خالد بن سلطان: ضرباتنا الجوية لن تتوقف حتى يبتعد المتسللون عشرات الكيلومترات عن حدودنا

قال لرجال القوات المسلحة: صافحوا كل يد تمتد إليكم.. واقطعوا كل يد تعتدي عليكم.. والصلح موجود ما كفّوا عن دخول الأراضي السعودية

الأمير خالد بن سلطان يداعب أحد الجنود على الجبهة (تصوير: خالد الخميس)
TT

أعلن الأمير خالد بن سلطان بن عبد العزيز مساعد وزير الدفاع والطيران والمفتش العام للشؤون العسكرية في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن الطيران الحربي السعودي لن يقف ضرباته الجوية التي ينفذها في منطقة الشريط الحدودي ضد المتسللين، إلا بعد أن يبتعدوا عشرات الكيلومترات من الحدود السعودية.

وأكد الأمير خالد بن سلطان خلال جولته في محافظة الحُرّث وزيارته المستشفى الميداني للقوات المسلحة، أمس أن تجمعات «العصابات المتسللة والإرهابية لم يعد لها وجود في الأراضي السعودية»، وأن عودة سكان محافظة الحُرّث إلى منازلهم وقراهم بعد إجلائهم منها، ستبدأ فقط بعد التأكد من خلو تلك المناطق والقرى من وجود المتسللين، وكان الأمير خالد بن سلطان التقى أمس القادة العسكريين في منطقة انتشار قوات الجيش السعودي، معلنا أن القوات السعودية «حققت ما أمر به خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز القائد الأعلى للقوات المسلحة كافة، وهو تطهير كل شبر من أراضي المملكة العربية السعودية من المتسللين قائلا: «إن حدود المملكة لا يوجد فيها أحد، ومن يقترب فمنطقة القتل أمامه»، متمنيا عودة العناصر المعتدية إلى طريق الصواب، وأن يخلصوا لبلادهم وجيرانهم الذين اعتبرهم إخوانا لهم. وحول طبيعة العمليات التي ينفذها الجيش السعودي في منطقة الشريط الحدودي، أشار مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية إلى أن ما نفذ حتى الآن على الشريط الحدودي مع اليمن الشقيق لا يتعدى كونه عمليات تطهير اعتيادية لآخر فلول التسلل الآثم عبر الحدود، معتبرا أن «أي تحليل غير هذا يدخل في باب التضخيم والتخرصات التي لا طائل من ورائها». واصفا المتسللين بأنهم «عصابة بغي تسللت بليل وغدرت بحرس الحدود الذين لم يكونوا في وضع استعداد قتالي، وهو ما يثبت أننا لا نبيّت الغدر، ولا أي نيات عدوانية تجاه اليمن الشقيق وشعبه الوفي الأبي».

وشدد الأمير خالد بن سلطان على أن القوات السعودية تنفذ مهمة سامية تتعلق بالحفاظ على أمن السعودية ضمن حدودها الدولية، وتطهيرها من آخر متسلل يهدد أمن البلاد ضمن تلك الحدود. واصفا الحديث عن عبور القوات السعودية للحدود المشتركة مع اليمن بأنه «اصطياد في الماء العكر، وتناول لأبعاد ما عهدها العالم في سياسة السعودية الخارجية». مشددا على أن «السعودية ليست هنا لتدخل في حرب دائرة بين أطراف محلية، ولا تتدخل في نزاعات كهذه إلا بالمعروف والوساطات السلمية».

وعن إحصائيات القتلى والأسرى من الجهة المتسللة والمفقودين من الجانب السعودي، قال مساعد وزير الدفاع والطيران للشؤون العسكرية: «مع الأسف الخسائر عندهم كثيرة، وهذا ما وضعتهم فيه قيادتهم، ولو أرادوا الحفاظ على الأرواح فيجب أن لا يدخلوا حدودنا، أما بالنسبة إلى المفقودين من الجانب السعودي فيوجد أربعة مفقودين، ولأكون واضحا أكثر فقد اطلعت على صورة لواحد منهم، الكل شاهدها، وأتمنى عودته في أقرب فرصة».

ونقل مساعد وزير الدفاع السعودي للجميع تحيات خادم الحرمين الشريفين القائد الأعلى للقوات العسكرية كافة، وولي عهده، مبينا أنهما «يتابعان إنجازاتكم، وقيامكم بما يقتضيه واجب الحفاظ على أمن الوطن وحماية حدوده وردع المتسللين من أي جهة»، وقال: «إنهما لفخوران بشجاعتكم وإتقانكم إحكام السيطرة على المواقع التي طهرتموها، وقطعكم لدابر كل متهور لم يحسب للعاقبة أي حساب».

وقال الأمير خالد بن سلطان مخاطبا جنود القوات المسلحة السعودية: «أقف أمامكم وأرى فيكم الثقة، وأنتم تخوضون معركة الشرف والبطولة، وتحرسون الأرض والحق، ووهبتم حياتكم من أجل أن يبقى الوطن عزيزا، وتظل راية الحق خفاقة، وتظل المبادئ والقيم العظيمة قدوتنا، ويستمر لواء العدل مرفوعا فوق رؤوسنا، تحية لكم وأنتم تصنعون مجدا عاليا ونصرا غاليا».

وأضاف: «لقد شدني تمكنكم وبسرعة بأن جعلتم هذه الزمرة تفقد حرية الحركة والقدرة على المباغتة والتمويه، واعلموا أن تكتيكات الحروب متغيرة ومبادئ السيادة ثابتة وأنتم هنا تستخدمون فنون الحروب لفرض السيادة وهذا ما يتطلب إجراءات حاسمة متوقعة منكم ومشروعة قانونا بوقوفكم سدا منيعا ضد المتهورين والموتورين». واصفا المتسللين بأنهم مشحونون على السعودية، ومتورطون في حرب بالوكالة، وأنهم ناقمون على شعبهم اليمني.

وقال: «أيها الرجال الشجعان أبناء القوات المسلحة وحرس الحدود وكل رجل عامل مخلص معكم في الميدان، رسالة وفاء أحملها لكم من الشعب السعودي الذي يكن لكل واحد منكم كل احترام وتقدير، والذين يتمنون جميعهم بأن يعيشوا هذه اللحظات التي تعيشونها هذه الأيام وأنتم تصنعون تاريخا ومجدا، وها أنتم تجسدون بطولة الذود عن الحق ورفع راية العدل، فتَحية من القلب لكم ودعاء منه إليكم، ولسوف ينصركم الله نصرا عزيزا، وما النصر إلا من عند الله».

ونفى الأمير خالد بن سلطان ما تناقلته وسائل إعلام عن عودة أحد المفقودين برتبة مقدم ومعه خرائط لمناطق حدودية، معتبرا أن «هذه تكهنات، ولا يجوز للصحافة أن تعمل على نشر الشائعات، لأن الكلام عن أرواح وشهداء». وتمنى مساعد وزير الدفاع أن يضحّي بنفسه من أجل هذا الضابط، معتبرا أنه يظل مفقودا «لأننا لم نرَ جثة له».

وعن عدد المتسللين المقبوض عليهم قال: «لا أستطيع أن أقدم رقما حقيقيا لأنهم بالمئات لدينا، لكن ليسوا كلهم من المتسللين المخربين، ولهذا لا نستعجل الأمور، ووزارة الداخلية بالاشتراك المستمر مع الأمن العسكري عندنا يحققون في الموضوع ويفرقون بين المخرب ومن دخل لغرض شخصي، لهذا وحفاظا على مكانتهم وكرامتهم وأرواحهم يجب أن نتأنى في التحقيق، ولا نتكلم بالأرقام». وأشار إلى أن تسلل العناصر بشكل فردي إلى داخل الأراضي السعودية هو أمر مستمر منذ عشرات السنين، ويتم التعامل معه من قِبل قوات حرس الحدود. وحول إمكانية وجود صلح مع المتسللين الحوثيين، رفض الأمير خالد بن سلطان الحديث عن أي طلب للصلح، باعتبار أنه «ليس هناك داع إلى طلب الصلح، ونحن نقولها علنا، ليس هناك من داع لطلب الصلح، فالصلح موجود أصلا إذا صلحوا هم وكفّوا عن دخول أراضي السعودية». مشيرا إلى أن التحقيقات في ملابسات التطورات الأمنية مستمرة.

وعن حديث أحد المسؤولين في اليمن أول من أمس عن وجود اتفاقية مشتركة ستعقد بين البدين لدحر هذه الجماعات، قال: «الاتفاق موجود، والاتصالات السياسية موجودة، والاحترام المتبادل موجود، ونؤيد دائما الحكومة الشرعية، ونعمل لازدهار شعب اليمن الشقيق».

وعن نزوح عدد من الأسر اليمنية إلى السعودية قال الأمير خالد بن سلطان: «هذه مسؤولية وزارة الداخلية، التي تتعامل مع هذه الأسر بكل محبة، وفي الوقت نفسه تتأكد من سلامة أمن المملكة العربية السعودية، أما واجبنا نحن كقوات مسلحة فهو تطهير المنطقة، التي ـ ولله الحمد ـ طهرت، ونقف دائما ليل نهار كلنا فداء للوطن».

ميدانيا، حلّق الطيران الحربي بكثافة منتصف ليلة الثلاثاء وسمع دوي انفجارات متتابعة عند الساعة الواحدة والنصف ليلا بتوقيت السعودية، واستمر بوتيرة متقطعة إلى ساعات الصباح، في حين استمر تحليق الطيران طوال اليوم. وشوهدت ألسنة اللهب وهي ترتفع من مناطق إلى الشمال من جبل دخان على الشريط الحدودي، حيث تتم عمليات تطهير الحدود من المتسللين.

كما تأثرت المباني السكنية بدوي هذه الانفجارات، حيث تصدع عدد من المباني الشعبية في قرى الشريط الحدودي، وتأثر بعضها الآخر جراء عمليات القصف في المنطقة العسكرية المحظورة، والمقدر عمقها بعشرة كيلومترات داخل الحدود السعودية.

وذكر سكان محليون أن أبواب منازلهم ونوافذها استمرت في الاهتزاز بشكل عنيف طوال الليلة الماضية، وهو الأمر الذي عجل بنزوح من تبقى منهم داخل محافظة الحُرّث، كما ذكر شهود عيان أن مدرسة في قرية الجابري تأثرت جراء عمليات القصف التي وقعت بالقرب منها على الشريط الحدودي.

وعلى صعيد عمليات التمشيط، أفادت مصادر نشطة في مجال التهريب، أن عددا من مهربي القات دخلوا إلى نطاق المنطقة العسكرية المحظورة، متجاهلين تحذيرات القوات السعودية بكونها منطقة قتل ورفضوا تسليم أنفسهم، وهو ما أدى إلى مصرع عدد منهم. كما تحدث شهود عيان عن تبادل لإطلاق النار حدث في المنطقة القريبة من مصنع الأسمنت في محافظة الحرث.

واستمرت قوات الجيش السعودي في تمشيط الشريط الحدودي، وصد اعتداءات المتسللين. وانتقلت عمليات تمشيط الحدود إلى مناطق باتجاه الشمال في جوار جبل ملحمة والرميح وجبال شدا والمشنق والمثلث، حيث تحدثت مصادر عسكرية عن مقتل عشرات المتسللين في اشتباكات مع الجيش السعودي. وتحدثت مصادر عسكرية في منطقة المواجهات عن لجوء المتسللين إلى استخدام القرود في تضليل التحركات العسكرية، عبر ربطها بكشافات ضوئية لتبدو حركتها في الجبال ليلا أشبه ما تكون بحركات متسللين يحاولون مهاجمة قوات الجيش.

وعلى جانب آخر تحولت محافظة الحُرّث بأكملها أمس إلى مدينة أشباح، بعد أن غادرها آخر القاطنين في القرى الواقعة إلى الغرب منها. ومع العاشرة صباح أمس كانت آخر أفواج النازحين من قرى الداسة، وأم العكاش، وشهرين، تشد رحالها متجهة إلى بقية محافظات جازان، وإلى مخيم الإيواء في محافظة أحد المسارحة، الذي يتسع لألفي خيمة نصبها الدفاع المدني السعودي لاستقبال النازحين.

وفرضت دوريات من حرس الحدود والجيش والشرطة العسكرية نقاط تفتيش على مداخل المحافظة لمنع عودة السكان بعد أن أعلنت المحافظة منطقة عسكرية محظورة. وشهدت الليلة الماضية انقطاعا متكررا للتيار الكهربائي عن بعض قرى المحافظة، وذكرت مصادر في وحدة تشغيل الكهرباء في الخشل بمحافظة الحرث أن انقطاع الكهرباء صدر عن توجيهات رسمية.

وكان الأمير خالد بن سلطان اطّلع على عرض قدمه اللواء كتاب العتيبي المدير العام للخدمات الطبية بالقوات المسلحة، عن مرافق المستشفى، شمل أقسام الطوارئ والتنويم والأسنان والمختبر والجلدية والعمليات والصيدلية، واستمع لإيجاز عما يقدمه المستشفى الميداني من خدمات إسعافية وعلاجية.

كما زار مجموعة رمزية مشكَّلة من وزارة الدفاع والطيران وحرس الحدود والدفاع المدني ومشاة القوات البحرية، وتَفقّد الوحدات الرمزية المشاركة من مشاة القوات البحرية وقوات الأمن البحرية الخاصة، والكتيبة 33 مشاة برية، ووحدة رمزية من اللواء الـ18، وحرس الحدود، والدفاع المدني.

إلى ذلك، تَفقّد الأمير مشعل بن عبد الله بن عبد العزيز أمير منطقة نجران أمس، الشريط الحدودي والمسارات الحدودية بالمنطقة، خلال جولة رافقه فيها اللواء محمد بن عبد الرحمن الزهراني قائد حرس الحدود بمنطقة نجران، وقادة القطاعات الأمنية بالمنطقة، ووقف على جبل سديس، واطّلع على تجهيزات رجال حرس الحدود، واستمع إلى شرح مفصّل من العقيد محمد الشهراني قائد قطاع سقام حول مهمات حرس الحدود، وما يؤدونه من أعمال لخدمة الوطن.

وقد خاطب أمير نجران رجال حرس الحدود قائلا: «أنتم في موقع البطولة، ونحن جميعا نعمل لخدمة وطننا العزيز تحت توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمير سلطان بن عبد العزيز، والنائب الثاني الأمير نايف بن عبد العزيز».

كما جال على الطريق الحدودي، ووقف على جبل الحشرج المطل على الشرفة التابعة لمنطقة نجران، ونقطة جبل الثار التابع لقطاع خباش، واستمع إلى إيجاز من العقيد يحيى آل علي قائد قطاع خباش عن مهام حرس الحدود في القطاع، وعلى امتداد الطريق الحدودي.

وأوضح الأمير مشعل بن عبد الله في تصريح صحافي، أن جولته مع قادة القطاعات الأمنية مطمئنة، وأن الوضع مطمئن، والجميع على أتم الاستعداد «لمقاومة وردع كل من تسول له نفسه المساس بحدودنا أو حتى الاقتراب منها»، وقال: «إن ما رأيناه شيء يثلج الصدر، ونشكر جميع القطاعات الأمنية على جهودها المبذولة».

وحث أمير منطقة نجران رجال حرس الحدود على مضاعفة الجهد لخدمة الوطن، متمنيا لهم التوفيق.