رسالة بخط يد براون تتسبب بفضيحة.. وتتحول إلى «مؤامرة سياسية»

ناطق باسم رئيس الوزراء لـ «الشرق الأوسط»: في الفترة الأخيرة قرر كتابة كل رسائل التعزية بخط يده لأنها أكثر شخصية

TT

عندما جلس رئيس الوزراء البريطاني، غوردن براون، خلف مكتبه في 10 داونينغ ستريت، ليكتب رسالة تعزية بخط يده، لوالدة جندي قتل في أفغانستان، لم يخطر بباله أن تلك الرسالة ستتسبب له بفضيحة كبيرة ستحتل عناوين الصحف طوال الأيام المقبلة، ثم تتحول إلى كما قال أحد وزرائه أمس، إنها مؤامرة سياسية تحيكها صحيفة الـ«صن» بالاتفاق مع حزب المحافظين، ضد حزب العمال الحاكم. الفضيحة بدأت قبل بضعة أيام عندما تلقت والدة الجندي، جايمي جاينز رسالة براون، وقرأت الكلمات الأولى التي قالت: عزيزتي السيدة جايمس (عوضا عن جاينز)... تلتها خمسة أخطاء في المقطع الأول من الرسالة، من بينها ما يبدو أنه خربشة في اسم ولدها جيمي الذي قتل بانفجار عبوة في أفغانستان، وكان يبلغ 20 عاما. صدرت صحيفة الـ«صن» في اليوم التالي، وعلى صدر صفحتها الأولى نسخة من الرسالة مع دوائر حمراء حول الكلمات التي تمت تهجئتها بطريقة خاطئة، وحديث عن السيدة جاينز، التي اتهمت رئيس الوزراء بالتقليل من احترام ولدها، واهانتها. وصحيفة الـ«صن» تدعم حزب المحافظين في الانتخابات العامة المقبلة، وقد أعلن عن قرارها هذا بعد إلقاء براون خطابه أمام المؤتمر السنوي لحزبه الذي انعقد في نهاية سبتمبر (أيلول) الماضي، ووصفته بأنه «فقد كل شيء». رد فعل السيدة التي خسرت ابنها الشاب في أفغانستان، أثار صدمة رئيس الوزراء. فهذه لم تكن المرة الأولى التي يوجه فيها رسالة بخط يده إلى عائلة جنود يقتلون في أفغانستان، لكنها المرة الأولى التي تتسبب فيها رسالة بضجة كبيرة. ويؤكد الناطق باسم براون لـ«الشرق الأوسط»، أن رئيس الوزراء يرسل رسائل تعزية إلى كل عائلات الجنود الذين يقتلون في أفغانستان. ويقول إن بعض تلك الرسائل كانت تتم طباعتها على الكومبيوتر، ويوقع عليها براون ثم يرسلها، إلا أنه في الفترة الأخيرة، قرر أن يكتب كل الرسائل الموجهة لعائلات الضحايا، بخط يده، «لأن ذلك يعطيها طابعا شخصيا». ويضيف الناطق باسم براون: «رئيس الوزراء يبذل الكثير من الجهد والوقت لكتابة هذه الرسائل». حتى أن براون قرر بعد الضجة التي أثارتها وسائل الإعلام والوالدة حول الرسالة، أن يجري اتصالا هاتفيا بالسيدة جاينز ليعتذر لها عن أي إساءة أو اهانة تسبب لها بها عن طريق الخطأ. دامت المكالمة 13 دقيقة. وكانت جاينز تسجلها، وأعطتها في ما بعد لصحيفة الـ«صن» لتنشرها. تخللت المكالمة لحظات محرجة كثيرة لرئيس الوزراء، الذي اضطر أن يدخل في جدل حول عتاد الجنود البريطانيين في أفغانستان مع والدة الجندي. كانت هجومية ولم تقبل اعتذاره. وحتى أنها اتهمته ضمنيا بأنه مسؤول عن قتل ولدها. وكان براون خلال المكالمة، يردد اعتذاره للسيدة، ويؤكد لها أنه لم يقصد جرح مشاعرها. كان يحاول أن يدير الحديث ليوجهه لمديح ابنها ولبطولته في الدفاع عن بلده، إلا أنه حتى ذلك لم ينفع. فهي لم تشأ أن يقول لها كم أن ولدها كان بطلاً. قالت إنها تعرف. أنهى براون المكالمة وهو يعتذر مرة جديدة... لم يعترف بأنه أخطأ بالتهجئة، قال فقط أن خط يده سيئ، وإن كل ما أراده هو أن يعبر لها عن تضامنه معها وعن احترامه الشديد لها. وقد تفاقمت القضية بالأمس أكثر، عندما تحدث وزير التجارة، بيتر ماندلسون، أمس عن عقد بين صحيفة الـ«صن» وحزب المحافظين، واتهم الصحيفة بأنها تسيس قصة والدة مفجوعة، محذرا من انعكاسات ذلك على تغطية الحملة الانتخابية قبل الانتخابات العامة المفترض إجراؤها في بداية يونيو (حزيران) المقبل. ويتقدم حزب المحافظين باستطلاعات الرأي ويعتبر من الأوفر حظا للفوز بالانتخابات المقبلة. وقد رفض حزب المحافظين اتهامات ماندلسون أمس، ووصف الحزب تصريحات ماندلسون بأنها «هراء مطلق». ولكن ما لم يقله براون للسيدة خلال المكالمة، هو ما قاله معلقون وصحافيون، وحتى مواطنون لا يحبون براون، لكنهم تعاطفوا معه. لم يقل لها إنه هو أيضا فقد ابنة له في عام 2001. كانت تدعى جنيفر جاين وولدت قبل أوانها. عاشت 12 يوما وتوفيت. قال حينها براون إن تلك التجربة غيرت حياته وحياة زوجته، لكنه منذ ذلك الحين، نادرا ما يذكر وفاة ابنته علنا. وما لم يقله للسيدة أيضا أن نظره لا يسعفه كثيرا، فهو فقد النظر بالكامل في إحدى عينيه في حادث رياضي وهو شاب، ولا يرى جيدا بعينه الأخرى.