مصدر سعودي: تدخل جوي أحبط كمينا نصبه المتسللون.. ورصدنا محاولتهم الدخول من مواقع جديدة

أكد لـ «الشرق الأوسط» أن فرق المظليين شلّت العدو * الكشف عن أسلحة مخزنة وإفشال محاولات تجسس

جنود يباشرون حفر الخنادق حول موقعهم العسكري («الشرق الأوسط»)
TT

أكد مصدر سعودي مطلع لـ«الشرق الأوسط» أن الطيران الحربي السعودي حلّق بكثافة منذ عصر الثلاثاء حتى منتصف ليلة الأربعاء، وقصف عددا من مواقع المتسللين، استجابة لطلب فرقة المظليين في القوات المسلحة تدخله لتأمين المساندة الجوية، بعد أن نصب المتسللون لها كمينا في إحدى القرى الحدودية، في اللحظة التي بدأت فيها الفرقة مغادرة الموقع وإحلال فرقة أخرى مكانها.

وأدى تدخل الطيران السعودي إلى سماع دوي انفجارات استمرت بوتيرة متقطعة حتى ساعات الصباح، في حين استمر تحليق الطيران طوال الليل. فيما شوهدت ألسنة اللهب من مسافات بعيدة وهي ترتفع من مناطق تقع إلى الشمال من جبل دخان على الشريط الحدودي، حيث تتم عمليات تطهير الحدود من المتسللين.

وأوضح المصدر أن القوات المسلحة السعودية تواصل القبض على متسللين بشكل مستمر، وفي حوزتهم أنواع مختلفة من الأسلحة، من بينها الرشاشات، وقاذفات «آر بي جي»، مشيرا في الوقت نفسه إلى نجاح القوات السعودية في تدمير عدد من مخازن أسلحتهم.

وكشف أن بعض المتسللين غيروا وجهتم بعدما تم تمشيط الحدود منهم في محافظة الحرث، لينشطوا بشكل عصابات تتسلل إلى محافظة العارضة، مؤكدا أن القوات السعودية ركزت وجودها في نطاق هذه المحافظة، ونجحت في القبض على عدد من المتسللين المسلحين إليها.

وعلى صعيد عمليات التمشيط، أفادت مصادر عسكرية أن فرق المظليين من القوات البرية، شاركت في العمليات الجارية بالمواقع الأمامية، وبذلت جهودا كبيرة، ونفذت عمليات منظمة ضد العناصر المتسللة، مشيرا إلى أن هذه القوات مشطت جبل الرميح الحدودي وجبل دخان، وقرى شرق وجنوب الغاوية، وجميع المحاور القتالية الأمامية، للتأكد من خلوها من العناصر المتسللة، وأكدت سيطرة القوات العسكرية عليها بالكامل.

وأشار أيضا إلى أن هذه الفرق نجحت في مفاجأة العدو وشل حركته والحد من تحركاته، بعد أن تمكن أفرادها من الوصول إلى الأماكن الوعرة في الجبال، والالتفاف خلف الدفاعات والتحصينات الخاصة بالعدو، وتقديم المساندة لبقية القوات للتحرك نحو الهدف المحدد، كما نجحت في الاستيلاء على النقاط الحصينة، والقضاء على مقاومة العدو فيها.

إلى ذلك، أكدت مصادر مطّلعة لـ«الشرق الأوسط» أن 30 مسلحا من المتسللين لقوا حتفهم عند تجمعهم إلى جوار مخزن أسلحة يقع في أحد الجبال الوعرة، بعد نجاح القوات السعودية في تدميره، وفي موقع آخر استطاعت الجهات الأمنية اكتشاف أحد الأوكار التي يتم تخزين الأسلحة فيها بقرية المحلة في المنطقة الجبلية.

وأوضحت المصادر تفاصيل اكتشاف هذا الوكر، مشيرة إلى أن إحدى دوريات «المجاهدين» التابعة لوزارة الداخلية تمكنت من قتل مسلح والقبض على 12 آخرين، يتزعمهم شخصان حاولوا العبور إلى الأراضي السعودية عن طريق تلك القرية، وفي حوزتهم كميات من الأسلحة، وتم القبض عليهم بعد تبادل لإطلاق النار، وبدأت الأجهزة الأمنية في التحقيق معهم على الفور، واكتشفت خلال التحقيق معهم أنهم يخبئون كميات من الأسلحة والذخائر في أحد المواقع داخل الأراضي السعودية، فتمت مداهمته ومصادرة تلك الأسلحة والذخائر. واستمرت القوات السعودية في تمشيط الشريط الحدودي وصد اعتداءات المتسللين. وانتقلت عمليات تمشيط الحدود إلى مناطق باتجاه الشمال في جوار جبل ملحمة والرميح وجبال شدا والمشنق والمثلث، حيث تحدثت مصادر عسكرية عن مقتل عشرات المتسللين في اشتباكات مع الجيش السعودي.

فيما تمكن أفراد الجيش السعودي أول من أمس من ضبط أحد المتسللين، الذي كان يحاول التخفي بين النازحين متنكرا بملابس نسائية إثر الشك في تصرفاته غير الطبيعية عند مراقبة دخول النازحين للأراضي السعودية، فتم إعداد كمين له، ونجح أفراد من الجيش في القبض عليه وإحباط محاولته للفرار.

وتَبيّن لاحقا في أثناء التحقيق معه أن دخل لتنفيذ أعمال تجسسية تهدف إلى معرفة مواقع تمركز الجيش والقوات السعودية، وتم التحفظ عليه وجارٍ التحقيق معه.

من جهتها، واصلت دوريات من حرس الحدود والجيش والشرطة العسكرية فرض نقاط تفتيش على مداخل محافظة الحُرّث لمنع عودة السكان بعد أن أعلنت المحافظة منطقة عسكرية محظورة.

وعلى جانب آخر، تسببت عمليات التحليق الجوي المكثف للطائرات الحربية السعودية، التي تنطلق من قاعدة الملك خالد الجوية في محافظة خميس مشيط، في تغيير مسار الرحلات المدنية المتجهة من وإلى مطار الملك عبد الله الإقليمي في جازان، وزيادة مدة طيران بعضها بنسبة 20 في المائة من الوقت الأصلي، وخصوصا تلك الرحلات المغادرة إلى الدمام والرياض.

وأوضح أحد طياري الخطوط الجوية السعودية، الذي كان يقود رحلة من جازان إلى الدمام أول من أمس، أن الطيارين باتوا مطالبين بالتحليق عبر مسارات أطول مسافة، حتى يتمكنوا من الالتفاف حول منطقة تحليق الطيران الحربي، ومن ثم مواصلة التحليق عبر مساراتهم المعتادة. وهو الأمر الذي تسبب في تأخير وصول بعض الرحلات عن موعدها المحدد.

إلى ذلك، ذكرت مصادر في محافظة الحرث أن عودة النازحين ما زالت أمرا معلقا، ولا يمكن التكهن بموعد محدد لها. في ظل استمرار وصول الإمدادات العسكرية إلى منطقة الشريط الحدودي، واستمرار عمليات التسلل التي ينفذها المسلحون.

وقال الشيخ عبد الله علي جارش (شيخ قبائل الهزاهيز في الحُرّث) الذي كان ضمن المشاركين في عملية متابعة إخلاء محافظة الحُرّث من سكانها، إن «المعلومات المتوافرة في الوقت الحالي لا تعطي أي مؤشرات حول إمكانية عودة النازحين خلال الأيام المقبلة». معتبرا أنه يمكن التنبؤ بالأمر مع انخفاض كمية النشاط العسكري والتحليق الجوي في منطقة الشريط الحدودي.

يأتي هذا فيما استمرت وحدات الجيش السعودي في الانتشار والتمشيط بوتيرة عالية، حيث شوهدت أرتال عسكرية وهي تعبر الخوبة شرقا إلى الشريط الحدودي، حيث ينفذ الجيش السعودي عمليات التمشيط ومتابعة المتسللين. وهو الأمر الذي أكده الأمير خالد بن سلطان مساعد وزير الدفاع والطيران حيث ذكر لـ«الشرق الأوسط» خلال جولته في محافظة الحرث أول من أمس بأن عودة النازحين ستبدأ حين يتم التأكد من استقرار الوضع الأمني في المحافظة، والقضاء على محاولات التسلل كافة من قبل العناصر المسلحة.

وفي سياق آخر، أكد اللواء عادل زمزمي مدير الدفاع المدني في مكة المكرمة قائد أعمال الإسناد في منطقة جازان لـ«الشرق الأوسط»، أن أعداد النازحين من القرى الحدودية إلى المخيمات في تزايد مستمر وبشكل متتالٍ، مشيرا إلى وجود نحو ألفي نازح في مخيمات الإيواء بمحافظة أحد المسارحة، مشيرا إلى التوجه نحو إنشاء مخيمات جديدة في الموقع نفسه، إلى جانب توافر بدائل أخرى لمن لا يريد السكن في مخيم الإيواء، مثل الشقق المفروشة، وبيت الشباب.

وأوضح اللواء زمزمي أن مهمات ومسؤوليات الدفاع المدني تركز على حماية الأرواح، وتقديم الخدمات للنازحين، من خلال معسكر الإيواء الذي يستقبل النازحين السعوديين كافة، مشيرا إلى تأمين جميع الخدمات الأساسية في المخيم وتوفير المستلزمات الصحية والإسعافية والخدمات الإغاثية الضرورية، والتأكد من توافر جميع الخدمات الأخرى في معسكر الإيواء.