لندن تفتح تحقيقا في 33 حالة انتهاك ارتكبتها قواتها بحق معتقلين عراقيين

جنود بريطانيون «قلدوا» ما فعله أميركيون في سجن أبو غريب

TT

أعلنت وزارة الدفاع البريطانية فتح تحقيق حول احتمال ممارسة جنود بريطانيين التعذيب بحق مدنيين عراقيين. فيما أكدت مصادر حكومية عراقية في محافظة البصرة تعرض الكثير من السجناء المودعين لدى القوات البريطانية إلى انتهاكات خطيرة وصل بعضها إلى الموت جراء التعذيب خلال وجودها بالمحافظة ما بين عامي 2003 و2008.

وكانت صحيفة «الإندبندنت» البريطانية قد أفادت على موقعها الإلكتروني بوقوع 33 حالة مفترضة من التجاوزات، بما فيها عمليات اغتصاب وتعذيب واعتداءات جسدية. وأفادت الصحيفة أمس بأن مدنيين اشتكوا من أن جنودا بريطانيين قلدوا التجاوزات الجنسية والجسدية التي ظهرت في الصور الملتقطة في سجن أبو غريب قرب بغداد سنة 2004، بحسب وكالة الصحافة الفرنسية. ورفع محام يمثل مدنيين عراقيين شكوى رسمية لدى وزارة الدفاع الأسبوع الماضي، على ما أوضحت «الإندبندنت». وأعلن الوزير المنتدب المكلف بالقوات المسلحة بيل رامل أن السلطات «تأخذ على محمل الجد اتهامات من هذا القبيل»، وأنه لا بد من القيام «بتحقيقات رسمية دون أحكام مسبقة». وأكد أن «الأغلبية الساحقة من العسكريين البريطانيين المائة والعشرين ألفا الذين خدموا في العراق تصرفوا طبقا لأعلى معايير الشجاعة والنزاهة والالتزام الشريف». وفي رسالته، ذكر المحامي فيل شاينر حالة مدني اغتصبه جنديان بريطانيان، بينما أكد آخرون أنهم أرغموا على التعرية تماما والتقطت لهم صور بين 2003 و2007. وأضافت الصحيفة أن زوجة أحد الجنود قد تكون شاركت في تلك الأحداث. واعتبرت قاعدة بوكا قرب البصرة، جنوب العراق، من المواقع التي حصلت فيها التجاوزات التي أدانها شاينر. وفي ربيع 2004 أثار نشر صور ممارسات مشينة بحق معتقلين عراقيين من قبل جنود أميركيين في سجن أبو غريب استنكارا كبيرا في العالم، وتحول ذلك السجن إلى رمز «الاحتلال الأميركي» بالنسبة لعدد من العراقيين.

كما أعلنت الصحيفة أن مجندات بريطانيات اتهمن للمرة الأولى بالمساعدة في انتهاكات جنسية وبدنية لمحتجزين. وقالت صحيفة «الإندبندنت» إن إحدى القضايا تتضمن اتهام جنود بوضع محتجزين فوق بعضهم البعض وصعقهم بالتيار الكهربائي. بينما يتعلق أحد مزاعم الإساءة بصبي في السادسة عشرة يقول إن جنديين بريطانيين اغتصباه عندما كان رهن الاحتجاز عام 2003. ويقول آخرون إنهم أجبروا على التعري وتعرضوا للإساءة وجرى تصويرهم.

وسحبت بريطانيا معظم قواتها من العراق. ولم يبق سوى مائة مدرب بحري يساعدون في حماية أرصفة النفط الجنوبية. ومن المتوقع أن يبقوا في العراق لسنة أخرى.

إلى ذلك، أكدت مصادر حكومية في محافظة البصرة تعرض الكثير من السجناء العراقيين المودعين لدى القوات البريطانية إلى انتهاكات خطيرة. وقال مهدي التميمي، مدير مكتب حقوق الإنسان في المحافظات الجنوبية ومقره البصرة، لـ«الشرق الأوسط» إن سجن الشعيبة، الخاضع للجيش البريطاني، يعد من أكبر السجون بعد معتقل بوكا الأميركي، وإنه تسلم شكاوى وقتذاك من ذوي المعتقلين تفيد بانتهاك حقوقهم وتعرضهم إلى ممارسات غير إنسانية. وأضاف التميمي أنه بعد تصاعد احتجاج الرأي العام بالمحافظة حول تلك الانتهاكات، شكل مجلس المحافظة السابق لجنة من ممثلي وزارتي العدل والداخلية وحقوق الإنسان والمحافظة التي زارت السجن ورفعت تقارير بتلك الانتهاكات إلى مراجعها.

وقال التميمي إن كبرى فضائح القوات البريطانية كانت تتمثل في مداهمة فندق ابن الهيثم وسط المدينة واعتقال العاملين فيه، ولم تمض غير 48 ساعة حتى سلمت القوات البريطانية جثة العامل بهاء موسى (26 عاما) وهي مغطاة بالدماء وبها 93 جرحا كما أكد تقرير الطب الشرعي. ويرى العقيد كريم الزيدي، مدير المكتب الإعلامي في قيادة شرطة المحافظة، أن «القوات البريطانية ارتكبت الكثير من قضايا انتهاك حقوق الإنسان، ومن بينها عدم مسؤوليتها عن وفاة أي إنسان يتعرض إلى القتل بالرصاص العشوائي الذي كانت تطلقه بوازع الخوف أحيانا، والذي أدى إلى مقتل الكثير من الأشخاص، ومن بينهم حازم السكيتي (23 عاما) الذي قتلته القوات البريطانية في أغسطس (آب) من عام 2003 وغيره».

وأكد أن «الكثير من العراقيين الذين انتهكت حقوقهم وتعرضوا إلى التعذيب والممارسات غير الأخلاقية ومن بينهم عقيد الشرطة موسى داود والد الضحية بهاء لم يلجأوا إلى رفع شكاواهم إلى الشرطة والقضاء باعتبار أن القوات المتعددة الجنسيات لا تخضع للقوانين العراقية، فلجأوا إلى القضاء البريطاني في رفع دعاواهم وتوكيل محامين عنهم».