على الشريط الحدودي سؤال يطرح.. ننزح أم لم يحن الوقت بعد؟

بعد إخلاء 240 قرية سعودية وإعلانها منطقة عسكرية

نازحون يمنيون فروا إلى السعودية
TT

مع إعلان السلطات السعودية منطقة الشريط الحدودي منطقة عسكرية والقيام بإجلاء سكان 240 قرية تشكل في مجموعها معظم سكان محافظة الحرث البالغ عددهم خمسين ألف نسمة، وجد سكان القرى القريبة من الشريط الحدودي والتي لم تصدر لها أوامر بالإخلاء أمام سؤال متداول مفاده: هل حان وقت النزوح أم لم يحن بعد؟ وللإجابة عن هذا السؤال فإن عوامل عدة تحدد في مجملها اتخاذ القرار، فهي كما يسردها سكان قرى أم الشعنون وأم القضب والداسة، الذين لم ينزحوا بعد، تتلخص في الإحساس بخطر تسلل عناصر حوثية إلى قراهم أو خشية وقوعهم في مناطق القصف الجوي وقصف المدفعية وقذائف العناصر الحوثية، وعامل ثالث مقتضاه وجود تحركات عسكرية داخل قراهم.

قوافل النازحين المنطلقة من الحدود اليمنية والعابرة لقرى السعوديين قرب خط المواجهات تشكل عامل قلق لأهالي هذه القرى الذين يخشون اندساس عناصر حوثية.

سؤال النزوح هذا الذي تلوكه ألسنة الأهالي في جازان في مجالسهم اليومية قد يحسم إجابته قرار عسكري بإخلاء القرية ومغادرتها وإعلان المكان منطقة عسكرية. وقد يظل محلا للشد والجذب في القرى التي لم يصلها أمر بالإخلاء، حيث يقدر البعض أنهم أصبحوا فعلا في نطاق المعركة، بينما يتفاءل آخرون بأن الوجود العسكري المكثف لقوات الجيش وسلاح الجو والمدفعية هو باعث على البقاء ومراقبة الأوضاع في حذر. «الشرق الأوسط» وفي رصدها لحالة الأهالي الذين ما زالوا ينتظرون لحظة حسم بين البقاء والخروج، التقت بأم محمد وهي ربة منزل لعائلة من طفلين تذكر أنها باتت تعيش حالة وسواس باعثها قوافل النازحين التي تجتاز قريتها المطلة على وادي سيال مشيرة إلى أنها تخشى أن يعبر قريتها وجه عنصر حوثي قد يشهر سلاحه في أي لحظة. تساندها في الرأي ربة منزل أخرى أفادت بأنها قد جهزت أسرتها للنزوح، خصوصا وأن قريتها المسماة بـ«شهرين» باتت هي ومجموعة أخرى من القرى الوحيدة الآهلة بالسكان في محافظة الحرث.

هذه المخاوف التي تنتاب النساء والأطفال في هذه القرى بصورة أكبر مرجعها وقوع حالات تسلل سيطرت عليها قوات حرس الحدود في مناطق داخلية بعيدة عن خط النار القائم على الشريط الحدودي. يعززها قدرة سكان جبال صعدة حيث مركز التمرد الحوثي على استغلال الطبيعة الجغرافية للشريط الحدودي وخاصة وجود 29 واديا تخترق هذا الشريط في تنفيذ عمليات التسلل بسرعة وخفية. وأشار المكلف بعملية إخطار الساكنين بأوامر النزوح الشيخ عبد الله علي جارش، شيخ قبائل الهزازي في محافظة الحرث، في حديث إلى «الشرق الأوسط» إلى أن محافظته قامت بإخلاء جميع القرى الواقعة على امتداد الشريط الحدودي ابتداء من جبل دخان في الجنوب وانتهاء بجبال السودة في محافظة العارضة في الشمال. وبعمق داخل الأراضي السعودية يصل إلى عشرة كيلومترات. وبامتداد على طول الشريط الحدودي يصل إلى 40 كيلومترا حيث تنتشر قوات الجيش السعودي على طول الشريط الحدودي لمواجهة اعتداءات المتسللين الحوثيين.

وكانت السلطات السعودية قد أخلت ما يقارب 240 قرية حدودية يقارب سكانها 50 ألف نسمة يشكلون في مجموعهم سكان محافظة الحرث. وأعلنت تلك القرى منطقة عسكرية مغلقة. عملية اتخاذ قرار بالنزوح تدخل في حسابات الأمان والقدرة على توفير مقر مؤقت ملائم. إضافة إلى أن الخوف على الممتلكات والمواشي وهاجس إيجاد مقاعد دراسية تحتوي الطلاب النازحين الذين تسببت التطورات الأمنية في إيقاف واحد وخمسين مدرسة حدودية. وحين يخلص رب الأسرة إلى قرار بالنزوح فإن التفكير يتجه مباشرة إلى البحث في سجل أقارب العائلة وعلاقاتها الاجتماعية ليحلوا ضيوفا بالإجبار على أحدهم حتى تنقشع غيوم الأزمة. آخرون يقررون بأن احتواء صغار العائلة في وضع النازحين هو أمر صعب، فخالد مجرشي وهو نازح من قرية الخشل الحدودية يقول «كان موقفا صعبا أن أقنع ابنتي فاطمة وهي تصر على اصطحاب ألعابها وهداياها معها إلى مخيم الإيواء بأننا ذاهبون إلى وجهة ذات ظروف مختلفة وليست مجرد نزهة عابرة».