غل يعلن عزم تركيا على توسيع تعاونها مع الدول الإسلامية

انعقاد المؤتمر الإسلامي في اسطنبول بحضور نجاد والأسد وغياب البشير

عدد من مسؤولي الدول الإسلامية وبدا في الصف الأول (من اليمين) الرئيس السوري بشار الأسد والرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد والرئيس التركي عبد الله غل والأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلي والرئيس الأفغاني حميد كرزاي في اسطنبول أمس (أ.ب)
TT

التقت 57 دولة من بينها إيران وأفغانستان في إسطنبول أمس، في قمة منظمة المؤتمر الإسلامي التي ركزت القمة على التجارة وإجراءات مكافحة الفقر بين الأعضاء دون أن تغب عنها مناقشة القضايا السياسية التي تشغل المنطقة. وتناول الرئيس التركي عبد الله غل في كلمته قضية السلام في الشرق الأوسط، واعتبر أنه «ليس من الممكن إقامة السلام والاستقرار في المنطقة ما لم يتم حل مشكلة الدولة الفلسطينية التي يجب أن تعيش إلى جانب إسرائيل كدولة معترف بها، كدولة آمنة تكون عاصمتها القدس الشرقية».

وأعلن غل عزم تركيا توسيع تعاونها مع دول منظمة المؤتمر الإسلامي، وقال إن هذا التعاون لا يتعارض مع مساعي تركيا للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي. ونقلت وكالة الأنباء التركية «الأناضول» عن غل قوله إن «كلا الهدفين يدعم الآخر»، مؤكدا أن المشروعات المشتركة في مجال الطاقة والتجارة ستسهم في الاستقرار والتنمية.

واتفق الرئيس السوري بشار الأسد مع غل حول الشرق الأوسط، وقال الأسد إن «مقاومة الاحتلال واجب قومي وإن دعم المقاومة واجب أخلاقي وشرعي». وحذر الرئيس السوري من محاولات إسرائيلية لإزالة الأقصى بالتوازي مع بدء عملية تهويد القدس، وقال: «هناك محاولات إسرائيلية لإزالة الأقصى بالتوازي مع بدء عملية تهويد القدس عبر طرد الفلسطينيين من منازلهم وإحلال المستوطنين محلهم في عملية منظمة تترافق مع العدوان اليومي وارتكاب المجازر الجماعية وتدمير البنى التحتية بهدف دفع الفلسطينيين إلى اليأس المطلق وبالتالي الهجرة خارج أرضهم فلسطين كسياق طبيعي يؤدي في محصلته النهائية إلى تحقيق الدولة اليهودية الصافية».

وطالب باتخاذ «خطوات عملية تبدأ بالضغط على إسرائيل بدلا من مجاملتها أو مكافأتها» داعيا في الوقت نفسه إلى «دعم صمود السكان الأصليين من العرب في وجه الاحتلال الإسرائيلي بمختلف الوسائل من دون استثناء». وأوضح أن «إنهاء الاحتلال يضمن وقف ومن ثم إزالة المستوطنات لا العكس»، مشيرا إلى أن «دعم غزة يكون بالرفع المباشر للحصار وتأمين المتطلبات الأساسية لاستمرار الحياة فيها من قبل دولنا بشكل جماعي وعاجل». وأضاف الأسد خلال كلمته أمام القمة أن مشاركة سورية في هذه القمة تؤكد أهمية هذه المنظمة وعلى دورها المستقبلي كجامعة لدول العالم الإسلامي. وأكد على ضرورة استقلال إرادة المنظمة «عن أي محاولات للتدخل الخارجي تسعى لتقييدها أو توجيهها وأن تكون بالتالي نابعة من أرضها ومن إرادة شعبها». وحث الرئيس السوري دول منظمة المؤتمر الإسلامي على تطوير العلاقات في ما بينها «في ظل منافسة عالمية متزايدة تتخللها محاولات الهيمنة على القرارات الاقتصادية للدول النامية والضغط عليها بهدف إبقائها مجرد دول مستهلكة غير منتجة تعمل كأسواق لتصريف ما ينتجه الآخرون».

من جهته، اعتبر الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد أن «مفهوم الرأسمالية المرتبط بالسياسة هو تجربة مريرة». وقال: «لقد رأينا حروبا مفروضة واحتلالا وصراعات وانتشار الإرهاب والدمار والتمييز السياسي». وكان أحمدي نجاد وصل إلى إسطنبول مساء الأحد للمشاركة في القمة الاقتصادية لمنظمة المؤتمر الإسلامي. وقد أجرى عند وصوله محادثات مع رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان في ثاني لقاء بينهما منذ أسبوعين. وقال أردوغان بعد اللقاء: «تحدثنا عن منظمة المؤتمر الإسلامي وقضايا إقليمية والعلاقات الثنائية والبرنامج النووي». وكان رئيس الوزراء التركي قام في نهاية أكتوبر (تشرين الأول) بزيارة إلى طهران صرح أحمدي نجاد خلالها أنه «يقدّر» موقف تركيا من مسألة البرنامج النووي الإيراني. وصرح أحمدي نجاد حينذاك: «عندما يملك نظام غير شرعي (أي إسرائيل) أسلحة نووية لا يمكن لأحد أن يمنع بلدا آخر من امتلاك طاقة نووية لأغراض سلمية». وكان أردوغان رأى بُعيد ذلك أن إيران لا تلقى معاملة عادلة في المسألة النووية ووصف فرضية توجيه ضربات عسكرية إلى إيران بـ«الجنون».

ويوحي فتور العلاقات مع إسرائيل والتقارب مع إيران وسورية التي تبادلت مع تركيا إلغاء تأشيرات الدخول، بأن الدبلوماسية التركية التي تراوح مفاوضاتها مع الأوروبيين للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، تحولت إلى الشرق والدول المسلمة. إلا أن أردوغان نفى ذلك أمس، وقال: «لماذا ندير ظهرنا إلى الاتجاهات الأخرى؟ تركيا راسخة في المؤسسات الأوروبية وفي منظمة المؤتمر الإسلامي على حد سواء».

من جهته، ناشد الرئيس الأفغاني حميد كرزاي الذي تم انتخابه منذ أسبوع بعد انتخابات شابها التزوير، حكومات الدول المجاورة والدول الإسلامية أن تفتح طرق التجارة لمساعدة بلاده في تحطيم دائرة العنف.

وكان يُفترض أن يشارك الرئيس السوداني في القمة الإسلامية لكنه ألغى زيارته مشيرا إلى «مستجدات تقتضي وجوده بالسودان خلال اليومين القادمين». وأصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف بحق البشير بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في إقليم دارفور غربي السودان. وقال الاتحاد الأوروبي إن أنقرة تعارض استقباله في تركيا. وشكك أردوغان الأحد في أن يكون الرئيس السوداني نسق ارتكاب إبادة في دارفور، مؤكدا أنه «لا يمكن أن يرتكب أي مسلم إبادة». ولم تصدق تركيا التي عززت العلاقات الاقتصادية مع السودان على قانون إنشاء المحكمة الجنائية الدولية وقالت إنها لا تعتزم اعتقال البشير، غير أن تركيا التي تسعى للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي تعرضت لضغوط من بروكسل وجماعات دولية لحقوق الإنسان لاستبعاد البشير من قائمة الضيوف.