إجراءات أمنية مشددة في نيويورك قبيل محاكمة الإرهابيين

«سي آي إيه»: خالد شيخ محمد تابع وقوع الهجمات لحظة بلحظة من مقهى إنترنت في كراتشي

TT

كشف أمس مسؤول أميركي، اعتمادا على تقرير لوكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه)، ان خالد شيخ محمد، «مهندس» هجمات 11 سبتمبر على الولايات المتحدة، كان، يوم الهجمات، في «مقهى انترنت» في كراتشي، في باكستان، يتابع ما يحدث أولا بأول. وأنه، في البداية، أصيب بخيبة أمل لأن بنايتي مركز التجارة العالمي لم تنهارا مباشرة بعد ان ارتطمت طائرة بكل واحد منهما. وخشي ألا تسبب الهجمات الجوية انهيار البنايتين. لكن، بعد فترة وجيزة عندما انهارت البنايتان، أحس محمد بالراحة، وعاد إلى المكان الذي كان يختبئ فيه في كراتشي. وفي المكان انضم إليه رمزي بن الشيبه، الذي كان حلقة الوصل بين محمد والإرهابيين الذين نفذوا العملية في نيويورك. وجلسا، مع آخرين، لمشاهدة قنوات تلفزيونية أميركية وعالمية تنقل تفاصيل الهجمات الإرهابية وما بعدها.

وحسب اعترافات محمد وبن الشيبه وآخرين لمحققي «سي آي أيه»، قضوا ساعات خلال الليل، بتوقيت باكستان، يحتفلون، ويحضنون بعضهم البعض «فرحين لنجاحهم الباهر في هزيمة العملاق الأميركي».

واعترف محمد بأن الخطة الأصلية كانت استخدام عشر طائرات في الهجمات. وأن يقود محمد الطائرة العاشرة التي كان خطط لها ألا تقوم بعمل انفجاري، لكن، بعد قتل المسافرين الرجال فيها، تهبط في مطار، ويقف محمد أمام كاميرات التلفزيون، ويلقي بيانا يدين تأييد الولايات المتحدة لإسرائيل، ولحكومات عربية، ولحكومة الفلبين (التي كانت تواجه تمرد مسلمين فيها).

وقال تقرير «سي آي ايه» ان محمد اعترف بأن خطة هجمات 11 سبتمبر سنة 2001، بدأت بعد فشل هجمات سنة 1993 على نفس مركز التجارة العالمي، الذي خطط له رمزي يوسف، ابن أخيه. وأنهما تربيا معا في الكويت. وانه، محمد، انضم إلى جمعية الإخوان المسلمين عندما كان عمره 16 سنة.

وقال محمد لمحققي «سي آي ايه» ان سنوات دراسته في الولايات المتحدة، ومعاملاته مع أميركيين «أكدت رأيي بأن الولايات المتحدة بلد فسق وعنصرية». وكان محمد انتقل من الكويت ليدرس في كلية «شوان» في ولاية نورث كارولينا. ثم في جامعة زراعية وتكنولوجية في غرينسبارو، في نفس الولاية.

وان «تجربته الأميركية كانت محدودة وسلبية» وانه قضى وقتا في السجن بسبب مخالفات مرورية، وقيادة سيارة من دون رخصة، وعدم دفع فواتير.

وقال التقرير إن محمد، في سجن غوانتانامو، كرر آراءه عن المجتمع الأميركي والسياسة الأميركية في الشرق الأوسط. لكنه قدم معلومات أكثر للمحققين. الذين، مرة، طلبوا منه أن يلقي محاضرة لوفد من رئاسة «سي آي أيه» لزيادة معرفتهم عنه وعن آرائه وعن دوره في الهجمات.

ورغم ان التقرير وصف محمد بأنه صاحب شخصية «ايغو» (المعجب بنفسه). وقال انه دوره في الهجمات اكبر من دور أسامة بن لادن، مؤسس «القاعدة». وأنه لم يترك فرصة خلال المحاكمات الأولية من دون ان يتحدث عن آرائه وينتقد السياسة الأميركية في الشرق الأوسط، إلا انه أحيانا يحس باليأس. مثل عندما شاهد صورة ابنيه اللذين اعتقلا معه، ثم أطلق سراحهما، وهما الآن مع زوجته في إيران.

لهذا، يخشى بعض الأميركيين من ان محاكمة محمد في محكمة مدنية علنية في نيويورك ستعطيه فرصة ليقدم محاضرات سياسية. وقال خبير أميركي: «ستكون المحاكمة مثل سيرك» وصباح أمس في مقابلة في تلفزيون «سي ان ان»، قال بيتر كينغ، عضو الكونغرس من نيويورك، انه يخشى أن تنتقد محكمة نيويورك الفدرالية تعذيب محمد، خلال التحقيق معه، وتشطب الاتهامات ضده. وأضاف كينغ: «ماذا سيحدث لو خرج محمد من سجن نيويورك الفدرالي حرا طليقا؟».

وأمس قال لصحيفة «واشنطن بوست» جون بوهنر (جمهوري من ولاية اوهايو)، زعيم الأقلية في مجلس الشيوخ: «يجب ان ينتبه كل أميركي إلى احتمال ان المحكمة ستعلن أن خالد شيخ محمد وزملاءه الأربعة «غير مذنبين» بسبب بعض المشاكل الفنية القانونية».

وأمس، توقعت صحيفة «نيويورك تايمز» ان تشهد نيويورك حالة طوارئ لم تشهد مثلها منذ بعد هجمات 11 سبتمبر مباشرة. وأن «أفواجا من الجنود المسلحين، وأطنانا من الحواجز والمتاريس، وعشرات من نقاط التفتيش المشددة» سوف تشاهد في منطقة السجن الذي سينقل إليه خالد شيخ محمد وزملائه الأربعة من «قادة الإرهابيين» الذين اشتركوا معه في التخطيط لهجمات 11 سبتمبر. وأيضا، في منطقة المحكمة الفدرالية التي ستشهد محاكمتهم. وتوقع صحافيون ومراقبون في واشنطن ان ينقل المخططون الخمسة الى سجن «متروبوليتان» الذي يقع بالقرب من مبنى المحكمة الفدرالية. وهو نفس السجن الذي كان فيه قادة هجمات 1993 على نفس مركز التجارة العالمي، وهي الهجمات التي فجرت فيه قنابل في جراج السيارات تحت المركز، لكن لم تحدث أضرار كبيرة للمركز. في ذلك الوقت، وضع في سجن «متروبوليتان» عمر عبد الرحمن، شيخ مصري أدين لأنه شجع المشتركين في الهجمات. ورمزي احمد يوسف، باكستاني مولود في الكويت، أدين لأنه كان «المهندس» وراء الهجمات. في الوقت الحاضر، يقضي الرجلان بقية حياتيهما في سجنين أميركيين تحت حراسة مشددة. لكن، قلل من المخاوف متحدثون باسم منظمات حقوق الإنسان الأميركية الذين كانوا عارضوا، منذ البداية، تقديم المعتقلين لمحاكمات عسكرية. وقالوا ان القانون الأميركي يقدر على تقديم محاكمة مدنية عادلة، مثل التي وفرها للمشتركين في هجمات 1993.

وأمس قالت صحيفة «لوس انجلوس تايمز» انه، بعد نقل خالد شيخ محمد وزملائه من «قادة الإرهابيين» إلى السجن الفدرالي في نيويورك، سينقل بقية المعتقلين في قاعدة «غوانتانامو» العسكرية في كوبا إلى سجن «طومسون كوركشنال» (الإصلاحي) في مدينة طومسون الصغيرة على نهر مسيسيبي، في ولاية اللينوي، على مسافة غير بعيدة من شيكاغو.