رسالة إنترنتية باسم نضال حسن تشبه الانتحاريين بالكاميكازي اليابانيين أثارت انتباه السلطات

نضال تأثر بالإصابات العقلية والنفسية التي شاهدها عندما كان يعمل طبيبا نفسيا

TT

في الوقت الذي تسعى فيه السلطات لفهم ما حدث في فورد هود، تُرسم صورة مشوشة ومتناقضة لهذا الرجل الذي ولد لمهاجرين فلسطينيين. وقد حصل على تدريب طبي مع الجيش وقضى حياته المهنية يعمل لدى الجيش، ولكن يقال إنه تحوّل إلى شخص عنيف ضد زملائه في الجيش.

وقالت عمته نويل حسن في مقابلة أجريت معها من مدينة فولز تشيرتش، إنه تحمل مضايقات تعرض لها كمسلم لأعوام بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر(أيلول) وأنه سعى على مدى عدة أعوام إلى إعفائه من العمل في الجيش. وتضيف:«أعرف ذلك. يمكن لبعض الناس تحمله، ولا يمكن للبعض الآخر. لقد استمع إلى ذلك، وكان يريد أن يترك الجيش ولم يسمحوا له على الرغم من أنه عرض دفع مقابل التدريب الطبي الذي حصل عليه». ويقول جورج رايت، وهو متحدث باسم الجيش، إنه لا يستطيع أن يؤكد أن حسن طلب تسريحه من الخدمة في الجيش. وقضى حسن قرابة حياته المهنية في مركز وولتر ريد الطبي التابع للجيش في واشنطن يرعى ضحايا الصدمات، وكان يتحدث بصراحة عن معارضته الشديدة للحربين في العراق وأفغانستان. وتقول السلطات إن التقارير أفادت يوم الخميس بأن حسن، الذي تعرض لطلق ناري خلال أخذه إلى السجن، في حالة مستقرة داخل أحد المستشفيات. وتقول وكالة «الأسوشيتد برس» إن حسن جذب انتباه سلطات تطبيق القانون خلال الأشهر الأخيرة بعد رسالة عبر الإنترنت تحت اسم «نضال حسن» شبه فيها الانتحاريين الإسلاميين بطياري الكاميكاز اليابانيين. وجاء في الرسالة: «القول بأن هذا الجندي قام بالانتحار غير مناسب. ولكن المناسب هو أن نقول إنه بطل شجاع ضحى بحياته من أجل هدف نبيل».

ويقول من يعملون معه إنه يتجنب زميلاته، وأنه على الرغم من تدينه كان يقول في سجلات الجيش إنه ليس له ميول دينية. ويقول زميل من وقت طويل في وولتر ريد يقوم بتحويل المرضى إلى الأطباء النفسيين إن الزملاء كانوا يتجنبون إرسال أفراد الخدمة إلى حسن بسبب سلوكه الغريب وميله إلى الوحدة. يشار إلى أن حسن تخرج عام 1997 في فيرجينيا تك وذهب ليحصل على درجة الدكتوراه في الطب النفسي بجامعة الخدمات النظامية للعلوم الصحية في بيثيسدا. وفي الفترة من 2003 حتى الصيف الماضي، كان يعمل طبيبا مقيما وبعد ذلك زميلا في وولتر ريد، حيث عمل وسيطا بين الجنود الجرحى وطاقم الطب النفسي في المستشفى. وقد تأثر بالإصابات العقلية والنفسية التي شاهدها عندما كان يعمل طبيبا نفسا في وولتر ريد على مدى قرابة 8 أعوام، حسب ما تقوله عمته. وتضيف أنه في المناسبات القليلة التي تحدث فيها معه عن العمل كان يخبرها عن الجنود الذين أنهكهم ما رأوه. وأضاف أن أحد المرضى كان يعاني من حروق في وجهه لدرجة أن «وجهه كان ذات تقريبا». «قال لنا كيف أن ذلك يضايقه كثيرا».

وتشير إلى أن حسن «لم يكن له الكثير من الصداقات» و«لم يكن يكون صداقات سريعا». ولم تكن له صديقة ولم يكن متزوجا وكان يقول إن «الجيش هو حياته».  وقال الطبيب النفساني في إحدى المرات إن «المسلمين يجب أن يقفوا ويقاتلوا المعتدي» وأنه يجب على الولايات المتحدة أن تكف عن الحرب في العراق وأفغانستان بالمقام الأول، حسب ما جاء في مقابلة مع الكولونيل تيري لي، وهو زميل في العمل، على «فوكس نيوز». وقضى مالك حسن معظم حياته في ولاية فيرجينيا وانتقل من منطقة روانوك في منتصف الثمانينات وأصبح صاحب مطعم ناجح في فينتون، وهي مدينة صغيرة على طريق السكة الحديدية بها 7800 ساكن وتقع شرق روانوك. وكان من بين نشاطاته التجارية «كابيتال» وهو مكان لتناول البيرة في ماركت ستريت ومحل البقالة «كوميونيتي» في إلم أفينيو ومطعم وحانة مونت أوليف. ومات الأب في عام 1998 عن 52 عاما بعد أزمة قلبية داخل المنزل. شارلز غارليك الذي يعيش في الجهة المقابلة من الشارع لعائلة حسن في فينتون، وصف نضال حسن بأنه هادئ ومتحفظ. وقال: «في كل مرة كنت أراه كان يحمل حقيبة كتب على كتفه. شقيق نضال الأصغر إياد ـ ولقبه إيدي ـ لعب كرة القدم مع ابن غارليك زكريا. لكن نضال الذي تخرج من ثانوية ويليام بيرد لم يكن اجتماعيا». أما والدة نضال، حنان، التي كانت تعرف باسم نورا فاشتهر عنها بأنها المحافظة على السلام في المطاعم التي تملكها الأسرة. وقد عانت من ألم في الكلية وماتت في عام 2001 في سن 49. ودفن الزوجان في كنيسة فولز. وقال أمير الزبيدي رئيس وإمام مركز الكوفة للمعرفة الإسلامية إن عائلة حسن كبيرة ولها جذور عميقة في وادي روانوكي. وقد عمل مالك مع أخيه جوزيه في ماونت اوليف، كان الاثنان يقومان بطهي العديد من الأطباق من بينها كباب الحملان ومحشى ورق العنب. لكن الوفاة المبكرة لمالك ونورا حسن تركت العائلة مشتتة. وأشارت عمته إلى أن نضال تطوع في الجيش بعد المدرسة الثانوية رغم اعتراض والديه ودرس في جامعة فيرجينيا وبرع في الكيمياء الحيوية. أما إياد حسن الذي يبلغ من العمر الآن 28 عاما، فتخرج من جامعة جورج ماسون ويعيش في ستيرلنغ. أما أخوهم الآخر، أنس، فقد درس في جامعة فيرجينيا وعاش في كينغستون قبل أن ينتقل إلى القدس للعمل كمحام. وأضافت:«كان نضال كواحد من أبنائي، يقضي الإجازات ووقت فراغه في منزلي». وقال فضل الله خان إمام المسجد السابق في المركز الإسلامي «برز نضال لأنه كان يحضر في بعض الأوقات بالزي العسكري». وقال خان:«آتي إلى المسجد مرة أو مرتين ليبحث عن فتاة مناسبة كي يتزوجها. ولا اعتقد أنه وجد الفتاة التي تناسبه لأنه وضع الكثير من الشروط فقد كان يرغب في الزواج من فتاة متدينة جدا وتصلي الفروض الخمسة». خلال سعيه للبحث عن شريكة حياته ملأ نضال استمارة في مكتب للتوفيق بين راغبي الزواج من المسلمين قال فيها إنه:«هادئ ومتحفظ حتى مع الأشخاص المألوفين لدي، وأنا مرح ومتدين وحسن المظهر».

وقال أرشاد قرشي رئيس هيئة الأمناء في مركز الجالية المسلمة في سيلفر سبرينغ:«كان هادئا ومتحفظا. ولا يمكنني القول إن أحدا كان يعرف عنه شيئا سوى أنه يؤدي الصلوات في المركز. فلم نره يحضر أي فعاليات سواء في مدرسة الأطفال أو الاحتفالات. ولم يخرج عن مساره ويختلط بالآخرين. وهناك الآلاف من الأفراد الذين يحضرون إلى هنا لتأدية الصلوات وهو واحد منهم». وقال زميل نضال في والتر ريد إن نضال لم يسمح بالتقاط صور له مع الفتيات العاملات في والتر ريد عندما كان الموظفون يقومون بالتقاط صور جماعية في كل موسم عيد ميلاد. وكان زملاؤه العمال دائما ما يضعون صورا فردية له على لوحة الإعلانات دون إذن منه.

وقال لي لشبكة فوكس نيوز إن نضال:«كان يأمل في أن يقوم الرئيس باراك أوباما بسحب القوات الأميركية. وعندما لم تسر الأمور بهذه الطريقة أصبح أكثر تألما وإحباطا من الصراع هناك. وأعلن عن آرائه بشأن التدخل الأميركي في العراق وأفغانستان».

وعندما تحدث بشأن قتال«المعتدين» قال إن زملاءه من الجنود يجب أن ينهضوا ويساعدوا القوات المسلحة في أفغانستان والعراق. وتقول عنه الملازم أول إليزابيث وايتسايد التي عالجها الطبيب النفسي في والتر ريد خلال التعافي من طلق ناري من إصابة لها في العراق إن نضال مؤدب ويتسم بالاحترام. وتذكر وايتسايد جدية نضال. فخلال تقييمه الأول لها حاولت أن تبدو مرحة فعندما سعل قالت له «يرحمك الله» فرد عليها نضال بالقول لقد سعلت ولم أعطس.

وقال النائب الجمهوري ماك كويل (النائب عن ولاية تكساس) للصحافيين بعد جلسة استماع بشأن إطلاق النار إن نضال تلقى تدريبا متقدما في الرماية. وعندما استدعى الجيش إياد حسن لنقل الأخبار من فورت هود يوم الثلاثاء قالت عمته إن شقيقه أغشي عليه عندما سمع بالأنباء. وقالت إن إياد علم في البداية أن شقيقه أصيب وهو يخضع لجراحة ثم أخبر فيما بعد انه توفي. وتشير عمته إلى أنه كان عاشقا لفريق ريد سكينز، وأنه كان تسليته الوحيدة، فلم يكن من هواة مشاهدة الأفلام، وقد عمل بجد خلال سنوات الدراسة وأغرق نفسه في عمله.

لم تكن عمته تدرك أنه سيقوم بذلك وقالت:«لم يتصل أو يخبر أحدا أو يرسل برسالة إليكترونية بأي أمر كهذا». وكانت رسالته الأخيرة لي مقتضبة قال لي فيها:«مرحبا عمتي. كيف حالك؟».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الاوسط»