خالد بن سلطان: تعليمات خادم الحرمين واضحة لا ندخل شبراً واحداً في أي أرض ولا نسمح لأحد بالدخول شبراً واحداً

مساعد وزير الدفاع السعودي وصف الحوثيين بزمرة خانت وطنها قبل أن تخون جيرانها

الأمير خالد بن سلطان لدى لقائه بكبار الضباط في منطقة جازان على الحدود مع اليمن أمس (رويترز)
TT

أعلن الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام السعودي للشؤون العسكرية، صدور تعليمات صريحة وواضحة من خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز تقضي بعدم الدخول شبرا واحدا في أي أرض، وفي المقابل عدم السماح لأي شخص أن يدخل شبرا واحدا إلى أراضي المملكة، وقال: «هذه سياسة واضحة ومعروفة، ولا يساورني الشك بتاتا أنه معمول بها».

وشدد مساعد وزير الدفاع والطيران خلال لقائه أمس ضباط وأفراد قيادة الإسناد الإداري، وكتيبة المشاة الـ33، وكتيبة مشاة القوات البحرية المشاركين في التصدي للمتسللين الحوثيين، على أن السعودية «ليست لديها خطوط حمراء متعددة، بل خط أحمر واحد وهو السيادة، فمتى مُسّت بأي أذى أو بمجرد التلويح بالقوة بمسها، فإننا نجد لزاما علينا (القوات المسلحة) أن نقطع هذه اليد الآثمة».

وكشف الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز أن تعليمات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز، تقضي بالتزام الشفافية الكاملة، وقال: «بكل بساطة لا نعتدي على أحد، ولكن لن نسمح لأحد أن يتخطى حدود المملكة العربية السعودية ولو بشبر واحد», متوعدا كل من يدخل شبرا من أراضي المملكة بالتدمير.

وأكد مساعد وزير الدفاع والطيران إخلاء كامل المنطقة الحدودية إلى عمق عشرة كيلومترات داخل الأراضي السعودية لتأمين المواطنين الساكنين فيها بعد نقلهم إلى محافظة صامطة، وبالتالي تحولت هذه المنطقة إلى منطقة قتال كل من يدخلها أو يتحرك فيها، ليس أمامه من خيار سوى الاستسلام أو التدمير.

وأشار إلى أن القوات السعودية أقامت منطقتين هما منطقة الحشد التي توجد فيها، أما بالنسبة إلى الحدود فقد أخليت من السكان حفاظا على أرواحهم, وقال: «وجودي فقط لإنهاء الأزمة، ومتى انتهت الأزمة، ومتى ما اكتفى حرس الحدود بوجوده، فسنكون في الخلف كما كنا، جاهزين للتدخل في أي وقت».

كما أكد أن أضرارا كبيرة أُلحقت بالحوثيين، مشددا على أن «الضربات الجوية ومدفعية الميدان كانت قوية، وستستمر قوية، إلى أن يتوقفوا عن التحركات أو الدخول في المملكة»، مؤكدا عودة الأمور إلى طبيعتها بعد التصدي لمحاولة التسلل إلى جبل دخان، فيما تواصل قوات حرس الحدود والقوات المسلحة المساندة لها التصدي لمحاولات الحوثيين المتفرقة للتسلل عبر الحدود الدولية بين السعودية واليمن.

وفي المقابل، جدد التأكيد على أن خسائر القوات السعودية اقتصرت على ثلاثة قتلى و16 جريحا فقط، مؤكدا أن ثلثي المصابين سيغادرون المستشفيات في غضون الأيام القليلة المقبلة.

وقال الأمير خالد بن سلطان: «الحمد لله، اعتبروا من الآن أن الأمور عادت كما كانت، بفرق واحد يتمثل في استمرارية القوات المسلحة ممثلة في قيادة قوة الواجب في جازان، وتوليها القيادة العسكرية في المنطقة، وتقديمها الدعم لقوات حرس الحدود المنتشرة على طول الحدود السعودية».

وأضاف: «إذا احتاجوا (قوات حرس الحدود) إلى أكثر، فالحشد موجود، ومنطقة الحشد موجودة، كل شيء موجود، ولا ينقصنا شيء إلا استمرارية العمل. وتأكيدات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده بأن يكون كل شيء متكاملا في منطقة الحشد سهلت المهمة علينا، وإن شاء الله نكون عند حسن الظن».

وعما أشارت إليه بعض المصادر عن تلقي المتمردين دعما من «القاعدة»، قال مساعد وزير الدفاع، «الحقيقة أنا أسميهم المتسللين أيا كانوا، وهم عندي عبارة عن عصابات يجب تطهيرها ويجب وقفها، إلا إذا هداهم الله ورأوا ما فيه الصالح لبلدهم ولأنفسهم، والرجوع إلى الدين والعقيدة، ووجود «القاعدة» أو عدم وجودها يمكن التحدث فيه من خلال وزارة الداخلية، أما بالنسبة إلينا فأي شخص يدخل -بغضّ النظر من هو- يعد متسللا، وسنتعامل معه كما ذكرت لكم».

وشدد على أن المملكة هي داعمة دائما للمنظمات الدولية ومعسكرات اللاجئين التي تم عملها داخل حدود اليمن، وكما يوجه دائما خادم الحرمين الشريفين، تقدم المملكة دعما متكاملا من خلال المنظمات الدولية ممثلة في الهلال الأحمر».

ووصف مساعد وزير الدفاع والطيران السعودي الحوثيين بأنهم «فئة متهورة في فكرها، منحرفة في عقيدتها خارجة على نظام بلدها»، مشيرا إلى أنهم فكروا في تدنيس أراضي المملكة في مواقع معينة بمنطقة جازان «كأن الأمر يبدو صيدا سهلا ليخلطوا الأوراق ويجدوا متنفسا لهم من الكماشة التي يعانون منها».

وأشار الأمير خالد بن سلطان إلى أن الحوثيين «أصبحوا طريدين في أرضهم، ممقوتين في بلدهم، فجاءت محاولاتهم البائسة في اقتحام أحد مراكز حرس الحدود، هؤلاء الرجال الأشاوس الأبطال الذين قدموا ويقدمون يوميا تضحيات جساما لتشكيلهم سدا منيعا على حدودنا الجنوبية، لكي يجنبوا بلادنا ومواطنيها والقائمين على أرضها كافة، النتائجَ السلبية للمهربين والهاربين والمتسللين وخلافهم، فبوركت أياديهم التي تحمل السلاح، وبوركت خطواتهم التي تغوص في النيران».

وأضاف: «هذه زمرة خانت وطنها قبل أن تخون جيرانها، ولهذا السبب من يدخل شبرا من هذه البلاد أيا يكن فسيدمَّر، أما بالنسبة إلى هذه الزمرة المتسللة، فأدعو الله سبحانه وتعالى أن يهديهم إلى الطريق السليم، وأن يكون ولاؤهم وإيمانهم لشعبهم وحكومتهم وبلدهم».

وجدد مساعد وزير الدفاع التأكيد خلال اللقاء أن السعودية قيادة وشعبا «لا تضمر العداء لأحد، بل على العكس تدعو للخير والسلام، وتقدم أنواع الدعم والمساندة كافة للمنكوبين والمحتاجين في كل مكان، حتى سميت بمملكة الإنسانية».

وأضاف: «إن قادة المملكة العربية السعودية حينما يحتكمون للعقل في كل أمورهم فهم لا يستجْدون السلام من أحد، ولكن حقنا للدماء ما أمكن ذلك، حرصا على علاج الأمور بروية وهدوء».

وأكد الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز أن رجال القوات المسلحة من قوات جوية وبرية ومشاة بحرية وحرس الحدود، برهنوا على أصالة معدنهم ورسوخ الإيمان في قلوبهم، وأظهروا شجاعة «لا تُستغرب من أبناء هذا الشعب الأبيّ وجنوده البواسل»، مشددا في حديثه إلى رجال القوات المسلحة على أن المملكة «تعتمد على الله أولا، ثم عليكم في حماية الدين والأرض والعرض، فأنتم خير من يوفي بالعهد ويحمل الرسالة ويؤدي الأمانة».

واعتبر مساعد وزير الدفاع والطيران أن تطهير المواقع التي استولى عليها الحوثيين، وإعادة السيطرة عليها بالكامل من المعتدين «إنجاز عالٍ سيسجل لأبناء قواتنا المسلحة وحرس الحدود، ويضاف إلى سجل إنجازاتكم الناصعة، حيث نجحتم ولا تزالون تحققون النجاح تلو النجاح في طرد المعتدين من أراضينا، وإلحاق الخسائر الفادحة بين صفوفهم، التي لن تصمد طويلا أمام ضربات رجالنا الأبطال من الجو والأرض، رجالنا الذين أكدوا كفاءتهم العالية في القتال وفن إدارة النيران بكل اقتدار، لأنني على يقين تام بأنكم تحملون سلاحكم لتؤدوا واجبا دينيا ووطنيا هو الدفاع عن أرض المقدسات، فمهما كان ثمن التضحية غاليا فالوطن أغلى وهو فوق كل اعتبار».

ونقل الأمير خالد بن سلطان إلى رجال القوات المسلحة «رسالة تقدير واعتزاز من سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز القائد الأعلى للقوات العسكرية كافة، وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، اللذين يقدران لكم ما تقومون به من رسالة سامية، ألا وهي واجب الدفاع عن بلادنا الغالية ومقدساتها الطاهرة من أي اعتداء آثم».

وأضاف: «ونحن في غمرة الافتخار بكم، يجب أن لا ننسى شهداءنا الأبرار الذين قدموا أرواحهم النقية ودماءهم الزكية فداء لله ثم لوطننا العزيز، سائلين الله أن يتغمدهم بواسع رحمته، وأن يسبغ على جميع الجرحى ثوب الصحة والعافية وطول العمر، ليعودوا إلى أهاليهم وأبنائهم وأعمالهم مرفوعي الجبين بما قدموا من تضحيات جسام، سائلا الله العلي القدير أن يُحِقّ الحق ويدحر الظلم ويئد الفتنة».

وتَفقّد مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية الوحدات المنتشرة في المنطقة الحدودية، ثم تَفقّد كتيبة مشاة القوات البحرية، وكتيبة المدفعية، وشاهد إحدى عمليات الرمي بالمدفعية».

واطّلع الأمير خالد بن سلطان على سير العمليات في المواقع الأمامية، ووقف على الوضع الراهن والاستعدادات القائمة، في زيارة تفقدية لوحدات طيران القوات البرية حيث استمع إلى إيجاز عن الواجبات التي تقوم بها، كما تفقد وحدات طيران القوات البحرية، واستمع إلى إيجاز عن المهمات والواجبات المنوطة بهذه الوحدات في الدفاع عن أرض الوطن.

واطمأن الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية، أمس على الحالة الصحية للعسكريين السعوديين الذين يتلقون العلاج في مستشفى الملك فهد المركزي بجازان، بعد الإصابات التي تعرضوا لها في أثناء تصديهم للمتسللين الحوثيين.

ونقل الأمير خالد بن سلطان تحيات وسلام وثقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز القائد الأعلى للقوات العسكرية كافة، والأمير سلطان بن عبد العزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، والأمير عبد الرحمن بن عبد العزيز نائب وزير الدفاع والطيران والمفتش العام، والأمير نايف بن عبد العزيز النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية.

إلى ذلك، رصد موفود الصحيفة وصول مجموعة جديدة من الموقوفين الحوثيين وهم معصوبو الأعين إلى مقر قيادة القوات السعودية في الخوبة ظهر أمس، تمهيدا للتحقيق معهم من قِبل جهات الاختصاص. فيما تواصل الأجهزة الأمنية ملاحقة عدد من المشتبه بعلاقتهم بالحوثيين.

ونفذت القوات الجوية الملكية السعودية طلعات متعددة منذ ساعات الصباح الأولى أمس وقصفت عددا من مواقع الحوثيين في فترتي الصباح والظهيرة، وأكد قادة عسكريون لـ«الشرق الأوسط» أن الخطوط الأمامية للمواجهة مستقرة بشكل عام، باستثناء بعض المناوشات المحدودة بين الحين والآخر، فيما ترددت أنباء عن مناوشات وقعت في نطاق محافظة العارضة. إلا أن المنطقة الحدودية شهدت مع غروب الشمس اشتباكا بين القوات السعودية ومتسللين حوثيين، وقصفت المدفعية المواقع التي تسللوا منها، وعلمت «الشرق الأوسط» أن الجنود السعوديين نجحوا في أسر عدد من المتسللين.

وأكد مصدر مطّلع لـ«الشرق الأوسط» أن القوات السعودية تنتشر من جبل جحفان الواقع غرب جبل دخان إلى جبل سودة الواقع في محافظة العارضة، وتم إخلاء كامل تلك المنطقة وإعلانها منطقة عسكرية محظورة.

وشرعت القوات السعودية في إخلاء جميع قرى محافظة الخوبة ومركز الخشل التابع لها بلا استثناء، والبالغ عددهم وفق الإحصاءات الرسمية نحو 50 ألف نسمة، اعتبارا من مساء أول من أمس السبت، واعتبار المحافظة حتى حدودها مع محافظة أحد المسارحة التي تجاورها من الغرب منطقة عسكرية بالكامل، فيما استمر نزوح آخر السكان من تلك القرى طوال نهار أمس.

وذكرت مصادر مطّلعة أن القوات الأمنية طلبت من سكان القرى الواقعة شرق قرية أم الشيح إخلاء المنطقة، والتوجه إلى مناطق أكثر أمنا حفاظا على أرواحهم وممتلكاتهم، وتتضمن المنطقة مجموعة من القرى ذات الكثافة السكانية العالية.

وتقرر إخلاء هذه القرى كإجراء احترازي لمواجهة تسلل الحوثيين إلى داخل القرى الحدودية، بعد أن تصدى جنود سعوديون لعدد من الحوثيين الذين ظهروا في محيط عدد من تلك القرى، وقتلت عددا منهم وأسرت آخرين.

إلى ذلك، اتفق مشايخ قبائل فيفاء الملاصقة للحدود السعودية ـ اليمنية، خلال اجتماع عقدوه أمس على أن تسيّر كل قبيلة منها دوريات من المواطنين في المنطقة الحدودية لمساندة الجهات الأمنية، والإبلاغ عن أي حالة تسلل إلى الأراضي اليمنية يتم رصدها، وإبلاغ إمارة منطقة جازان عن الأسر المجهولة المقيمة في المنطقة لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيالها. وأكدت مصادر طبية موثوقة لـ«الشرق الأوسط» وصول جثتَي اثنين من المتسللين الحوثيين إلى مستشفى صامطة العام، فيما يتلقى أحد الحوثيين الذين هاجموا القوات السعودية وهم متنكرون في زي نسائي العلاج حاليا في المستشفى نفسه، بعد تعرضه لإصابة بشظية في قدمه، ونفت مديرية الشؤون الصحية ما تردد عن القبض على أحد الحوثيين لتسلله إلى داخل المستشفى.

وأكد جبريل القبي، الناطق الإعلامي في مديرية الشؤون الصحية بمنطقة جازان، لـ«الشرق الأوسط»، أن مستشفيات منطقة جازان لم تستقبل أي حالات وفاة أو إصابة حتى ظهر أمس، باستثناء نقل الأجهزة الأمنية حالة وفاة واحدة لمجهول يمني نزح إلى الأراضي السعودية ولفظ أنفاسه الأخيرة بالمنطقة الحدودية بسبب الإعياء الشديد.

وكشف القبي أن صحة منطقة جازان سيّرت أمس حملة ميدانية لجمع تبرعات بالدم لتوفير كميات إضافية للاستفادة منها في حالات الضرورة القصوى، مشيرا إلى أن الحملة التي جمعت نحو 40 ألف وحدة دم، شملت مستشفيي محافظتي بيش والدرب، ومجموعة من المدارس والسجن العام في محافظة بيش، إضافة إلى مجموعة أخرى من المدارس ومعهد التدريب التقني والمهني في محافظة الدرب، كما استمر توافد المواطنين بأعداد كبيرة على مختلف مستشفيات المنطقة للمشاركة في الحملة.