وكالة الطاقة الذرية تطلب توضيحات من إيران حول تجربة نوع جديد من الرؤوس النووية

متقي: طهران تريد تقديم «تفاصيل جديدة» حول ردها على الوكالة الذرية

إيرانية تحمل صورة عليها الخميني وخامنئي في أحد شوارع طهران (ا.ب)
TT

طلبت الوكالة الدولية للطاقة الذرية من إيران توضيحات بشأن تجارب مفترضة بينها تجربة نوع جديد من الرؤوس النووية، بحسب ملف سري كشفته صحيفة الغارديان البريطانية أمس.

وبحسب وثائق الوكالة التي تستند إليها الصحيفة البريطانية، فإن علماء إيرانيين أجروا تجربة على رؤوس «ذات انفجار داخلي مزدوج»، وهي تكنولوجيا متقدمة صنفتها الولايات المتحدة وبريطانيا سرية. وإذا ما تحكم الإيرانيون بهذه التكنولوجيا المتطورة جدا، فإنها ستسمح لهم بإنتاج رؤوس أصغر وأبسط لصنع النماذج الكلاسيكية.

وهذا التطور الذي لم يكن يتوقعه الغربيون، يزيد من الحاجة الماسة إلى إيجاد حل للأزمة الدبلوماسية حول البرنامج النووي الإيراني الذي تؤكد طهران أنه لأغراض مدنية بحتة، في حين يشتبه الغربيون في أن وراءه أهدافا عسكرية، كما تقول الصحيفة.

والعناصر حول التجارب الإيرانية واردة في ملف الوكالة الدولية للطاقة الذرية الذي يحمل عنوان «أوجه عسكرية محتملة للبرنامج النووي الإيراني»، ومصدرها تقارير أجهزة استخبارات غربية.

واعتبر مستشار حكومي أوروبي حول الطاقة النووية أوردته الصحيفة دون كشف هويته، أن «تمكن إيران من العمل على هذا النوع من الرؤوس أمر يدعو إلى الدهشة».

واقترحت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في 21 أكتوبر (تشرين الأول) اتفاقا ينص على إرسال اليورانيوم الإيراني المنخفض التخصيب إلى الخارج للحصول على وقود لمفاعلها للأبحاث في طهران وهو اقتراح يهدف إلى تهدئة المخاوف حيال البرنامج النووي الإيراني. إلا أن طهران لم توافق ولم ترفض هذا العرض حتى الآن بشكل نهائي ورسمي. فيما وافق المفاوضون الثلاثة الآخرون (الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا) على هذا المشروع. لكن طهران لم توافق على هذا العرض ولم ترفضه حتى الآن، بل اقترحت إجراء محادثات جديدة حول الموضوع.

من ناحيته، أعلن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي أن إيران تريد تقديم توضيحات إضافية للوكالة الدولية للطاقة الذرية حول ردها على عرض الوكالة بشأن الوقود النووي.

وقال متقي بحسب ما ذكر التلفزيون الإيراني الرسمي أمس: «لدينا اقتراحات وتوضيحات نضيفها ولم نعلن عنها بعد (للوكالة الدولية للطاقة الذرية)». وأضاف الوزير الإيراني «لدينا ثلاثة خيارات: تخصيب اليورانيوم بنسبة 20%، وإنتاج الوقود في إيران بالذات، وشراؤه من الخارج أو مقايضته مع اليورانيوم المخصب بنسبة 5.3% للحصول على وقود مخصب بنسبة 20%».

وقال متقي أيضا إن القوى الكبرى الأجنبية «ينبغي أن تختار بين هذه الخيارات المختلفة، وإن وجهة نظري الشخصية هي أن تشارك في جولة مفاوضات جديدة».

وأضاف «إن الجمهورية الإسلامية في إيران تدرس كل فكرة، وقد تمت دراسة هذا الاقتراح (المقايضة) أيضا». من جهة أخرى، انتقد متقي بحدة تصريحات فرنسا ووزير خارجيتها برنار كوشنير حول الملف النووي، وقال: «ستؤدي تصريحاتهم ومواقفهم إلى تقليص دورهم».

وأعرب كوشنير عن «قلقه» حيال قمع التظاهرات في طهران الأربعاء، وحيال الملف النووي، محذرا من احتمال وقف المفاوضات بين القوى الكبرى الست وطهران. وقال إن «الحكومة التي تمارس القمع لديها وترفض الحوار مع الخارج ليس تصرفها فأل خير».

وقال متقي في حديث نقلته وكالة «فارس»: «نحن معتادون على تصريحات كوشنير السطحية التي ينقصها الاطلاع، ونعتقد أن هذا النوع من التصريحات التي تغيب عنها الواقعية تضر أولا بمصالح الفرنسيين». وتابع: «لكي يتمتع كوشنير برؤية أكثر وضوحا للمشكلات الفرنسية الداخلية، أنصحه بزيارة الضاحية الباريسية من وقت إلى آخر للاطلاع على انتهاكات حقوق الإنسان».

وعلى صعيد ذي صلة، قال رجل دين إيراني محافظ إن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملزَمة قانونا بإمداد إيران بالوقود النووي لمفاعلها للأبحاث دون شروط. وقال أحمد خاتمي عضو مجلس الخبراء الذي يمكنه تعيين أو إقالة الزعيم الأعلى للبلاد في خطبة الجمعة التي بثتها الإذاعة الرسمية إن طهران مستعدة لإنتاج الوقود لمفاعلها إذا ما أصرت القوى العالمية على الاتفاق. وقال خاتمي للمصلين في جامعة طهران: «الوكالة الدولية للطاقة الذرية ملزمة قانونا بتقديم الوقود... إذا أردتم اللعب معنا فيمكنني أن أؤكد لكم أننا سننتجه بأنفسنا»، وأضاف: «الأمة الإيرانية تتمتع بالحكمة ولن تخدع بالاتفاق النووي». وقال خاتمي: «لماذا يتعين علينا أن نرسل مخزوننا من اليورانيوم منخفض التخصيب إلى الخارج... من يضمن أنكم ستمدوننا وقتها بالوقود المطلوب؟». وحاولت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا وروسيا والصين لسنوات إقناع إيران بوقف أنشطة تخصيب اليورانيوم مقابل حوافز اقتصادية وسياسية. وحتى الآن ترفض طهران وقف التخصيب. وقال خاتمي إن إيران لا تنوي الإذعان لضغوط الغرب بشأن برنامجها النووي. وأضاف في الخطبة التي بثتها الإذاعة على الهواء: «لا أحد يقايض على الحقوق النووية المشروعة للأمة الإيرانية». واستبعد خاتمي إجراء محادثات مع واشنطن التي قطعت علاقاتها مع طهران بعد فترة قصيرة من اندلاع الثورة الإسلامية عام 1979.

وقال خاتمي مرددا ما قاله الزعيم الأعلى الإيراني آية الله على خامنئي يوم الثلاثاء من أن إيران لن تنخدع وتدخل في مصالحة مع واشنطن: «ما بقيت العقلية المتغطرسة للزعماء الأميركيين فلن تنخرط الأمة الإيرانية العظيمة في محادثات آثمة معهم».

وعلى صعيد آخر، ذكر مسؤولون في هيئة بنوك الأوفشور المصرفية الماليزية أمس أن العقوبات التي فرضتها الولايات المتحدة على الفرع الماليزي لمصرف «ملت» الإيراني لن تؤثر على عملياته في ماليزيا. وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية فرض عقوبات على «فيرست إيست إكسبورت بنك» وهو فرع بنك «ملت» لاتهامه بتشجيع انتشار أسلحة الدمار الشامل عبر «تسهيله حركة ملايين الدولارات إلى برنامج إيران النووي». إلا أن مسؤولا كبيرا في هيئة الخدمات المالية لبنوك الأوفشور في جزيرة لابوان صرح لوكالة الصحافة الفرنسية أن «العقوبات الأميركية لن تؤثر على العمليات في لابوان». وقال المسؤول الذي طلب عدم الكشف عن هويته إن العقوبات ستؤثر فقط على عمليات الفرع مع الولايات المتحدة. وأضاف أن الهيئة تضمن قيام البنك بعمليات «شرعية وصحيحة». وأكد أن ممارسات البنك «متطابقة مع المعايير الدولية، وسنضمن توافق الشركات كافة في لابوان مع المتطلبات الدولية وسنتخذ خطوات حاسمة ضد أي جهة لا تطبق تلك المعايير». وفي عام 2008 فرض مسؤولون أميركيون عقوبات على ثلاثة مصارف إيرانية من بينها بنك «ملت» بتهمة تمويل انتشار الأسلحة.