مسؤول إيراني بارز يتراجع: خيار تبادل اليورانيوم مع الخارج لا يزال مطروحا

وكالة الطاقة تستبعد اجتماعا ثانيا مع إيران حاليا > نائب إيراني: قبول الاتفاق كمن يشتري سيارة لا يملك بنزينا لتشغيلها

TT

تراجع رئيس لجنة الأمن القومي والشؤون الخارجية في البرلمان الإيراني علاء الدين بوروجردي عن تصريحات سابقة، مؤكدا أن خيار تبادل اليورانيوم مع الخارج لا يزال مطروحا، حسب ما نقلته وكالتا «مهر» و«إسنا» الإيرانيتان. فيما حذر المسؤول نفسه روسيا من التراجع عن وعودها السابقة بمد طهران بصواريخ دفاعية استراتيجية، تثير حفيظة إسرائيل والولايات المتحدة. وقال بوروجردي «خيارنا الأول هو شراء الوقود المخصب بنسبة 20%. وفي حال لم نتمكن من شرائه عندها نقوم بعملية تبادل محدودة شرط الحصول أولا على الوقود بـ20%» قبل أن تسلم إيران كمية من اليورانيوم الضعيف التخصيب. وأضاف أن «المجلس الأعلى للأمن القومي مكلف باتخاذ قرارات» في هذا الخصوص «في ضوء المصالح الوطنية للبلاد».

وكان بوروجردي أعلن أول من أمس أن إيران ترفض إرسال اليورانيوم المخصب إلى الخارج مقابل الحصول على وقود لمفاعل الأبحاث في طهران. وذكر أنه «من غير المتوقع إرسال قسم من الـ1200 كلغم من (اليورانيوم الضعيف التخصيب) إلى الطرف الآخر للحصول على وقود. هذه المسألة غير واردة إن تدريجيا أو دفعة واحدة».

واستنكر أمس رئيس اللجنة الاجتماعية في مجلس الشورى الإيراني، جعفر زادة، أن تقبل بلاده باتفاق نووي يجعلها تعتمد في تشغيل مفاعلها على وقود نووي تستورده من الغرب بدلا من إنتاجه محليا. وشبه ذلك بمن ينتج سيارة لا يملك بنزينا لتشغيلها.

وينص مشروع الاتفاق على أن تصدر إيران غالبية اليورانيوم الضعيف التخصيب ليتم تخصيبه في روسيا ويحول في فرنسا إلى وقود نووي. وكانت الوكالة الدولية للطاقة الذرية قدمت في 21 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي مشروع اتفاق يسمح بتسليم طهران وقودا نوويا لمفاعل الأبحاث وإخضاع المخزون الإيراني من اليورانيوم المخصب لرقابة أكبر لتبديد قلق المجتمع الدولي من برنامجها النووي. ووافقت الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا على مشروع الاتفاق الذي كان الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد طرح مبدأه في سبتمبر (أيلول). لكن الجمهورية الإسلامية تريد مفاوضات أخرى.

واستبعدت مصادر وثيقة في فيينا، أمس، أن تدعو الوكالة الدولية للطاقة الذرية لاجتماع ثان يضم إيران وكلا من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة لمتابعة المحادثات النووية. وقالت المصادر لـ«الشرق الأوسط» إن الفرصة الوحيدة المتاحة أمام إيران هي قبول الاقتراح المعلن، الذي وافقت عليه بقية الأطراف، مشيرة إلى ضرورة إسراع إيران بإرسال ردها الرسمي خاصة أن المدير العام للوكالة محمد البرادعي سيرفع نهاية الأسبوع القادم تقريرا شاملا وأخيرا له لمجلس أمناء الوكالة لدراسته قبل اجتماعه الأخير بهم كمدير للوكالة يوم 26 الحالي.

من جهتها، أوضحت صحيفة «إيران» الحكومية أن الحكومة ستوافق على مبدأ «التبادل التدريجي لليورانيوم». وقالت الصحيفة إن «بعض الخبراء يؤكدون أنه في انتظار إنتاج الوقود بنسبة 20% (من قبل دولة أخرى) يمكن تخزين اليورانيوم الإيراني (المخصب بنسبة 3.5%) في موقع في إيران يوضع تحت رقابة الوكالة الدولية للطاقة الذرية قبل إرساله إلى الخارج». ونقلت الصحيفة عن الخبراء أنفسهم قولهم إن إيران بحاجة إلى «116 كلغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 20%» لمفاعل طهران، يمكن الحصول عليها انطلاقا من «800 كلغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5%، ترسل إلى الخارج على مرحلتين لتبديد قلق جميع الأطراف». وفي مرحلة أولى تحصل إيران على «دفعة أولى 60 كلغم من الوقود المخصب بنسبة 20%» ثم «يتم إرسال 400 كلغم من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5% إلى الخارج بعد 15 شهرا في مقابل الحصول على 60 كلغ من الوقود» بحسب الصحيفة.

من جهة ثانية، وجه بوروجردي تحذيرا إلى روسيا، مطالبا إياها بالوفاء بوعدها ببيع نظام للدفاع الصاروخي لإيران. ولم تنفذ موسكو التي تتعرض لضغوط غربية كي تنأى بنفسها عن طهران عرضها بتوريد صواريخ للدفاع الجوي من طراز «إس ـ 300» لإيران. وأشادت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون بروسيا الشهر الماضي لأنها لم تمد إيران بالأسلحة. وسعت واشنطن إلى الحصول على تعهدات محددة من روسيا بفرض عقوبات أكثر صرامة على إيران بشأن برنامجها النووي الذي يشتبه الغرب في أنه يهدف إلى صنع أسلحة نووية. وتنفي طهران أن لديها هذه النية.

وقال علاء الدين بوروجردي، رئيس لجنة السياسة الخارجية والأمن القومي في البرلمان، في تصريحات نقلتها وكالة أنباء الطلبة الإيرانية الرسمية «إذا لم تف روسيا بوعودها بتوريد الصواريخ فستكون هذه نقطة سلبية في علاقاتنا». وأضاف «إذا كان موقف روسيا الرسمي هو تجنب تسليم نظام (إس ـ 300) الدفاعي لإيران فسيكون هذا فصلا جديدا في خلف الوعود من جانب الروس». وقال سيرجي إيفانوف، نائب رئيس الوزراء الروسي، الشهر الماضي «لم يتم أي تسليم من هذا النوع حتى الآن». وتستطيع الصواريخ من طراز «إس ـ 300 بي إم يو1» التي تطلق من شاحنات والمعروفة في الغرب باسم «إس إيه ـ 20» إسقاط الصواريخ من نوع كروز والطائرات. كما يمكن إطلاقها على أهداف على بعد يصل إلى 150 كيلومترا وتنطلق بسرعة تتجاوز كيلومترين في الثانية.

وفي واشنطن، قال ايك سكلتون ،عضو الكونغرس الأميركي، إن كشف المفاعل النووي السري في إيران أثبت أن طهران «تخفي عنا أشياء كثيرة.. ولا بد من معرفة الأشياء الأخرى التي تخفيها». وكان سكلتون، وهو ديمقراطي من ولاية ميسوري، هو الذي قدم مشروع قرار لكشف خطط إيران الاستراتيجية، خاصة الحرس الثوري، وقوات القدس التابعة له، ثم صار مشروع القرار جزءا من قانون ميزانية البنتاغون للسنة القادمة، والذي وقع عليه، في الشهر الماضي، الرئيس باراك أوباما.

وقدم سكلتون أيضا مشروع قانون لفرض حصار على إيران بهدف منع استيراد الجازولين وأنواع أخرى من النفط المصفى. وقال: «يجب أن نلاحظ أن إيران، رغم أنها ثرية بالنفط، ليست بها مصاف كافية، وتستورد 40 في المائة من الجازولين الذي تستهلكه». وينص الجزء الخاص بكشف أسرار إيران الاستراتيجية على أن «يقدم وزير الدفاع مع نهاية شهر يناير (كانون الثاني) من كل عام تقريرا سريا إلى الكونغرس عن استراتيجية إيران العسكرية، الحالية والمستقبلية». على أن يشمل التقرير «وصف وتقييم استراتيجية إيران الكبرى، واستراتيجيتها الأمنية، واستراتيجيتها العسكرية، خاصة التي تهدف لتأسيس إيران كقوة رائدة في الشرق الأوسط، ولزيادة نفوذ إيران في مناطق أخرى في العالم»، و«تقييم القوات الإيرانية التقليدية، بما في ذلك قوتها وحجمها، عندما تواجه قوات أميركية في المنطقة، أو دولا محددة». كما يشمل «تقييم القوات الإيرانية غير التقليدية، بما في ذلك الحرس الثوري الإيراني، وقوات القدس». كما يشمل التقييم «إمكانيات إيران الصاروخية، عندما تواجه قوات أميركية في المنطقة، أو قوات دول أخرى محددة». ووصف القانون «الدول المحددة بأنها»: إسرائيل، لبنان، سورية، الأردن، العراق، أفغانستان، السعودية، تركيا، البحرين، الكويت، الإمارات، أرمينيا أذربيجان.