مستشار رئيس حكومة الجنوب: دولة الجنوب المستقلة لم يبق لها إلا «سك العملة»

قال: في حال الانفصال لن نبدأ من الصفر.. تقرير ألماني: دستور دولة جنوب السودان تم إعداده

TT

كشف تقرير ألماني عن خطط لحكومة جنوب السودان للانتهاء في العامين القادمين من تشييد «خط سكة حديد» يصل بين عاصمة الجنوب جوبا وميناء مومباسا الكيني، الواقع على المحيط الهندي، وذكر التقرير أن دستور الدولة الجديدة في جنوب السودان قد تم إعداده، في وقت قال فيه مسؤول من جنوب السودان، إن نواة انفصال جنوب السودان موجودة، وفي حالة حدوثه لن يبدأ الجنوب من الصفر. وقال إن دولة الجنوب المستقلة لم يبق لها إلا «سك العملة»، ولكن قيادي آخر في الحركة الشعبية قال لـ«الشرق الأوسط» تعليقا على التقرير الألماني، إن المشروعات التي تجري الآن في جنوب السودان «لا تعني بأي حال من الأحوال عملا منظما من قبل الحركة الشعبية للانفصال». وشدد اتيم قرنق، نائب رئيس البرلمان والقيادي في الحركة الشعبية، أن الحركة تعمل منذ توقيع اتفاق السلام من أجل الوحدة ومن أجل السودان الجديد، «ولكن الشريك حزب المؤتمر الوطني يريد أن يواصل في السودان القديم»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن تلك المشروعات ليست ترتيبات الانفصال، وإنما عمل يهدف إلى انتشال الجنوب من الفقر، وربط السودان بدول الجوار جنوبا وبدول الجوار شمالا، خاصة عبر مشروعات السكك الحديدية، وحسب قرنق، فإن «سيناريو الانفصال مسؤولية الشريكين «عليهما الجلوس معا لوضع هذا السيناريو»، وشدد «هذا ليس مسؤولية الحركة الشعبية، فهي تعمل لتنمية الجنوب بافتراض أن السودان دولة موحدة». وذكر التقرير المعنون بـ«سكة حديد للاستقلال» والصادرة عن مركز «جيرمان فورين بوليسي» للسياسة الدولية، أن حكومة مدينة جوبا تعد نفسها للانفصال بعد الاستفتاء المقرر إجراؤه في السودان عام 2011، وترى في مشروع السكة الحديد أهم مصدر لتوفير الموارد المالية لدولة «السودان الجديد» التي تريد إعلانها كدولة مستقلة للجنوبيين. وأوضح التقرير أن هدف الجنوبيين من إقامة خط السكة الحديد هو «إنهاء اعتمادهم كليا على السودان في تسويق مواردهم ونقل النفط والمواد الخام المتوافرة بكميات هائلة في الجنوب إلي الساحل الكيني مباشرة، وتصديرها من هناك للمشترين في العالم دون حاجة لمرورها بعد «الاستقلال» في أراضي الشماليين. وأشار التقرير إلى أن إعادة إحياء الخطط القديمة التي وضعتها شركات ألمانية لإقامة خط سكة حديد جنوب السودان، مرتبطة بسعي عدد كبير من دول شرق أفريقيا على قدم وساق لتطوير بنيتها التحتية بتمويل من مصادر مالية دولية من بينها ألمانيا. ورأت أن عمليات التطوير الكبيرة الدائرة هناك ستعيد رسم الحدود السياسية والجغرافية والثقافية لشرق أفريقيا من جديد خلال القرن القادم. وتوقع التقرير الألماني أن يصوت أغلبية سكان الجنوب في الاستفتاء على خيار الانفصال عن الشمال، وتأسيس دولة «السودان الجديد». ولفتت إلى أن وكالة التطوير الألمانية «جي تي زد» استعدت لقيام هذه الدولة الانفصالية الجديدة ببرنامج دعم طويل المدى يتضمن بناء المساكن وشبكة لمياه الشرب والري والصرف الصحي وإعادة بناء الشرطة، إضافة لتخطيط شوارع جوبا العاصمة المستقبلية «للسودان الجديد». وأوضح أنه حتى دستور الدولة المنتظرة بجنوب السودان قد تم إعداده في معهد ماكس بلانك للقوانين الأجنبية العامة والقانون الدولي بمدينة هايدلبيرغ. وقال التقرير إن الإجابة عن سؤال بشأن كيفية تمويل الدولة الانفصالية الجديدة لنفسها كان مثار بحث في ألمانيا، التي لا تشك في وجود قاعدة اقتصادية أساسية لهذه الدولة، تتركز فيما ستضع عليه يدها من موارد كبيرة للنفط والمواد الخام والمعادن النفيسة الموجودة في أراضي الجنوب»، مشيرا إلى أن تصدير هذه المواد يجري حتى الآن عبر شمالي السودان، وهو ما سيرفضه الجنوب بعد استقلاله، في حين ستمارس ضغوطا قوية للاحتفاظ بهذا الحق. وأرجع التقرير الألماني بداية مشروع إقامة سكة حديد جوبا ـ مومباسا، إلى اتفاق المتمردين الجنوبيين مع شركة ألمانية متخصصة لإنجاز هذا الخط ليكون ركيزة لتصدير النفط والمواد الخام من جنوبي السودان. وكشف أن هذا المشروع حظي بدعم من دوائر ألمانية رسمية، ورأى فيه استراتيجيون جنوبيون شريان الحياة لدولتهم المرجوة. وذكر التقرير أن خط القطارات الذي تم تجميد تنفيذه لأسباب مختلفة بعد توقيع اتفاقية السلام عام 2005، عادت إليه الحياة مجددا بعد بدء شركة «تورميهلن» الألمانية عام 2007 مفاوضات لتشييده مع حكومة أوغندا. وأشار إلى أن حكومة جوبا الراغبة في استباق موعد الاستفتاء بوضع قضبان قطارها المأمول على الأرض، تمارس ضغوطا متزايدة، ورصدت مبلغ عشرين مليون دولار أميركي كدفعة أولى للبدء بتنفيذ مشروع السكة الحديد العام القادم. ولفتت التقرير إلى أن حكومتي أوغندا وكينيا تدعمان دمج جنوب السودان عبر مشروع قطارات جوبا مومباسا في مشروع دولي كبير لتطوير بنيتها التحتية، وإقامة شبكة للسكة الحديد تربط بين دول شرق أفريقيا. واعتبرت أن هذا الدمج يتوافق مع تطلعات حكومة جوبا للانفصال بعد استفتاء تقرير مصير الجنوب، وكشفت أن إمكانية تنفيذ سكة حديد جنوب السودان ـ كينيا يكتنفه الغموض حاليا بعد تغيير إدارة باراك أوباما لسياستها تجاه الخرطوم، وخلصت إلى أن هذا يطرح احتمال تراجع واشنطن عن المشاركة في هذا المشروع.

وفي تصريحات صحافية، قال الدكتور كوستيلو قرنق، المستشار الخاص لرئيس حكومة جنوب السودان سلفاكير ميارديت، إن بناء دولة مستقلة في الجنوب ليست بالصعوبة التي يتوقعها بعض الشماليين. وكشف عن حوارات ومناقشات مستمرة بين الشريكين عن كيفية إدارة البلاد عقب إجراء الاستفتاء على حق تقرير المصير لشعب جنوب السودان، وقال: في الغالب إذا حدثت الوحدة أن تحتفظ البلاد بالتركيبة أو تقوية النظام الفيدرالي. وقال المسؤول الجنوبي إنه في حالة انفصال جنوب السودان سيكون مجرد حل بعض المؤسسات مثل القوات المشتركة ليصبح الجيش الشعبي قوات دولة الجنوب المستقلة، بالإضافة لحل مؤسسة الرئاسة، وأضاف أن الجنوب سيحتاج، فقط، لسك عملة خاصة به، وقال إن بناء دولة مستقلة في الجنوب ليس بالصعوبة التي يتخيلها البعض، وذكر أن نواة الانفصال موجودة في حالة حدوثه ولن يبدأ الجنوب من الصفر كما بدأ عقب اتفاقية السلام الشامل ببناء البرلمانات والحكومة الولائية. وحول سؤال عن التخطيط للانفصال داخل حكومة وبرلمان الجنوب، قال: إذا خططنا لذلك وكونا لجانا في البرلمان لتقرير الأمر سوف تضج الخرطوم بالصراخ والضجيج، على الرغم من أن ذلك منصوص عليه بنص الاتفاقية بأنه يجب العمل خلال الست سنوات لجعل الوحدة جاذبة وفي حالة فشلها فنلجأ للخيار الآخر في الانفصال.