البيت الأبيض ينحاز إلى صف وكالة الاستخبارات المركزية في حربها حول النفوذ

حول مَن يملك سلطة تعيين المخبرين السريين في كل دولة أجنبية

TT

بعد حرب استمرت طيلة شهور على النفوذ بين الوكالات الأميركية الكبرى بمجال التجسس، اتخذ البيت الأبيض صف وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي. آي. إيه) في النزاع الدائر حول من يملك سلطة تعيين الجاسوس الأكبر في كل دولة أجنبية، طبقا لما صرح به مسؤولون استخباراتيون. يأتي القرار بمثابة صفعة مدوية لدينيس سي. بلير، مدير شؤون الاستخبارات الوطنية، الذي استغل القضية كاختبار لمدى نفوذ وسطوة مكتبه، الذي استحدث عام 2004 بهدف تعزيز التعاون بين الوكالات الاستخباراتية ووضع نهاية للمنازعات المستمرة بين وكالات التجسس الأميركية. بيد أن الخلاف الأخير يشكل دليلا جديدا على أن إجراءات الإصلاح بمجال الاستخبارات التي جرى اتخاذها منذ خمسة أعوام ماضية لم تجد كثيرا في إنهاء العداءات القائمة منذ أمد بعيد بين الوكالات أو رسم صورة سلسلة القيادة داخل البيروقراطية الاستخباراتية الأميركية على نحو واضح. على امتداد عقود، عمل رؤساء محطات وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بمختلف أرجاء العالم باعتبارهم ضباط الاستخبارات الأميركية الأعلى مرتبة داخل كل دولة، حيث تولوا مسؤولية إدارة العمليات السرية وعقد اجتماعات منتظمة مع رؤساء وكالات الاستخبارات الأجنبية. ومع ذلك، أصدر بلير في مايو (أيار) مذكرة سرية أعلن خلالها أن مكتبه سيضطلع بانتقاء كبار الجواسيس الأميركيين في كل دولة. وبعد يوم واحد، بعث مدير وكالة الاستخبارات المركزية، ليون إي. بانيتا، مذكرة توجه العاملين لدى الوكالة إلى تجاهل رسالة بلير لأن الأمر لم يحسم بعد. طبقا لما ورد على لسان العديد من مسؤولي الاستخبارات، انتاب بلير غضب عارم حيال ما اعتبره عدم إذعان من قبل بانيتا، وكان على ثقة من أن البيت الأبيض سيقر سلطته. والملاحظ أن كبار المشرعين انحازوا إلى صفه. إلا أن بانيتا، رئيس فريق العاملين لدى البيت الأبيض سابقا الذي يتمتع بصلات وثيقة مع بعض أعضاء الحاشية المقربة من الرئيس أوباما، عمد خلال الشهور الأخيرة إلى الترويج لحجته بضرورة الإبقاء على ريادة وكالة الاستخبارات المركزية في الخارج. تمخض الموقف عن حالة من التأزم، مع تحويل المسألة برمتها إلى الجنرال جيمس إل. جونز، مستشار الأمن القومي، لتصل في نهاية الأمر إلى جوزيف آر. بايدن، نائب الرئيس. وأخيرا، اتخذ البيت الأبيض قرارا لصالح وكالة الاستخبارات المركزية. جاء أول ذكر لقرار البيت الأبيض الصادر خلال الأيام الأخيرة، الخميس، من قبل وكالة «أسوشييتد برس». من جهتهم، أعرب مسؤولون حاليون وسابقون لدى وكالة الاستخبارات المركزية عن اعتقادهم بأن الأمر لا يتعلق بصراع على النفوذ فحسب، مشيرين إلى أن وكالة الاستخبارات المركزية عمدت طيلة سنوات عديدة على تنمية علاقات مع وكالات تجسس أجنبية ـ علاقات ربما تعصف بها حالة من الفوضى إذا أجبر كبار مسؤولي التجسس الأجانب على التعامل مع قنوات اتصال أميركية مختلفة. في المقابل، رفض بعض مساعدي بلير هذه المخاوف باعتبارها غير ذات أهمية، موضحين أنه في الغالبية العظمى من القضايا سيبقى رئيس محطة وكالة الاستخبارات المركزية الممثل الأميركي الأعلى في الخارج. إلا أنهم استطردوا بأنه في بعض الحالات يصبح من المنطقي تولي ممثل عن وكالة أخرى مكانة الممثل الاستخباراتي الأعلى في دولة ما. أحد الأمثلة التي يجري الاستشهاد بها كثيرا بريطانيا، حيث تضطلع وكالة الأمن القومي بتشغيل محطة تنصت ضخمة. ويرى البعض أنه من المنطقي أن يتولى مسؤول من الوكالة منصب الممثل الاستخباراتي الأميركي الأعلى في بريطانيا، الحليف الوثيق لواشنطن، وهي دولة لا تنفذ وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية بها عمليات سرية لجمع الاستخبارات. من ناحيتها، صرحت ويندي موريغي، المتحدثة الرسمية باسم بلير، بأن قرار البيت الأبيض تضمن مسائل كان قد سبق حسمها لصالح مدير الاستخبارات الوطنية. وأضافت، «هذا الاتفاق، الذي يتناول العديد من السلطات بالغة الأهمية، يعزز من مهمة مدير الاستخبارات الوطنية الحيوية المتمثلة في تعزيز وجود فريق من المجتمع الاستخباراتي أكبر من مجموع أجزائه». * «خدمة نيويورك تايمز»