البرلمان العراقي يستعد للتصويت على هيئة المساءلة والعدالة.. ومخاوف من «تصفية الخصوم»

مهامها «غربلة» المرشحين البعثيين في الانتخابات.. ورئاستها لقيادي في حزب المالكي

TT

تبدو مسألة تشكيل هيئة المساءلة والعدالة، بديلة هيئة اجتثاث البعث، والموافقة على أسماء المرشحين لإدارتها، المعضلة الجديدة التي يواجهها البرلمان العراقي بعد أن نجح بالكاد في إقرار قانون الانتخابات مؤخرا وحل مشكلة الانتخابات في كركوك.

وكان البرلمان العراقي قد صادق في وقت سابق على قانون المساءلة والعدالة، بديل اجتثاث البعث، الذي يتعامل مع آلاف من أعضاء البعث السابق، وبموجبه قد يحال بعثيون إلى التقاعد فيما يواصل آخرون عملهم في دوائر مدنية.

وفيما أكد عضو البرلمان العراقي عن القائمة العراقية عدنان الدنبوس، أن البرلمان يستعد للمصادقة على أسماء المرشحين لتولي مهام الهيئة في الأسبوع القادم، قال النائب حيدر السويدي إن للهيئة الجديدة ستقوم بـ«غربلة» جميع المرشحين إلى الانتخابات لضمان عدم صعود من هو مشمول بالاجتثاث إلى قبة البرلمان القادم.

جاء هذا بعد سلسلة من التصريحات الحكومية وبخاصة تلك التي أدلى بها رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، مؤخرا، عندما حذر من عودة حزب البعث إلى العملية السياسية، مشددا على ضرورة تضافر جهود الحكومة ومجلس النواب والمفوضية العليا المستقلة للانتخابات ومنظمات المجتمع المدني لمنع دخول البعثيين إلى مجلس النواب المقبل، وهدد الأسبوع الماضي باستخدام حقه الدستوري لمنع البعثيين من الوصول إلى البرلمان القادم.

وشهدت الساحة العراقية مؤخرا صدور تصريحات رسمية وحزبية تدعو مفوضية الانتخابات إلى تدقيق ملفات المرشحين للانتخابات المزمع إجراؤها في يناير (كانون الثاني) المقبل، باعتماد قانون المساءلة والعدالة الذي أقره البرلمان ليكون بديلا لإجراءات هيئة اجتثاث حزب البعث المنحلّ.

وكان الحاكم المدني الأميركي في العراق بول بريمر قد أعلن عن تشكيل هيئة اجتثاث البعث برئاسة السياسي العراقي البارز أحمد الجلبي لدراسة ملفات عشرات الآلاف من البعثيين، وتم حل الهيئة لاحقا إثر إقرار قانون المساءلة والعدالة، الذي يتضمن تشكيل هيئة المساءلة والعدالة. غير انه لم يصار بعد إلى تشكيل الهيئة رغم أن القانون كان قد أُقِرّ من قِبل البرلمان منذ قرابة عامين.

وقال علي الموسوي رئيس المركز الوطني للإعلام التابع لمجلس الوزراء لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا يوجد الآن جهة تسمى بهيئة الاجتثاث، فهذه الهيئة تم إنهاء عملها بموجب القانون وحلت محلها هيئة المساءلة والعدالة التي ستعمل أيضا بموجب قانون جديد يحمل اسم (قانون المساءلة)، والهيئة ستعمل بموجب الدستور ويصوَّت على أعضائها من قِبل البرلمان العراقي».

النائب عن القائمة العراقية عدنان الدنبوس، أكد لـ«الشرق الأوسط» أن الأسبوع القادم سيشهد عرض أسماء المرشحين لتولي مناصب هيئة المسائلة، متوقعا «حدوث تجاذبات سياسية بين الكتل، خصوصا أن بعض الكتل ومنها كتلة التوافق العراقية (أكبر كتلة سنية في البرلمان) سترى في هذا القانون والأسماء المرشحة بأنهم جهة شكلت بالضد منها أو ستوجه أعمالها ضدهم وهي تتوجس خيفة من هذه الهيئة».

وأضاف الدنبوس أن «البرلمان سيصوت على الأسماء المرشحة الأسبوع المقبل فلم يعد أمامنا وقت كاف»، وأشار إلى أن «إثارة موضوع دخول البعثيين للبرلمان في هذا الوقت تحديدا يهدف إلى تصفية خصوم سياسيين وتهميش من لا يرغبون به».

وقال الدنبوس أن دخول الأحزاب في هيئة المساءلة والعدالة سيجعلها هيئة «غير مستقلة ومسيسة لا سيما أن من كُلف برئاستها هو الأخ وليد الحلي الذي يعد من أقطاب حزب الدعوة، وأتوقع أن إثارتها الآن تهدف إلى الإقصاء والتهميش».

وقال الدنبوس إن «حزب البعث انتهى كمنظومة سياسية، وإن الدستور يمنع عودة البعث باي شكل من الأشكال، ولا يتجرأ من يكون مشمولا بالاجتثاث على الترشح للبرلمان، وحتى الكتل لا تجازف بهذا الأمر، ففي حال كشفت فإنها ستعرّض نفسها لخسارة الرأي العام، وأعتقد أن الهيئة ستبتدع افكارا جديدة لإقصاء حتى غير البعثيين».

ومن جانبه، قال الدكتور حيدر السويدي عضو البرلمان العراقي عن الائتلاف العراقي الموحد، لـ«الشرق الأوسط»، إن المجلس الجديد لهيئة المساءلة والعدالة المرشح من قبل مجلس الوزراء سيضطلع بمهام كثيرة بما فيها غربلة المرشحين لعضوية مجلس النواب وإتمام الأعمال التي بدأت بها هيئة اجتثاث البعث».

وقالت مصادر مطلعة لـ«الشرق الأوسط» إن أعضاء الهيئة سيخضعون للمحاصصة الحزبية، وأضافت أن من بين الأسماء المرشحة لشغل عضوية الهيئة، طلال جمعة يوسف وفؤاد محمود عطية من السنة، وبختيار عمر محيي الدين وحسام عبد اللطيف جاسم من الأكراد، فيما رشح الائتلاف العراقي وليد الحلي، القيادي في حزب الدعوة ـ جناح المالكين وحسن كطامي، المجلس الأعلى الإسلامي العراقي، بزعامة عبد العزيز الحكيم، وحميد فارس طارش من التيار الصدري، على أن يُنتخب رئيس الهيئة ونائبه بعد التصويت على أسماء المرشحين. وقال السويدي إن «قانون المساءلة والعدالة أخذ في الاعتبار حيثيات المرحلة الماضية والحالية بما فيها وضع البعثيين والإجراءات والأفعال التي قاموا بها تجاه الشعب، كما حفظ القانون الجديد حقوق المضطهدين وكل ضحايا النظام السابق، وبذلك تكون هيئة المساءلة ليست بديلا عن الاجتثاث وإنما جاءت لتطوير الأولى وبما يتلاءم مع المرحلة الحالية للعراق الجديد».

وأضاف أن «الهيئة الجديدة ستعيد النظر في الكثير من قضايا الاجتثاث التي طبقت في المرحلة الأولى التي كانت تمتاز بالضبابية، وكانت هناك ادعاءات كاذبة وتزوير، لكن الجديدة ستكون أكثر جدية باعتماد وثائق رسمية لتكون قراراتها موضوعية».