نتنياهو مقتنع بأن السلام الدائم لن يتحقق في الدورة الأولى من حكم أوباما

معتمدا على عدة أسباب وتطورات حصلت خلال السنة الأولى من عهد الرئيس الأميركي

TT

أكدت مصادر إعلامية مطلعة، أن الأجواء السائدة في أروقة الحكومة الإسرائيلية الحالية هي أن التسوية الدائمة للصراع الإسرائيلي العربي بشكل عام، والإسرائيلي ـ الفلسطيني بشكل خاص، لن تتحقق خلال الدورة الأولى من حكم الرئيس الأميركي باراك أوباما.

ويعتمد هذا التقدير على عدد من الأسباب في تفسيرهم لهذا المنطق، طرحت مؤخرا عدة مرات على طاولة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، أهمها:

أولا: الأوضاع الفلسطينية الداخلية، ثمة اعتقاد أن قادة الفصائل الفلسطينية لن يتحدوا في أي إطار جدي، ولا حتى حكومة توافق، وإن فعلوا، فإن أداءهم سيعرقل التقدم في المفاوضات بطريقة يكون الواضح فيها أنهم السبب، كما هو الحال اليوم. فالغربيون عموما، والأميركيون بشكل خاص، لا يتفهمون مواقف صلبة في السياسة، ويرغبون في قيادات مرنة تعرف كيف تناور، تتشدد في قضية وتلين في قضية أخرى. وهم لا يتفهمون إصرار الفلسطينيين على تجميد الاستيطان ولا يقبلون الموقف العربي برفض التطبيع مع إسرائيل إلا إذا دفعت إسرائيل ثمنا لذلك. وفي المقابل يقدرون عاليا الموقف الإسرائيلي الذي كان يرفض قبول مبدأ دولتين للشعبين ثم تراجع وكان يرفض أي تجميد للاستيطان، ثم قبل بالحل الوسط واقترح تجميدا جزئيا لمدة محددة.

ويقول الإسرائيليون إن استمرار هذه الأجواء سيؤدي إلى ملل في الغرب من الصراع، وسيدينون، ليس إسرائيل وحدها، بل الجانب العربي أولا. ويكررون في هذا السياق كيف حمّل الرئيس بيل كلينتون الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات مسؤولية فشل مفاوضات كامب ديفيد سنة 2000، مع أن حقيقة ما جرى مغايرة ورئيس الوزراء الإسرائيلي، إيهود باراك، يتحمل على الأقل نصف المسؤولية عن هذا الفشل.

ثانيا: الإدارة الأميركية مشغولة بقضايا كبرى أخرى، وليس فقط بقضية الشرق الأوسط. فعلى الصعيد الخارجي هناك قضايا أفغانستان وإيران والعراق.

وعلى الصعيد الداخلي، هناك قضايا ملحة جدا، في مقدمتها الأوضاع الاقتصادية، حيث إن الرئيس أوباما يتحدث عن تخفيف الأزمة بينما الجمهور لا يشعر بذلك، فهنالك ارتفاع كبير في البطالة، حيث وصلت إلى رقم قياسي خلال السنوات الخمسين الماضية، وهناك أزمة قانون التأمين الصحي.

ثالثا: الانخفاض الحاد في شعبية الرئيس أوباما، فخلال أقل من سنة من حكمه، فشل في تحقيق أي من الآمال العريضة التي طرحها أمام الجمهور.

رابعا: التعامل مع الحكومة الإسرائيلية، فقد بادرنا ـ يقولون في مكتب نتنياهو ـ منذ اللحظة الأولى إلى بث رسالة ودية واضحة للرئيس أوباما، فوافقناه على تفضيل المسيرة السلمية وقبلنا موقفه حول الدولتين وأبدينا استعدادنا التام للدخول في مفاوضات جدية مع الفلسطينيين من دون شروط مسبقة وقبلنا حتى الاتفاق بين الغرب وبين إيران، رغم شكوكنا الكبيرة حوله. ومع ذلك، واصل ممارسة الضغط على إسرائيل حتى تقدم المزيد، في وقت لم يقدم فيه العرب شيئا بالمقابل. ولم تنجح الإدارة الأميركية في تحقيق أي مكسب عندهم. في ظل هذه المعادلة، وفي وقت تهبط فيه شعبية الرئيس أوباما بين الأميركيين عموما واليهود الأميركيين خصوصا، لا تستطيع الإدارة مواصلة الضغط على إسرائيل. فإذا كان الضغط مقبولا في فترة البدايات، فإنه لم يعد مقبولا الآن. وإذا كان الضغط على حكومة نتنياهو الأولى (1996 ـ 1999) ناجعا، فإنه في هذه المرة ليس مضمونا. ففي إسرائيل حكومة قوية ثابتة. من البداية، وحالما قبل نتنياهو بمبدأ الدولتين، وضع نفسه وسط الخريطة السياسية ولم يعد الإسرائيليون يرون فيه قائدا يمينيا متهورا. بينما اليمين الذي رفعه إلى سدة الحكم، تعلم من أخطاء الماضي ولا يهدد بإسقاط حكومته مرة أخرى، بل يرى أنه ـ أي نتنياهو ـ يتصرف بحكمة ومسؤولية. بل ينجح في الحفاظ على توازنات كثيرة، فيرفض تجميد الاستيطان من دون أن يصطدم مع واشنطن. ويرفض إقالة وزير خارجيته المتطرف، أفيغدور ليبرمان، ولكنه يقنعه بأن يتخلى عن الملفات الساخنة مثل ملف عملية السلام. يرضخ لإرادة الجيش الإسرائيلي فيرفض الرضوخ لإقامة لجنة تحقيق قضائية في تقرير غولدستون، ولكنه يتفاوض مع الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى صيغة إيجابية معها، مثل إجراء تحقيق داخلي آخر.

وحسب محرر صحيفة «هآرتس»، ألوف بن، فإن هناك من لا يتحمس كثيرا لهذه الطروحات ويعترضون ويحذرون نتنياهو من مغبة الوهم بأن أوباما سيصبر عليه إلى ما لا نهاية، فعندما طرحوا شكوكهم أمام نتنياهو، أجابهم: «أميركا ليست الرئيس وحده، إنها دولة عملاقة وفيها الكثير من عناصر التأثير».