الأسد: لا شروط لدى سورية لتحقيق السلام.. بل حقوق لا تنازل عنها

ساركوزي يكرر استعداد فرنسا للتوسط بين دمشق وتل أبيب في مفاوضات السلام

TT

أكد الرئيس السوري بشار الأسد، أمس، أن لا شروط لدى سورية لتحقيق السلام «بل حقوق لن نتنازل عنها»، في وقت جدد فيه الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي استعداد بلاده للدفع نحو استئناف مفاوضات السلام غير المباشرة بين سورية وإسرائيل التي ترعاها تركيا.

ونقلت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) عن الأسد قوله في افتتاح المؤتمر الخامس للأحزاب العربية في دمشق، إن «المقاومة هي جوهر سياستنا في الماضي وفي المستقبل ولا يوجد لدينا شروط لتحقيق السلام بل حقوق لن نتنازل عنها». وقال الأسد، الذي يستعد لزيارة فرنسا، إن «عملية السلام تظهر بعد 18 عاما من المباشرة بها أن قوة إسرائيل الوهمية هي في ضعف العرب الحقيقي وعندما تصبح قوة العرب حقيقية يصبحون قادرين على رؤية نقاط ضعف إسرائيل، وكلما امتلكنا كعرب المزيد من القوة حصلنا على السلام بالطريقة التي نريدها». واعتبر أن «الزمن هو في مصلحة العرب» مؤكدا أن «جوهر السلام ليس فقط مفاوضات بل هو مقاومة أيضا ومن الخطأ أن نعتقد أن السلام يأتي من خلال التفاوض بل يأتي من خلال المقاومة».

ودعا إلى دعم المقاومة من أجل «دعم عملية السلام، فالمقاومة والتفاوض هما محور واحد وكلاهما يهدف لاستعادة الحقوق المشروعة التي لن نتنازل عنها» معتبرا أننا «بدأنا الآن ببناء شرق أوسط جديد جوهره المقاومة». واعتبر أن «المقاومة بمعناها الثقافي والعسكري وبكل معنى آخر هي جوهر سياساتنا في سورية اليوم وفي الماضي وستبقى في المستقبل وهي جوهر وجودنا».

ودعا الأسد إلى ضرورة تحقيق المصالحة الفلسطينية «التي تعتبر الأساس والقلق الحقيقي بالنسبة للعرب أجمع» مشيرا إلى أن «المصالحة تبقى هدفا أساسيا بالنسبة لسورية وستبقى تعمل ضمن إمكانياتها لتحقيقها» معتبرا أنه من دونها لا يمكن «تحقيق أي إنجاز» على صعيد القضية الفلسطينية «الجوهرية بالنسبة للدول العربية كافة». وأكد الأسد في المؤتمر، الذي حملت دورته الخامسة عنوان «القرار العربي المستقل»، على ضرورة التضامن العربي «كي يكون القرار العربي مستقلا». كما شدد على أن «العلاقات الجيدة مع دول الجوار التي تدعم القضايا العربية وخاصة تركيا وإيران، من شأنها أن تشكل عامل قوة سيساعد الدول العربية بالوصول إلى القرار العربي المستقل» مؤكدا ضرورتها «لاستعادة الحقوق العربية وتحقيق الاستقرار في المنطقة».

وكانت المحادثات بين إسرائيل والفلسطينيين وصلت إلى الحائط المسدود بعد رفض إسرائيل تجميد المستوطنات قبل البدء بمفاوضات. كما أن المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل التي جرت العام الماضي بوساطة تركية، توقفت بسبب الهجمات الإسرائيلية على قطاع غزة في الشتاء المنصرم. ويستمر المؤتمر ثلاثة أيام وسيناقش قضايا عدة تتوزع على ست لجان كلفت خصوصا القضايا الاستراتيجية، والمرأة والشباب، والمقاومة ومقاومة التطبيع، بحسب ما نقلت الوكالة عن الأمين العام للمؤتمر عبد العزيز السيد. وللمرة الأولى تحضر المؤتمر أحزاب غير عربية بصفة مراقبين، بينها حزب الخضر السويدي وحزب المؤتلفة الإيراني. وارتفع عدد الأحزاب المشاركة في هذا المؤتمر من 66 عند تأسيسه في 1996 في عمان إلى 139 حزبا حاليا.

من جهته، كرر الرئيس الفرنسي في حديث لصحيفة «الوطن» السورية تنشره في عددها الصادر اليوم، ونشرت وكالة الأنباء الألمانية أجزاء منه أمس، استعداد فرنسا للتوسط بين سورية وإسرائيل في عملية السلام. وقال «فرنسا تقيم علاقات وثيقة مع سورية ومع إسرائيل في الوقت ذاته والتقارب مع هذين البلدين تم بدفع مني». وأضاف «يمكننا مع الاتحاد الأوروبي وبالتنسيق مع تركيا أن ندفع نحو استئناف المحادثات بصيغة أو بأخرى وأن نظهر للإسرائيليين وللسوريين أن التوصل إلى حل في نهاية المطاف هو في مصلحتهما».

واعتبر ساركوزي أن «فرنسا مثلها مثل سورية تعتبر أن السلام يجب أن يكون شاملا ودائما وقد أقررنا دائما بحقوق سورية في إطار عملية السلام وخاصة من خلال الدعوة لتنفيذ قراري مجلس الأمن 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام». وحول العلاقات الفرنسية السورية، قال ساركوزي «إنني سعيد لاستقبال الرئيس (السوري) بشار الأسد في باريس للمرة الثانية منذ انتخابي رئيسا وبعد عشرة أشهر بعد لقائنا الأخير عندما زرت دمشق في إطار جهود فرنسا للتوصل إلى وقف إطلاق النار في غزة». وأضاف أن زيارة الأسد إلى باريس سوف «تتيح لنا مواصلة وتعميق الحوار الذي بدأ بدفع مني».

وتابع «سنتطرق في الحديث مع الرئيس الأسد إلى الوضع في الشرقين الأوسط والأدنى والجميع يعرف ويعترف بمكانة سورية في هذه المنطقة وسنتناول أيضا آفاق عملية السلام والوضع في العراق ولبنان حيث يمثل تشكيل حكومة وحدة وطنية تضم كل مكونات الشعب اللبناني تطورا إيجابيا».

ومضى يقول «قد يكون لدينا خلافات بشأن إيران مثلا لكن نعتبر أنه من مصلحة الجميع الحديث مع سورية في مختلف الموضوعات وأعتقد أنه من الضروري القيام بكل ما يمكن من أجل إرساء استقرار هذه المنطقة ودولها».

وأوضح أن التعاون قديم بين باريس ودمشق «واستمر بشكل دائم ويجب أن يستفيد هذا التعاون من إطلاق حوارنا على المستوى السياسي، وعلاقتنا وتبادلاتنا مهمة في المجال الاقتصادي والثقافي». وفيما يتعلق بالعلاقات الأوروبية الأميركية، شدد الرئيس الفرنسي على تقارب وجهات النظر بين الأوروبيين والأميركيين بشأن الشرق الأوسط. وقال «يجب على (الرئيس الأميركي) باراك أوباما أن يعمل بناء على التطلعات الكثيرة التي أثارها انتخابه في هذا الجزء من العالم بشكل خاص وبناء على الوضع الصعب جدا والحرج على الأرض». وأضاف «أود أن أكرر القول بأنه في كل الأحوال لم تكن نظرة فرنسا والأوروبيين حول الشرق الأوسط ونظرة الولايات المتحدة متقاربتين كما هو اليوم. علينا مواصلة العمل معا».