محاكمة مدبري هجمات سبتمبر تطرح العديد من التحديات أمام كافة الأطراف

توقع الطعن في وسائل التحقيق التي استخدمت مع خالد شيخ محمد خلال مدة اعتقال تجاوزت 6 أعوام

TT

كيف يمكن أن يدافع المرء عن أحد أسوأ الشخصيات الإرهابية سمعة في التاريخ؟

يقول بعض المحللين القانونيين إن إحدى الخطوات هي طلب تغيير في المكان الذي تجرى فيه المحاكمة. وبلا ريب، سوف يشكك محامو خالد شيخ محمد، أيا كانوا هم، في نزاهة المحاكمة التي تتولاها هيئة من المحلفين داخل محكمة بمانهاتن «بالقرب من المكان الذي كان يوجد فيه برجا مركز التجارة العالمي»، مثلما أشار المحامي العام إريك هولدر. وبعد ذلك ستكون هناك طعون حتمية في وسائل التحقيق التي استخدمت مع محمد خلال مدة اعتقاله والتي تجاوزت ستة أعوام، وقد أقرت الحكومة بأنها مارست معه تقنية الإيهام بالغرق أكثر 183 مرة من أجل الحصول على معلومات تتعلق بهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، التي اعترف في نهاية المطاف بأنه من خطط لها. وحال إدانة محمد في نهاية المحاكمة، فإنه من المحتمل بالتأكيد أن يقدّم محامو الدفاع للمحلفين في نيويورك طلبا من أجل عدم إلحاق عقوبة الإعدام به والحكم بسجنه مدى الحياة، ومعروف أن المحلفين في نيويورك يتسمون بقدر أكبر من الحذر فيما يتعلق بعقوبة الإعدام مقارنة بالمحلفين في باقي الولايات المتحدة. وقد أثار قرار إدارة أوباما تحويل محمد وأربعة آخرين من المشتبه في ضلوعهم في أعمال إرهابية للمحاكمة أمام محكمة مدنية نقاشا حادا بين الساسة والمحامين حول ما إذا كانت المحاكم الأميركية هي المكان الأنسب لمحاكمة من يطلق عليهم «مقاتلين أعداء»، الذين حيكت الجرائم التي يشتبه في ضلوعهم فيها خارج البلاد وينظرون إلى أنفسهم على أنهم مشاركون في حرب ضد الولايات المتحدة. وهناك اتفاق في الرأي على أن محامي الدفاع والمدعين سوف يواجهون مشاكل فريدة من نوعها فيما يمكن أن تكون القضية الأكثر تعقيدا في التاريخ. وبغض النظر عن ذلك، فإنه إذا أخذت هذه القضية طريقها أمام المحلفين، فإنها سوف تمثل محاكمة لا نظير لها في الذاكرة، حيث أنها تتضمن عناصر فريدة من نوعها منها التعذيب، والحقوق المفترض أن يتمتع بها الإرهابيون الأجانب، وقدرة المحاكم المدنية على تناول قضايا أمن قومي. وقد أقرّ محمد وأربعة متهمين آخرين داخل سجن عسكري بتورطهم في التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) وتباهوا بنجاحهم في قتل 3000 شخص. وبمجرد أن ترفع وزارة العدل تهما رسمية بالتورط في أعمال إرهابية، سوف يسعى محمد إلى الوصول إلى اتفاق مع الادعاء من أجل الاعتراف بالذنب مقابل تخفيف العقوبة، مثلما حاول أن يفعل في السجن العسكري. ومع ذلك، يرى بعض المحللين القانونيين أنه لن يمضي في هذا الطريق، ويقولون إنه ربما يسعى إلى أن يجعل من نفسه شهيدا أمام المتطرفين الإسلاميين عن طريق محاكمة طويلة وموسعة. ويقول ديفيد لوفمان، وهو محامي في واشنطن ومدع فيدرالي سابق كان مسؤولا عن قضايا الإرهاب: «هناك من الأسباب ما يدفع إلى الاعتقاد بأنه سوف يسعى إلى الاستفادة من هذا المنبر العام من أجل الترويج لآرائه الجهادية». وفي الواقع، فإن من بين الأسئلة المطروحة هي كيف سيتمكن القاضي من الوقوف دون تحويل المحاكمة إلى حلقة نقاشية حول الحرب الأميركية ضد الإرهاب، وسياسات التحقيق التي كانت تستخدمها إدارة بوش. وقد كان المتهمون بالقيام بأعمال إرهابية في محاكمات أقل شهرة يستخدمون ذلك لإدانة الحكومة. وربما تسعى الحكومة إلى تجنب وضع وسائل التحقيق الخاصة بها في قفص الاتهام، ومن أجل تقليل أثر الإجراءات القسرية التي استخدمت ضد الرجال، يستخدم مكتب التحقيقات الفيدرالي «فرقا نظيفة» من المحققين من أجل جمع المعلومات بصورة مستقلة والقيام بمراجعات يقول المكتب إنها لم ترتبط بوسائل التحقيق القسرية. ومع ذلك، فإن أي محامي دفاع سوف يسعى إلى تقديم الأدلة ومن بينها الصور وشهادات المحققين كي يظهر محمد وزملاؤه من المتهمين على أنهم أشخاص تعرضوا لمعاملة سيئة. وسوف يقول الادعاء إن تصريحات محمد خلال الأعوام القليلة الماضية يجب أن تكون مقبولة في المحاكمة لأنها كانت طوعية وجاءت بعد أن أوقفت الحكومة استخدام الإيهام بالغرق معه في عام 2003. ولكن، يقول ستيفن واكس، وهو محامي عام فيدرالي في أوريغان يمثل سبعة متهمين في غوانتانامو: «إذا كنت محامي دفاع سوف أقول «هذه ثمرة التعذيب» ويجب ألا تقبلها المحكمة. وإذا حاولت وزارة العدل أن تقدم أدلة يقول محامو الدفاع إنه تم الحصول عليها قسرا باستخدام التعذيب، «أعتقد أننا سوف نلقي ضوءا على شيء لا يريد الكثير من الناس النظر إليه»، حسب ما قاله ديني ليبويف، وهو محام لدى اتحاد الحريات المدنية الأميركي المسؤول عن جهود الاتحاد المرتبطة بقضايا الإعدام داخل غوانتانامو. ولم يدل هولدر بتعليق مباشر اول من امس عن التهم بالتعذيب، ولكنه قال إنه «واثقا نوعا ما» من أن وزارة العدل يمكنها تقديم أدلة كافية، ومنها أدلة لم يتم الكشف عنها علنا، تمكِّن من الحصول على إدانات. وفي الواقع، يقول محللون قانونيون إنه يبدو أن وزارة العدل لديها حجة قوية تعتمد على تصريحات قالها محمد أخيرا في غوانتانامو بالإضافة إلى اتصالات عبر الانترنت وباستخدام البريد الإلكتروني تتضمن المتآمرين المشتبه فيهم. ويقول هولدر إنه إذا أدين الرجال «فإنهم يجب أن يواجهوا في النهاية العدالة المطلقة» - يقصد عقوبة الإعدام. ولكن، من التحديات التي تقف أمام تحقيق «العدالة المطلقة» فريق المحلفين في نيويورك، الذي ينظر إليه الادعاء ومحامو الدفاع بصورة عامة على أنه أكثر تحررا من هيئات المحلفين في الأماكن الأخرى. وعلى سبيل المثال، وصل فريق المحلفين الفيدراليين في مانهاتن مرتين إلى طريق مسدود في عام 2001، ونتج عن ذلك صدور حكمين بالسجن مدى الحياة في حق عميلين للقاعدة اعترفا بأنهما ساعدا على تفجير السفارتين الأميركيتين في كينيا وتنزانيا عام 1998، وأدت هذه الهجمات إلى مقتل أكثر من 200 شخص. وبصورة جزئية بسبب القلق من المحلفين في نيويورك، قامت وزارة العدل برفع دعواها القضائية ضد زكريا موساوي في الإسكندرية بولاية فيرجينيا حيث يعتقد أن المحلفين أكثر ميلا لإصدار حكم بالإعدام، حسب ما يقوله مسؤولون في مجال تطبيق القانون. ولكن، حصل موساوي أيضا على حكم بالسجن مدى الحياة. وفي الواقع، فإن عمليات الإعدام الأخيرة في قضايا فيدرالية داخل مانهاتن ظهرت في الخمسينيات، وكان من أبرزها قضية عائلة روزنبرغز.

* خدمة «نيويورك تايمز»