أبو مازن في ذكرى عرفات: نأمل ألا نندم على التزامنا بالقانون الدولي.. وأدعو حماس لكلمة سواء

فتح تتهم حماس بمنع أي شكل من أشكال الاحتفال بهذه المناسبة في غزة حتى إضاءة شمعة أو ارتداء الكوفية أو رفع الصور واعتقال العشرات من مؤيديها

فلسطينيون يرفعون العلم الفلسطيني واعلام فتح في الذكرى الخامسة لرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات في مدينة رام الله بالضفة الغربية أمس (إ.ب.أ)
TT

توافدت الجماهير الفلسطينية من كل حدب وصوب في الضفة الغربية والقدس المحتلة ومناطق 48 لإحياء الذكرى الخامسة لرحيل الرئيس الفلسطيني ياسر عرفات، أمس، حاملة صور الزعيم الراحل وخلفه محمود عباس (أبو مازن) وهاتفة بحياتهما. وأما في قطاع غزة فقد منعت حماس أنصار فتح من إحياء الذكرى حسب ما قاله أكثر من مسؤول في الحركة.

واتهمت فتح شرطة حماس باعتقال العشرات من مؤيديها بسبب ارتدائهم الكوفية أو رفعهم صور عرفات. وحسب مصدر مسؤول في الحركة فان معظم المعتقلين من طلاب جامعة الأزهر وكذلك في محيط جامعتي القدس والأقصى.

وتحول المهرجان الذي نظم في مقر الرئاسة برام الله، شهدت المنطقة المحيطة به أزمة مرورية خانقة، إلى مناسبة لتجديد البيعة لعباس، ومهاجمة حماس، وأخذت تهديدات عباس بعدم الترشح للانتخابات مساحة كبيرة في كلمات الخطباء.

وقال عباس مخاطبا الجماهير، «إن الشعب الفلسطيني وقيادته لن يفقدا الأمل، ولن يتسلل اليأس لنفوسنا وسنبقى صامدين على أهدافنا ومتمسكين بحقوقنا الوطنية العادلة.. إن الفجر آت لا محالة وهذا الاحتلال زائل لا محالة ونحن أقوياء بقوة الحق وبقوة العدالة».

واتهم عباس إسرائيل بالعمل على إفشال حل الدولتين، وجدد التأكيد أنه لن يعود إلى المفاوضات ما لم يوقف الاستيطان بالكامل، بما فيه النمو الطبيعي، وتحديد مرجعية لعملية السلام، أي دولة على حدود 1967. وقال «الدولة الفلسطينية أصبحت حقيقة معترفا بها يؤيدها العالم أجمع، ونخوض الآن معركة سياسية ضارية من أجل حدودها وسيادتها ومياهها وأمنها وعاصمتها القدس الشريف، وسيكتب لنا النجاح بتقرير مصيرنا ونيل حقنا في دولتنا وحل قضية لاجئينا حلا عادلا ومتفقا عليه حسب القرار».

ورغم أنه تحدث عن تطبيق الفلسطينيين لخطة خريطة الطريق وتمسكه بالشرعية الدولية، فإنه تمنى ألا تصل الأمور لنقطة الندم والحسرة «على التزامنا كفلسطينيين بالقانون الدولي، وخريطة الطريق». ودعا أبو مازن الدول الكبرى لتوفير ظروف مناسبة لمفاوضات متكافئة وفق جدول زمني محدد، مؤكدا في الوقت ذاته أن السلام هو الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني. وغمز عباس في قناة حماس، «دفعنا ثمن باهظا لحماية قرارنا الوطني المستقل، ولن نسمح لكل الأصوات التي ترتفع وتقول لا بد من تدمير هذه الخيمة، ولن نسمح لأحد بتدميرها ومن يريد تدميرها لا علاقة له بالوطن والوطنية ولا علاقة بفلسطين ولا علاقة لأهدافه بفلسطين وتحرير فلسطين». لكنه في ذات الوقت قال إنه يريد مصالحة مع حماس، وأضاف أنه أعلن عن الانتخابات حسب الدستور «فقامت الدنيا ولم تقعد.. وقالوا لا نريد مصالحة وسنمنع الانتخابات بالقوة.. رفضوا المصالحة (لكن) عندما عرض شاؤول موفاز دولة ذات حدود موقتة، قال (القيادي في حماس) مشير المصري إن هذا أمر مهم ونريد أفعالا وليس أقوالا». وتابع عباس «الدويك يقول الآن إنه سيتولى الرئاسة وسيعمل انتخابات، طيب، لماذا لا يذهبون لانتخابات الآن وهل هي حلال في يدهم وحرام في أيدي غيرهم؟».

وأضاف «نقول نريد مصالحة ويهمنا إعادة اللحمة لشعبنا ولا يسعدنا الفرقة ولا نلغي الآخر وحماس موجودة وستبقى وجاءت بانتخابات ونعرض عليها الانتخابات وعرضنا مصالحة».

وخاطب عباس قيادة حماس، قائلا «نريد الجميع أن يفكر فلسطينيا وينطلق فلسطينيا ويناقش فلسطينيا، هذه يدنا ممدودة للمصالحة حسب الورقة المصرية وندعو حماس للموافقة عليها دون تسويف أو تحفظات أو محاولات تعديل.. تعالوا إلى كلمة سواء تجمعنا في مواجهة الاحتلال ولا تلتفت لأجندات الآخرين». وفي نهاية خطابه قال عباس إنه لا يريد أن يتحدث في موضوع ترشيحه مرة ثانية، لكنه أكد أنه سيتخذ قرارات وتوجهات أخرى على ضوء التطورات القادمة. وفي غزة اتهمت فتح، حماس بمنع إحياء ذكرى وفاة عرفات. وقالت الحركة إن شرطة الحكومة المقالة في غزة اعتقلت عشرات من كوادر وأنصار فتح. وقال فيصل أبو شهلا، عضو المجلس الثوري لفتح، لـ«الشرق الأوسط»، «منعت حماس المهرجان، ورفضت وساطة الفصائل الأخرى، بما فيها وساطة الجهاد». وأوضح «حتى عبر هيئة العمل الوطني منع المهرجان ومنعوا من عقد مؤتمر صحافي». وتابع «وحذرنا من تعليق أي صورة أو إضاءة أي شمعة.. أو إجراء أي نشاط أو حتى لبس كوفية».

واتهمت فتح، أجهزة أمن حماس، باعتقال العشرات من عناصرها في شمال غزة لمنعهم من إحياء الذكرى. وبررت حماس ذلك بالقول إنها لم ترد تكرار ما حدث في الذكرى الثالثة لوفاة عرفات، وقال فوزي برهوم الناطق باسم حماس، «أعطينا فتح مساحةً واسعةً كي تعبر عن رمزية أبو عمار في الذكرى الثالثة، إلا أن تلك المساحة جوبهت بالفوضى والفلتان». وتابع «نحن نريد ذكرى نحيي فيها رمزية هذا القائد، لا أن تتحول إلى ذكرى أليمة كما حدث في الذكرى الثالثة» التي قتل فيها 7 فلسطينيين.

كما أرجع موقف حماس هذا، إلى ما سماه الواقع في الضفة، وقال «يجب أن ندرس الواقع في الضفة، حيث لم تتمكن حماس من تعليق صورة لمؤسسها الشيخ أحمد ياسين في ذكرى استشهاده، بالإضافة لعدم تمكن الجهاد الإسلامي من توزيع بيانات في الذكرى الرابعة عشرة لاستشهاد أمينها العام الدكتور فتحي الشقاقي». واعتبر جميل المجدلاوي عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية، أن منع حماس إحياء الذكرى بأي شكل، يدعو «للأسى والاستهجان». وأشار المجدلاوي في بيان إلى أن قرار المنع يعني «منع إحياء ذكرى قائد مسيرة الشعب الكفاحية طيلة أربعة عقود من الزمان». وأوضح «إن الذرائع التي تُساق لقرار خاطئ من هذا النوع، مثل ملاحقة السلطة لكوادر حماس، ومثل منع السلطات في الضفة لنشاطات جماهيرية سواء في مثل هذه الفعاليات أو غيرها، وهي سياسات نرفضها وندينها بشكل واضح وصريح، إلا أنها في نفس الوقت ذرائع غير مقبولة ولا تسوّغ لاتخاذ القرار بمنع إحياء ذكرى استشهاد أبو عمار وملاحقة المحتفلين».