استجواب الشهرستاني: تهم بتجديد العقود لشركة «مهربة» وأخرى تدفع رشى بموافقة المالكي

مسؤول برلماني لـ «الشرق الأوسط»: قدمت أدلة كافية لإحالة ملفات وزير النفط للنزاهة والقضاء

TT

استمر استجواب وزير النفط العراقي حسين الشهرستاني أمس لليوم الثاني على التوالي من قبل البرلمان العراقي في قضايا فساد مالي وإداري وهدر أموال. وقدم النائب جابر خليفة جابر، مقرر لجنة النفط والغاز في البرلمان، خلال جلسة الاستجواب، أدلة على وجود فساد مالي وإداري داخل القطاع النفطي العراقي، فيما كانت ردود الشهرستاني «غير وافية» وأنه «تهرب» من إجابات على بعض من هذه الوثائق التي جمعت ضده طوال أشهر، بحسب جابر.

وكان استجواب الشهرستاني قد تأجل لمرات كثيرة بسبب اعتراض النائب الأول لرئيس البرلمان خالد العطية، وهو من نفس كتلة الشهرستاني.

وقال النائب جابر، عن كتلة الفضيلة، أحد مكونات الائتلاف العراقي الموحد، لـ«الشرق الأوسط» إن «جلسة يوم الأربعاء (أمس) تميزت بالموضوعية والصراحة في جميع الأسئلة الموجهة إلى وزير النفط الذي لم يحِر جوابا عليها»، مؤكدا أنه عرض أدلة مدعومة بوثائق وقع عليها الشهرستاني بنفسه. وقال جابر إن «الشهرستاني قام بتجديد عقد شركة (رام للخدمات النفطية) التي كبدت القطاع النفطي العراقي ملايين الدولارات بحفر 60 بئرا، وإن الوزير جدد العقد معهم تحت بند إعطاء فرصة أخرى، بينما أشار تقرير نفطي للمفتش العام للوزارة إلى أن الشركة كبدت وزارة النفط خسائر جسيمة، وأنها غير مختصة، وأنها تقدم رشى للموظفين، ومع كل هذا فقد جدد الوزير العقد للشركة بناء على موافقة رئيس الوزراء (نوري المالكي)، وكانت موافقة رئيس الوزراء بناء على طلب الشركة». وأضاف جابر أن «هناك شركة تدعى (حد الجزيرة)، متهمة بتهريب النفط من العراق إلى سورية بمساعدة القوات الصديقة، أي قوات الاحتلال التي تسترت على عمليات التهريب، وهي شركة عراقية محلية، وجدد الوزير العقد لها رغم أنها مدرجة ضمن القائمة السوداء، ومع أنها شركة مهربة (للنفط)»، واستطرد قائلا إن «هناك شركة (أرض بيوض) قامت بسرقة النفط العراقي، وبدلا من إحالتها للنزاهة أدخلها (الوزير) ضمن الإحالة، كونه هو من اتصل بالمدير العام، وحتى لا يتورط الوزير أحال مديرا عاما لديه للنزاهة»، وأضاف أن «هناك قضية اختفاء كميات كبيرة جدا من النفط الخام بين نفط الجنوب وشركة (سومو) المصدرة، ووصل الاختلاس أن الوزير يصدر كتابا واحدا في شهر واحد لكن بأرقام مختلفة، وأغلبها كتب رسمية بتوقيع الشهرستاني وكتب صادرة من الوزارة ومكتب رئيس الوزراء، لكن وزير النفط حاول التشكيك في ديوان الرقابة المالية التي تعد من أعلى الجهات الرقابية وأكثرها وطنية، والجميع يشهد بالنزاهة لمديرها القاضي عبد الباسط تركي. ثم شكك في مفتش النفط ثم مدير نفط الجنوب، إلا أننا عرضنا عليه وثائق أخرى بخط يده، لكنه لم يجب عليها». وأضاف جابر أن «ملف الاستجواب اليوم كان بنسبة 75% عن الفساد المالي والبقية عن الفساد الإداري، وكلاهما بنتيجة واحدة، وهو هدر مال العراق، مع التأكيد على إدارة وزارة النفط التي كانت فاشلة، وأغلب النواب أكدوا أن الوزير لم يستطع إحراز جواب شاف، وحتى هؤلاء المنسجمون معه سياسيا، فكل ما قدمته خلال الجلسة موثق بأدلة دامغة ولم أقدم شيئا دون وثيقة».

وأضاف جابر: «لقد أراد بعض الإخوة (النواب) أن نبدأ بسحب الثقة وجمع التواقيع، لكن البعض فضل أن يكون ذلك الأسبوع القادم، وكذلك إحالة الملفات الخاصة بالفساد المالي والإداري للقضاء العراقي وهيئة النزاهة للحكم فيها، ويجب أن تمضي مدة أسبوع بين تقديم الطلب وجلسة رفع الثقة». وقال جابر إن «أعضاء كتلة الشهرستاني (مستقلون)، وبعض نواب ائتلاف دولة القانون (بزعامة المالكي) أبدوا تعاطفا مع الشهرستاني وحاولوا إظهاره بأنه يتمتع بإجابات واضحة، وقالوا إن الاستجواب مسيّس». وكان نواب عراقيون عن ائتلاف دولة القانون وصفوا إجابات الشهرستاني بأنها «مقنعة وأن الاستجواب هدفه مسيّس يأتي لأغراض انتخابية». وكان المالكي قد اعترض رسميا على استجواب الشهرستاني برسالة بعثها إلى رئيس البرلمان يطلب منه وقف الاستجواب بدعوى أن البلد مقبل على استثمارات وعقود مع شركات أجنبية، وأن الاستجواب سيثير قلق المستثمرين. ومن الجدير بالذكر أن كتلة «مستقلون»، التي ينضم إليها الشهرستاني، تنضوي ضمن ائتلاف دولة القانون بزعامة المالكي.

وتناولت جلسة أمس استعراضا لملفات تمحورت حول عجز الوزارة عن إنجاز أي مشروع كبير رغم التحسن الأمني ووجود ميزانية استثمارية كبيرة، وتدهور إنتاج النفط خصوصا في حقول البصرة، مما تسبب في هدر كبير في المال العام، فضلا عن انخفاض الإيرادات المالية للمبيعات النفطية على الرغم من ارتفاع سعر النفط وسبب اعتماد سعر منخفض للنفط العراقي بشكل غير مبرر.

ومن جانبه أكد الشهرستاني في إجاباته أن الاستثمارات التي خصصت لوزارته خلال السنوات الثلاث الماضية بلغت 12 مليار دولار، تم إلى الآن استثمار 8 مليارات منها بما يشكل نسبة إجمالية بلغت 80 في المائة. لكنه أشار إلى أن جميع الأرباح التي حققتها الوزارة من مبيعات النفط ومشتقاته لا تحصل عليها وزارة النفط وإنما تذهب إلى وزارة المالية وهي التي تتصرف بها. وأكد أن الإنتاج النفطي للعراق كان عام 2006 مليونا و800 ألف برميل يوميا، ثم زاد الآن ليبلغ مليونين و400 ألف برميل. وأضاف أنه تم أيضا حفر 65 بئرا نفطية جديدة وتأهيل 420 وإنعاش 35 بئرا أخرى، إضافة إلى تأهيل الخط الناقل للنفط إلى تركيا الذي كان يسيطر عليه المسلحون.