الفلسطينيون يطورون مقاومتهم لرموز الاحتلال وخصوصا جدار الفصل والشوارع المغلقة

يستلهمون تجربة جدار برلين

TT

أخذ الفلسطينيون في الضفة الغربية، يطورون من أشكال مقاومتهم الشعبية للاحتلال الإسرائيلي، من خلال أخذ زمام المبادرة في مواجهة رموز هذا الاحتلال، متمثلة في جدار الفصل والشوارع المغلقة، وإزالتها بطرق سلمية كما حصل لجدار برلين قبل عشرين عاما. وأخذ مئات الشبان الفلسطينيين، ومتضامنون أجانب، وإسرائيليون على عاتقهم التحرر من قبضة المحتل، عبر هدم رموزه، وهي مقاومة تسبب حرجا كبيرا للقوة المحتلة. ونجح المتظاهرون أول من أمس، في قرية نعلين قرب رام الله، بعد خمس سنوات من التظاهر الأسبوعي، في إعطاب جزء من الجدار الذي يخنق القرية، ويخطط أهلها لمواصلة هذه المحاولات حتى هدم كامل الجدار. وقال إبراهيم عميرة، منسق اللجنة الشعبية لمقاومة الجدار، لـ«الشرق الأوسط»، «أسقطنا أحد الكتل الإسمنيتة وزحزحنا أخريات». ومنذ زمن يخطط المتظاهرون لهذه الخطوة، وأوضح عميرة «في كل مرة كنا نحاول هدم هذه الكتل، وهذه المرة تكللت المحاولة بالنجاح». وجاء الإصرار الفلسطيني، والمتضامنون معه على هدم جزء من الجدار بمناسبة ذكرى هدم جدار برلين، الذي كان يفصل شطري ألمانيا (الشرقية والغربية). وقام نحو 50 من المتضامنين الأجانب والإسرائيليين، بالتعاون مع 150 من أهالي نعلين، في إحداث هذه الفجوة في الجدار. ويأمل الفلسطينيون وأنصارهم أن ينتهي الجدار بالضفة مثلما انتهى في برلين. وقال عميرة، «إذا كانت هناك إرادة، فتكرار تجربة برلين سيكون سهلا، نريد وجودا شعبيا مكثفا على طول الجدار، وأنا أضمن لك سقوطه، هذا سهل وممكن». وتابع القول «الجيش لا يستطيع مواجهة متظاهرين عزل، وهو يحار في كيفية مواجهتنا ونحن نتظاهر بأيدينا فقط». ويبتكر الفلسطينيون وسائل مختلفة كل يوم لإضعاف أساسات الجدار، منها حسب عميرة، إشعال النار بنحو 40 إطارا مطاطيا قرب الجدار، ومن ثم نسكب عليه الماء وهذا يتسبب في إضعاف متانته». وفي قرية بلعين رفع المتظاهرون نموذجا ورقيا لجدار كتب عليه «مثلا سقط الجدار ببرلين سيسقط في فلسطين»، وذهب المتظاهرون إلى الجدار حول قريتهم المبني من أسلاك شائكة، ورفعوا الجدار الورقي فوقه قبل أن يزيله الجيش. وقال عبد الله أبو رحمة، منسق اللجنة الشعبية في بلعين لـ«الشرق الأوسط»، «قلنا لهم ستهدمون هذا الجدار بأيديكم وهذا ما حصل». وأضاف «نود القول للإسرائيليين، إن العبرة بالخواتيم، ومثلما هدم جدار برلين سيهدم الجدار هنا».

ويمتلئ الجدار الذي يغوص في قلب الأراضي الفلسطينية، ويقضم مساحات كبيرة منها، بملصقات تتوعد بهدمه، وحول الفلسطينيون أجزاء منه إلى لوحات جدارية وأخرى شعرية.

وستنظم اللجنة الشعبية في الضفة مسيرات الأسبوع المقبل في ذكرى رحيل الرئيس السابق ياسر عرفات، يعملون خلالها على قطع الأسلاك الشائكة، وهدم الكتل الإسمنتية، وحتى فتح شوارع مغلقة. وأمس، فتح المتظاهرون شارعا رئيسيا في قرية قريوت القريبة من نابلس مغلق منذ بدء الانتفاضة الثانية، وهو شارع يوصل القرية بالمدينة. وقال أبو رحمة «كانت خطوة عظيمة.. يجب أن نتحرك نحو إنهاء الاحتلال وحواجزه، ولا يجب أن ننتظر الجيش كي يرفع لنا حاجزا أو يفتح شارعا أو يهدم الجدار». وتابع «نحن ندعو إلى انتفاضة شعبية، يجب أن نتحرك سريعا». ورغم النجاح الجزئي للمقاومة الشعبية، فإن أي إطار سياسي لم يتبناها رسميا، وقال عميرة «رئيس الوزراء سلام فياض، يقدم دعما سياسيا وماليا، وقد نفذ وعوده في هذا المجال».

من جانبه قال فياض أمس «لم يعد ممكنا أن تبقى العملية السياسية مرهونة، كما هي منذ ما يزيد على 16 عاما، بما تقدمه القوة المحتلة بديلا عن الالتزام بمرجعيات تلك العملية، بما يعني أنه لا يجب ترك أمر إنهاء الاحتلال لإسرائيل لتقرر بشأنه».

وأضاف فياض خلال مشاركته في ماراثون رياضي في نابلس «هذا الأمر ثبت فشله، ويجب على المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته المباشرة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي». وقال فياض «إن هذا الأمر يستدعي تدخلا فاعلا ونشطا ومتوازنا من قبل كافة الأطراف الدولية الفاعلة الممثلة للجنة الرباعية».ويرى فياض الذي أطلق خطة لإقامة الدولة وإنهاء الاحتلال خلال عامين عبر بناء مؤسسات الدولة، إنه آن الآوان للمجتمع الدولي أن يستخلص العبر من الأسباب التي أدت إلى تعثر العملية السياسية، وعدم تمكنها من الوصول إلى الأهداف المرجوة منها». ورغم أن خطة فياض لم تلق قبولا من الفصائل الفلسطينية، وبعض المفكرين، إلا أنه قال إن فجر الحرية سيبزغ من أزقة البلدة القديمة في نابلس مرورا بكل قرية ومخيم ومدينة وصولا إلى القدس العاصمة الأبدية للشعب الفلسطيني.