آخر تقرير للبرادعي حول إيران يصدر قريبا.. وتوقع أن يشيد بنتائج زيارة مفتشي الوكالة لقم

استعدادا لمناقشته كبند أساسي في أجندة اجتماع المجلس القادم يوم 26 الجاري

TT

قالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن التقرير السري الأخير الذي سيصدره الدكتور محمد البرادعي، بصفته مديرا عاما للوكالة الدولية للطاقة الذرية الخاص بقضية الملف النووي الإيراني قد يصدر في ساعة متأخرة من مساء اليوم أو ساعة مبكرة من صباح الاثنين، ليصل إلى الدول الـ35 الأعضاء مجلس محافظي الوكالة لدراسته استعدادا لمناقشته كبند أساسي في أجندة اجتماع المجلس القادم بتاريخ 26 الجاري 4 أيام قبل انتهاء الفترة الإدارية الثالثة للبرادعي.

وتوقعت مصادر «الشرق الأوسط» أن يشيد التقرير بالنتائج الإيجابية التي عاد بها فريق التفتيش التابع للوكالة بعد زيارة تحر وتحقق لموقع المفاعل النووي الإيراني الجديد الذي تم بناؤه بين جبال في منطقة عسكرية بالقرب من مدينة قم المقدسة. والذي كانت مصادر قد تخوفت أن يكون موضعا عسكريا ما كان سيعضد الاتهامات الغربية أن النشاط النووي الإيراني ليس مجرد نشاط سلمي لتوليد طاقة نووية تحتاجها إيران كما تدعي مصرة أن برنامجها النووي لاستخدامات سلمية مدنية وإنما نشاط يستهدف الوصول لإنتاج أسلحة نووية كما تتشكك دول غربية فيما لا تزال الوكالة تؤكد أنها لم تحصل على دليل قاطع يؤكد أو ينفي هذه الاتهامات. من جانبه كان فريق التفتيش التابع للوكالة قد بادر لتبديد مخاوف انتابت المجتمع الدولي أن تكون إيران قد وجدت فسحات زمانية كافية لإخفاء ما تود إخفاءه قبل وصول المفتشين بالإعلان انه كفريق متخصص ومدرب لن يكتف بغير تفتيش دقيق يطال حتى الشقوق والجحور والتربة مع أخذ عينات بيئية متنوعة لن تكذب في حالة تلوثها بأي مواد نووية عند تحليلها بمعامل الوكالة المتخصصة الواقعة بمنطقة سايبنزدورف على مشارف العاصمة النمساوية فيينا حيث يقوم مقر الوكالة.

ثم صدرت لاحقا تصريحات من مدير الوكالة تؤكد أن تحريات المفتشين لم تشر لوجود أي أنشطة نووية مخالفة لإجراءات الضمان النووي وان المبنى وكما أكدت مصادر إيرانية قد تم إنشاؤه كبديل سري في حالة تعرض الأنشطة النووية الإيرانية لهجوم مضاد.

وكانت إيران قد حددت لزيارة المفاعل يوم 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وذلك بعد أن وجهت لها الوكالة لوما واتهاما بتجاوز البنود التي تلزم الدول أعضاء الوكالة بضرورة إخطارها بمجرد التفكير في تشييد منشأة نووية وليس بعد بنائها والخوف من فضح وجودها بواسطة وكالات استخبارات عالمية كما حدث مع إيران التي بادرت بإخطار الوكالة خوفا من معلومات وشكوك بدأت تتكشف أن تشييد المنشأة قد بدأ منذ سنتين على أقل تقدير. من جانبها دفعت إيران تهمة الإخفاء والتجاوز بالتأكيد أنها سبق أن أخطرت الوكالة بتحللها من تلك البنود لحظة إيداع ملفها النووي تحت سيطرة مجلس الأمن الدولي الذي أصدر ضدها عقوبات دولية. مما يجدر ذكره أن مصادر قد توقعت أن يقتصر التقرير على القضايا والمسائل الخاصة فقط بتطبيق الضمانات في إيران ومدى التزامها بالقرارات الصادرة في حقها من مجلسي الأمن الدولي ومجلس أمناء الوكالة بوقف تخصيب اليورانيوم مع تفصيل دقيق لمراحل التخصيب والكميات المخصبة ومدى تغذية أجهزة الطرد المركزي.. متوقعة كذلك أن يطالب البرادعي إيران بما يزال معلقا من قضايا كقضية الدراسات المزعومة التي تؤمن أن إيران أجرت تجارب على صواريخ لتركيب رؤوس نووية. مضيفة أن البرادعي سيؤمن على ضرورة بذل إيران لمزيد من التعاون والشفافية لتحقيق المزيد من الخطوات الهادفة لتمتين الثقة بين إيران والمجتمع الدولي خاصة اللقاءات التي جمعت إيران بأطراف دولية في الفترة الأخيرة. مستبعدة في ذات الوقت أن يتضمن التقرير إشارة موسعة مفصلة لتطورات الأحداث الأخيرة الجارية بين الوكالة وإيران بشأن مسودة الاقتراح الذي قدمه الدكتور محمد البرادعي لعقد اتفاق بين إيران وكل من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية لتوفير وقود نووي تطلبه إيران لمفاعل طهران للأبحاث الطبية، وينص في حالة موافقة إيران بتوريدها لـ70% مما بحوزتها من يورانيوم مخصب بدرجة 3,5 % إلى روسيا لرفع درجة تخصيبه إلى 20 % يرسل بعدها إلى فرنسا لتحويله إلى قضبان نووية تعود لإيران لاستخدامها كوقود لتشغيل المفاعل الذي يسد حاجة المستشفيات الإيرانية بما تحتاجه من علاجات إشعاعية لأمراض السرطان. مفسرة ذلك أن هذا الأمر يتم وفق إطار تفاوضي مختلف عن إطار المهام المحددة بالتفتيش عن الأنشطة النووية التي تعلن عنها إيران وعن الأنشطة السرية التي لا تعلن عنها كذلك. وكان البرادعي قد قدم اقتراحه الخاص بتوفير وقود نووي لمفاعل طهران للأبحاث الطبية بتاريخ 21 الماضي في أعقاب ما عرف بـ«محادثات فيينا النووية» التي استضافتها الوكالة طيلة يومين ونصف وباءت بفشل تلك الأطراف في الوصول لاتفاق بهذا الخصوص.

وكما ورد ذكره مكررا فإن كلا من فرنسا وروسيا والولايات المتحدة الأميركية قد التزمت بالموعد الذي حدده البرادعي للرد بتاريخ 23 الماضي، مؤكدة موافقتها فإن الجميع لا يزال ينتظر ردا إيرانيا رسميا على أمل أن يكون ردا إيجابيا ما قد يفتح صفحة جديدة في العلاقات بين إيران والمجتمع الدولي.

هذا وكانت إيران في أول الأمر قد طلبت مهلة ثم قامت بتاريخ 29 أكتوبر برفع رد شفاهي للوكالة وصف بأنه رد أولي تضمن اقتراحات بتعديل المسودة الأصلية بحيث يتم التسليم بالتزامن، وان تورد إيران اليورانيوم على شحنات وليس دفعة واحدة ترسل بنهاية هذا العام كما تضمنت المسودة الأصلية والتي لم تكشف أي من الأطراف عن فحواها كاملة وإن تناقلت المصادر أهم بنودها.

هذا ولا يزال المسؤولون الإيرانيون، كما تعكس التصريحات الصادرة عن طهران، يتبادلون النظر بشأن مسودة الاقتراح الذي يبدو أنه محل تفاوض وشد وجذب بسبب مخاوف ومعارضة تبديها بعض الأطراف بدعوى عدم الثقة في الغرب نتيجة تجارب ماضية تعرضت لها إيران ذكروا منها عدم التزام فرنسي بتوصيل شحنة من غاز إف إم 6 بالإضافة لمخالفات مالية تخص الحصة التي تملكها إيران في مفاعل فرنسي أوروبي منذ عهد الشاه جمدتها السلطات الفرنسية بعد اندلاع الثورة الإيرانية الإسلامية. بينما ارتفعت في اليومين الماضيين، أصوات إيرانية متخوفة من تنصل روسي وعدم التزام بمواثيقها وتعهداتها، وذلك في إشارة لقضية الصواريخ التي لا تزال إيران تطالب بها فيما تتأنى روسيا في التسليم خوفا من غضب أميركي ورد فعل قد يعكر صفو التقارب الذي تشهده العلاقة بين البلدين مؤخرا.

في سياق جديد اتهم قاسم جلالي، رئيس لجنة المجلس القومي للأمن والسياسة الخارجية الوكالة نفسها بأنها السبب الأساسي في كل التعقيدات التي يواجهها الطلب الإيراني بتوفير وقود لمفاعل طهران للأبحاث وذلك لادعائه أن الوكالة لم تعمل على تعميم الخطاب الذي أرسلته إيران للوكالة 2008 تطلب بموجبه أن المساعدة في توفير موردين لوقود نووي يحتاجه مفاعل طهران للأبحاث الطبية الذي أوشك مخزونه من الوقود على النفاد.

وكان جلالي الذي أشارت له وسائل الإعلام الإيرانية بمصدر قانوني كبير قد صرح بأن الوكالة سلمت الطلب الإيراني إلى روسيا والولايات المتحدة فقط ولم تعممه على بقية الدول أعضاء الوكالة وذلك ما أدى لتعقيد مسألة يراها أبسط من ذلك.

فيما أوضحت مصادر عليمة ردا على استفسار من «الشرق الأوسط» أن الإجراء المتبع في مثل هذه الحالات أن الوكالة تلجأ للتعميم في حال نصت الدولة العضو على ذلك وإلا فإن الوكالة تبادر بإجراء مشاورات مع الدول التي يمكن أن توفر الخدمة المطلوبة، وذلك بعلم ودراية الدولة الطالبة للخدمة. مؤكدة أن هذا بالضبط ما حدث بخصوص الطلب الإيراني للحصول على وقود لمفاعل طهران. مشيرة إلى أن إيران لم تعترض بل وافقت مبدئيا أثناء المحادثات التي ضمتها ومجموعة 5+1 وهي الدول دائمة العضوية بمجلس الأمن بالإضافة إلى ألمانيا والتي عقدت بمدينة جنيف السويسرية أول أكتوبر الماضي، على أن تقوم روسيا برفع درجة تخصيب اليورانيوم الإيراني منخفض التخصيب وأن تقوم فرنسا بتحويله إلى قضبان نووية. ووفقا لذلك الاتفاق المبدئي اجتمعت الأطراف في فيينا بتاريخ 19 الماضي حيث فاجأت إيران الجميع بالاعتراض في اليوم الثاني للمباحثات التي وصفت بأنها تقنية فنية وقانونية بالاعتراض على المشاركة الفرنسية، وبتصريح من وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي بأن بلاده لا تحتاج لكثير وقود، ولذلك فإنها لا تحتاج لكثرة مفاوضين. فيما بادر المندوب الإيراني لدى الوكالة السفير علي أصغر سلطانية، الذي أوكلت له مهمة رئاسة وفد بلاده بالتصريح للصحافيين أن بلاده لا تثق بفرنسا والتزاماتها بالمواثيق لذلك فإنها لن تتعامل معها حتى ولو أصر الوفد الفرنسي على البقاء حول طاولة المفاوضات. نافيا أن تكون إيران قد ناقشت هذا الأمر أثناء اجتماعات جنيف، وإنما وفقا لخطاب تقدمت به إيران بتاريخ الثاني من يونيو (حزيران) تطلب فيه من الوكالة مساعدتها للحصول على الوقود. معبرا عن رضائه عن مسار المفاوضات ومسودة الاتفاق قائلا إنهم يسيرون في الطريق الصحيح. هذا وإن كان قد رفض الإجابة عما إذا كانت بلاده مستعدة لشحن معظم ما لديها من يورانيوم مخصب.