كركوك: تصاعد عمليات خطف الطلاب الميسورين والفاعلون من مختلف القوميات

10 حوادث خلال شهرين.. والفدية آلاف الدولارات

TT

باتت مهنة خطف الأطفال مزدهرة في مدينة كركوك الغنية مع تكرار حالات الخطف التي وقع آخرها في الأول من أكتوبر (تشرين الأول)، مع اختطاف ابن زعيم عشائري كردي بينما كان في طريقه إلى المدرسة وسط المدينة.

وقال الشيخ عثمان عبد الكريم آغا (55 عاما) زعيم عشيرة زنكنة الكردية إن «الحادثة وقعت عند السابعة و40 دقيقة (03:40 تغ) صباح يوم 26 أكتوبر الماضي، عندما كان ولدي محمد (14 عاما) في طريقه إلى مدرسته الثانوية، وقام مسلحون باختطافه أمام زملائه». وأضاف: «بعد 36 ساعة، تسلمت شريط فيديو يظهر ابني مقيدا ومعصوب العينين وهو يبكي جراء تعرضه للضرب، الأمر الذي أخافني كثيرا».

وبعد أحد عشر يوما ودفْع فدية قدرها أربعون ألف دولار، أفرج الخاطفون عن محمد في شارع مزدحم وسط المدينة التي يسكنها نحو 575 ألف نسمة.

ويقول معاون قائد شرطة محافظة كركوك (شمال شرق بغداد)، العميد تورهان يوسف إنه «منذ سبتمبر (أيلول)، تصاعدت عمليات اختطاف الأطفال، وحسب علمنا وقعت على الأقل عشر حالات اختطاف»، حسب ما أوردته وكالة الصحافة الفرنسية. وأضاف: «تم من قِبلنا تحرير اثنين من المختطَفين، وتم تحرير طفل بعد دفع فدية، وأربعة آخرين بعد مفاوضات مع عائلاتهم، إضافة إلى أربعة بينهم فتاتان، ما زالوا محتجزين».

وأشار يوسف إلى أن حوادث الخطف يتعرض لها أبناء العائلات الغنية في أثناء ذهابهم إلى المدرسة. وأكد أن «الكثير من العائلات تخشى الإبلاغ عن اختطاف أبنائها خوفا من الخاطفين أو ربما لأنهم لا يثقون بقدراتنا أو لاعتبارات اجتماعية عندما يتعلق الأمر بفتيات».

وأعلنت الشرطة الخميس تحرير اثنين من الطلاب التركمان (14 عاما)، اختطفتهم عصابة في 20 أكتوبر بعدما نقلهم سائق إلى مدرسة تركية وسط المدينة. الطفل الأول هو أحمد محمد نور الدين ابن أحد أشهر أطباء الأعين في محافظة كركوك، والثاني جودت صوناي ابن إحدى العائلات الثرية في كركوك. وقد رفضت عائلة أحمد دفع الفدية فيما دفعت عائلة جودت خمسين ألف دولار، وفقا للشرطة.

في المقابل، لا يزال مصير أربعة فتيان، أحدهم سني (12 عاما) اختُطف في 23 أكتوبر وآخر كردي (16 عاما) اختُطف في 27 من الشهر ذاته، وتركمانيان (13 و14 عاما) اختُطفا في 29 أكتوبر وأول نوفمبر (تشرين الثاني)، وفقا للشرطة.

وأكد يوسف أنه «ليس للخاطفين أي دوافع سياسية»، مشددا على أن «الجريمة كانت للابتزاز وجمع المال».

وتشهد كركوك توترا كبيرا، بين الأكراد من جهة، الذين يعتبرون أنفسهم غالبية، والعرب والتركمان من جهة ثانية الذين يتهمون الأكراد بالسعي لنقل أعداد كبيرة من الأكراد إلى المدينة بهدف إجراء تغيير ديموغرافي لصالحهم.

من جانبه، قال الخبير التربوي عبد الكريم خليفة: «نعيش في صدمة كبيرة تواجه الطلاب ومدارسهم وعوائلهم، لأن المافيا تعمل في ظل غياب دور السلطات الحكومية وضعف الأجهزة الأمنية». وأضاف أن «هؤلاء يسعون لكسب المال وهم من مختلف القوميات، وقد اختاروا الطلبة والأطفال لكونهم فريسة سهلة لتنفيذ عملياتهم».

ويؤيد الشيخ عثمان هذه الفكرة، مؤكدا أن «العصابات الإجرامية والقتلة متآلفون رغم المشكلات الطائفية، لأن هدفهم مشترك وهو الجريمة، فيما لا يستطيع سياسيونا الاتفاق على شيء». ويقول الشيخ عثمان إن ابنه محمد سيبقى على الأرجح تحت تأثير هواجس الخوف لفترة طويلة. ويستذكر محمد تجربة اختطافه المرة فيقول: «ما زلت في حالة صدمة لأنني عشت مع الموت». ويضيف: «لقد قيدوني بالسلاسل وضربوني وعشت في ظلام دامس لأنهم عصبوا عينَيّ ولم يعطوني إلا قطعة خبر وقليلا من الماء».

ودفعت عمليات الاختطاف الأهل إلى اخذ إجراءات احتياطية لحماية أولادهم من عصابات الخطف. وفي هذا الإطار تقول أم رواء: «نخاف أن يُختطفَ أبناؤنا، وأُضطرُّ إلى إيصال ابنتي (14 عاما) بنفسي إلى المدرسة، ولدي أرقام مدرّساتها لأتصل بهن عند حدوث اي طارئ».