اليمين يرحب واليسار محبط والليبراليون يحذّرون

ردود الفعل في إسرائيل على إعلان أبو مازن

TT

تباينت الآراء في إسرائيل حول إعلان الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن)، عدم رغبته في الترشيح لانتخابات الرئاسة. ففي حين رحّب اليمين المتطرف بهذا القرار معتبرا أبو مازن أخطر من حركة حماس، رد اليسار بإحباط شديد. وقال الليبراليون إن غياب أبو مازن مقلق للغاية ومن شأنه أن يؤدي إلى تدهور خطير في المنطقة. أما الحكومة الإسرائيلية فجاء ردها حذِرا وينطوي على بعض المخاوف من أن تقدم الإدارة الأميركية على خطوات لإرضاء أبو مازن من شأنها أن تمس بمصالح إسرائيل وتشكل تراجعا على تراجع في موضوع الاستيطان.

ونشرت صحيفة «هآرتس»، أمس، خبرا مفاده أن الرئيس الأميركي، باراك أوباما، بدأ فعلا العمل على إرضاء أبو مازن، وأن من بين الأمور التي ينوي القيام بها في هذا السبيل، الإعلان عن أن الولايات المتحدة لم تغيّر سياستها، وما زالت ترى في القدس الشرقية منطقة محتلة وتؤمن بأن السلام في المنطقة يجب أن يقوم على أساس إنهاء الاحتلال الإسرائيلي من سنة 1967 وإقامة دولة فلسطينية ترسم حدودها على أساس تلك الحدود.

وكانت الحكومة الإسرائيلية قد امتنعت عن التعليق رسميا على إعلان أبو مازن. وقال مصدر سياسي باسمها إن هذه قضية فلسطينية داخلية، وإسرائيل ليست لاعبا في الملعب الفلسطيني. وهي ترى في أبو مازن شريكا في عملية السلام، وتريد فعلا أن تفاوضه على السلام. وأضاف: «إذا جاء أبو مازن إلى طاولة المفاوضات سيفاجأ باستعداد نتنياهو الكبير ونواياه الجدية للتوصل معه إلى اتفاق سلام».

ولكن مصادر أخرى سرّبت للصحافة الإسرائيلية مواقف أخرى. فقال أحدهم لصحيفة «يديعوت أحرونوت» أن إعلان أبو مازن هو لعبة سياسية هدفها إجبار الإدارة الأميركية على ممارسة ضغوط على إسرائيل في موضوع تجميد الاستيطان. وقال آخر إن أبو مازن يبني كل سياسته على الولايات المتحدة، ولا ينوي عمل شيء مستقل. وقال مسؤول ثالث إنه سمع نتنياهو يقول إن أبو مازن يفتقد الشجاعة الكافية حتى يقول الحقيقة لشعبه، وهي أن القيادات الفلسطينية فاشلة في القيام بدورها لخدمة مصالحه. ولا تمتلك الشجاعة للاعتراف بأنها وضعت لهذا الشعب سقفا عاليا لا تستطيع إيصاله إليه.

وكانت تصريحات وزير الدفاع، إيهود باراك، الذي يقود حزب العمل، الحزب الذي توصل مع منظمة التحرير الفلسطينية إلى اتفاقات أوسلو، ضبابية إزاء إعلان أبو مازن. فقال إن حكومة إسرائيل تريد إدارة عملية سلام جدية مع السلطة، ولا تتعامل مع أشخاص بل مع ممثلي شعب.

بيد أن اليمين المتطرف لم يستطع إخفاء ابتهاجه بإعلان أبو مازن. وقال أريه الداد، عضو الكنيست عن حزب الاتحاد القومي اليميني المعارض، في حديث لـ«إذاعة المستوطنين»: «أبو مازن هو ألد أعداء إسرائيل وسياسته أخطر على إسرائيل من حماس. فهو يقنع العالم بأنه معتدل، ولكنه يدير أخطر حملة تحريض على إسرائيل. وبينما تتكلم حماس بلهجة عدائية واضحة تجاه إسرائيل، ويعزلها العالم، نجد أبو مازن يقنع العالم بوجهة النظر الفلسطينية ويظهر نفسه ضحية. ولذلك، يجب أن يذهب، وبلا رجعة».

من جهة ثانية عبر أوفير بنيس، وهو من المتمردين على باراك في حزب العمل، عن قلقه الشديد من تبعات غياب أبو مازن. وقال: هناك خطر حقيقي بحصول تدهور سياسي وأمني في المنطقة، تتفكك فيه حركة فتح وتسيطر حماس على الضفة الغربية بمساندة بعض عناصر فتح التي تؤمن بالعودة إلى العمل المسلح، «وتصبح فيه المنطقة بأسرها على كف عفريت، وعندئذ سنشتاق كثيرا لأبو مازن». وفي اليسار الراديكالي، قال يوسي بيلين، أحد صانعي أوسلو، والرئيس السابق لحزب ميرتس، إنه يعرف نية أبو مازن مسبقا «فقد كانت لي معه عدة لقاءات في السنوات الأخيرة ولم يخفِ إحباطه كل مرة جراء السياسة الإسرائيلية». وأضاف أنه يصدق أبو مازن، فهو لم يلقِ هذا الخطاب لمجرد التكتيك السياسي. إنما هو محبط فعلا. فقد بنى آمالا كبيرة على انتخاب أوباما رئيسا للولايات المتحدة. وصدمه هذا بتراجعه في موضوع الاستيطان. ودعا بيلين حكومة إسرائيل إلى إدراك خطورة المرحلة وإحداث انعطاف في سياستها لصالح عودة أبو مازن والتعاون معه في عملية السلام. وقال: «إن عملية السلام مهمة ليس فقط للفلسطينيين، بل أيضا لإسرائيل».

وطرح في الصحافة الإسرائيلية، أسماء المرشحين لخلافة أبو مازن في حالة إصراره على الاعتزال، وهم: مروان البرغوثي، أمين سر حركة فتح السابق في الضفة الغربية، الذي يمضي منذ ست سنوات محكمية بالسجن أربع مؤبدات، لكن إسرائيل ترفض إطلاق سراحه في صفقة تبادل الأسرى مع حماس، ومحمد دحلان، وجبريل رجوب، القائدان السابقان لجهاز الأمن الوقائي الفلسطيني، وثلاثتهم انتخبوا أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح، وأمضوا سنوات من الاعتقال في السجون الإسرائيلية وتعلموا فيها اللغة العبرية. وكذلك طرحوا ثلاثة أسماء أخرى هي: ناصر القدوة، ابن أخت الرئيس الراحل ياسر عرفات، ونبيل شعث، وأحمد قريع، والأخيران مفاوضان معروفان مع إسرائيل منذ اتفاقيات أوسلو.