مدفيديف يدعو لإصلاحات ديمقراطية في روسيا.. ويتعهد بمكافحة الإرهاب في القوقاز

أكد عزم بلاده على تعزيز ترسانتها النووية.. ودعا لمعاهدة جديدة للأمن في أوروبا

TT

دعا الرئيس الروسي ديمتري مدفيديف أمس في خطابه السنوي للأمة إلى إصلاحات ديمقراطية في بلاده، وتعهد من ناحية أخرى بمكافحة الإرهاب الدولي في القوقاز. ورغم أن الجانب الاقتصادي طغى على الخطاب، فإن الرئيس الروسي دعا لمعاهدة جديدة للأمن في أوروبا وكشف أن بلاده تعتزم تعزيز ترسانتها النووية.

وشدد مدفيديف في الخطاب الذي ألقاه أمام مئات المسؤولين يتقدمهم سلفه ورئيس الوزراء فلاديمير بوتين، على إجراء إصلاحات تهدف الى «تعزيز المؤسسات الديمقراطية» وتحسين فرص وصول أحزاب معارضة إلى السلطة لا سيما خلال انتخابات محلية. ويعتبر بوتين الى حد كبير القائد الأقوى في روسيا بحكم الأمر الواقع، وصنف أمس ثالثا على لائحة مجلة فوربس لأقوى الأشخاص في العالم، فيما حل مدفيديف في المرتبة الثالثة والأربعين.

وفي خطابه الذي خصص في جزء كبير منه للاقتصاد، اعتبر مدفيديف انه يتعين على روسيا تنويع صادراتها من المواد الأولية وأن تحد من دور الدولة في الاقتصاد ما يشكل ابتعادا عن سياسة سلفه بوتين. وقال الرئيس الروسي: «في القرن الحادي والعشرين، بلادنا بحاجة لتحديث كلي. سيشكل ذلك سابقة في تاريخ بلادنا، أول مرة يستند التحديث إلى القيم والمؤسسات الديمقراطية». وأضاف أمام مئات من المسؤولين في الكرملين «بدلا من مجتمع قديم يفكر فيه قلة ويتخذون قرارات عن الجميع، سنكون مجتمعا من الأذكياء والأحرار الذين يتحلون بحس المسؤولية».

وشدد خطاب مدفيديف، الثاني خلال ولايته الرئاسية التي بدأت عام 2008، على رؤية لروسيا تكون فيها قوة متطورة تكنولوجيا بدلا من عملاق يعتمد على صادرات الغاز والنفط. وقال «سنبني اقتصادا جديدا بدلا من الاقتصاد البدائي المستند إلى الموارد». مضيفا ان القدرة التنافسية للمنتجات المصنوعة في روسيا «متدنية جدا».

كما انتقد مدفيديف «شركات الدولة» الروسية وهي المؤسسات الصناعية التي تملكها الدولة وأنشئت خلال رئاسة بوتين بين 2000 و 2008 التي تسيطر على قطاعات كبرى من الاقتصاد الروسي. وقال مدفيديف إن مثل هذه الشركات «ليس لديها مستقبل»، مضيفاً أن «الشركات غير المنتجة يجب أن تتم تصفيتها فيما تلك القادرة على المنافسة يجب ان تحول الى شركات مشتركة تسيطر عليها الدولة». وخلال رئاسة بوتين أنشأت روسيا مجموعة من الشركات الرسمية للإشراف على قطاعات مثل صناعة السيارات والطيران والطاقة النووية والأسلحة. ويرى محللون ان البنية غير الواضحة لمثل هذه الشركات أعطت سلطات كبرى للمقربين من بوتين الذين عينوا مسؤولين عليها.

وأضاف مدفيديف ان الحاجة لاعتماد إصلاحات جذرية «ظهرت بوضوح اكبر» خلال الأزمة الاقتصادية العالمية لافتا الى ان اقتصاد روسيا سجل انكماشا اكبر خلال الأزمة حين تدهورت أسعار النفط. وفي معرض حديثه عن مجموعة من المبادرات قال مدفيديف انه على الحكومة ان تدعم صنع محركات نووية للرحلات الفضائية، ويجب ان تنظر في إمكانية خفض عدد المناطق الزمنية في روسيا. وقال «يجب ان ندرس إمكانية خفض عدد المناطق الزمنية». مكررا مطالب مسؤولين اقترحوا توحيد المناطق الزمنية الـ 11 كطريقة لتعزيز العلاقات بين موسكو والشرق الأقصى.

وإقليميا، دعا مدفيديف دولا أخرى إلى المساعدة في وضع معاهدة جديدة للأمن في أوروبا، وقال: «يجب أن نتخذ معا قرارات جادة لتعزيز الأمن في أوروبا. لو كانت لدينا مؤسسة فعالة تستطيع وقف المعتدين لما امتلكت جورجيا الوقاحة التي دفعتها لشن حرب على شعب اوسيتيا الجنوبية».

وتعهد الرئيس الروسي، من ناحية أخرى، بمكافحة الإرهاب الدولي في شمال القوقاز لكنه انتقد الفساد بالمنطقة الذي قال انه تفشى لدرجة لم تحدث من قبل. جاء هذا خلال خطاب حالة الاتحاد الذي يلقيه الرئيس سنويا. وقال ميدفيديف ان أموال الدولة تسرق على نحو شبه علني بالمنطقة.

وتطرق الرئيس الروسي أيضاً إلى خطط دفاعية، وكشف أن بلاده تعتزم تعزيز ترسانتها النووية بأكثر من 30 صاروخا نوويا ذاتي الدفع وثلاث غواصات نووية العام المقبل. وقال مدفيديف: «نحتاج في العام القادم لنشر أكثر من 30 صاروخا ذاتي الدفع على البر والبحر وخمسة أنظمة صواريخ اسكندر، ونحو 300 عربة مدرعة حديثة و28 طائرة و30 طائرة هليكوبتر وثلاث غواصات نووية وسفينة حربية و11 قمرا صناعيا».

وفي سياق متصل بالترسانة النووية الروسية، ذكرت صحيفة «كومرسانت» الروسية أمس أن المحادثات بين موسكو وواشنطن للتوصل إلى معاهدة جديدة لنزع الأسلحة النووية تحل محل الاتفاق الحالي الذي ينتهي العمل به الشهر المقبل، واجهت خلافا بسبب قيود مقترحة على الصواريخ الروسية. ويهدد الخلاف بعرقلة المحادثات لوضع معاهدة بديلة لمعاهدة الحد من الأسلحة الاستراتيجية (ستارت) التي أبرمت عام 1991 التي تأمل إدارة الرئيس الأميركي باراك اوباما ان يتم التوصل إلى بديل لها قبل انتهاء العمل بها في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) المقبل.