اشترى الرشاش الذي استخدم في المذبحة بعد وصوله إلى المعسكر بأيام إشارات الميجور حسن قبل قيامه بمذبحة فورت هود

TT

كان الجو مظلما يوم الخميس عندما غادر الميجور نضال مالك حسن البناية القديمة التي توجد فيها شقته ذاهبا لأداء صلاة الفجر بمسجد قريب من فورت هود. وبعد ذلك، ودّع أصدقاءه هناك وطلب العفو عن أي خطأ اقترفه في حقهم. وقال لأحد رواد المسجد وهو يعانقه: «سوف أسافر، ولن أكون هنا غدا».

وبعد ست ساعات، دلف الميجور حسن إلى داخل مركز لاستعداد الجنود في فورت هود حيث كان يحصل الجنود على رعاية طبية قبل ذهابهم إلى خارج البلاد. وفي البداية، جلس بهدوء إلى منضدة شاغرة، حسب ما قاله عضوان في الكونغرس اطلعا على التحقيق. ويضيف شهود أنه بعد ذلك حنى رأسه لبعض ثوان وكأنه يدعو ثم وقف وسحب رشاشه المعبأ بالذخيرة صائحا «الله أكبر» وبدأ إطلاق النيران. وخلال دقائق، كان الميجور حسن قد قتل 13 شخصا. ولكن، يقول الأقارب والمعارف إن هناك توترات قديمة أدت إلى هذه المذبحة. ويقول محققون إن الميجور حسن اشترى الرشاش الذي استخدم في المذبحة الصيف الماضي، بعد وصوله إلى فورت هود بأيام. وخلال الأعوام الأخيرة، أخذ يتحدث أكثر عن معارضته للحربين في العراق وأفغانستان وعن العذاب الذي يعاني منه في سعيه للتوفيق بين مهامه العسكرية والدين الذي يعتنقه. ويقول أقارب إنه حاول ترك الخدمة في الجيش، وكان يعتقد أنه من المستحيل ذلك على الرغم من أن خبراء يقولون إنه قد يكون حصل على رأي قانوني غير صحيح في هذا الصدد. واشتكى الميجور حسن أكثر من مرة من تعرضه لمضايقات، ومن بينها شخص قام بوضع حفاضة أطفال في سيارته وقال «هذا هو غطاء رأسك». وفي موقف آخر يرويه أقارب، رسم شخص جملا على سيارته وكتب تحته: «راكب الجمل، اخرج». ويدلل سلوك الميجور حسن خلال الأشهر والأسابيع الأخيرة التي سبقت الحادث على أنه شخص مضطرب يحمل الكثير من التناقضات. وكان يعيش مقتصدا داخل شقة سيئة الحال على الرغم من أنه يحصل على راتب جيد وأنفق أكثر من 1,100 دولار على الرشاش الذي تقول السلطات إنه استخدمه في الحادث. ويقول الكثير من الجيران إنه لطيف وعطوف، ويسارع بالابتسامة أو إلقاء التحية، ولكنه اشتكى بمرارة إلى أشخاص داخل المسجد الذي كان يرتاده من الاضطهاد الذي يتعرض له المسلمون داخل الجيش. وكان للميجور حسن عدد قليل جدا من الأصدقاء، ويرى الرجال الذين كانت لهم علاقة به داخل المسجد أنه كان شخصا غريبا ولم يكن مرحبا به بينهم. ويقول دوان ريسونر، وهو فتى يبلغ من العمر 18 عاما يرتاد المسجد وأكل أكثر من مرة مع الميجور حسن داخل مطعم «غولدن كورال»: «كان واضحا أنه يشعر بالضجر، ولم يكن يريد الذهاب إلى أفغانستان».

ويذكر أن الميجور حسن وُلد في أرلينغتون بولاية فيرجينيا في 8 سبتمبر (أيلول) 1970 لوالدين فلسطينيين هاجرا من الضفة الغربية في الستينيات وانتقلا إلى روانوك بينما كان حسن لا يزال شابا. وكان الميجور حسن الأكبر بين ثلاثة أولاد، وساعد الثلاثة العائلة في الأنشطة التجارية التي تدخل فيها قبل أن يذهبوا إلى الجامعات. وتخرج الميجور حسن بمرتبة الشرف من «فيرجينيا تيك» وتخصص في الكيمياء الحيوية عام 1995. وأصبح أخوه أنس محاميا وانتقل قبل عدة أعوام إلى رام الله في الضفة الغربية حيث لا يزال لدى العائلة عقار، وفق ما يقوله أقارب. وتخرج الأخ الثالث عياد في جامعة جورج ماسون وأصبح مسؤولا عن الموارد البشرية في شركة أبحاث طبية داخل فيرجينيا. ويضيف أقارب أنه على عكس رغبة الوالدين انضم الميجور حسن إلى الجيش بعد أن تخرج من الجامعة ودخل برنامج تدريب للضباط في فورت سام هوستن بولاية تكساس. وفي عام 1997، ذهب حسن إلى مدرسة طبية في جامعة الخدمات النظامية للعلوم الصحية في بيثاسدا بولاية ماريلاند في إطار برنامج مجاني. وبعد التخرج عام 2003، قضى المركز الطبي العسكري ووالتر ريد وأنهى زمالة مدتها عامان في دراسة علم النفس الوقائي وحصل على درجة الماجستير في الصحة العامة. ويقول عم له، يعيش في رام الله، إن الميجور حسن اختار علم النفس بدلا من علم الجراحة بعد أن فقد الوعي عندما كان يشاهد عملية ولادة خلال فترة تدريبه الطبي. ويصف العم رفيق حماد الميجور حسن بأنه شخص لطيف وهادئ وحساس للغاية. ويحكي العم أن حسن كان عنده طائر وعندما مات هذا الطائر حزن حسن كثيرا وظل حزينا لمدة «شهرين أو ثلاثة أشهر، وحفر له قبرا ليضعه فيه وكان يزوره هناك».

وفي عام 2004، بدأ الميجور حسن يشعر بالضيق من الجيش، حسب ما يقوله أقارب. وتحدث عن مضايقات يتعرض لها بسبب إسلامه واستشار محاميا، ربما يكون من الجيش، في رغبته الحصول على إخلاء سبيل. ولكن، لأن الجيش دفع مقابل تعليمه، وربما لأن الجيش كان في أمس الحاجة إلى أطباء صحة عقلية وكانوا يحاولون تجنيد أميركيين عرب، قيل له إن فرصه في الحصول على إخلاء سبيل من الجيش ضئيلة جدا، حسب ما يذكره أقارب. ويقول نادر حسن، وهو أحد أقارب الميجور حسن: «قالوا له إنه لن يسمح له بترك الجيش إلا إذا وافق رامسفيلد شخصيا على ذلك»، مشيرا إلى دونالد رامسفيلد، الذي كان يشغل حينئذ منصب وزير الدفاع. وقد قال متحدث باسم الجيش يوم الأحد إنه لم يكن يعرف مدة التزام الميجور حسن. ولكن في العادة يلتزم الضابط الطبيب لمدة سبع سنوات من تخرجه من المدرسة العسكرية الطبية؛ مما يعني أن الميجور حسن كان ملتزما حتى عام 2010.

ومن جهة أخرى، قال بعض المحامين الخاصين الذين يمثلون الجنود إن الحصول على تسريح مبكر من الجيش أمر صعب ولكنه ليس مستحيلا. وخلال السنوات التي قضاها في واشنطن، اتجه الميجور حسن بقوة إلى الإسلام، وفقا لأقربائه وزملائه في الدراسة. ويرجع ذلك جزئيا إلى أنه كان يبحث عن السلوان بعد وفاة والديه في عامي 1998، و2001.

ومن جهته، قال عمه حماد إن الميجور حسن كان يواجه صعوبة في التكيف مع وفاة أبويه، حيث عزل نفسه وانغمس في قراءة الكتب الإسلامية بدلا من أن يتفاعل اجتماعيا. ولكنه أضاف: «أن ذلك كان قبل عدة أعوام وأعتقد بأنه تكيف مع الأمر». ويبدو أن الميجور حسن كان يعتقد بأن المسجد يمكن أن يساعده في العثور على زوجة والتي كان يفضل أن تكون من أصول عربية، وفقا لما قاله للأئمة. ومن جهته، قال الإمام فضل الله خان الإمام السابق لمركز الجالية الإسلامية في سيلفر سبرينغ، بماريلاند إنه كان يعرف نساء يبدين اهتماما بالميجور حسن لأنه يحظى بوظيفة جيدة، ولكنه لم يجد بينهن من تتمتع بالورع الكافي.

وبالرغم من أن الميجور حسن قد أخبر أولاد عمومته بأنه يعتزم الزواج في وقت ما خلال العام الجاري، فلم يكن معروفا عنه أنه لديه صديقة، وفقا لأقاربه. وكانت السلطات الفيدرالية تبحث حول ما إذا كانت هناك صلات تربط حسن والإمام الأميركي المولد المعروف بإلقاء خطب ساخنة في مسجد يقع بشمال فيرجينيا وهو المسجد الذي كان الميجور حسن يتردد عليه في 2001. وذلك حيث كان حسن يتردد على مركز «دار الهجرة الإسلامي» بمدينة كنيسة الشلالات بفيرجينيا في الوقت الذي كان فيه أنور الولاكي يعمل كإمام هناك ولكن تأثير خطاب الولاكي على حسن لم يتضح بعد.

وخلال الوقت الذي قضاه بووالتر ريد، علت النبرة التي كان الميجور حسن يعبر من خلالها عن معارضته لحربي أميركا. وكان الميجور حسن يدرك الكثير حول الصعوبات التي تواجه القوات في تلك الحروب من خلال الاستشارات النفسية التي كان يقدمها للجنود العائدين، وكان قلقا إلى حد كبير من أن يضطر إلى السفر إلى هناك. ولكن خلال الأعوام الخمسة الماضية، اتخذت معارضته لهاتين الحربين بعدا دينيا.

ومن جهة أخرى، يقول أحد الزملاء السابقين للميجور حسن في برنامج الإعداد لدرجة الماجستير إنه قدم عرضا على الباوربوينت خلال العام الماضي ضمن محاضرة صحية بيئية بعنوان: «لماذا الحرب على الإرهاب هي حرب على الإسلام؟». ولم يزد تواصله الاجتماعي مع زملائه عن الحوارات التي كان يجريها معهم في الطرقات حول أن تلك الحروب كانت خاطئة بالأساس.

وقد قال زميله السابق الذي تحدث شريطة عدم الإفصاح عن هويته نظرا لعمله في الجيش ولأنه غير مخول بالحديث حول ذلك الموضوع إن بعض الطلاب قد رفعوا شكاوى إلى أساتذتهم بشأن الميجور حسن ولكن لم يتم اتخاذ أي إجراء بشأنه. فيقول: «لم يخطر على بالي أنه خطر. فقد كان مجرد رجل أصلع ممتلئا ولم يكن مهددا على الإطلاق».

ومن جهة أخرى، قال آرون هاني الذي كان يسبق الميجور حسن بعام في برنامج إعداد الأطباء إنه كان هناك العديد من الأشخاص في ووالتر ريد الذين يعربون عن معارضتهم للحربين. وقال إنه شهد بعض الجنود في فورت كامبيل بكنتاكي ـ التي حصل فيها الدكتور هاني على التدريب قبل أن يتم نشره ـ يعبرون عن مشاعر مناهضة للمسلمين أو للعرب.

وقد قال الدكتور توماي غريغير أحد المشرفين على الميجور حسن إنه كان يواجه صعوبات في ووالتر ريد وأنه كان بحاجة للاستشارة النفسية. ولكن الدكتور غريغير قال إن مثل تلك الاستشارات النفسية لم تكن شائعة وأخبر الـ(سي إن إن) أن الميجور حسن «كان يستجيب إلى الأوامر التي يتلقاها».

وقد أخبر الدكتور غريغير الـ«أسوشيتدبرس»: «لقد أقسم يمين الولاء للجيش. ولم أسمع أي شيء مخالفا لذلك القسم».

* خدمة «نيويورك تايمز»