مشاورات الساعة الأخيرة.. قبيل ولادة الحكومة

بري يدعو البرلمان لانتخاب رؤساء اللجان غدا.. وسليمان يستبعد أزمة بيان وزاري

TT

قبيل ساعات على إعلان تشكيل الحكومة، كان لا يزال سعد الحريري يجري مفاوضات الساعة الأخيرة لإنضاج «الطبخة الحكومية» في لبنان، ولم يكن قد تبقى إلا أن توزع هذه الطبخة في «صحون» القوى السياسية المشاركة فيها وفقا للحصة المتفق عليها. وفي موازاة ذلك، بدأ يلوح في الأفق «مشروع أزمة» أو «مشروع لا أزمة» عنوانها البيان الوزاري، وتحديدا موضوع «سلاح المقاومة» الذي بدأت القوى المسيحية في «14 آذار» إثارته قبل انتهاء مفاوضات تأليف الحكومة، كذلك ما أثاره البطريرك الماروني نصر الله صفير في هذا الإطار.

وانشغل رئيس الحكومة المكلف سعد الحريري أمس بإجراء الترتيبات النهائية قبل أن يحمل تشكيلته ويمضي بها في اتجاه القصر الجمهوري لإعلانها، في وقت دعا فيه رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى عقد جلسة عامة للبرلمان في صباح غد لانتخاب أعضاء اللجان النيابية، بعد أن تم تأجيل جلستين عقدتا لهذه الغاية بسبب عدم تشكيل الحكومة. ويحظر القانون انتخاب نائب يحمل حقيبة وزارية ليرأس لجنة نيابية. وأجرى الحريري قبل إعلان تشكيلته مشاورات أخيرة مع حلفائه المسيحيين في «14 آذار»، لحل العقد الأخيرة المتبقية حول توزير النائب بطرس حرب الذي يريد أن يحمل حقيبة العدل، بينما يتمسك حزب القوات اللبنانية بهذه الوزارة، إضافة إلى مطالبة حزب الكتائب بحقيبة التربية، وهي الحقيبة التي أراد الحريري إبقاءها لتيار المستقبل الذي يرأسه. ونفى عضو كتلة «القوات اللبنانية» النائب أنطوان زهرا الكلام عن «الصيغة النهائية التي لم تصبح نهائية بعد»، معتبرا أن ما هو نهائي هو ما حكي عن حصة «8 آذار». وقال: «صرنا في مرحلة وضع اللمسات الأخيرة على التشكيلة الحكومية ومرحلة توزيع الحقائب التي بقيت على فريق الغالبية»، وأكد أنه مع «التأني وعدم سلق الموضوع بشكل كأنه من واجبنا بعد أن سهل الوضع الإقليمي تشكيل الحكومة كي تصدر قبل زيارة الرئيس السوري إلى باريس، أن نحرق أنفسنا كي نقدم هذه الخدمة له قبل الزيارة، بمعنى أن يحدث تسريع ويخرج أحد غير راض عن التشكيلة الوزارية. وبعد حسم صيغة 15 ـ 10 ـ 5 وحسم حصة 8 آذار، فإنه من حق فريق 14 آذار، حرصا على تشكيل حكومة يتوقع الجميع أن ترافق المجلس النيابي الحالي حتى انتهاء ولايته، أن يأخذ يومين إضافيين أو ثلاثة للحوار بين الحلفاء بما لا يوقعنا في المحظور». وأعاد «التأكيد أن لا مشكلة بين الحلفاء وأن لا خلافات بين أفرقاء 14 آذار، لا بين الكتائب و«القوات» ولا بين «القوات» والنائب بطرس حرب، ولا يمكن أن يحصل أي خلاف بينهم». وبدأ الحريري ظهر أمس جولته بزيارة لرئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون الذي أبلغه أسماء الوزراء الذين سيمثلون تكتله في الحكومة المقبلة، وفيما اكتفى الرئيس المكلف بالإشادة بنوعية الطعام الذي تناوله على مائدة عون، كشف الأخير أسماء الوزراء الذين سيمثلون التكتل، وهم: جبران باسيل لحقيبة الطاقة، فادي عبود للسياحة، يوسف سعادة وزير دولة، وشربل نحاس للاتصالات، وإبراهام دديان للصناعة. وأعلن عون أن «المرحلة الأخيرة انتهت»، آملا «إذا لم يكن هناك أي عوائق من الطرف الثاني أن تتألف الحكومة اليوم (أمس) وليس غدا (اليوم)». ولفت إلى أنه طوال الأشهر الخمسة الماضية كانوا يتهمونه بأنه المعرقل، لكنه قال: «بما أني انتهيت قبلهم بساعة، فهذا يعني أنني لم أكن من يعرقل». وأضاف: «توصلنا إلى اتفاق وسيكون هناك تواصل وتعاون ضمن الحكومة، وأعتقد أن بند المقاومة محلول، فموضوع المقاومة متروك لطاولة الحوار وستبدأ طاولة الحوار بعد تأليف الحكومة، لأنّه لا يمكن أن يحل موضوع المقاومة ضمن البيان الوزاري»، مشيرًا إلى أن «موضوع السلاح ليس داخليًا، وهذا السلاح ليس للتدخل في الانتخابات لا في كسروان ولا في بيروت». وشدّد عون على فتح صفحة جديدة «من دون أي توقف عند الماضي من أجل مستقبل البلد ولمواجهة الصعاب التي تنتظر الجميع لكي يعود البلد إلى ما هو أفضل»، وأضاف: «لا يمكن إلا أن نتخطى الماضي للنظر إلى المستقبل ويجب أن نتخطى المراحل السيئة». وزار الرئيس المكلف لاحقا البطريرك صفير وعرض معه الاتصالات التي أجريت لتذليل كل العقبات من أمام تأليف الحكومة. ورافقه في الزيارة مدير مكتبه نادر الحريري والمستشار الإعلامي هاني حمود والمستشار السياسي داود الصايغ. وهنأ صفير الرئيس المكلف على مساعيه، متمنيا له «التوفيق في مهماته»، آملا أن «تعمل الحكومة لما فيه مصلحة لبنان وأبنائه والسعي إلى انتظام عمل المؤسسات في البلد». وبعد الخلوة التي عقدت بين صفير والحريري في مكتب البطريرك الخاص والتي استمرت حوالي نصف ساعة رفض الرئيس المكلف الإدلاء بأي تصريح، مجددا القول «إن البطريرك هو ضمير لبنان نستمع دائما إلى توجيهاته، فهو رجل حكيم في طريقة عمله، وإن شاء الله تشكل هذه الحكومة». وعما إذا كان التأليف قريبا قال «إن شاء الله».

وفي ما يخص البيان الوزاري، نقل زوار رئيس الجمهورية ميشال سليمان عنه لـ«الشرق الأوسط» استبعاده وجود أزمة حول هذا الموضوع. وقالت المصادر إن الرئيس يدعو جميع الفرقاء إلى «التفاهم لما فيه المصلحة العليا»، فيما نقل زوار رئيس مجلس النواب نبيه بري عنه أن المحادثات التي أجراها الرئيس المكلف مع قيادة المعارضة تطرقت إلى مرحلة ما بعد تأليف الحكومة، مستبعدا وجود مشكلة في ما يتعلق ببند «حق المقاومة» الذي أعطاه البيان الوزاري للحكومة الحالية لـ«شعب لبنان ومقاومته».

وفي المقابل، كانت مصادر «القوات اللبنانية» تقول أن «لا شيء محسوما في البيان الوزاري، وعلينا أولا أن ننتظر تشكيل لجنة البيان حيث كل فريق سيدلو بدلوه»، مؤكدة أن القوات «لن توافق على أي كلمة تتعارض مع التزامات لبنان الدولية والقرارات الصادرة عن مجلس الأمن ذات الصلة، لكنها في المقابل لن تذهب إلى عبارات كتجريد حزب الله من سلاحه». وأشارت إلى أن هذا الموضوع سيكون قيد البحث على طاولة الحوار، مشددة على أن مسيحيي «14 آذار» لن يتساهلوا في موضوع السلاح.

وفي موضوع سلاح «حزب الله»، قال النائب عن القوات أنطوان زهرا إن «القول بسحبه من التداول يعني تحديدا الوصول إلى سحبه من الحزب وليس فرضه كأمر واقع، وهذا ما يجب مناقشته على طاولة الحوار». وكرر أن «أي شيء في البيان الوزاري يتعارض مع القرارات الدولية (وخصوصا القرار 1701) لن نوافق عليه، ونحن ننتظر لنرى صيغة البيان الوزاري المعروضة». وأكد أن «لبنان يحتاج إلى جو استقرار من أجل النهوض الاقتصادي ولكننا لن نتردد لحظة في المطالبة بكل ما يسهم في مشروع قيام الدولة ومؤسساتها، ولب مشروعنا اليوم هو استجلاب الجميع إلى مشروع الدولة».