إسرائيل تحذر من دولة على غرار كوسوفو في الضفة.. والسلطة تريد اعترافا دوليا

فرنسا تسعى لعقد مؤتمر دولي للسلام في باريس.. وكوشنير إلى الشرق الأوسط لدعم عباس

TT

رفضت إسرائيل بشدة فكرة إقدام الفلسطينيين على اتخاذ أي خطوة أحادية الجانب لإعلان دولة فلسطينية، وحذر الرئيس الإسرائيلي شيمعون بيريس ووزراء في الحكومة الإسرائيلية، بأن هكذا خطوة تعتبر معادية ولا يمكن أن تنهي الصراع، وتقول مصادر إسرائيلية إن «السلطة تنوي أن تبني دولة «كوسوفو» في الضفة (على غرار إعلان إقليم كوسوفو الاستقلال العام الماضي)، لكن الأميركيين يرفضون هذه الفكرة».

وقال بيريس، من البرازيل، إنه لا يمكن إقامة دولة فلسطينية دون التوصل إلى اتفاقية سلام، واتخذ معظم وزراء إسرائيل موقفا مشابها لبيريس، وقال وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان، إن خطوات مثل قيام دولة فلسطينية في الضفة لن تؤدي إلى إنهاء النزاع بل ستنقله إلى داخل حدود إسرائيل نفسها. وحذر ليبرمان من أن مثل هذا الحل سيشجع المواطنين العرب في إسرائيل على طرح مطالب بمنحهم الحكم الذاتي في مناطق الجليل والنقب وتأسيس علاقة مباشرة بينهم وبين السلطة الفلسطينية.

ومن جهته قال النائب الأول لرئيس الوزراء سيلفان شالوم إن خطوات أحادية الجانب لن تحقق النتائج المرجوة، أما عوزي لنداو وزير البنى التحتية فوصف نية إعلان الدولة بأنها «مبادرة معادية ووقحة من شأنها إجهاض أي فرصة للمفاوضات السلمية». وقال وزير الداخلية إيلي يشاي إنه «يجب أن لا نخشى من هذه النية لأن إسرائيل تستطيع الرد عليها»، وأعرب وزير الإعلام يولي إيدلشتاين عن أمله في أن لا يتعاون المجتمع الدولي مع مثل هذه الخطوات الأحادية الجانب. ونفت السلطة أنها تنوي إعلان الدولة من طرف واحد، لكن صائب عريقات كبير المفاوضين الفلسطينيين أكد أن السلطة تسعى لاعتراف دولي بالدولة الفلسطينية.

وأوضح عريقات أن القيادة الفلسطينية لا تسعى لإعلان الدولة من طرف واحد لأن ذلك سيسمح لإسرائيل بفرض دولة ذات حدود مؤقتة على أجزاء من الأراضي الفلسطينية فقط. وقال عريقات إن المطلوب هو اعتراف دولي بالدولة الفلسطينية المستقلة من خلال التوجه إلى مجلس الأمن الدولي. وأكد عريقات أمس بعد لقائه المبعوث الأوروبي لعملية السلام مارك أوت والقنصل الأميركي العام دانيال روبنشتاين، أن السلطة تسعي للحصول على التأييد العربي والأوروبي والروسي والصيني وباقي المجموعات الدولية، للذهاب إلى مجلس الأمن الدولي، لاستصدار قرار اعتراف بإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من يونيو (حزيران) عام 1967.

وجاء الجدل حول الخطوات الفلسطينية المرتقبة بعد حديث لأمين سر اللجنة لتنفيذية لمنظمة التحرير ياسر عبد ربه في اجتماع للمجلس المركزي الفلسطيني قال فيه: «علينا أن نجعل حقيقة الإعلان عن إقامة دولة فلسطين من طرف واحد، حقيقة ممكنة، ليس فقط عن طريق الإعلان الرمزي الذي قمنا به عام 1988، وإنما حقيقة لها مقوماتها على الأرض، ولها مقوماتها العربية والدولية»، وتابع عبد ربه: «إن مواجهة تحدي إسرائيل تتمثل في الإعلان عن قيام دولة فلسطين ولو مرة واحدة بتأييد دولي شبه إجماعي، وتأيد عربي إسلامي». وتدرس السلطة الدعوة إلى قمة عربية طارئة، لبحث «كيفية توفير المقومات السياسية والمادية لدعم إعلان إقامة دولة فلسطين».

وقال الرئيس الفلسطيني محمود عباس أمس في خطابه في ذكرى الاستقلال الـ21 إن حلم تجسيد إعلان الاستقلال واقعا معيشا وبنيانا قويا بوعي شعبنا وممارساته وسلوكه وإنجازاته، والتفاف أشقائه وشعوب وقوى ودول العالم المؤمنة بالحرية والعدالة والسلام حول نضاله، بات يقينا راسخا حقيقيا.

وحذر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك من أن عدم التوصّل إلى اتفاق مع السلطة الوطنية قد يؤدي إلى اعتراف واسع بدولة فلسطينية في حدود 67 يعلَن عنها بشكل أحادي الجانب، وربما إلى تزايد مطلب إقامة دولة ثنائية القومية. وقال باراك خلال جلسة الحكومة الإسرائيلية الأسبوعية إن «خطوات متفقا عليها هي أفضل من خطوات أحادية الجانب»، ويرى باراك أنه «يجب على إسرائيل التوصل إلى تسوية مع الفلسطينيين على ضوء ضعف التأييد الدولي لإسرائيل».

وأخذ الفلسطينيون يفكرون في بدائل عملية، لتعثر عملية السلام، وقالت الإذاعة الإسرائيلية أن المبعوث الأميركي جورج ميتشل سيصل إلى المنطقة قريبا لمواصلة مساعيه التي تهدف لاستئناف مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

ونقلت الإذاعة عن مصادر في مكتب نتنياهو أن الإدارة الأميركية لا تمارس أي ضغوط على إسرائيل لإجبارها على العودة إلى طاولة المفاوضات، وخصوصا بعدما أعربت عن استعدادها للدخول في هذه المفاوضات دون شروط مسبقة.

ودخلت فرنسا بقوة على الخط، مستغلة تعثر الدور الأميركي، إذ سيتوجه وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير الثلاثاء والأربعاء إلى الضفة الغربية وإسرائيل لإقناع محمود عباس بأن يبقى رئيسا للسلطة الفلسطينية، والمسؤولين الإسرائيليين بإرساء السلام في الشرق الأوسط. وتأتي هذه الزيارة على خلفية تشاؤم بشأن تحريك عملية السلام، وتتم في إطار تسريع اتصالات فرنسا مع الفاعلين الرئيسيين في الشرق الأوسط. وقال كوشنير في باريس: «علينا التحدث إلى الجميع وإثبات أن فرنسا ما زالت تدعم استئناف عملية السلام». وفي الأيام الماضية استقبل الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس السوري بشار الأسد. واتصل هاتفيا مرارا بالرئيس عباس الذي أعلن أنه لا يرغب في ترشيح نفسه في الانتخابات المقبلة مهددا حتى بالاستقالة في حال لم يحرز تقدما في عملية السلام. وقال كوشنير: «علينا التحدث مجددا مع محمود عباس وإقناع الرئيس الفلسطيني بعدم الاستقالة». وسيلتقي كوشنير أيضا نظيره رياض المالكي ورئيس الوزراء سلام فياض.

وقالت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية،إن الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي طرح على نتنياهو خلال اجتماعهما في باريس الأربعاء الماضي فكرة عقد مؤتمر دولي، بمشاركة زعماء بعض الدول في المنطقة في مسعى لكسر الجمود الذي يكتنف المفاوضات بين إسرائيل وكل من السلطة الفلسطينية وسورية. وقالت مصادر دبلوماسية فرنسية للصحيفة، إن اقتراح ساركوزي يقضي بعقد مؤتمر على نطاق مقلص تتركز المداولات فيه على عملية السلام في الشرق الأوسط ويُدعَى إليه نتنياهو وعباس والرئيس السوري بشار الأسد والرئيس اللبناني ميشيل سليمان والرئيس المصري حسني مبارك والعاهل الأردني الملك عبد الله الثاني.

كما سيشارك في هذا المؤتمر ممثلو الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي. وحسب «هآرتس»، لم يرفض نتنياهو اقتراح الرئيس الفرنسي. وقام ساركوزي بالتالي بطرح هذه الفكرة على الرئيسين أبو مازن والأسد. وقالت مصادر في السلطة إنه يجري بحث الاقتراح مع دول عربية.