يشدد رجال الأمن العاملون فيها على تدقيق هويات الداخلين والخارجين من المنطقة، وتفتيش السيارات تفتيشا كاملا، والاستفسار من المتجهين إلى المنطقة عن سبب مجيئهم.

وأكد شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» أن القوات السعودية قصفت أول من أمس (الخميس) مواقع الحوثيين في محيط جبل دخان وغيره من المواقع الحدودية القريبة باستخدام مدافع الميدان، فيما أغار الطيران بشكل متقطع على تلك المواقع طوال اليوم، قبل أن يعم الهدوء التام المنطقة منذ الساعة العاشرة ليلا.

وفي سياق ذي صلة، استنكر مجلس الشورى السعودي عمليات التسلل والتجاوزات التي قام بها مسلحون إلى داخل أراضي المملكة بمنطقة جازان بجبل الدخان، والمجاورة لحدود جمهورية اليمن الشقيقة، وما قاموا به من إطلاق النار على عدد من رجال حرس الحدود الذين كانوا يؤدون واجب العمل على تأمين الحدود من الجانب السعودي أسفر عن استشهاد رجل أمن وإصابة عدد من جنود حرس الحدود.جاء ذلك في بيان أصدره رئيس مجلس الشورى الشيخ الدكتور عبد الله بن محمد بن إبراهيم آل الشيخ، أكد فيه قدرة المملكة العربية السعودية في ظل قيادتها الحكيمة على حماية أراضيها وتأمين حدودها وردع المعتدين، ووضع حد لكل من تسول له نفسه القيام بأي عمليات تسلل أو تخريب، والتي سيكون مصيرها الفشل الذريع «بإذن الله».

وأدان الدكتور آل الشيخ المحاولة اليائسة للفئة المعتدية لجر المملكة لصراع تنأى بنفسها عنه، مضيفا أن المملكة منذ تأسيسها تقوم على مبادئ واضحة تهدف إلى عدم التدخل في شؤون الدول الأخرى والعمل دائما لإحلال السلام والأمن والاستقرار في المنطقة وفي كل شبر من العالم، مستهدية في ذلك بما حث عليه كتاب الله وسنة رسوله المصطفى عليه الصلاة والسلام.

وأكد رئيس مجلس الشورى أن مثل هذه الأعمال لا تؤثر على كيانات الدول ولن تنال أي مكتسبات ولن تحقق أي هدف، لافتا إلى أن ما قامت به هذه الفئة الضالة يعد جريمة بشعة وغدرا منكرا استهدف فاعلوه جنودا ومواطنين آمنين، وسفكوا الدم المحرم، مستبيحين بذلك قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق «ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق».