عريقات يحذر من أن يلقى عباس مصير عرفات بعد مواجهته «روما الجديدة»

أبو مازن يبدأ جولات في مدن الضفة وتلقى دعما غير مسبوق

TT

حذر صائب عريقات، رئيس الوفد الفلسطيني المفاوض، وأحد أهم المقربين للرئيس الفلسطيني محمود عباس، من أن يواجه الأخير مصيرا مشابها لمصير الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، في إشارة إلى قيام إسرائيل والولايات المتحدة بالتخلص من عرفات بعدما رفض الانصياع للضغط الأميركي.

وهذه أول مرة يتحدث فيها مسؤول فلسطيني رفيع عن أن حياة عباس مهددة. وكانت «الشرق الأوسط» نشرت هذا الأسبوع خبرا حول تحذيرات من المستوى الأمني في السلطة لعباس من أن إسرائيل تنوي التخلص منه.

وقال عريقات خلال افتتاح مؤتمر دار الإفتاء الأول، بمدينة رام الله: «أتذكر ما كان من الرئيس الشهيد ياسر عرفات عندما طلب منه الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون عام 2000 أن يقر بوجود الهيكل المزعوم أسفل المسجد الأقصى، قائلا له: (شاهدتك تسجد، وأنت رجل مؤمن، وأطلب منك أن تمتلك الشجاعة وتقر بوجود هيكل سليمان لتحقق دولتك)، فرد أبو عمار: (إنهم يحفرون منذ أكثر من 30 عاما ولم يجدوا شيئا، فهل تؤمن أنت بوجوده؟)، فرد عليه كلينتون وهو يقسم مرددا اسمه الثلاثي: (نعم، أؤمن)، فرد عليه الرئيس الشهيد: (أنا لن أفعل، وإن لم نحررها الآن فسيأتي من يحررها بعد 5 أو 10 سنوات أو حتى بعد 100 سنة)، فأجهشت بالبكاء، فقد قال أبو عمار، لا لروما الجديدة، وها هو قد مات شهيدا».

ومضى عريقات قائلا: «في أيلول (سبتمبر) من هذا العام رافقت أبو مازن إلى واشنطن، حيث طرحت أمورا تتعلق بالقدس والحدود، وأعرب الرئيس (عباس) عن رفضه لأي دولة تنتقص من الحقوق والثوابت، دولة تكون مسخا، ولما اطلعت على الموقف الأميركي أدركت أننا أمام نفس الأسطوانة المشروخة، قد بدأت تتكرر، وأن أبو مازن سيواجه ما واجهه ياسر عرفات».

وجاء حديث عريقات بعد أيام من إعلان أبو مازن عدم رغبته في الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، بعد أن هاجم التعنت الإسرائيلي، ومحاباة الولايات المتحدة لإسرائيل، وعبث حماس بالقضية الفلسطينية.

وخرج آلاف من الفلسطينيين في الضفة الغربية، أمس، من أجل ثني أبو مازن عن قراره، وأعلنت كل من اللجنة المركزية لفتح والمجلس الثوري وتنفيذية منظمة التحرير تمسكها بعباس.

ولا يبدو أن عباس سيغادر قريبا، إذ إن أي تغيير في الموقف الأميركي سيحمله على التراجع عن موقفه، إضافة إلى أن أي انتخابات لا يعتقد أن ستجري دون مصالحة مع حماس، «فإذا تمت المصالحة تغيرت الظروف»، بحسب مسؤولين في فتح.

وبدأ عباس أمس جولة في مدن الضفة، يلتقي خلالها مواطنيه ويزور عددا من المؤسسات والمشاريع. وتلقى الرجل في أول زيارة له لمدينة الخليل دعما غير مسبوق، وقال له مسؤولون ووجهاء في المدينة: «إما أن نبقى معا أو نرحل معا»، وخرج الآلاف يهتفون باسمه.

وكشفت نتائج استطلاع للرأي أجرته شركة الشرق الأدنى للاستشارات «نير إيست كونسلتنغ» في الضفة الغربية وقطاع غزة مؤخرا، أن 62% يعارضون قرار عباس بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة، مقابل 38% يؤيدون هذا القرار.

وقال عباس في الخليل: «إن القيادة الفلسطينية متمسكة بالثوابت الوطنية، وبضرورة أن يتوحد الشعب الفلسطيني حتى يتسنى له قيام دولته الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف». وأضاف عباس: «ما دمنا ننصر الله فإن الله سينصرنا ويثبت أقدامنا هنا في فلسطين وهنا في الخليل مرقد سيدنا إبراهيم عليه السلام، لأن الحرم (الإبراهيمي) لنا وليس لأحد آخر، الخليل كلها لنا، كما أن القدس والأقصى وكنيسة القيامة لنا، وهي عاصمتنا».

وأقر الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس بأن إسرائيل وواشنطن ساهمتا في المس بعباس، ودعاه إلى العودة إلى طاولة المفاوضات، وقال في مهرجان لإحياء ذكرى رئيس الوزراء السابق إسحاق رابين: «كلنا ساهمنا في المس بالرئيس عباس، وليس مهمّا إذا كنا نقصد ذلك أم لا، لأن النتيجة كانت واحدة، وهذا الأمر كان بمثابة رشق الحجارة بوجه أبو مازن من الجميع».

ومن جهته قال عريقات: «يبدو أن رسالة السيد الرئيس قد فهمت خطأ، فهذا ليس استسلاما ولا إحباطا، فالرئيس لا يساوم على أي من الثوابت والحقوق».

وأعاد عريقات التأكيد على أن «نضال الفلسطينيين يهدف إلى إقامة الدولة المستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وعودة اللاجئين، والإفراج عن الأسرى، وإزالة المستوطنات،، وإزالة جدار الفصل العنصري، وحقنا في المياه».

وأضاف: «لا سقف أدنى من هذه الحقوق، والتي هي سقف منظمة التحرير الفلسطينية، والتي قامت من أجلها السلطة الوطنية، وهو الهدف ذاته الذي وجدت من أجله كافة الفصائل والتنظيمات، ودونها جميعا لن نكون بحاجة إلى سلطة».

وانتقد عريقات بشدة وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون، وقال: «نتنياهو أعلن أنه سيعمل على تجميد الاستيطان، مستثنيا 3 آلاف وحدة سكنية، ومستثنيا القدس وما حولها، وقالت كلينتون هذا غير مسبوق».

وتساءل عريقات: «كيف تتحدث كلينتون عن أمر غير مسبوق، فيما 87% من الاستيطان يجري في المدينة (القدس)، أي أن الاستيطان بعد هذا سيكون أكبر مما كان عليه في 2008 وفي 2009؟ لا يمكن لكلينتون أن تتحدث عن خطوات غير مسبوقة».

واعتبر عريقات أن «الرسالات والتطمينات الأميركية بشأن الاستيطان لا تصرف في السياسة الواقعية، وبعد 18 عاما من المفاوضات إذا لم تكن هناك أسس لإقامة الدولة الفلسطينية على كامل حدود 67، فلن نكون طرفا في هذه المفاوضات».

ومن جهته طالب المجلس الوطني الفلسطيني، الرئيس محمود عباس بالعدول عن قراره بعدم الترشح لولاية رئاسية ثانية.

واعتبر المجلس في جلسة عقدها بمقره أمس في عمان لأعضائه المتواجدين في الأردن برئاسة سليم الزعنون، رئيس المجلس، أن قرار عباس جاء بعد الضغوط الإسرائيلية وتراجع الإدارة الأميركية عن مواقفها من الاستيطان، إضافة إلى وجود تيارات فلسطينية أسهمت في وضع الرئيس الفلسطيني في موقفه الحالي. وطالب المجلس عباس بالاستمرار في موقفه الرافض لبدء عملية التفاوض في ظل استمرار الاستيطان، بينما أثار عدد من أعضاء المجلس تساؤلات حول جدوى عملية المفاوضات ومستقبل المصالحة الوطنية الفلسطينية.

وناقش المجلس في جلسته، إضافة إلى موضوع قرار الرئيس الفلسطيني عدم الترشح لولاية ثانية، قضايا أخرى بينها الموقف الأميركي من الاستيطان والمفاوضات، وموقف الرئيس الفلسطيني أمام الضغوط وردود الفعل العربية والإسلامية على القدس والموقف الأميركي الجديد، وردود الفعل على تقرير غولدستون.